أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - لا سياسة بلا اقتصاد (3)















المزيد.....

لا سياسة بلا اقتصاد (3)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 15:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا سياسة بلا إقتصاد (3)

كتبنا في هذا الموضوع بالغ الأهمية لننبه السياسيين والعرب منهم بصورة خاصة إلى أنهم لا يستطيعون العمل في السياسة قبل إلمامهم بالمبادئ الأولية في علم الإقتصاد حيث أن السياسة من ألفها إلى يائها إنما هي لغة الإقتصاد أو أدب الصراع الطبقي . ولحسن الحظ، ربما، قادنا هذا الموضوع إلى موضوع آخر، ذي أهمية فائقة ووثيق الصلة بالعمل السياسي وشروطه اللازمة، موضوع يبحث في محرك الإقتصاد العالمي الماثل اليوم . ولعل القليلين من السياسيين يدركون أن محرك الإقتصاد هو الرحم الذي يتخلّق فيه العمل السياسي بمختلف أشكاله.
رأى أحدهم أن مجمل الإنتاج الأميركي البالغ أكثر من 17 ترليون دولار هو المحرك لاقتصاد العالم ! كيف لهذا الكم الهائل من الدولارات يشكل الرحم الذي تتخلق في جوفة مختلف السياسات في العالم !؟
ما هو حقيقي بصورة عامة في هذه الرؤية المنحرفة، كيلا أقول الخاطئة، هو إن اقتصادات الدولة، أية دولة في العالم، لا تدور إلا من خلال الدولار الأميركي خاصة وأن جميع عملات مختلف الدول هي بالتالي "مدولرة" . لكن ذلك لا يتم من خلال الإنتاج البضاعي واستبداله بدولارات ثابتة القيمة كما تستوجب القاعدة الإقتصادية، بل من خلال قرارات سياسية من خارج ميكانزمات السوق الحرة تعين قيمة العملة المحلية منسوبة إلى الدولار . وهناك موارد أخرى تؤمن للدولة المزيد من الدولارات كالمساعدات والقروض السياسية السهلة . حصيلة الدولة السنوية العامة من الدولارات لا يحددها مجمل الإنتاج القومي بل مصفوفة من القرارات السياسية من خارج السوق . ولما كانت الحصيلة المالية لا تمت إلى الإنتاج المحلي بصلة فهي لا تعود عليه بأثر ولا تحركه أدنى حركة . وبناءً على ذلك فالإدعاء بأن ترليونات الدولارات الأميركية تحرك إقتصاد العالم هو إدعاء باطل، بل ثمة ما يغري هنا على القول بأن اقتصاد العالم كان سيتحرك حركة أقوى وأفضل لو كان متحرراً من هيمنة الدولار .
فيما قبل إعلان رامبوييه الصادر عن قادة الدول الرأسمالية الخمس الأغنى في العالم في العام 1975 كان ما يحدد قيمة أي نقد هو قيمة البضاعة ومنها الذهب التي ينتجها البلد المصدّر للنقد . أما فيما بعد ذلك وقد اتفق زعماء الدول الخمسة على تحديد قيمة نقودهم بعيداً عن السوق وميكانزماته كما قضى البند (11) من الإعلان فلم يعد هناك علاقة بين النقد والبضاعة وأصبح بإمكان الولايات المتحدة التي وصل دولارها الحضيض في أسواق الصرف في العام 1973 أن تصدر نقوداً بالقدر الذي تشاء وبالقيمة التبادلية التي ترغب مهما انحط إنتاجها البضاعي بكفالة الدول الأربعة الأخرى، بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان، وقد حل محلها اليوم الصين الشعبية ودول النفط العربية .
بعد أن أزاح أول مؤتمر للخمسة الكبار القيمة (Value) من البضاعة، وهي التجسيد الحقيقي للقيمة بحد ذاتها وموئلها الطبيعي، ووضعها في النقد، الذي لا قيمة له بحد ذاته وتنحصر قيمته كمعاير للقيمة فقط، لم تعد البضاعة تستجلب النقد وبدأ إنتاج البضاعة في الدول الرأسمالية الكلاسيكية بالضمور ليصل في الولايات المتحدة الأميركية إلى نسبة 15% فقط من مجمل الانتاج القومي و 25% في الدول الرأسمالية الأخرى سابقاً . بهبوط الإنتاج الصناعي في الدول الرأسمالية الكلاسيكية هبطت الطبقتان المنتجتان للبضاعة وهما طبقة العمال وطبقة الرأسماليين . أما وأن إنتاج الخدمات أخذ يتجاوز نسبة 75% من مجمل الإنتاج القومي في تلك الدول فلا يجوز الإفتراض، مجرد الإفتراض، على أن الدولة في تلك البلدان غير أنها دولة منتجي الخدمات، دولة طبقة البورجوازية الوضيعة وهي الطبقة المعادية بحكم تقسيم العمل إلى الرأسمالية وإلى الإشتراكية بصورة أعمق بذات الوقت .

منذ عقود وعقود كف فضل القيمة عن أن يكون محرك الإقتصاد وقد ترافق ذلك مع انهيار النظام الرأسمالي في السبعينيات . فضل القيمة الذي يستحصل من كل عامل مأجور فقط أخذ يتراجع مع تدني أعداد العمال . تدنى أعداد العمال في الولايات المتحدة من 72 مليون في منتصف القرن العشرين إلى 32 مليون في نهاية القرن ومن 30 مليوناً في بريطانيا إلى 12 مليونا، وبذلك لا يعود فضل القيمة العائد من 40% من أعداد عمال الخمسينيات كافياً للحفاظ على النظام الرأسمالي حيّاً كما كان .

إذاً ما هو محرك الإقتصاد فيما بعد الرأسمالية (Post-capitalism Economies) ؟
ما هو المحرك الحالي للإقتصاد العالمي الذي تتخلق فيه كل المبادئ الإقتصادية والسياسية ؟
وهل هو لهذا الحد من الأهمية بحيث يخلق مبادئ إقتصادية وسياسية جديدة لم تكن موجودة ؟
نعم، هو كذلك طالما أنه هو الذي يحكم ويوجه مختلف الأنشطة الاقتصادية والسياسية التي تصنع حياة البشرية .
نعم، هو المحرك الذي لا يجوز تجاوزه إلا من قبل أولئك الذين سيتفسخون في نفس المكان الذي هم فيه
المحرك الوحيد لمختلف الأنشطة الإقتصادية والسياسية فيما بعد الرأسمالية هو الهروب من الإستحقاق الإشتراكي .
عالم ما بعد الرأسمالية إنما هو في حالة هروب مذعور من الاستحقاق الإشتراكي . إنه على استعداد تام للتخلي عن كل ما هو إنساني لأجل ألا يروح إلى الإشتراكية وكأن الإشتراكية هي الموت الزؤام !! لكنها فعلاً هي الموت الزؤام للمجتمعات الطبقية وللبورجوازية الوضيعة العدو الأخير والأشرس للإنسانية .
كان مشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية على وشك أن ينقل العالم كله إلى الإشتراكية في الخمسينيات غير أن البورجوازية الوضيعة في الإتحاد السوفياتي وقد انتهزت الفرصة برحيل ستالين فانتفضت وقامت بثورة مضادة واستولت على السلطة وألغت كل ما هو اشتراكي . ما يدلل على أن البورجوازية الوضيعة السوفياتية لم تكن ثورتها المضادة إلا للهروب من الاستحقاق الاشتراكي هو أنها ألغت الخطة الخماسية الخامسة في ايلول 1953 التي كانت ستنقل الاتحاد السوفياتي نقلة نوعية ليس لحاجتها إلى الحرية والديموقراطية كما زعم فيما بعد زبونها خروشتشوف بل لإنتاج الأسلحة وكأن الاتحاد السوفياتي كان بحاجة إلى الأسلحة وقد إمتلك ترسانة في نهاية الحرب تساوي أضعاف مجموع الترسانات للدول الرأسمالية الكبرى . كان الهدف ليس تحصين أمن الإتحاد السوفياتي كما زُعم آنذاك بل كان تقويض الإشتراكية، بدأ بتحطيم هالة ستالين الاشتراكية ثم بطرد البلاشفة من المكتب السياسي للحزب بانقلاب عسكري، ثم بقرار عزل الثورة الاشتراكية عن ثورة التحرر الوطني، ثم بوقف الصراع الطبقي ثم بإلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا وأخيراً بالإنقلاب العسكري والإطاحة بخروشتشوف . البورجوازية الوضيعة السوفياتية فتتت الحركة الشيوعية في المعسكر الاشتراكي وفي العالم كله، وهي التي قادت الإنقلابات على الإشتراكية في دول أوروبا الشرقية وصولاً إلى تفتيت الإتحاد السوفياتي نفسه، بل إن قائدها بوريس يلتسن حاك مؤامرة التشيتشان مستهدفاً تفتيت روسيا خشية ألا تقوم فيها قائمة للإشتراكية في المستقبل .
الهروب من الاستحقاق الاشتراكي في المعسكر الرأسمالي لم يبدأ بثورة مضادة كما في المعسكر الاشتراكي . مع تكامل ثورة التحرر الوطني في بداية السبعينيات وفك روابط كافة الدول المحيطية مع مراكز الرأسمالية لم تعد هذه المراكز قادرة على التخلص من فائض الإنتاج المتحقق فيها وهو ما أملى على الرأسماليين التوقف تماماً عن الإنتاج الرأسمالي وبالتالي انهيار هذا النظام بذات الطريقة التي كان ماركس قد حددها قبل أكثر من قرن . ولما كانت البروليتاريا قد انهزمت عالمياً بفعل تصدع الثورة الاشتراكية في الإتحاد السوفياتي فقد آلت السلطة في العالم كله إلى البورجوازية الوضيعة، وهي الطبقة الذكية الحاذقة في المناورة وحبك المؤامرات هروباً من الاستحقاق الاشتراكي . يقتصر إنتاج البورجوازية الوضيعة على إنتاج الخدمات التي لا تضيف إلى الثروة سنتيماً . ومع كل ذلك الإفلاس الذي يتبدى عميقاً في العالم اليوم فذلك لم يفت في عضد البورجوازية الوضيعة لتتوقف عن الهروب من الاستحقاق الإشتراكي .
كل الأنظمة الماثلة اليوم في العالم سواء في روسيا أم في الصين أم في الولايات المتحدة أم في أوروبا الغربية إنما هي نظام الهروب من الاستحقاق الاشتراكي أو الأحرى اللانظام فالهروب يتم عادة بغير نظام حين يستولي الذعر على الهاربين .
محرك النظام الاقتصادي والسياسي في العالم منذ مطالع خمسينيات القرن الماضي إنما هو الهروب من الاستحقاق الإشتراكي .
النظام العالمي القائم اليوم بكل أشكاله وصوره هو بالضبط فوضى الهروب من الاستحقاق الإشتراكي .
أي بحث إقنصادي أم سياسي لا ينطلق مبدأياً من قاعدة الهروب من الإستحقاق الإشتراكي إنما هو لغو بغو .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا سياسة بلا اقتصاد (2)
- لا سياسة بلا اقتصاد (1)
- خصوصية الماركسي الشيوعي
- ما هو حقا -ما بعد الماركسية- (2)
- ما هو حقاً -ما بعد الماركسية- !؟ (1)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (10)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (9)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (8)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (7)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (6)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (5)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (4)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (3)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها (2)
- ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها
- ضيَّع الشيوعيون إنجيلهم
- العَمَه السياسي في مساق العولمة
- الإنهيار المتسارع للدولار
- البداية من (G 5) في رامبوييه بباريس 1975
- الحزب الشيوعي اليوناني في ضلالة ظلماء


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - لا سياسة بلا اقتصاد (3)