|
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4960 - 2015 / 10 / 19 - 00:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
مروان صباح / ابداً ، ليس كما تعتقد النخبة في إسرائيل أو تلك القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ، أن بتفكيك الأنظمة العربية والنظام الجمهوري القائم في تركيا ، بالتحديد ، يمكنهما السيطرة على المنطقة ، وقد يقول خبير هنا أو هناك ، لقد انتهى زمن تهديد إسرائيل ، إلى الأبد بلا رجعة ، طالما ، الجيش العراقي تفكك وأصبح من الماضي و سوريا تحولت ، أيضاً ، إلى مسرح للقتال الدولي والإقليمي والمحلي ، في الأرجح ، تأتي هذه النظر ممن يقود دولة اسرائيل ، على الأخص ، الذين يزعمون أنهم ورثة الجيل الأول ، حيث ، أنهم يسيرون على ذات النهج ، فاليوم ، يرى هؤلاء ، بأن اتفاق كامب ديفيد، النسخة المصرية ، استطاعوا من خلال شروط الانفتاح ودعم المؤسسات الأهلية ، إفراغ التعليم التقليدي والعالي والبحثي من المضمون والمحتوى ، كما استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال حصار العراق واحتلاله ، تدمير الوطنية العراقية بأشكالها المتعددة ، وهذا ، قد لوحظ مبكراً ، في سوريا ، نتيجة الفساد وطائفية المقيتة ، خصوصاً ، في السنوات الأخيرة من مرض الأسد الأب ، ووفاة ابنه الأكبر ، تراجع التعليم وعم الفساد ، الذي أعطى أمل للإسرائيلي بشعور بالتفوق والانتصار ، مادام يرى أنه حريص على امتلاك مؤسسات تعليمية ترتبط بالسوق العمل ويعمل بتزامن ، معاً ، على انتاج العقول والاستمرارية والمحافظة على مشروع تنامي الدولة .
في واقع الحال ، وبالرغم ، من قدم المشروع الصهيوني ، إلا أنها ، تأخرت الهجرة اليهودية لفلسطين إلى ما بعد إسقاط الدولة العثمانية واحتلال المستعمر للمنطقة العربية بالكامل ، وتقسيم الأرض بينهما ، بالطبع ، مكن الإسرائيليين ، اعلان دولتهم بارتياح وبشعور لا ينتابه القلق ، لكن ، هذا الشعور تبدد على مراحل ، عندما تحرك الشعب العربي لنيل استقلاله ، الذي سُميَ في ما بعد ، بالاستقلال الوطني ، وتطورت حالة القلق ، على وجه الخصوص ، إلى خوف ، ارتبط بالفوبيا ، أثناء حرب 1973 م، حيث ، وصل إلى ذروته ، طوراً وانخفض اطواراً ، كلما حاولوا العرب اعادة توحيد أنفسهم بطريقة أو بأخرى ، لكن ، سرعان ما تمكنت الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها هنري كيسنجر ، الذي أدار بدور بارز عملية استقطاب مصر وتحيدها من الصراع العربي الإسرائيلي ، اولاً ، وبناء نظام دستوري قريب ، للمحصاصة ، مهمته فرز فئات المجتمع وتقسيمها بشكل كوتات ، كالمرآة والأقباط والشباب ورجال أعمال و عائلات ، تتحكم في الجزء الأكبر والأهم ، بالصعيد ، ثانياً ، وتدمير الوطنية المصرية التى شهدت بروز في عهد سعد زغلول المعاصر ورسخ أمرها بشكل أوسع جمال عبدالناصر ، ثالثاً ، حيث ، شهدت العقود الأربعة ، بالفعل ، نبرة مختلفة لا تتفق معها جموع الشعب بقدر أنها تتوافق مع قلة تروج لأمرها ، مثل الفرعنة والمناطقية والتنصل من جزيرة سيناء ، من منطلق اختلاف الثقافة والتربة والعادات ، وقد تكون إسرائيل ، بل ربما من حق المرء أن يجزم ، بأن إسرائيل عاشت بقلق ، لا بعده ولا قبله من قلق ، عندما ثار الشعب العربي يطالب بالتغير ، وهذا ما يفسر ، حجم اشتغالها بكل عزم ، على افشال ، تماماً ، أي تحول ، بل ، سعت بكل جهد ادخال المنطقة في مربع الفوضى العارمة ، وقد نجحت حتى الآن ، في سوريا ، وأخفقت في مصر ، لكن وبجهد الولايات المتحدة ، اكتفت في مصر ، بحكم فردي ، الذي مهما كانت النوايا في التغيير طيبة وحسنة ، يبقى مصير البلد مجهول أو على أقل تقدير ، بطيء في اقتلاع جذور الفساد والبيروقراطية الخانقة ، أمام ، أنه سريع في تحديث الخطاب السياسي .
من البديهي ، أن روسيا بوتين ، تعي جيداً ، بأن حلف الناتو لن ولم يسمح بسقوط المعارضة ، ليس حباً ، بمشاهدة سوريا واحة من الديمقراطية والمستقلة أو القوية في المنظور القريب أبداً ، بل ، يبدو أنهم راهنوا ونجحوا هذه المرة ، عندما توقعوا من إيران ، التدخل والتورط بكل ثقلها في المنطقة . وأيضاً ، كما أن الولايات المتحدة تعلم ، تماماً ، أسباب الدوافع الإيرانية بالتدخل ، تعلم أيضاً جيداً ، طالما ، قراءتها للتاريخ مقرونة بوضع خطط دائماً ، تنتظر التفعيل ، وهنا ، يشير التحول الجذري في السياسة الروسية ، بأن حتمية التدخل ، عسكرياً في سوريا والعراق عند بوتين لا بد منه ، لأنه يرغب بإعادة أمجاد روسيا القيصرية ، ليس تخوفاً فقط ، مما تخبئه الأرض العربية من مجهول ، بل ، هو تنافس تاريخي بين الروس الأرثوذكس والغرب الكاثوليك ، على مرجعية أقليات ومقدسات المنطقة ، وهذا الحدث ، لم تبتكره البوتنية اليوم ، بل ، شهدته المنطقة في القرن الثامن عشر الماضي من الألفية المنصرفة ، فكيف لا ، مادام الناس يرددون كلمة ، مسكوبية القدس وأخرى في الخليل ، مازالت تشهد خلاف بين بلدية الخليل والحكومة الروسية ، بالطبع ، جموع أرثوذكس العرب يتبعون في طقوسهم الدينية ، اليونانية البيزنطية التى تتوحد مع بطريركية موسكو ، حسب النظام الأرثوذكسية ، وهذه المسألة ، سأتطرق لها في المقال القادم بشكل أوسع .
لو سلّم المرء ، بالواقع الحالي ، حول شعور الإسرائيلي بالتفوق العلمي والإداري ، وأيضاً ، بأهمية وقوف الحركة الصهيونية العالمية التى تسيطر على أهم موارد البشر خلفه ، هذا ، في حد ذاته ليس كافي ، طالما ، الأيديولوجيات تبقى العامل الأهم في تحريك البشر ، كما أنه ، لا يعني ، أن تفتيت الجيوش العربية واستباحة الدول والجغرافيا وتغذية النزعات الإثنية والطوائف ، يبرر مضاعفة شعور التفوق ، بشعور أخطر ، هو ، الاستعلاء على جميع دول المنطقة وشعبها ، فالصحيح ، أن من يقود الصهيونية ودولة الاحتلال ، أشخاص على الدوام ، بالمقامرين ، إلى حد ما ، لكن ، التغيرات التى تشهدها المنطقة والعالم مازالت غير مرئية لمن يقامر بالعالم ، بأكمله ، كما فعل سابقاً في الحرب العالمية الأولى والثانية ، لأن الخلاصة تكشف ، عن أمر ثابت لا يقبل التحول ، حسب التجربة ، ليس فقط صعب تحويل العربي إلى هتلر ، والعرب ، نازيون كالألمان ، ويتم إخراجهم بسهولة من المعادلة الإقليمية ووضعهم على الرصيف ، بل هو ، أمر مستحيل ، فالمراجعات دائماً تفيد ، دونها ، يصبح الاستعلاء يرتكز على فراغ ، هو بالتأكيد ، ناجم عن شعور بالتفوق الأعمى ، لأن مراجعة ، التاريخ القريب ، تُظهر ، عندما رحلة الثورة الفلسطينية مجبرة من لبنان ، حل مكانها ، خلال سنة واحدة حزب الله وفي ذات السياق ، على سبيل ارتياد الحقائق ، عندما قامت أمريكيا باجتثاث النظام البعثي في العراق ، والآن في سوريا ، وجد تنظيم القاعدة فرصة في ملء الفراغ ، وفي حدود الاغتنام ، دائماً ، يُبلغ الواقع عن خلاصة قد تبدو بالغة الأهمية ، فمن الأولى لإسرائيل ، أن تتحسس ما تحت أقدامها من رمال متحركة ، وتجيب عن سؤال قديم متجدد وسيتجدد ، طالما ، الاحتلال قائم وجاثم على صدور الفلسطينيين ، ماذا وجدتم وأوجدتم في فلسطين سوى الحزن والموت وبناء الجدار .. والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
-
إبادات قانونية وأخرى اجرامية
المزيد.....
-
السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش
...
-
مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع
...
-
أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص
...
-
غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي
...
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/
...
-
البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق
...
-
لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
-
شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي
...
-
-البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|