أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - المصري وحيرة الجن... أشر أريد بأهل مصر؟!















المزيد.....

المصري وحيرة الجن... أشر أريد بأهل مصر؟!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4641 - 2014 / 11 / 23 - 16:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في القرآن الكريم سورة باسم "الجن" تروي كيفية تعرف الجن على الإسلام والبعثة النبوية، ومن بين المظاهر التي ترويها هذه السورة في مفتتحها الحيرة التي كان عليها الجن عندما لمسوا تغيرات حادثة في السماوات العلى تختلف عما ألفوه من قبل، ويروي القرآن الكريم على لسان الجن قولهم: " وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا"؛ في تعبير بليغ يوضح الحيرة في أجلى صورها: هل ما يجري شر أم خير للبشر؟!
هذه الحيرة التي كان عليها الجن تشبه بدرجة كبيرة حال نسبة معتبرة من المصريين مع الواقع السياسي الراهن في بلادهم: هل ما يجري في مصر الآن شر أريد بأهل البلاد أم أراد بهم ربهم رشدا وخيرا؟! يفشل جانب من المصريين في الإجابة عن هذا السؤال، بينما وصل الكثير منهم إلى قناعة أراحته؛ فمنهم من يرى فيما يجري الخير كله بما يحقق الاستقرار، ومنهم من يرى أن البلاد دخلت في النفق المظلم بلا أفق للعودة.
لكن الحيرة موجودة، واستقطبت الفريق الأكبر في تقديري، والشواهد كثيرة للغاية في هذا الصدد. ولكن ونحن نوضح هذه الشواهد والمؤشرات يتعين علينا أن نرصد بعضا من دلالات الحيرة على الذهنية المصرية في وقت مفصلي من تاريخ مصر ككل بلا مبالغة.

الحيرة... مظاهر
المصريون حيارى في غالبيتهم. هذه عبارة واضحة وصريحة المعنى ولا تحتمل اللبس ومؤكدة بالجملة الأسمية. لماذا كل هذا التأكيد على المعنى؟! لأن المصريين حيارى! والدليل؟!
لنبدأ بشريحة الشباب. إذا طالعنا مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى وجه التحديد فيسبوك، سوف نرى أن هناك حالة من السخط الكبير لدى قطاع واسع من المصريين ويتراوح هذا السخط بين قبول بما هو قائم مع انتقاده إلى رفض للوضع القائم من منطلقات أيديولوجية وصولًا إلى القطيعة الكاملة من منطلقات دينية. لكن هذا السخط يقتصر فقط على صفحات التواصل الاجتماعي دون امتداد مماثل على أرض الواقع في مسيرات أو اعتصامات أو أية مظاهر اعتراضية من تلك التي يكفلها الدستور نفسه، والسبب معروف وهو القبضة الأمنية.
إذن، هذه الشريحة الساخطة إلكترونيا — إذا جاز هذا التعبير — من الشباب تقتصر في ممارستها على الفضاء الإلكتروني باعتباره الوسيلة الوحيدة المتاحة للتعبير عن الرفض دون تحمل أية تبعات، على الأقل في المستقبل المنظور...!!
وهذا يعبر عن الحيرة في أجلى صورها، وهذه الصورة الأكثر انجلاء هي السؤال: "ماذا أفعل؟!"، أو بالعامية المصرية: "أعمل إيه؟!".
هناك مشكلة، وهناك شعور بالسخط إزاء المشكلة، وهناك إدراك كامل بالكيفية التي يتعين استخدامها لحل المشكلة الرئيسية وهي سوء الأوضاع العامة في البلاد، ولكن العائق فقط هو أن هذه الكيفية سوف تؤدي إلى إشكالات كبيرة لمن يستخدمها في حل المشكلة الرئيسية.
ولهذا السبب انتشرت السخرية...!!
انتشرت السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة للتنفيس عن الحيرة والقهر دون تحمل تبعات كبيرة أو مواجهة الحذاء الأمني الثقيل في الشوارع.
الجيل الأكبر سنا لا يكف عن انتقاد الأوضاع، وعن التحسر على الزمن الماضي الذي كان جميلا، ولا يقارن بأي حال من الأحوال بالواقع القائم. ولكن عندما يبدأ الشباب في محاولة تغيير الوضع القائم، نجد أن كف أصحاب الأعمار المتقدمة في المجتمع هي التي توضع على أفواه الشباب منعا لهم من محاولة التغيير، والمبررات كثيرة ومتعددة، ومن بينها الخوف على الشباب من اليد الطولى للأمن. وعند السؤال عن كيفية حل هذه المشكلات بعيدا عن التحرك على الأرض في مواجهة الطغيان وسوء الأحوال، يأتي الرد: "ربنا يعمل اللي فيه الخير" في محاولة لإضفاء طابع إيماني على النكوص، ولكنها في واقع الأمر حيرة، وكذلك يعود السؤال ليدور على ألسنة الكبار: "ما العمل؟!"، والإجابة: "ربنا يعمل اللي فيه الخير"...!!


الحيرة... دلالات
دلالات الحيرة على الذهنية المصرية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد كثيرة ومؤلمة في الواقع. هذه الحيرة تدل، من بين ما تدل عليه، على الجبن الذي بات السمة الأساسية في الممارسة العامة — والحديث هنا ليس عن الممارسة السياسية — لكثير من أفراد الشعب؛ فالشخص الذي يضيع حقه جراء الرشوة والمحسوبية لا يتحرك خشية أن يفقد المكتسبات الراهنة بين أيديه بسبب تحديه "الكبار" في المجال الذي يعمل فيه. ويأتي في السياق نفسه السكوت على ممارسات الفساد التي يراها المرء تجري أمام عينيه عملا بالمبدأ الأحمق القائل "كل عيش وانت ساكت".
الحيرة كذلك تدل على أن قطاعات كبيرة من المصريين باعوا ما يمكن أن يطلق عليه "الالتزام الأخلاقي" منذ عهود؛ فالكثيرون لا يتورعون الآن عن فعل ما كانوا ينهون عنه في وقت سابق، إذا ما كان في هذه البيعة مكسب كبير لهم. هكذا بكل بساطة يتخلى المصريون عن "الالتزام الأخلاقي"؛ فالذي كان ينتقد الانتهاكات الحقوقية في السابق بات يؤيدها حاليا؛ لأنها تحقق له مكاسب. هكذا إذن بات كثير من المصريين بدون التزام أخلاقي.
الجهل كذلك من بين ما تدل عليه حالة الحيرة في الواقع العام المصري. هل المصريون جهلاء؟! كلا، ولكنهم باتوا يتحاشون المعرفة لكي لا تعريهم أمام أنفسهم وتظهرهم بلا التزام أخلاقي؛ حيث بات الكثير من المصريين لا يتابعون ما يجري من تجاذبات بين القوى السياسية الحاكمة والمؤيدة والمعارضة، والسبب هو عدم الرغبة في معرفة مقدار سوء وفداحة الوضع القائم؛ الجهل في سبيل الرغبة في استمرار المعيشة على أي وضع تكون عليه البلاد؛ فالمهم هو المعيشة... ولو كان الطريق هو الجهل؟! لا مشكلة في أن أكون جاهلا طالما سأكون مرتاحا، وهو ما يذكرني بقول المتنبي "وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم"...!!

الإيمان بعد معرفة البيان...
المصريون حيارى، وهذه الحيرة لا تقل عن حيرة الجن، ولكن من آمنوا من الجن كانوا أفضل من كثير من المصريين في الوقت الحالي. والسبب؟! السبب هو أنهم عندما رأوا الوحي الإلهي واستمعوا إلى القرآن الكريم ورأوا فيه الهداية، آمنوا به، وحلوا إشكالية الحيرة وأجابوا عن السؤال الوارد في الآية الكريمة: " أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا".
العقل الرشيد يسير بالمنطق؛ لذا، عندما وجد الجن ما يجيب عن تساؤلاتهم، أمنوا به. لكن المصريين عجزوا في قطاعات كبيرة منهم عن التحلي بهذا العقل الرشيد. فلم يسعوا ولم يبحثوا مثل الجن مثلما يقول المفسرون في أنهم أخذوا يبحثون في الأرض إلى أن وصلوا إلى الوحي الإلهي فأمنوا به.
لم يسع الحيارى من المصريين لذلك؛ لم يبحثوا بل صموا آذانهم بغية العيش وكفى. تخلى المصريون عن العقل الرشيد،؛ فمنهم من جعل عقله يستقيل، ومنهم من قتل عقله، ومنهم ومنهم، ومنهم... فازدادوا حيرة وابتعدوا عن العقل الرشيد.
هل المصريون أقل من الجن حتى يبحثوا ويصلوا إلى اليقين الذي يجيب عن تساؤلاتهم؟! ربما بالفعل لأن الوضع القائم يؤشر إلى هذا، وإلى حين نجاح المصريين في القفز فوق حيرتهم سيبقى السؤال السائد هو: أشر أريد بأهل مصر أم أراد بهم ربهم رشدا؟!
وما من إجابة... عند الكثير من المصريين... لا كلهم...!!



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصداء
- كلمات
- من أورويل إلى أبو زيد... حرب تبوير العقول...
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (3)
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (2)
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (1)
- ليرحل الطاغية... حملة -تطهير- لإسقاط الفساد من حكم مصر...
- شيكاجو الأسواني... -أنا فقط-...
- تنظيم الدولة الإسلامية... ملاحظات فقط
- لصوص
- التعايش في المنطقة العربية... المستحيل بعينه...!
- من يوميات إنسان...
- يوم القبض... مسرحية من مشهد واحد
- قمقم...!!
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (5)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (4)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (3)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (2)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (1)
- 30 يونيو... كنت هناك... وهناك أيضًا...


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - المصري وحيرة الجن... أشر أريد بأهل مصر؟!