أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 39














المزيد.....

سيرَة حارَة 39


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 21:09
المحور: الادب والفن
    


" عبدو "؛ استدعيَ إلى الاحتياط، وكان ذلك بعيدَ نشوب حرب تشرين. كانت خدمته في مطار المزة العسكري، الذي كان من أول أهداف الطيران الاسرائيلي في تلك الحرب. فما أن وصلَ الخبرُ إلى " نجلاء "، حتى أغميَ عليها. هذا الحدث، دلّلَ على أنّ الرجلَ أضحى له اعتبارٌ لدى حسناء الحارة، التي تزوجته بدون حب وهيَ بعدُ على عتبة باب المراهقة....!
كانت " نجلاء " ما تفتأ تقيم بالإيجار في منزل قريبتها، في حجرةٍ متواضعة بالدور الثاني. على الأرض المحاذية للحجرة، وفي ظلال الكرمة الكريمة، كنتُ معتاداً على الجلوس للعب طاولة الزهر ( النرد ) مع ابن صاحبة المنزل المماثل لي في العمر. ذات ظهيرةٍ، حارّة، طارَ زهرُ الطاولة من يدي ليستقر تحت باب تلك الحجرة. نهضتُ نحوَ الباب، وفتحته قليلاً بحركة مترددة، ثمّ التقطتُ مطلوبي. وإذا بصوتٍ من داخل الغرفة يخاطبني بنبرة خافتة، مُتعبة: " أغلقْ حبيبي البابَ وراءك! ". كانت لمحة واحدة، حَسْب. إلا أنها شاءتْ لاحقاً أن تعذبَ ليالي المراهق، بما كنزته عيناه من منظر ربّة الحُسْن وهيَ متمددة على سريرها....!
في الأثناء، كان الجنين البكرُ ينمو في أحشاء جارتنا الجميلة. ويبدو أنها أصبحت آنذاك أكثر ضجراً، بسبب جلوسها في البيت وحيدةً. ابنة " كنّك "، كانت صديقتها منذ زمن الطفولة. في أحد الأيام، حضرتْ هذه الصديقة فيما كنتُ مع ابن صاحبة المنزل منهمكين بالحديث عن تطورات الحرب. كنتُ وإياه جالسَيْن على أريكة عتيقة في صدر الحوش، فيما بقيتْ الضيفة تنتظر عند دَرَج العليّة. هَمَسَ لي صديقي وهوَ يومأ نحوَها: " هذه الحولاء لا تعجبني! ". بعد قليل، نزلتْ " نجلاء " إلى الحوش وهيَ مرتدية تنورة قصيرة نوعاً. طلبتْ من الضيفة مهلةً أخرى، حتى تنتهي من تمشيط شعرها. وإذا بها تهرعُ من ثمّ نحوَ مجلسنا. بقفزة رشيقة، مُعابثة، اعتلت الأريكة فالتقطتْ المشط الموجودَ في افريزٍ مثبّت بالحائط. فراحتْ تسرّح شعرها ببطٍ، فيما كانت صديقتها تطلقُ ضحكةً صاخبة..

*
" عبدو "، عادَ من خدمة الاحتياط ليجدَ الحربَ قد انتقلت الى منزل الايجار، الذي أقام فيه مع امرأته. هذه الأخيرة، ضاقت ذرعاً بملاحظات قريبتها صاحبة المنزل، المَنذورة لمَسلكها المُتحرر في الخروج مع صديقاتها إلى مركز المدينة. من ناحيتي، وإذ كنتُ اعتَبَرُ بعدُ غلاماً صغيراً بنظر الآخرين، فإنني سمعت مرةً قولَ صاحبة البيت لابنها: " زوجها في الحرب وهي دائرة على حل شعرها "....!
" نجلاء "، ما لبثت أن انتقلت من الرمضاء إلى النار. إذ لم يكن أمام زوجها سوى العودة الى منزل أهله؛ إلى حيث حَماتها المُسنّة، الشديدة التزمّت. فما أن مضت شهور قليلة، حتى كانت حسناء الحارة قد عادتْ بدَورها إلى منزل ذويها. آنذاك، كان " عبدو " عاطلاً عن العمل، وفي التالي، عاجزاً عن استئجار حجرة جديدة. ذات يوم، التقى حَمو هذا الأخير مع والدي، فراح يشكو له الحالَ: " إنه يبيتُ أحياناً مع امرأته، غير آبهٍ بوجود شقيقها الشاب في المنزل "....!
في أحد الأيام، انتابتني الدهشة حينما رأيتُ " نجلاء " مع ابنها الرضيع وكانت تهمّ بولوج منزل حَمَويها. أحد أولاد عمومتها، وكان من أقرب أصدقائي، ما عتمَ أن أوضحَ لي ما جدَّ معها من أمور: لقد دبّروا لها عملاً لدى صهره، الذي يملك مشغلاً للألبسة الجاهزة قربَ سوق الحميدية، كي تساعد أسرتها من جهة ومن جهةٍ أخرى تغيبُ عن وجه حماتها جلّ النهار. وبما أنّ صديقي هذا كان يعمل بالمشغل في أيام العطل، فإنني زرته ثمّة أكثر من مرة. كان الشغيلة نصف دزينة من الصبايا ونصف آخر من الفتيان، يتحلقون حول طاولة كبيرة ويحيكون كنزات التريكو وملابس الأطفال. " نجلاء "، كانت ولا شك نجمة هذه الحلقة؛ بأحاديثها وطرائفها وضحكاتها الرنانة. عندئذٍ، كان وقتُ الغداء قد أزف. وإذا بالجارة الجميلة تخاطبني مبتسمةً بنبرة مزاح " هل ستعزمنا على مطعم ما؟ ". تضرّج وجهي من الحَرَج، طالما أنه لم يكن في جيبي سوى أجرة العودة للمنزل بالحافلة الكبيرة.
للحكاية بقية



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33
- سيرَة حارَة 32
- سيرَة حارَة 31
- سيرَة حارَة 30
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
- سيرَة حارَة 29
- سيرَة حارَة 28
- سيرَة حارَة 27
- سيرَة حارَة 26
- نساء و أدباء
- سيرَة حارَة 25
- سيرَة حارَة 24
- سيرَة حارَة 23
- سيرَة حارَة 22


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 39