أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - التأثير في الواقع والتأثر به ونمط التفكير البناء














المزيد.....

التأثير في الواقع والتأثر به ونمط التفكير البناء


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4821 - 2015 / 5 / 29 - 23:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشكلتنا نحن في بلدان ما يسمى الشرق الأوسط والعالم العربي، ان عدداً متزايداً من الناس يفكرون ويتصرفون بطريقة غير عقلانية، ولا تتلاءم مع مستجدات العصر وضروراته، ما يؤدي الى مشكلات كبيرة يتسبب فيها هؤلاء لتلك المجتمعات بما يؤذي البشر بنحو مباشر.
ما نعنيه هنا بالتحديد امراً ربما ليس من اكتشافنا؛ اذ قد يكون سبقنا الى تشخيصه علماء الاجتماع والنفس والسياسة، لأن القضية التي نحن بصدد التحدث عنها ليست جديدة، انما رافقت المجتمع البشري منذ البدايات الأولى لتكوّنه، و لاسيما مع بدء تحوله من الحياة البدائية الى مراحل التطور الانسانية التالية، وقد ظهر تأثيرها بخاصة مع انبثاق التفكير البشري وتساؤلاته المتواصلة عن الحياة والموت، وماهية العيش البشري والعقائد والافكار التي ارتبطت بذلك؛ بل ان الامر شمل ايضاً حتى أفكاراً وعقائد كانت تعد نفسها علمية وتحررية.
الامر الذي نتحدث عنه، يتعلق بمحاولة جعل الواقع، بل اجباره على أن يصبح مثل الأفكار التي يحملها بعض الناس، وهذا هو مكمن اللامنطقية والخطورة بعينها، اذ ان التطور الطبيعي الذي يقود المجتمعات الى التقدم، هو العكس تماماً، وذلك بجعل افكارنا تتكيف مع الواقع، و ذلك هو السبيل السليم لتطوير المجتمعات البشرية وتنقيتها من ادرانها وتنميتها بما ينسجم مع الوقائع الجديدة التي لا تشبه ابداً ما كان عليه الناس وانماط التفكير قبل آلاف السنين او الف سنة او حتى مئات السنين.
ولنا في هذا الصدد امثلة كثيرة، فبلدان شعوب شمال أوروبا التي كانت تعيش حتى عهد قريب قياساً الى عمر الزمن حياة همجية وقبلية، وتلجأ عادة الى السيف والقتل الدموي، لمجابهة غيرها من الشعوب والقبائل او حتى مواجهة الافراد بعضهم البعض في المجموعة البشرية ذاتها؛ نقول ان تلك الشعوب سرعان ما تعلمت في ظرف زمني قصير واثر التطورات التي حدثت في بعض بقاع العالم ومنها أولى المكتشفات العلمية، فتكيفت مع الوقائع الجديدة، وجعلت أفكارها تتغير على وفق تغير الواقع؛ وبالنتيجة فانها تقدمت في ذلك الزمن القصير لتصل الى ما وصلت اليه الآن من الرقي الذي يعرفه الجميع، وهي لو أصرت على التمسك بقناعاتها ـ وعقائدها أيضا ـ القديمة بحذافيرها لما تقدمت أي خطوات باتجاه حياتها الملائمة لسكانها، ومثل ذلك حدث في بقاع أوروبا الأخرى، فبعد ان كانت الكنيسة تحاول ان تستأثر بكل شيء، وان تفرض رؤيتها ومعتقداتها على المجتمع، وتكيفها تبعاً لها ضاربة صفحاً عن التطور المتسارع لتلك المجتمعات نتج عن ذلك انبثاق هائل للكوارث والحروب والقمع والطغيان و مزيد من نزف الدماء؛ ولم يبق الامر مقصورا على الأفكار والرؤى المرتبطة بقناعات دينية، بل شمل أيضا حتى تلك القوى التي تقول انها لا تعتمد على الدين، ولكنها أيضاً ارتكبت التصرفات القاتلة عينها بمحاولة فرض ايديولوجياتها وافكارها وعقائدها؛ لجعل الناس والمجتمع يسيرون في قالب أفكارهم التي تتقادم مع مرور الأيام والسنوات، ولعل تجربة و مآسي النظامين النازي والفاشي في أوروبا في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، ونماذج الأنظمة الدكتاتورية في العالم ومنها منطقتنا ابرز نماذج لذلك التفكير الذي أدى الى خراب البلدان وهلاك الناس.
أسس و أساليب التطور الطبيعي للمجتمعات والدول، معروفة للجميع، واولهم السياسيون ورجال الدين، الذين يقود كثير منهم الناس الى حتوفهم بمحاولة عكس بوصلة التقدم البشري وجعل الناس يدورون ضمن اطار الأفكار التي كانت سائدة قبل مئات او آلاف السنوات حتى وان أدى ذلك الى المشكلات المعروفة التي يتعايش معها الناس الآن مرغمين بفعل نمط التفكير هذا؛ اننا نعرف الآن بوساطة المؤرخين والتاريخ ان شريعة حمورابي حفلت بكثير من الأمور الجميلة التي تحقق العدالة، بحسب ذلك العصر، ولكننا لا نستطيع قطعا ان نطبق قوانين حمورابي في عصرنا الراهن على انها صالحة لهذا العصر، ونعممها على المجتمع لنحقق ما نرتئيه، لأن ذلك إضافة الى كونه غير منطقي، فانه يؤدي الى تفاقم مشكلات الناس، الذين بهم حاجة الى قوانين تلائم زمنهم، وليست تلك الازمان التي كان الناس يعيشون فيها في مراحل الحياة البدائية، الصحراوية او القروية مثلاً، ولعل ما يحاول فرضه بعض الإسلاميين لما يسمونه إقامة دولة الخلافة الاسلامية يصب في الاتجاه نفسه فقد أدت محاولة فرض العقائد والأفكار على الناس، وجعل المجتمع يسير على وفقها الى خسائر كبيرة، لاسيما في أرواح الناس الذين قتلت وشردت منهم اعداد هائلة، بسبب نمط التفكير هذا، ونعتقد هنا ان بعض ما جاءت به الأديان والعقائد كان يهدف الى حماية حياة الانسان؛ ولكن ذلك النمط من التفكير الذي يريد اقحام كل شيء في المجتمع بغض النظر عن جدواه بصفته عقيدة او أيديولوجيا، أدى الى خراب كثير، اذ انهم اخذو يحاولون تفسير ما جاءت به الأديان على هواهم وتطبيقه على المجتمع، وهو السبب الرئيس في حدوث الانتكاسات الكارثية في مجتمعات الشرق الأوسط والعالم العربي.
ان عقائد الناس وافكارها محترمة ومن الواجب الحفاظ على قدسيتها، غير ان استعمال البعض لها في محاولة لفرض تصوراتهم على المجتمع المتنوع يؤدي الى التصادم الحتمي والى ضياع الأرواح البريئة والى انهيار بنيان المجتمع وهو ما ادركته الشعوب المتحضرة في وقت مبكر وعملت جاهدة على النأي عنه؛ بإقامة دول تكيف نفسها مع التطورات الهائلة في العلم والحياة؛ لا ان تحاول جعل مجتمعاتها أسيرة لانماط التفكير القديمة التي تسببت في موت ملايين الناس في تلك البلدان وغيرها.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكليات الأهلية.. نشاط في التأسيس وتخريج غير مكتمل
- التمويل الذاتي ذريعة لقطع الأرزاق
- فوضى العراق غير الخلّاقة
- التوأمة لا قيمة لها إذا لم تنفع الناس
- لجنة تفرخ لجاناً واكتشافات مذهلة
- اين السكن في مشاريع وزاراته؟!
- كي لا نجر الى حرب لا مصلحة لنا فيها
- الأحداث العراقية في مهب اهواء بعض الإعلاميين
- ليست الوكالة فقط ما نخشاه
- محنة الفارين الى مدن الفردوس المنشود
- تنافس على السياسة أم على تقديم الخدمات؟!
- لن ندحر الارهاب بمعادلة ناقصة
- كي لا نؤبِّن الحرس مجدداً
- عن سبايكر دائماً
- هل يفلح «المتدينون» في بناء مؤسسة الحكم
- قانون عصري للضمان كفيل بتنشيط الاقتصاد
- الانتحار واهلاك الناس بتفجيرات -العدمية المطلقة-
- الديمقراطية ومعضلة الأكثرية والأقلية في العراق
- الحنين الى الماضي.. حلكة الحاضر وضبابية الآتي
- التوافق المطلوب وطنيٌ شامل


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - التأثير في الواقع والتأثر به ونمط التفكير البناء