أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - الفلاحون وثقافة القطيع















المزيد.....



الفلاحون وثقافة القطيع


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 10:52
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


• ثقافة القطيع العشائرية
• ثقافة القطيع الشيعية

يتصف الاقتصاد الزراعي في بلادنا بالتخلف الشديد من حيث استخدام العدد الزراعية والاسمدة ومصادر الطاقة ... ولايزال نمط الملكية ونظام الارض الزراعية حائلا امام تطور القوى المنتجة في الريف حيث تبعثر الملكيات الزراعية وانخفاض الانتاجية وعرقلة عملية التراكم الرأسمالي فيها . وادى التخطيط المرتبك والتشريعات الزراعية المرتجلة وسياسة الخصخصة سيئة الصيت ،وفساد وبرقرطة الأجهزة الحكومية ودورها في التلاعب والغش وضعف المراقبة والأشراف ، والحروب الكارثية التي افتعلها صدام حسين ،وفشل حكومة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي يضمن حقوق الانسان وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع الفلاحين والمزارعين .. وانبطاحها امام النفوذ والتدخل الايراني في مناطق جنوب العراق والفرات الاوسط ، والضغط التركي بالتقليص الكبير اللامعقول في نصيب بلادنا من مياه نهري دجلة و الفرات ، والاحتلال الاميركي ... ادى كل ذلك الى نشوء العلاقات الانتاجية الاستغلالية مجددا وعودة العلاقات شبه الاقطاعية من جديد وانتعاش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح أغنياء الريف الجدد الامر الذي اجهض التعاون الزراعي وشجع سيادة الأستثمارة الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة.
القسم الاول
 ثقافة القطيع العشائرية

في الاحتلال الاول أقام الإنكليز توازنهم للقوى السياسية الداخلية في سبيل أحكام السيطرة على العراق وتمرير المشاريع والخطط وقد ادخلوا المؤسسة العشائرية في اللعبة. واختلفت سياسة حيازة الاراضي بين الاتراك والإنكليز ، فالأتراك عمدوا الى اضعاف العشائرية وأصر الانكليز على احياءها. آمن الإنكليز بالمقولة " من يسيطر على شيوخ العشائر يسيطر عليها وليحكم العراق بسهولة "، وقد تركوا الفلاحين العراقيين في ظروف معاشية قاسية .. نهبتهم وامتصت قوتهم السلطات البريطانية والاغوات والمشيخات والسركلة . وشددوا من قبضتهم على بلادنا اثر التصديق على معاهدة 1930 وجابهوا بالقوة الوثبات والانتفاضات الفلاحية الأمر الذي أسهم في تجذير الجوهر الديمقراطي للحركة الفلاحية في العراق وكردستان وتكريس المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية للحكم. لا ينسى شعبنا بطولات فلاحي الفرات الأوســـــط وفي مقدمتهم عشائر آل فتلة البطلة بقيادة الزعيم الوطني الكبير الحاج عبد الواحد الحاج سكر والقائد العشائري الشيخ فريق آل مزهر وعشائر الظوالم و بنـــي حجيم والمنتفك وال ازيرج السواعد والبوسلطان وغيرهم . ومن الأسماء المعروفة في كافة أنحاء العراق وفي تاريخ ثورة العشرين اسم الثائر الشيخ شعلان أبو الجون …وغيره الكثيرون من شخصيات وزعماء الرميثة والديوانية والفيصلية. ويفتخر تاريخ العراق أيضا بدور المرجعيات الدينية في مدينة النجف الاشرف التي ساهمت مساهمة فاعلة في الثورات الشعبية وفي حل الأزمات السياسية التي حدثت في البلاد . فلا تزال ذاكـــــرة الناس تحتفظ بإجلال واحترام باسم حجة الإسلام السيد محمد سعيد الحبوبي الذي وافاه الأجــــــل وهو على رأس الجيوش الفلاحية في جنوب العراق إبان ثورة العشرين. وكذلك اســــــــــم السيد الشيرازي وآية الله الشيخ مهدي الخالصي وغيرهم.
في خضم الاحتقان الشعبي الحضري والريفي اكتشفت الملكية والعشائرية مصلحتهما المشتركة فالتحم الطرفان للصمود بوجه التهديد لمواقعهما وامتيازاتهما .. حتى ثورة 14 تموز التي دمرت الملكية ودونت مصير العشائرية. يذكر ان سيطرة الاغوات والبيكوات على الفلاحين طبقيا كان نتيجة منطقية للعوامل التالية:
• ازدراءهم واحتقارهم للفلاحين غير العشائريين واحتقار التزاوج معهم.
• خدمتهم الجليلة للعثمانيين والإنكليز والسلطات المركزية بتحولهم من زعماء وآباء يأخذون الضرائب أو وكلاء للزعماء الى جباة ضرائب للدولة .
• تحولهم الى ملاك أراضي بعد الطابو واللزمة لما يتضمناه من نظام ملكية شبه خاصة وبالتالي اغتصاب الأراضي العشائرية المشاعية.
ملأ الملك فيصل - السيد المطلق في البلاد بعد المعتمد البريطاني - البرلمان بزعماء الإقطاع وتجار السياسة في اتفاق غير معلن ترعى بموجبه الحكومة الاستغلال الإقطاعي للفلاحين ويوافق به الاقطاعيون على سياستها المستمدة من مصالح الاستعمار البريطاني ،وقد حصل 34 شيخ وزعيم اقطاعي عام 1924 من مجموع 99 نائبا على شرف عضوية الجمعية التأسيسية. مع ذلك امتنعت سلطات الاحتلال عن منح زعماء القبائل والعشائر الحقوق القانونية الكاملة لامتلاك الأراضي الزراعية بصورة نهائية وقانونية للأسباب التالية :
• سيطرة سلطات الاحتلال على مصائر الشيوخ والاغوات مع إبقاء حق الرقبة في يدها وليبقى هؤلاء مدينين لفضل السلطات طيلة بقاءها .
• إن انتزاع أراضي الفلاحين قانونيا يؤدي الى تشديد التناقضات الطبقية في الريف وخلق المحاذير للنظام الحاكم.
• لا يتفق اعطاء حقوق تملك الاراضي بصورة مطلقة للنخب مع أهداف سلطات الانتداب في الكشف عن حقول النفط واستغلالها في البلاد.
لقد سعى الإنكليز الى تمكين الإقطاع عبر استحداث كيان خاص للعشائر يحميه نظام مستمد من العرف العشائري ، وتطوير الزراعة في العراق من خلال نظام شبه إقطاعي ، وتعزيز نفوذ طبقة ملاك الأراضي عبر الإدارة بواسطة زعماء القبائل واصحاب الأراضي المتنفذين . ودعمت الحكومة العراقية مركز الشيوخ والاغوات ومنحتهم الملكية القانونية الخاصة على أراضي عشائرهم وجعلت البرلمان العراقي ندوة لممثليهم دون أن يلتزموا بأي التزام.وكان دورهم قد اقتصر على مجرد الاحتفاظ بمراكزهم في المجالس النيابية وعلى مقاومة التغيير. وسنت لهذا الغرض التشريعات المتلاحقة : نظام دعاوي العشائر سنة 1916 ، قانون تسوية الأراضي رقم 50 لسنة 1932 ، قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 38 لسنة 1933 .. في أجواء خانقة سادتها القيم القبلية البالية.وقد أجاز نظام دعاوي العشائر تشكيل المجالس ( المحاكم القبلية) واحالة المتخاصمين من أبناء العشائر بأمر الحاكم السياسي اليها، والعرف العشائري قواعد تبنى عليها الأحكام وتسمى ( سواني ).. والمتخصص بعادات العشيرة يدعى العارفة ، وكان هذا القانون خطر على وحدة المجتمع لأنه يقسمه الى قسمين يخضع كل منهما لأحكام قانون خاص يختلف عن الآخر.
ساهم اعتماد سلطات الاحتلال البريطاني على شيوخ العشائر عملياً في إعاقة تطور العلاقات الرأسمالية والاتجاهات الديمقراطية في المجتمع. وأصرت السلطات البريطانية، ومعها المجموعة الحاكمة من الضباط الشريفيين التي اصطف أغلب أفرادها مع سلطات الاحتلال البريطاني، على تنفيذ المخطط الذي جاءت به ورسمته لها وزارة المستعمرات البريطانية في الهند وتلك التي في مصر على سلب المزيد من أراضي الفلاحين وتسجيلها باسم كبار الملاكين وشيوخ العشائر، إضافة إلى منح الأراضي الزراعية التابعة للدولة إلى ذات الفئات الاجتماعية لتوطيد دورها ومكانتها الاقتصادية وبالتالي السياسية والاجتماعية في الريف والمجتمع عموماً، خاصة وأن الفئة الحاكمة في العهد الملكي أصبحت ممثلة أساسية لسلطات الاحتلال البريطاني ومن ثم للمصالح البريطانية في العراق من جهة، ومصالح فئة كبار الملاكين والإقطاعيين وفئة الكومبرادور التجاري اللتين استحوذتا على نسبة عالية جداً من الأراضي الزراعية ومن الدخل القومي. واكتسب ملاكو الأرض في العراق سماتهم الطبقية المشتركة بعد أن رفدوا من مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية لتمتزج روابط العراق الجديدة نسبيا مع السوق العالمية بالصيغ الاجتماعية التقليدية التي تربط قيمة الإنسان بعراقة النسب وبالدين وبالورع والبسالة القتالية في الغزوات القبلية وسيطرة الحرف اليدوية الصغيرة وانتاج زراعة الكفاف وحتى خارج المدن بالملكية العشائرية المشاعة.
لقد فعلت مبادئ التراتب الاجتماعي التقليدي فعلها عشائريا الى جانب الهرميات الدينية والاثنية والطائفية وهرميات الثروة والمنزلة والانتماء التي كانت تتطابق الى درجة كبيرة .. فمن يقف في قمة السلطات العشائرية يميل الى أن يقف في القمة فيما يتعلق بالثروة والنواحي الدينية والطائفية والانتماء والمنزلة الاجتماعية .. وارتبط التحول الى الملكية كقاعدة للتراتب الاجتماعي وفي سلم السلطة وهبوط عوامل القربى والنسب والموقع الديني واعتبارات المولد بالدور الأكبر للمال واغتصاب الاغوات للأراضي المشاعية العشائرية وبروز المضاربة بالعقارات والدعم القانوني للملكية لاسيما قوانين الأراضي العثمانية والقوانين التي اخذت بها سلطات الانتداب البريطاني . وكان التحول من مجموعة عشائرية ذات منزلة اجتماعية الى طبقة ملاك الأراضي بطيئا وهادئا … واصبحت الملكية عامل تحديد للموقع الاجتماعي أهم بكثير من المنزلة الاجتماعية التقليدية مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين ! هكذا تحول ملاك الأراضي من طبقة بذاتها الى طبقة لذاتها بعد أن رص الجميع مصالحهم المشتركة .
جاءت الضربة التي تلقتها العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية في أعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الإقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين وصدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين. لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 بداية جيدة لمسيرة الإصلاح الزراعي. إلا ان السنوات التي أعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته، او تجاوزا عليها في كثير من الأحيان مما أعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وإفراغه من محتواه. وأسهمت أجهزة الزراعة والإصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالإقطاع من تحقيق تلك الأغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه أيام العهود السابقة. أدى التراجع الذي حصل في مسيرة الثورة منذ النصف الثاني لعام 1959 الى التلكؤ الكبير في تنفيذ القانون رقم 30 والى الهجوم الرجعي الواسع على مكاسب الفلاحين والذي وصل حد التصفيات الجسدية لنشطاء الفلاحين وحركتهم الثورية. لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الأرض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته … ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا تنفيذ القانون رقم 30 . في عام 1961 شرعت القوانين 17 ، 61 أعطيت بموجبها للسراكيل حقوق خاصة وللملتزمين حقوق خاصة أيضا وفي عهد الأخوين عارف اتخذت جملة إجراءات لصالح الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية لكنها لم ترتق بدور الشيوخ وكبار ملاكي الأراضي الزراعية إلى مستوى الفترة التي كان عليها نفوذهم في العهد الملكي. من إجراءات العهد الجمهوري الاول في دعم الاقطاع والعشائرية كانت قوانين .. اتحاد الجمعيات الفلاحية المرقم 139 لسنة 1959 ...الإقرار بحقوق خاصة للسراكيل والملتزمين المرقم 17،61 لسنة 1961 .... تحويل الأراضي الأميرية الى ملك صرف المرقم 199 لسنة 1964 و المرقم 16 لسنة 1965 .
لقد أخذ القانون رقم 30 بحد الألف دونم في الأراضي المروية وألفي دونم في الأراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الأعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين... لكن القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم 90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان اقرا مبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار، ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ (الارض لمن يزرعها) وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة، الشعير، الذرة الصفراء، الشلب، القطن والصوف) وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة.
تمكن النظام الصدامي البائد من إيصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين، وهم الاكثرية، يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان. وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية.واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي ألغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة أو اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية، و ليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة أو أجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين (الأجير والمؤجر).كما اصدر، ما يسمى مجلس قيادة الثورة، تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات على وفق معدلات محددة . وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام.
جهدت دكتاتورية صدام لتسويق بضاعة العشائرية ومشايخها القدامى والجدد وعصابات قطاع الطرق لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة العشائرية والأواصر العرفية وبروح الاثنية المنغلقة،وكبح تطلعات جماهير الريف.في هذا المنحى عمل النظام البائد على تصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها الى جانب التعاونيات وتحويل الجمعيات التعاونية الى واجهات ميكافيلية .. بعد أن أوقف الدعم الحقوقي والمادي للفلاحين ليتدهور الإنتاج الزراعي الى مديات غير مسبوقة. وخضع جزء كبير من الأراضي الزراعية ومنشآتها لسيطرة رموز النظام السابق الذين استولوا على احسن الأراضي الزراعية والحيوانية والبساتين والمشاريع الإنتاجية لمصلحتهم الخاصة، إضافة الى استحواذ العشائر على جزء كبير من الأراضي... وساعدت الخصخصة (Privatization)على بعث الهويات دون الوطنية الجزئية كي تلعب دور الوسيط للتواصل بين الشعب والسلطة ولكن هذه المرة ليست تكرار لهويات الاربعينات ...
في التسعينيات أقرت إجراءات دكتاتورية البعث بسلطة شيوخ العشائر لحسم النزاعات وادارة الأمور ضمن إقطاعياتهم العشائرية ليتم استعادة شكل من أشكال الفضاء المنفصل لمناطق العشائر ( وهي تقع الآن داخل المدن العراقية في حالات عدة..). ومنح صدام حسين العشائر المتعاونة حقوقا على الأراضي، ورقى أبنائها في مختلف أقسام الدولة وسمح لهم بتسليح اتباعهم ،وناصر قيم العرف العشائري ليجري تمييز الهوية القبلية والعشائرية كإطار لشبكات الحماية التي تؤثر بشكل ملحوظ على فرص الأفراد في البقاء على قيد الحياة. وسار التعشير قدما الى الامام مع انهيار نظام الخدمات الاجتماعية للدولة بسبب الحروب الكارثية والعقوبات الدولية وأعيدت الأراضي للاغوات - (1000) دونم للمتعاونين ذوي العشائر الكبيرة ،(500) دونم للمتعاونين ذوي العشائر الصغيرة ، ( 100 ) دونم للفلاحين والعشائر الصغيرة.. ومدت المياه ومنحت المكافآت للقبض على المطلوبين من النظام ..وراكمت المشيخات المقاطعات الواسعة وبنت جيوشها الخاصة وتولت حفظ الامن في الأرياف .. وجرت قنونة القيم العشائرية الجديدة لتلوح في الأفق العشائرية الاجتماعية المدينية بموازاة بيروقراطية الدولة وبتداخل معها لأن البيروقراطية تحتمي بها عند المحن ! .. وسعت السياسة العشائرية الجديدة الى بسط نفوذها داخل المدن بلبوس حضاري يحتمي بها المواطن كملاذ له من الأخطار التي لم يعد قادرا على مواجهتها خصوصا في حال يمكن فيها شراء ذمم المسؤولين بالأموال لتنتشر مظاهر الفساد والابتزاز والسرقات والاختلاس..وبات الفصل العشائري يكلف الفرد عبءا يشغل كاهله مما أثار التساؤلات عن معنى دفع الدية عن أعمال ارتكبها خارجون عن القانون تراوحت بين القتل والاخلال بالامانة وجرائم الشرف والنكث بالعهود الى جانب الفساد الإداري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقانوني.. وباتت حياة الإنسان وصحته تقاس بالمال بعدما اعتادت المستشفيات والمراكز الصحية هي الاخرى على الابتزاز.هكذا وبعد مضي قرن كامل استبدلت في بلادنا الشرعية السياسية والتحالفات المدينية مجددا بالتحالفات القبلية والمجالس العشائرية وخاصة مجلس العشيرة الحاكمة.وذلك انعكاس لأعنف عملية تدميرية تعرض لها العراق في بناه الداخلية وقواعده الحضارية التي شكلت منه معلما تاريخيا متميزا منذ 4 عقود عبر مناهج مخططا لها سلفا لأيصال العراق وشعبه الى قعر الهاوية حتى وصل الامر الى تمزيق التاريخ بحجة إعادة صياغته. ولم تجد الزمرة الحاكمة حيلة لإقحام الشعب في دوامة المتاعب إلا وصيرتها قانونا ملزما بهدف شل حركة هذا الشعب الأبي كي لا يقوى على التفكير بما يدور حوله... نعم ، الظاهرة الجديدة ذات وظائف اجتماعية براغماتية وليست استمرار للهويات القديمة. ومع انسحاب الدولة ظهر الجميع عزلا دون ضمانات(المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية / http://www.uluminsania.net/a164.htm ).
تركزت بأيدي الملاكين الكبار في بلادنا أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء المكائن والمعدات الزراعية.وقد وفرت لهم حكومات البعث في حينها الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم 13 الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص …. هكذا وبحجة تدخل الدولة في ميادين الإنتاج الزراعية التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها قام النظام العراقي المقبور ببيع ممتلكات الدولة من المكائن والمعدات والغاء التعاونيات الزراعية. واستحوذت المجاميع القرابية في حزب السلطة على قروض المصرف الزراعي ، ولم يبتل التعاون الزراعي وحده بالتسلط والنفعية وانعدام النزاهة بسبب من جانب القيادات التي اختارها حزب السلطة .. بل امتدت هذه المظاهر الى مجالات التعاون الأخرى لتستأثر هذه القيادات نفسها بالمنافع وتحرم جماهير الشعب من الاستفادة من هذه التعاونيات. ابتلى التعاون الزراعي في العراق بالتسلط والنفعية وانعدام النزاهة من جانب القيادات التي اختارها حزب السلطة . واسهم الجوهر الطبقي لسلطة البعث واتباع السياسات الخاطئة في التعاون عموما لاسيما فيما يخص الجانب الديمقراطي في العمل التعاوني واتباع مبدأ الالزام في الانضمام الى الجمعيات التعاونية بدلا من الطوعية والاقتناع وقوة المثل ... اسهم في تدني قيمتها الاجتما – اقتصادية .. ترافق ذلك مع التركيز على التوسع الافقي للتعاون دون التخصصي واستغلال قروض المصرف الزراعي لتنمية الرأسمال الخاص في الزراعة ، ثم تربع اغنياء الريف قمة القيادات التعاونية ( ابو نيران / التعاونيات الزراعية وسلطة البعث / الثقافة الجديدة/ عدد 133 ). توجت سياسات النظام العراقي بحل التعاونيات الزراعية عام 1981 ، ارضاء للقطاع الخاص والخصخصة ! وكانت الصحف اليومية في الثمانينات تطالعنا باعلاناتها في بيع وتأجير الاراضي الزراعية والحقول والدواجن واسواق الخضر وعلاوي الاسماك والخضراوات وغيرها من موجودات القطاعين العام والتعاوني ( حسين واثق / الثقافة الجديدة / اعداد 189-191 ) .
كان البعث العراقي اسير ( النظريات اللاتعاونية ) التي دعت الى الحرية الاقتصادية والملاكين الاحرار والى ان التقدم في التعاون لا يتحقق الا بمبادرة اصحاب الملكيات الفردية الخاصة انفسهم . وقد لقت هذه الشعارات الرواج في امريكا اللاتينية بدعم من الرأسمالية المحلية . كما استمد البعث العراقي من التعاون الصهيوني سياسة العسكرة الاجتماعية والاستيطان البشري... وعليه كان التعاون العفلقي انتقائي من النظريات اللاتعاونية والتعاون الاشتراكي الصهيوني .ويلاحظ ان غالبية النظريات التعاونية تقف معارضة لنمط التعاون الزراعي الانتاجي والملكية المشتركة الجماعية لوسائل الانتاج والاستخدام الزراعي الجماعي للارض . وكان النقل التعسفي للاسر الفلاحية من منطقة الى اخرى لاسباب امنية واقتصادية وسياسية مزعومة كالتهجير القسري للعشائر والعوائل ذات الاصول القومية – الاثنية غير المرغوب فيها من العوامل المعيقة لتطبيق الاشكال التعاونية للاستثمار لاسيما التعاون الزراعي وتطوير تربية الماشية والابقار .
انخفض عدد التعاونيات من (1635) تعاونية اعضاؤها (23109) عام 1975 الى (713) نهاية عام 1988 .. وهبط عدد المزارع الجماعية من (79) الى (7) والتعاونيات المتخصصة من (173) الى (52) وتهاوي الاقراض للتعاونيات التي يقدمها المصرف الزراعي من (21.5) مليون دينار عام 1985 الى (91) الف دينار عام 1988 . الغت اصلاحات عام 1983 الربط بين منح الاراضي والانضمام للتعاونيات ... وتوجهت السلطات الى تشجيع الرأسمال الخاص ورؤوس الاموال العربية لاستثمارها في العراق عبر سن قوانين ارتدادية بارقام (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 . واستهدفت السياسة العشائرياتية او احياء القيم العشائرية في الريف والمدينة الانكفاء والاحتماء بها في الحالات الاستثنائية ، ثم الغيت التعاونيات الزراعية ... وقد ولد الركود الاقتصادي العام التذمر في الاوساط التعاونية الحرفية والزراعية .. وهو تذمر محافظ ولم يولد ردود فعل تقدمية بسبب غياب النشاط السياسي المكثف . هكذا عجزت التعاونيات عن تقديم الخدمات وتسببت فعلا في التأخر الزراعي . ولم تسعف تعليمات المجلس الزراعي الاعلى عام 1972 وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية الصادر في 17/2/1977 طريق دعم تأسيس التعاونيات المتخصصة والجمعيات الفلاحية التعاونية المشتركة بسبب الركود الاقتصادي وانعدام الديمقراطية السياسية والاقتصادية وغياب التأسيس المدني . وجاء قانون 1977 بعد (20) عاما من خبرة العمل التعاوني والزراعي وانعقاد مؤتمرين تعاونيين زراعيين ... وعليه ترتبط السياسة التعاونية بالموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية وتطور المؤسساتية المدنية وهذا ما افتقر له العراق الذي عانى من سياسة الاضطهاد الشوفيني للكرد والتركمان والاشوريين والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! .
كانت تصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام والسلطات الحاكمة من أخطر حلقات سياسة النظام الدكتاتوري في هدم الريف وتخريب العلاقات الأجتماعية الأقتصادية فيه ،وجرت تصفية التعاونيات وتحويل الجمعيات التعاونية إلى واجهات ميكافيلية فقط ، وأوقف سبل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري وألغيت المستوصفات البيطرية وفرق المكافحة البيطرية السيارة، وتمت تصفية العديد من المضخات وتحويلها الى من يستطيع أستئجارها وتدهور الأنتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية إلى جبهات الحرب.. وظلت مشكلة التسويق خاضعة إلى عملية العرض والطلب في السوق وتقلص حجم العلاوى الشعبية وجرت قدماً العودة إلى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف. أما ألغاء الجمعيات الفلاحية التعاونية في أقليم كردستان العراق، فجاء في سياق مختلف وتتويج للأضطراب والفوضى التي عمت كامل السياسة الزراعية وقصور السلطات الأقليمية في أيلاء قضية الملكية الزراعية الأهتمام المطلوب ... فمن جهة جرى التخلص من تبعات القانون الحكومي المركزي الصادر عام 1977 برقم (43) ، ومن جهة أخرى تم ربط ألغاء الجمعيات التعاونية حسب قانون رقم (18) لسنة 2001 الصادر من برلمان كردستان بتشريع قانون أتحاد الفلاحين . الى ذلك لازالت تؤرق الفلاح و المشرع القانوني معا مشاكل أصناف الأراضي ، ومشاكل جنس الأرض ،والأراضي الواقعة جنوب خط الأمطار وشماله ، والعلاقات الزراعية وعقود المغارسة والفلاحة ، ومشكلة تفتيت الأراضي الزراعية بحكم الإرث ، وحق العقر في الأراضي والبساتين الموقوفة ، والبساتين والأراضي غير المسجلة في سجلات التسجيل العقاري ، وعدم وجود تشريعات بنظم المراعي والبساتين الحدودية وحافات الجبال والوديان ، واستغلال الموارد الزراعية الطبيعية وضمان حقوق الفلاحين والمتصرفين بها ،وعدم معالجة حالات تدخل المستأجرين ( الضامنين ) طرفا ثالثا في العلاقات الزراعية مع الفلاح ،وحتى قضية الوسطاء - الوكلاء الى جانب الغموض الذي يلف القوانين الزراعية وضبابيتها..وكذلك معضلة الملكية العائدية باعتبارها أراضي أميرية لكن حق التصرف لأصحاب حق التصرف.وعموما هبطت الإنتاجية الزراعية في العراق الى أدنى مستوياتها في عقد من الزمن الرديء..لتبلغ عام 2000(28 % ) عما كانت عليه الإنتاجية الزراعية سنة1990(الغاء التعاون الزراعي في كردستان / http://www.iraqcp.org/members3/0050613salam.htm ) .
يعمل في قطاع الزراعة اليوم نسبة" 20% " من الأيدي العاملة في العراق، لكن حصتها من الناتج الوطني حالياً" 10% " فقط ، وهي مصدر العيش الرئيسي لسكان الريف البالغ عددهم" 7 ملايين " نسمة. لقد هبط الانتاج الزراعي في السنوات الخمسة عشر الاخيرة بمعدل" 1.1% " سنوياً وكذلك هبط انتاج محاصيل الحبوب كالشعير والقمح والرز هبوطاً شديداً اضف الى ان الزراعة تعتمد اعتماداً كلياً على موارد المياه ذات المنابع الخارجية وقد تسببت شحة تدفق المياه وتدهور نوعيتها في الحاق اضرار بليغة بالقطاع الزراعي (مسودة الميثاق والبرنامج الانتخابي للقائمة العراقية الوطنية 731 ).

القسم الثاني

 ثقافة القطيع الشيعية

الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت ضمن المسؤولين المباشرين عن مجيء البعث وصدام حسين إلى السلطة، وهي التي قامت الآن بالإطاحة به ،تدفع بالعراق إلى طريق مسدود يقود إلى نتائج وخيمة مستقبلاً ... هناك مخاطر كبيرة وراء العودة لترجيح كفة التعامل مع شيوخ العشائر وإهمال العمل المدني الجاد والمسؤول مع القوى السياسية العراقية ومنظمات المجتمع المدني على قلة وجودها حتى الآن... إذ أن نظام العشائر يعود إلى ماضٍ بعيد لا يجوز تشجيع عودته إلى الساحة الاجتماعية والسياسية العراقية. وهو في المحصلة النهائية سيتوجه ضد المجتمع المدني والقوى التي تسانده وضد أفراد العشائر ويسلط أبشع أشكال الاستغلال عليهم … كما أنه يتداخل مع قوى الإسلام السياسي المعتدلة والمتطرفة في آن واحد ويعزز مواقعها في غير صالح الفصل المطلوب بين الدين والدولة ، وهذا ما كرسه نهج المحاصصات الطائفية وباءا خطيرا سمم الحياة السياسية، وتناقض مع الديمقراطية، وقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها، وحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، واضر ببناء الوحدة الوطنية. ومثلما استخدمت الحوزة الدينية في النجف العشائر العراقية كمصدر من مصادرها المالية ( الخمس لا يقدم إلا للسادة ، أي أولئك الرجال الذين تنحدر أنسابهم الى أهل بيت النبي الكريم ... كما لاحظ الكثير من العراقيين أن بعض الأسر القادمة من ايران والمستوطنة في العراق قد وجدت في الانتساب الى أهل بيت النبي الكريم خير وسيلة لضمان عيشها في العراق ، ومن دون أن تبذل أي نشاط اقتصادي يذكر ، حتى أن الكثير من تلك الأسر قد توزع وبشكل محسوب على كل العشائر العراقية ، ومن ثمة استوطنت معها . ولا تخلو عشيرة من عشائر العراق أو حمائلها أو أفخاذها الآن من أناس لا ينتسبون الى آل البيت سواء أكان هذا الانتساب صدقا أم زورا وبهتانا ) ، فقد سخرتها كذلك في الدفاع عنها في كل الظروف الحرجة التي كانت تستهدف وجودها ، تلك الظروف التي طالما تسببت في خلقها الحكومات العراقية المتعاقبة . إن الطائفية التي يتم تمريرها اليوم هي من أخطر المشاكل التي يغذيها الأحتلال ، و التي تهدد وطننا ومجتمعنا ، أضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة .
حول صدام حسين الدولة العراقية الى قبيلة جديدة هي قبيلة اصحاب الحكم واتباعه ، وتحولت دولة ما بعد التاسع من نيسان الى طائفة جديدة هي طائفة اصحاب الحكم واتباعه .. ويبدو ان بزوغ الذات الجمعية اليوم في العراق الجديد ليس الا استعادة بشكل عصري لبعض مفاهيم العصر الكلاسيكي . لكن العقل الطائفي لازال يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ ويستحضر مأزقه وفق اسس وتصورات ومقاصد اضيق مما كان في الماضي . وتختلف الوظيفة الراهنة للآيديولوجية الطائفية البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية والكولونيالية اجتماعيا عن وظائفها المذهبية الطائفية الدينية الاقطاعية ما قبل الرأسمالية ، فالبورجوازية العراقية اليوم تعيد صياغة الفكر الديني والطائفي وتقدم برامجها في لبوسات دينية طائفية معصرنة . ان الطائفية مرادفة دائما للدولة التسلطية . وقد اسس البريطانيون النظام الطائفي في العراق بحكم سياستهم في انشاء نظام الاقليات في المستعمرات.
لا تشجع الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية (NGOs) ووكالات الأمم المتحدة التعاون الزراعي ، والجميع يدعم الأستثمارة الفلاحية الصغيرة . وتثبت الوقائع سيادة البرقرطة والفوضى آلية عمل منظمة (الفاو) في بلادنا وخدماتها حيث لا تمنح الفلاحين الآلات والمستلزمات الزراعية في الوقت المناسب مما يؤدي إلى تلف ودمار نسبة كبيرة من المزروعات والبذور الزراعية. وتقوم منظمة ( الفاو) ببيع الآلات والمكائن للفلاحين بأسعار السوق .... أي أن الفلاح يدفع أجور الأرض أيضا في هذه الحالة، وعليه يكون الحمل على الفلاح الفقير مزدوجا – أستغلال مضاعف - . وتدفع (الفاو) مبالغ خيالية لسحب الموظفين الأكفاء الأختصاصيين من دوائرهم ليتحولوا إلى مرتزقة لأن نسبة الفرق في الراتب كبير جدا ... وتقوم (الفاو) بتنفيذ مشاريع مؤقتة وآنية مثل توزيع المياه بسيارات خاصة على القرى بدل توفير معدات حفر الآبار، وجلب كميات كبيرة من العلف ليؤثر على أسعار الشعير، وتوريد معدات زراعية لا تصلح وطبيعة بلادنا وقديمة مستهلكة! .والفاو طليقة اليد غير خاضعة للمراقبة الحكومية وتستفيد كثيرا من إلغاء التعاون الزراعي. ان الاستثمارات الفلاحية الصغيرة والمشتتة لا تؤدي الى انتاجية عمل عالية وليس من الممكن استخدام التكنولوجيا والمكائن والآلات الحديثة فيها ولا مناص للاستثمارات الفلاحية الصغيرة من الفقر . انه في التعاونية، حيث يمكن للفلاحين ان ينتظموا في تعاونيات والتي يجب ان تكون وفق مبدأ الاختيار وتبنى على اسس ديمقراطية في مجالات الانتاج والتوزيع والتسويق،وهذا يستلزم نفي ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع .
وعليه ترتبط السياسة التعاونية بالموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية وتطور المؤسساتية المدنية وهذا ما يفتقر له عراق اليوم الذي يعاني ، كما عانى زمن الطاغية ، من سياسة الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة التعاونية الزراعية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
ثقافة وديمقراطية القطيع الشيعي الطائفي لا تبيح للدولة ان تقيم المزارع الجماعية وان تكون نموذجا ومثالا يحتذى به من قبل الفلاحين، بالاضافة الى استخدام الوسائل العلمية في الزراعة واستخدام المكائن والآلات الحديثة والبذور المحسنة والاسمدة الكيمياوية والادارة الناجحة، اي تحقيق انتاجية العمل العالية. ثقافة وديمقراطية القطيع الشيعي الطائفي لا تعي أهمية اقامة شبكة واسعة من مراكز البحث العلمي الزراعية (نباتية وحيوانية) وفي جميع مناطق العراق لايجاد بذور محسنة ذات انتاجية عالية وتتناسب مع مختلف البيئات وتطوير الثروة الحيوانية. وتسعى المراتب الطائفية الطفيلية الى الربح السريع باية وسيلة، فتعمل في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار ، وتعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة ، وتستغل المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية. (.....)و تخلق الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية، حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها، لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة. ومجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته. ولا تطيق الطائفية الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء، فهي تدرك أن دورة حياتها محدودة، لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر. ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة، فهي تحتاج دوماً الى أداة تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة. السلطات الطائفية الشيعية ، حكومة وبرلمانا وعصابات - ميليشيات ، في خدمة الطائفية الشيعية الطفيلية دوما و ابدا.
لا يعي قاموس الطائفية الشيعية الطفيلية الاصلاح الزراعي ويجرده من مضمونه الاجتماعي كونه يستهدف تحرير الفلاحين من العلاقات الاستغلالية ويحصره في جملة اجراءات مبتسرة ذات طابع تقني .... لا يعي قاموس الطائفية الشيعية الطفيلية ضرورة التصدي لسياسة التذبذب والتعثر التي سار عليها القطاع الزراعي خلال العقود الاخيرة وذلك بسحب الاراضي التي استأجرها الملاكون الجدد وتفتيت المساحات الواسعة منها الى قطع صغيرة وتأجيرها الى الفلاحين الصغار والاستيلاء على كل اراضي المشاريع الزراعية التي أجّرت الى رجال النظام السابق وتشريع قانون زراعي جديد يضع ضوابط للاستثمارات الزراعية المزمع اقامتها على اراضٍ زراعية يضمن عدم المساس بالتعاونيات ويكفل للعمال الزراعيين وللفلاحين وللموظفين حماية حقوقهم عند اشتغالهم لدى المستثمرين... اي العمل على الغاء كافة القوانين والقرارات المتعلقة بالزراعة والتي أصدرها النظام الدكتاتوري المقبور لخدمة عائلته واصحاب الاوسمة والانواط الذين دافعوا عن النظام في حروبه المختلفة، والعمل على تشريع قوانين جديدة تكون في صالح الشعب العراقي، وكذلك حماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي. ان تطوير القوى المنتجة الزراعية يلقي بطابعه على العلاقات الانتاجية السائدة في الريف العراقي ...
لا بأس من احياء اراضي الاهوار الجافة والتي لم يصلها الماء وتشجيع السكن فيها ، إنشاء البحيرات الاصطناعية الفنية لتنمية الثروة السمكية في المنطقة الجنوبية بالقرب من الخليج وشط العرب وتطوير هذه الثروة أيضا في البحيرات القائمة في وسط وشمال العراق لتكون مواقع إضافية لإنتاج الثروة السمكية بصورة دائمة، المحافظة على الثروة الحيوانية واقامة مشاريع تسمين العجول والاغنام والاهتمام بحقول الدواجن وبحيرات الاسماك واعطاء المحفزات لذلك، توفير الاسمدة الكيماوية والبذور المحسنة والمعدات الزراعية وتقليص الروتين المتبع للحصول عليها بسهولة، منح الفلاحين سلف جيدة ومبالغ كافية للاغراض الزراعية، تأسيس تعاونيات لصيادي الاسماك في مناطق الاهوار وتوفير الدعم المالي ، اضفاء المرونة والشفافية والتخصصية والتعاون الإنتاجي على التعاون الزراعي وتنسيقه مع محطات الآلات والجرارات الحكومية والأساليب المتقدمة في التسويق والأقراض والتسعير اي مساعدة الفلاحين على تشكيل التعاونيات الزراعية ذات الوظائف المتعددة والتعاونيات الاستهلاكية ودعمها بالقروض الميسرة وإبداء المحفزات الاقتصادية الاخرى لها،الاهتمام بالبستنة وخاصة بساتين النخيل واعطاء سلف لتطويرها،العمل على توفير الخدمات الاستراتيجية كالطرق والكهرباء والمستوصفات والماء الصافي والمدارس، فتح شبكة مبازل لاستصلاح الاراضي ومكافحة التملح والتصحر،الحد من عملية استيراد المحاصيل التي تنافس المنتوج الزراعي الوطني ووضع خطة تسويقية جيدة للفواكه والخضر، تشغيل الكوادر الزراعية من الخريجين وباستثمارات زراعية ومنح سلف كافية لهم، تطهير الهياكل الادارية في الدوائر الزراعية التي لا تؤمن بالبناء الديمقراطي للبلد، العمل على ايجاد عناصر واعية لها إلمام كامل بحياة الفلاح وذات إمكانية على العمل في الريف من مرشدين ومراقبين ومهندسين زراعيين ، قيام الدولة بتوفير الامكانيات التقنية والمالية والعلمية لصالح الزراعة على انواعها وتعمير بساتين الفواكه والنخيل والغابات ابتداء من كردستان حتى العمارة والبصرة مع إقامة المشاريع الزراعية والمزارع الحكومية الكبيرة المتخصصة بإنتاج الحبوب والفواكه وتربية الثروة الحيوانية والدواجن ، العمل على حل مشكلة مياه الارواء واعادة النظر في الخارطة الاروائية بقصد تقليل الضائعات المائية التي تتسبب عن كثرة السواقي المتعرجة، استخدام افضل السبل لتوفير المياه الصالحة للزراعة من خلال كري الانهر والجداول وانشاء شبكات المبازل واقامة السدود ، اعادة تأهيل البنى التحتية للقطاع الزراعي وبالاخص سعة خزن السايلوات،مساعدة العنصر النسوي في موضوع ادارة المزارع العائلية وخاصة في حالة انعدام وجود معيل للعائلة، زيادة قروض الاسكان ذات الفوائد البسيطة في المناطق الريفية...... لكن هذه الاجراءات تبقى غير مؤثرة ما لم يصحبها تشريع قانون الاصلاح الزراعي اللازم ! اي سن القوانين لمصلحة الفلاحين والأيدي العاملة الذين يعملون في أراضى المزارعين وقيام الدولة بتوزيع الأراضي الصالحة للزراعة على المواطنين الراغبين في الاشتغال في الإنتاج الزراعي و إصدار التشريعات لمصلحة العمال الزراعيين واقرار الضمان الاجتماعي لهم وشمولهم بالتقاعد... واشاعة ديمقراطية المجتمع المدني و دمقرطة أجهزة الدولة وسلطاتها كي تضمن عدم تحول التعددية الضرورية للديمقراطية الى تفكيك لمكونات المجتمع .فالهدف هو تمتين وحدة المجتمع على أسس ديمقراطية حيث لا مكان فيها للديكتاتوريـة ومتاهة اللا سلطات او فوضى واقعية اللا دولة . وكل ذلك تشترطه دمقرطة هياكل الدولة وبنيان المجتمع المدني في آن واحد وضمن ميثاق عهد وطني يقر بالديمقراطية ويدافع عن الحريات الديمقراطية ويقاوم غياب المؤسسات الدستورية وتمذهب الدولة ويفعل مشاركة الفرد الإيجابية في حياة الجماعة السياسية . كما يشترط ذلك تراجع المد الإسلامي السياسي المذهبي الراهن ، التي أطلق السيد عبد العزيز الحكيم على قواها بأنها فازت فوزاً ساحقاً ، أي فوز قوى الإسلام السياسي اليمينية المتشددة مذهبياً في الانتخابات الأخيرة ، لأن سياسات ومواقف هذه لا تعود إلى هذا العصر ولا إلى حضارة القرن الحادي والعشرين ولا تنسجم مع تراث وتقاليد وحضارة العراق ولا مع بنيته القومية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية... ان التأسيس المدني والديمقراطي هو شرط العمل التعاوني السليم وتجنب فرض القيادات الحزبية والطائفية والعشائرية على الجمعيات التعاونية وبالتالي الأبتعاد عن البرقرطة وتدني مستويات الأستثمار والمردودية الأقتصادية ..
يشجع أعمار الريف الفلاحين على العودة إلى قراهم وزراعة أراضيهم من جديد . ويشجع التعاون الزراعي الفلاحين على الصمود في فوضى السوق متى توفر لهم ضمان سلامة الممتلكات التعاونية والتطبيق السديد للقواعد الأساسية للتعاون وتذليل نشر العمل والنشاط التعاوني الأنتاجي وأعتماد مبدأ الأستقلالية الأقتصادية والتنسيق الجيد مع المؤسسات التسويقية والتوافق مع حاجة الأسواق وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ معايير العدالة ورفع الأنتاجية كماً نوعاً. بينما تلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه الشيعي والشريعة الاسلامية في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي . لكن الاصولية الشيعية لازالت تغذي العناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية وحتى معارضة التحولات الأجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية، وتغذي المحافظة ومقاومة التجديد،وتعتقد هذه الاصولية انها وحدها تمتلك الحقيقة فترى العالم بمنظوري الملائكة والشيطان او الابيض والاسود . ومثلما يتناسب النشاط التعاوني مع عموم الوعي القانوني وبالتالي يتأثر سلباً بالثغرات القانونية في الأصلاح الزراعي والعلاقات الزراعية ، فأن بيروقراطية الأجهزة الحكومية ودورها في التلاعب والغش وضعف المراقبة والأشراف ينسجم مع مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الطائفية الشيعية الطفيلية والشرائح القرابية ويتناقض مع التعاون الزراعي.
الدعوات المشبوهة لما يسمى بالفيدراليات العشائرية- الطائفية وبفيدرالية الجنوب التي تعني في مضامينها النهائية اقامة كيانات طائفية هزيلة تكون معبرا للتوسع الايراني وتسويق سياساته المعادية للشعب العراقي تخلف آثارا ضارة على وحدة السياسة الزراعية المتبعة في بلادنا وأوضاع الملكية الزراعية وأتباع سياسات زراعية أنتقائية بسبب ضعف المرجعية القانونية، والنفوذ الحزبي والعشائري والطائفي والميليشياتي . تشكل الفيدرالية شكلاً من أشكال دولة الوحدة الوطنية يتم فيها توزيع السلطات بين حكومة المركز التي تحتفظ عموماً بالشؤون الدفاعية- الأمنية والخارجية والمالية، وبين الأقاليم التي تمارس شؤونها المحلية، وبناء حكومة مركزية قوية لا حكومة ضعيفة في ظروف الفوضى والفلتان، وتتحقق على أساس الإجماع/ الأغلبية وتقوم على انتخابات دورية وانتقال السلطة، وليس على أسس التوزيعات العرقية- الطائفية والعشائرية واحتكار السلطة من قبل زعماء عرقيين عشائريين و/ أو طائفيين.. وتستمد المراتب الطائفية وثقافة وديمقراطية القطيع الطائفي قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية . وهي تكدس الثروات عبر تنمية ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية والاستغلال تارة أخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة . ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي ! وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير .
ثقافة وديمقراطية القطيع نتاج المجتمع المدني المغيب، وإن بقاءها أو تراجعها رهن بمدى النجاح في إرساء هياكل سلطة وطنية، وإعادة تأهيل مؤسسات المجتمع المدني ، وتحويل الريعية النفطية إلى ثروة بناء اجتماعي لا قوة قمع سلطوية . من الضروري التخلي عن الأوهام النابعة من إمكانية الاسـتـفـادة من بـعـض أشكال الوعي الاجتماعي التي فات أوانها كالطائفية التي تجاوزها تطور البنية الاجتماعية والتقدم الحضاري . فالطائفية الشيعية اليوم لا يمكن أن تحل أزمة المجتمع العراقي الراهنة، وإنها وأن ساهمت في النضال المعادي للدكتاتورية، فإنها تحول الصراع في المجتمع إلى صراع طائفي ، الأمر الذي يسبب مزيدا من التفتت والويلات ليرتاح الأمريكيون والإسرائيليون والايرانيون والسوريون معا وليتشرذم أهل العراق ..!..
لقد توزعت الشخصية الفلاحية في بلادنا بين 3 جبهات: جبهة الاصل والغرس الاجتماعي أي الاقطاعي عبر وهم الأبوة الإقطاعية والصلات العشائرية والروح الفردية، وجبهة الجذر المشاعية وخلق البدائية الاجتماعية والنقاء الفطري المتجرد من المصلحة الأنانية ، وجبهة الحرمان والحلم بالخبز وعشق الأرض والكادحين كرد فعل على الفعل الاقطاعي واعمال السخرة والاتاوات والنهب والايلام... وتحاول ثقافة القطيع الطائفية ارساء جبهة رابعة هي وهم الرعاية العصبوية الطائفية والصلات الطائفية والولاء الطائفي ! ويبقى جهل الفلاح وانعزاليته الأرض الخصبة لترعرع التقاليد القبلية والطائفية الثقيلة في ذاكرته وعقله. لا بأس فالاندفاع نحو الرموز الدينية ماهو الا ردة فعل طبيعية لسنين من الكبت الديني والاضطهاد العقائدي ... ومتى ما سمحنا لممثلي هؤلاء المكبوتين من الوصول الى سدة الحكم حتى اذا بحالة الكبت تنتهي ويكتشف الفلاح بعد ذلك ضحالة الطروحات العمائمية اساس ثقافة القطيع الطائفية .
ثقافة القطيع الطائفية لا تحدد التوجهات العامة الحاسمة في الاقتصاد الزراعي العراقي اليوم والذي يجب ان يبنى انطلاقا من الالتزام بالقطاعات التالية :
1- القطاع الفلاحي الفردي المؤلف من مالكي الاراضي والمزارعين على اختلاف اصنافهم.
2- القطاع التعاوني الذي يضم مزارعين وفلاحين فرديين منتميين الى تعاونيات زراعية من النوع المعروف بالتعاون متعدد الاغراض والوظائف الذي كان معروفا في العراق وهو النوع الذي يسمح للحكومة بتقديم العون والمحفزات والتنظيم.
3- قطاع المشاريع والمزارع الحكومية الكبرى ، ونعني بها المشاريع التي يعجز القطاع الخاص القيام بها لضخامتها او المخصصة للتجارب العلمية... او ذات المكننة العالية نسبيا ، والمشاريع الزراعية النموذجية الضخمة التي تتميز باشراك المئات من المهندسين العاطلين عن العمل لاستصلاح الاراضي البور... واتخاذ مزارع سبعينات القرن المنصرم مثالا للتطور الجاد في الزراعة كمزارع الصويرة والمرادية والديوانية والمزارع الاخرى.
4- قطاع الشركات الزراعية ( للزراعات الحقلية وتربية الحيوان والدواجن خاصة) .
5- قطاع المجمعات الزراعية ـ الصناعية في المحافظات والمناطق الانتاجية وذلك حسب نوعية المحاصيل الزراعية وتوفر الموارد البشرية فيها.
على ان تلتزم الدولة بالمساعدة وبذل المحفزات المادية لها وتسهيل استخدام المكائن والالات الزراعية والتكنولوجيا الحديثة فيها لتشمل كافة المناطق الزراعية من السليمانية وزاخو حتى اهوار الناصرية والفاو... والتخطيط لكافة الفروع الاقتصادية والخدمية بحيث تجعل عملية التخطيط معتمدة على التكامل بين المناطق الجغرافية مع الالتزام بالتخطيط بعيد المدى والتخطيط السنوي ، ودعم الوحدات الزراعية والمؤسسات الصناعية ومدها بأسباب التطوير والنمو بكل الوسائل التقنية والعلمية والمساعدات المالية الضرورية.ان التنمية الزراعية وبالتالي توفير الامن الغذائي بالذات تعتبر عنصرا هاما من عناصر قوة البلاد وضمان استقلالها وسيادتها الوطنية. إن الحكمة الاقتصادية تقتضي أن تبذل الدولة جهودا استثنائية في سبيل الحصول على الغذاء الوفير والمتنوع للسكان من الارض العراقية، وباستخدام الموارد المائية للرافدين بالذات. يجب أن تسخر الموارد النفطية في أمر بناء المراكز العلمية والصحية والثقافية ،والمؤسسات الصناعية والزراعية الكبرى اضافة الى الجامعات والمعاهد المجهزة بالتكنولوجيا الحديثة والمختبرات والكمبيوتر التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من متطلبات الحياة المتحضرة. لابد من ان تعطي استراتيجية خطط التنمية الاقتصادية وتخصيصات المناهج الاستثمارية الاولوية للقطاع الزراعي الى جانب استعادة الامن والاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية.ومن الضروري وضع سياسة أستراتيجية للتعامل مع البلدان التي تمر فيها انهر العراق لغرض الاتفاق على كميات المياه التي يحتاجها العراق سنويا للزراعة والاغراض الاخرى والتحكم بمناسيب السدود ومعدل المخزون فيها داخل العراق او السدود الاخرى التي لها علاقة بمصادر المياه خارج العراق كذلك تطوير سدودنا للاستفادة منها في مجال توليد الطاقة الكهربائية (تداعيات الربط الكهربائي العراقي – التركي / http://www.alhalem.net/derasat/tadaeaat.htm ).


ملاحظة :
راجع -
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصابات السياسة القذرة والاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي ...
- الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة التخرصات الرجعية والاره ...
- المهندس والقائمة العراقية الوطنية
- القائمة العراقية الوطنية – حلم الشباب والغد الوضاء
- فاضل الصراف ... نجم في سماء بغداد الأزل
- الدستور الطائفي و روبتة المجتمع في العراق
- الشعب العراقي في بحر من الغضب
- هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذ ...
- الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي
- الوقفة الشامخة في محاكم الجلادين
- العراق لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطو ...
- اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي
- الدجيلي في وجدان الشعب العراقي
- اكتوبر والحروب العادلة والشيوعية
- معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في ا ...
- علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لح ...
- يوم السلام العالمي
- دفاع سلام ابراهيم كبة امام الحنقبازيات الطائفية الشيعية
- الدولة التسلطية والاقتصاديات الشيعية
- تسويق بضاعة الطائفية في العراق


المزيد.....




- سطو مسلح على أحد البنوك غرب رام الله
- نيكي الياباني يهبط وسط موجة جني الأرباح وإعلان نتائج الشركات ...
- شغف الصين بالذهب متواصل.. 18 شهرا من الشراء المتوالي
- الرئيس الصيني في صربيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية
- الدين العالمي يرتفع لمستوى تاريخي يبلغ 315 تريليون دولار
- أدنوك توقع اتفاقية لتوريد الغاز المسال لمدة 15 عاما مع EnBW ...
- مكاسب قوية للدولار وتحذير ياباني بعد انخفاض الين
- المركزي السويدي يخفض الفائدة للمرة الأولى منذ 8 سنوات
- تويوتا تتعهد بمواصلة النمو بعد تضاعف أرباحها السنوية
- كيف تفكر أوروبا في سيناريو -عودة ترامب-؟


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - الفلاحون وثقافة القطيع