أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صادق الازرقي - الانتحار واهلاك الناس بتفجيرات -العدمية المطلقة-














المزيد.....

الانتحار واهلاك الناس بتفجيرات -العدمية المطلقة-


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 22:01
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


انتشرت بصورة لافتة، طيلة اكثر من ثلاثة عقود، ما يسمى بالعمليات الانتحارية التي بدأت تظهر الى وسائل الاعلام منذ اوائل ثمانينيات القرن الماضي؛ ويقدر المختصون انه وقعت بين عامي 1981 ـ 2006، نحو 1200 هجمة من هذا النوع في جميع أنحاء العالم، وان نحو 90 من هذه الهجمات حصلت في العراق، و اسرائيل و افغانستان و نيجيريا وباكستان.
وبالتدقيق في ضحايا تلك الهجمات، فان جميع المصادر، تؤكد على ان معظم القتلى والجرحى في تلك العمليات هم من المدنيين، من بينهم كثير من الاطفال والنساء والافراد غير العسكريين، وممن لا يشكلون اهدافاً مطلوبة او حقيقية لمن يقوم بالعمليات الانتحارية؛ وليس غرض مقالنا هذا مناقشة المسوغات التي يطرحها المروجون لتلك العمليات، لإيجاد الاعذار للمنتحرين لتنفيذ تفجيراتهم او ان نبحث في تفسيرات لدى الاطباء، وعلماء النفس للتحري عن اسباب اقدامهم على الانتحار، اذ ان المنتحرين انفسهم باتوا لا يخشون من اعلان مسوغاتهم الخاصة بهم ـ وبعضم يبثون شرائط قبل موتهم ـ يركزون فيها على الغرض السياسي الذي يؤطرونه بغطاء ديني.
وبالطبع فان العمليات الانتحارية لم تبق مقصورة على ما يسمى بلدان العالم الثالث او الشرق الاوسط، بل انها ضربت دولاً اخرى في وقائع مشهورة قتل وجرح فيها الآلاف، ومنها هجمات ايلول 2001 في الولايات المتحدة الاميركية وهجومات مترو لندن وباريس واسبانيا ودول اخرى، وكذلك التفجيرات الانتحارية التي استهدفت موسكو عاصمة روسيا، وما عرف بمذبحة الاطفال في مدرسة بيسلان في الشيشان؛ عام 2004، حين احتجز مسلحون انتحاريون أكثر من 1100 شخصٍ كرهائن وانتهت العملية بمقتل 396 رهينة في الأقل من بينهم 186 طفلاً، وإصابة المئات، اضافة الى مقتل عدد من الانتحاريين، ومطاردة الآخرين.
لقد تناول الفلاسفة والمفكرون موضوعة الانتحار بنوعيه الفردي او ذاك الذي يحاول نحر الآخرين معه؛ فحاولوا ان يجدوا المسوغات للانتحار بصفته الفردية، في حين ادانوا بأشد المواقف جر المنتحر الناس الآخرين الى الموت الاجباري معه، وفي هذا يرجع الفيلسوف والكاتب الفرنسي البير كامو، الانتحار الى عدم الاكتراث بالحياة الذي تتميز به ما يسميها العدمية المطلقة، التي تسوغ الانتحار وتسرع في جعل القتل "عقلانياً"، وهنا يقول ان هذا المنطق "سار بقيم الانتحار التي تغذى بها عصرنا حتى نتيجتها القصوى، ونعني القتل المبرر وفي الوقت نفسه بلغ ذروته في عمليات الانتحار الجماعي"، ويقيم كامو الدليل على ذلك بما قدمته "رؤية الدمار الكلي الهتلرية عام 1945"، منوهاً الى ان "افناء الذات لم يكُ شيئاً يذكر بالنسبة للمجانين الذين كانوا يعدون لأنفسهم ميتة تأليهية في الأوكار؛ كان الامر الاساسي بالنسبة اليهم الا يفنوا انفسهم فقط، بل ان يجرّوا معهم العالم كله"، مزيداً ان "الانسان الذي يقتل نفسه على انفراد، يعد محتفظاً بقيمة ما، لأنه لا يقر لنفسه بحقوق على حياة الآخرين، وان كل انتحار منفرد حينما لا يكون دافعه الحقد هو في بعض نواحيه صادر عن شرف النفس، او عن الازدراء".
لن نعدم ان نجد منذ العصور القديمة كلا انموذجي الانتحار، وما يعنينا هنا هو ما يؤثر على الآخرين، ويتسبب في موتهم وجرحهم واعاقتهم؛ ونعني به فعل الانتحار الذي يجر الآخرين ويهلكهم معه، وذلك الامر يستوجب المواجهة المباشرة، والتحري عنه وعن مصادره قبل وقوعه لأنه يؤذي جموع الناس، وفي هذا برع طغاة لجأوا الى الانتحار بعد مواجهة ظروف عصيبة، غير انهم ابوا الا ان يزهقوا ارواح اناس آخرين معهم، ويمكن الاشارة الى ما فعله نيرون امبراطور الامبراطورية الرومانية ونفذه قبل ان ينتحر سنة 64 م فقد اشعل حريق روما الشهير الذي هلك فيه آلالاف من سكان روما، بعد ان التهمت النيران عشرة أحياء من جملة مناطق المدينة الأربع عشرة بحسب المصادر التاريخية.
لقد عانى العراق في العصر الحالي اكثر من غيره من مظاهر قتل النفس المميت المتمثل بالتفجيرات الانتحارية، التي لم يسلم منها حتى عمال المسطر والرياضيون في الساحات والمتبضعون في الاسواق والعسكريون، وغيرهم؛ وكل ذلك لأن اِمْرَأً ما يريد الانتحار فليلجأ الى قتل نفسه، فلا يكتفي بذلك، بل يسعى بدافع الحقد و العداوة الى جر الناس عنوة الى المصير الذي يهدف الى الحاقه بنفسه، غير معني بالضحايا الابرياء الذين يتسبب في هلاكهم، و لا بمصير عائلاتهم، في عمليات نبذها المجتمع البشري منذ قرون؛ ولم يزل البعض لدينا مدفوعا بضغينته مصراً على اقترافها بدوافع يرى انها مبررة فيعطي لنفسه الحق في ازهاق حياة الآخرين.
ان لجوء البعض الى تنفيذ العمليات الانتحارية واستهداف السكان المحليين كأهداف سهلة من الصعب السيطرة عليها، تستدعي المواجهة الشاملة التي يجب ان يسهم فيها الجميع، بمن فيهم السكان المحليون والاجهزة الامنية؛ لأن خطر الجماعات التي تسعى الى التفجيرات الانتحارية هو شامل بالتأكيد؛ وما زلنا نتذكر التصريح القوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب انتهاء حادثة بيسلان، الذي ناشد فيه الشعب الروسي "الاستعداد" لتعبئة المجتمع لمقاومة ما سمّاها "الحرب الشاملة التي تهدف إلى تمزيق روسيا"، وكيف شرعت روسيا في التحرك على جميع الصعد للجم التفجيرات الانتحارية وجميع اعمال العنف المسلح ونجحت في ذلك، وكذلك افلحت الدول الاوروبية في الحد منها وتقليل مخاطرها و تأثيرها الا نحن وبضع دول ظلت التفجيرات الانتحارية تؤرقنا وتستهدفنا ليلاً ونهاراً، من دون ان نتوصل الى علاج جذري لها.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية ومعضلة الأكثرية والأقلية في العراق
- الحنين الى الماضي.. حلكة الحاضر وضبابية الآتي
- التوافق المطلوب وطنيٌ شامل
- أين الحقيقة بشأن حمايات المسؤولين؟
- بعض اسرار تخلفنا وتقدم الآخرين
- فرصتنا لاستعادة وجدان العراق الحقيقي
- مواقف العرب المسبقة من الاحداث العراقية
- الحرب والسياسة وما بينهما
- الارهاب والفساد قطبا رحى الخراب
- تخفيض رواتب كبار المسؤولين تدبير مكمل للإصلاح الاداري
- الحكومة والمعارضة و بلبلة الانسحاب النيابي
- حقوق الصحفيين بين -قانونهم- وبطش ذوي السلطان
- التغييرات الإدارية الاملة و سيلة الإصلاح الممكنة
- أعياد الحب المجهضة في مناخات القسوة و الكراهية
- أي نظام اجتماعي نبنيه بعملية تربوية عليلة؟
- حقوق الإنسان في قبضة وزيرها
- مربعات الحرائق وتساقط الاعمدة
- شد احزمة بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- هل لدى العراقيين رأي عام حقيقي؟


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صادق الازرقي - الانتحار واهلاك الناس بتفجيرات -العدمية المطلقة-