|
قطعان ينتظرون الذبح
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4875 - 2015 / 7 / 23 - 01:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قطعان ينتظرون الذبح مروان صباح / يعلو احياناً صوتاً ، كما ، تهبط تلك الأصوات التى تنادى وتناشد المجتمع الدولي بإنقاذ التراث العربي من أيد عناصر دولة داعش والتى ، بالأصل ، لا تؤمن فكرياً بالآثار المجسمة أو التماثيل المنحوتة وما شابه من ذلك ، لكن ، للعلو والهبوط أسباب ، قد يجهلها من يصرخ في وادٍ ، ينتظر ممن يقود العنصرية العالمية ، أن تفكك مشاكله ، فهو ، في هذه الحالة يُضيف إلى جملة الإهانات ، إهانة جديدة عندما يشتكي إلى من سرق اثار العالم وليس العرب فقط ، وبالتالي ، اذا حصل يومنا ما ، وأعاد كل مسروق مسروقاته لوجد السارق أن متاحفه تخلو من المقتنيات ، على الإطلاق ، وهنا ، لا بد لهذا العمود أن يفكر مع الآخرين بصوت عال ، ربما لنقارن بين من يحمل فكر كفكر داعش وآخر كفكر الاستعمار ، فالأول ، يساوى ويعيد الاثار التاريخية بالتراب وإلى التراب ، والثاني ، ينقل إلى متاحفه ما يتاح له نقله ، كبوابة عشتار البابلية التى نُقلت إلى برلين ، وتوجد الآن في معرض برغامون ، وأخيراً وليس آخراً ، ما كشفت عنه جامعة برمنجهام البريطانية عن امتلكها لمخطوط قرآني يعود كتابته إلى عصر النبي محمد عليه الصلاة والسلام بين أعوام 570-632 م وبعد الفحص في معامل أكسفورد عبر تقنية الكربون المشع تبين أنه الأقدم ، أما بين عامين 2002- 2004 ، حولت القوات الأمريكية والبولندية ، معاً ، منطقة الحفريات الأثرية في البلدة القديمة ببابل إلى قاعدة عسكرية ومهبطاً للمروحيات ، بالطبع ، بعد ما قامت بسرقة الآلاف الأثريات ونقلها خارج العراق التي وصفت في حينها من أكبر عمليات النهب في التاريخ ، وكل ما نجا حتى الآن ، كان بفضل تعثر تلك الأحجام الكبيرة والتي جعل نقلها مستحيل ، كالأهرامات في مصر وتاج محل في الهند وغيرهما في العالم . ليس صحيحاً بأن تنكيل عناصر داعش للآثار التاريخية وقبلها القاعدة ، أكبر شئناً ، ممن يقوم بسرقة تاريخ الشعوب برمتها ، ويبرر ضرورة سرقتها بهدف المحافظة عليها كونه الوحيد المؤهل لحمايتها ، فكيف يمكن لهذا المنطق أن يسود ، طالما ، في كلا الحالتين يتحمل المستعمر ، قديماً وجديداً المسؤولية الكاملة لما جرى ويجري ، وهذا ، قد كشفه واقع بغداد عندما دخلت القوات الأمريكية عام 2003 م، كانت قبلها قد أعدت مجموعات ، عُرفت بامتهانها للسرقات والجرائم ، والتى قامت أمام عدسات الإعلام بدور الكومبارس الصغير ومن ثم تحرك الاحتلال بأدواته كي يستكمل عمليات الإجهاز الكبرى على كل ما يمكن نقله إلى متاحف تكتظ ، بالأصل ، بحضارات العالم ، والأغرب في المعادلة ، ذاك التباكي الغربي لما يحدث بحق الاثار العربية اليوم ، فبكاء العربي ُيفهم كونه لم يستطيع محافظة على اثار أجداده وفشل في آن معاً ، تربية أحفاده ، لكن ، أن يصل البكاء إلى من كان السبب الرئيسي والمباشر في ما نحن عليه ، تكون المسألة تجاوزت العقول ، وبات المستعمر المتجدد ، يتعامل مع مفكرين المنطقة قبل الشعب على أساس قطعان لا يرى في جغرافيتهم سوى المسلخ وفي مستقبلهم الانتظار للذبح . كل هذا القتل الذي بدأ مع بدء الحرب الأمريكية على فيتنام ، حيث ، شهدت مواجهات ، تعتبر ، الأعنف حتى الآن ، وبالتالي ، اعتقدت الآلة العسكرية الأمريكية بمقدورها أن تروع الإنسان بمزيد من القتل الأهوج والعشوائي ، لكن ، النتائج في الأغلب ، تأتي عكس ما يخطط له المجلس الأمن القومي الأمريكي ، فالمسألة لم تعدّ حكاية آثار تُحطم بأيدي المستعمر أو من تركهم وراءه ، هنا أو هناك ، ينوبون عنه بالمهمة في حرق مكتبة تاريخية أو تجهيل المناهج ، بل ، ما يستوقف المرء ، هذا ، الجنون من القتل الممنهج الذي خلف حتى 2008 م أكثر من مليون ونصف ضحية في العراق ، وحده ، وبدوره أنتج مجموعات أكثر غلظةً تتعامل مع الحاضر بأن الجميع متهم حتى يثبت العكس بما فيه الحجر والشجر . تورمت الأرض العربية حتى أنها فقدت لأي مساحة للحوار ، فباتت كما شبهها أحد أبناءها الفطنين ، صقر قريش ، الأرض ضاقت حتى أصبحت كظل رمح في عراء الصحراء ، لم يبقى للحضارة العربية الاسلامية سوى القتل والتدمير ، لكنهما ، يندرجان تحت مسميات شتى ومن جميع الأطراف ، ومن بين هذا الركام يعلو صوتاً كأنه غريب ويتردد في وادٍ ليصبح الواد بحجم الوطن العربي . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
-
إبادات قانونية وأخرى اجرامية
-
القضاء السويدي يبعث من جديد رسالة جديدة للقضاء العربي
-
غونتر غراس
-
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
-
الكتاب والحذاء
-
محاصرة مصر وتلغيم أمنها القومي
-
تحويل الشهيد إلى بئر بترول
-
إليسا تُعيد طوقان من قبره
-
بين النفخ والتضخيم ،ضاعت الشعوب
-
تعاون يكشف عن حجم وأهمية العلاقة القائمة .
-
طاعنون باللجوء والهجرة، لهم الله .
-
تعاون يقطع الشك باليقين لأي عداء
-
الوطنية المتعثرة
-
اتفاق إطار أم مكافأة عن سلسلة تنازلات
-
عراقة الأمة ،، بلغتها
-
بين التفوق الإسرائيلي بالتكنولوجي والتميزّ الإيراني بالتشيع
...
-
كتاب ،، حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات
-
اختلاف ايديولوجي عقائدي بين ايران وإسرائيل يقابله تقاطع مصال
...
-
العبور من الدنيا كما قال السيد المسيح
المزيد.....
-
جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك
...
-
احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي
...
-
هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام
...
-
الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست
...
-
استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ
...
-
-رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
-
روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
-
رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
-
هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|