|
كُرد الداخل .. كُرد الخارج 3
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 15:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في طُرفةٍ قديمة : " .. نسى سائحٌ في القُدس ، أسم المكان الذي يريد أن يزورهُ ، أي ( حائط المَبكى )، فقال لسائق التكسي ، خُذني الى المكان الذي يبكي فيهِ اليهود . فتوجهَ السائقُ فوراً ، الى دائرة الضريبة ! " . ليس اليهود ، فقط .. مَنْ " يبكون " حين تسديدهم لفواتير الضريبة ، بل ان معظم الأوروبيين ، يفعلون ذلك " مجازاً " . ففي كُل الدُول التي تعتمدُ نظاماً ضريبياً صارماً وواضحاً ، يسري على الشركات والأعمال والأفراد .. فأن إستحصال الضرائب ، يُشّكِل جانباً مُهماً من ميزانية الدولة . وبالمُقابِل فأن هذه البُلدان ، مُلزمة ، بتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها ، وتوفير الأمن والسكن والكهرباء والماء والتعليم والرعاية الصحية والنقل ... الخ . بالطبع .. تختلف نِسَب الضريبة من دولةٍ الى أخرى ، كذلك تختلف الأجور ونوعية وكمية الخدمات .. لكن عموماً ، فأن هذا النظام الضريبي المُتَبَع ، يخلُق مُعادلةً في غاية الأهَمِية : دولة تعتمد على جَني الضرائب من مواطنيها العاملين المُنتجين ، لتأمين الميزانية .. ومُواطنين يحصلون على الخدمات الأساسية وحدٍ معقول من الرفاهية والإستقرار . بينما ، في دولةٍ مثل العراق ، بما فيه أقليم كردستان .. 95% من الميزانية ، تعتمد على النفط فقط .. فأن الحكومة عادةً ( لاتحتاج ) الى المواطن ، لتأمين الميزانية .. وتشعُر بأنها أي الحكومة ، ليستْ مُلزَمة بتوفير الخدمات والرفاهية .. بل ، انها حين تدفع الرواتب أو تبني مُستشفى او مدرسة .. الخ ، فأنها " تتفّضل " على الشعب ، وتعتبرُ ذلك إنجازاً أو أشبَه بالمِنّة ! . المواطن الأوروبي ، الذي يدفع الضرائب بإنتظام ، وِفق قانونٍ " شُبه " عادل .. يحسُ بأنهُ يُساهم في جمع الميزانية كُل سنة .. وهو يستحق بالمُقابِل كُل ما يُقّدَم له من خدمات ، بل انه يسعى أحياناً للمُطالبة بتحسين الخدمات وتوسيعها .. ويستطيع من خلال التصويت في الإنتخابات ، أو من خلال آليات ضغطٍ مدنية أخرى ، مُعاقبة الحكومة وإستبدالها . صحيح ان المواطن الأوروبي [ يحتاج ] الى الدولة والحكومة وخدماتها ، لكن الحكومة أيضاً في حاجةٍ مّاسة للمواطن وضريبته التي يدفعها . .................. من تداعيات النظام الضريبي الفّعال .. معرفة ( مَصدر ) الأموال والممتلكات . فلو ثبتَ مثلاً ، لدى الدوائر المعنِية .. أن أحدهم يملك عشرة آلاف يورو ، وهو في نفس الوقت يستلم معونةً من البلدية ، أو إشترى آخر محلاً بمئة ألف دولار ، ووارده المُعلَن لايتجاوز 1500 دولار شهرياً ... الخ ، فأن هؤلاء يُستَدعون ويُحّقَق معهم ويُحاسَبون . ولهذا السبب ، فأن [ بعضاً ] من أفراد الجاليات الكردية العراقية في أوروبا ( بل رُبما حتى بعض المواطنين الأوروبيين أنفسهم ) ، يلجأون أحياناً ، الى " العمل الأسوَد " أو عدم الإعلان عن أموالهم التي رُبما حصلوا عليها من أقليم كردستان " كرواتب تقاعدية أو مِنَح أو إيجار لعقارات ... الخ " ويتملصون من دفع الضرائب . .................. دولة صغيرة مثل النرويج ، غنِية بنفطها وصناعتها وتقدمها التكنولوجي .. فيها نظامٌ ضريبي صارم ومرتفع النسبة .. لكنها تُقّدم لمواطنيها جميعاً أرقى الخدمات ، وتُخّطِط وتعمل وتبني لأجيالها القادمة ، مُستقبلاً مضموناً . دولة مثل العراق وأقليم مثل كردستان .. إقتصادها ريعي وميزانيتها معتمدة فقط على النفط .. في مَهب الريح ومُعّرَضة لأزمات متتالية ، بسبب تذبذب أسعار النفط ، ناهيك عن الأوضاع الأمنية المتدهورة ، وضبابية المستقبل . هل يمكن القَول : .. أن كُرد الخارج ، الذين يعملون ويدفعون الضرائب المُباشرة بإنتظام ، ويحصلون بالمُقابل على خدماتٍ جيدة وضمانات ، أفضل حالاً ، مِنّا ، كُرد الداخل .. حيث أننا ندفع أنواعاً من الضرائب غير المُباشرة ، ولا نحصل على خدمات تُذكَر ، ولا عندنا ضمانات ؟! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفوضيات وهيئات أحزاب .. وليست - مُستَقِلة -
-
كُرد الداخل .. وكُرد الخارج 2
-
كُرد الداخل .. وكُرد الخارج
-
كلماتٌ عن - أوسلو -
-
اللاجئين الكُرد في اوروبا .. ملاحظات بسيطة
-
طرائف من برلين
-
فضائية جِرا والعمل التطوعي
-
على هامش - لقاء برلين لحقوق الإنسان - 2
-
على هامش - لقاء برلين لحقوق الإنسان - 1
-
- النازحون يبيعونَ المُساعدات -
-
زراعة الشَعر .. وتجميل الأظافر
-
البيشمركة في كوباني .. مُلاحظات
-
العراقي .. و - تَرَف - حقوق الإنسان
-
كُتُبٌ للنازحين
-
دروسٌ من الحَرب ضد داعِش
-
بائع العِلكة
-
حَلٌ مُؤقت لإيواء النازحين : القُصور والجوامِع
-
مُستفيدون صِغار .. ومُستفيدونَ كِبار
-
الصَبر .. ثُم الصَبر
-
نِساءٌ .. ونِساء
المزيد.....
-
السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش
...
-
مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع
...
-
أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص
...
-
غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي
...
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/
...
-
البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق
...
-
لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
-
شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي
...
-
-البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|