أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العقل وإشكالية صناعة المعرفة














المزيد.....

العقل وإشكالية صناعة المعرفة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 02:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن أن نتصور للمعرفة وجود خارج العقل كون العقل هو المنتج الطبيعي للمعرفة وفيه تصنع من خلال أدوات العقل الكلي بشقيه الفطري المطبوع والمصنوع, ولا يمكن أن نعد التجربة الحسية أو المنقول الخارجي عن العقل مصدرا لها إن لم يمر من خلال أدوات العقل ونظامه العملي,نحن لا نتجنى على المعرفة الحسية كما يتجنى البعض على العقل فلو كانت التجربة الحسية قادرة لذاتها وبقواها أن تنتج معرفة لكان العقل قد ترك مكانه لها وأنتفت الحاجة له.
وحتى في مسألة تعقل المنقول وإدراكه وفهمه ومنه التجربة أيضا نجد العقل حاضرا بقوة لتحويل هذه التجربة والمنقول الخارجي إلى مفردات وعي بها أولا ثم تحويل هذه المفردات إلى مفاهيم معرفية تشارك العقل المصنوع في أنتاج معرفة لاحقة من خلال التراكم المعرفي وتحوله إلى رصيد يبقى في مختزن العقل العميق أو الوسيط وحتى الحديث منه.
وقبل الاسترسال في البحث لا بد لنا من أن نفهم المعرفة وصورها تبعا لما تنتج به,فهناك معرفة فطرية وهناك معرفة مكتسبة,كما أن هناك معرفة بديهية وهناك معرفة تعليلية ,ومن المعرفة ما هي من الثوابت التي لا تتحول ولا تتغير ولا تتبدل وهناك معارف تحويلية تتبدل حسب التطور المعرفي التراكمي,وهناك معرفة خاصة وهناك معرفة عمومية,وأخيرا هناك المعارف الكلية وأخرى جزئية,هذه التقسيمات ضرورية لبحث معنى المعرفة كونها نتاج بشري متولد من حركية الإنسان في المحيط بالقوة الذاتية وما تفرضه قوانين الفيما حولية التي لها محورية هامة في تحصيل وبناء المعرفة.
المعرفة كمفهوم ليست إلا نتاج حصيلة الوعي بالوجود الشيئي وطريقة معالجة التوافق بين الوعي وبين الوجود,فهي قيم نظامية ونظام قيمي يوضح ويفسر ويبرر ويعالج إشكالية الوجود وتحصيل الطريقة المناسبة للتعايش بين الوعي بجميع صوره وقوانين الواقع الوجودي الشيئي على أس البقاء ليس أكثر,وقد يتطلب البقاء عند البعض الأرتقاء بالواقع فتتحول المعرفة من معرفة بسيطة وجزئية إلى محاولة أن تكون معرفة مركبة وكلية وهنا يتدخل العقل المصنوع للوصول إلى حالات الكمال الوجودي.
كل المعرفة وبكل تصنيفاتها لا تعدو أن تكون أما تبرير للوجود أو فهما له أو التعايش مع قوانينه أو الأرتقاء عنه بأستخدام كل الممكنات الذاتية التحصيلية والفطرية بما فيها المسخرات الطبيعية للوصول إلى حال متقدم ومتجاوز للواقع بدرجة أو أخرى,وهنا تبرز قيمة العقل كونه الأداة لهذه المحاولة وبه يتمكن الإنسان من تجريد التجربة من إطارها الذاتي الواقعي لتتحول إلى مفهوم عام قادر على تلبية شروط المحاولة والتلاؤم مع المعطيات الضرورية والموضوعية لها.
لو لم يكن العقل ضروريا أبتداءً لصنع المعرفة لفقد الإنسان تميزه الخاص عن بقية المخلوقات ولأصبحت مثلا البهائم ومن خلال التجربة ذات فهم معرفي خاص تتطور به لتحل محل الإنسان في محورية وجوهر النظام القيمي الكوني الشامل,وهذا بافتراض أن للبهائم عقولا بحدود الحاجات وطالما أن هذه المقدمة العقلية تسمح بتحويل التجربة إلى معرفة فيكفي أن يكون للبهائم حق أن تكون هي المحور في النظام القيمي وتتمحور حولها بقية المخلوقات بما فيها الإنسان.
إن تجريد العقل الفطري من محورية صنع المعرفة تقود إلى تناقض طولي رهيب بما يقوله العقلانيون أنفسهم من أن التجربة المتأتية من الحس والعلم وحدها هي التي تجعل من العقل مخلوق متكرر دائما بتحديث أنظمته من خلال ما يتحصل من التجربة الحسية والعلمية,وبذلك ينكرون دور العقل الفطري المطبوع في تهيئة وتقديم التجربة للعقل المصنوع لكي ينتج منها المعرفة المستحدثة.
مثلا يقدم لنا التيار العقلاني،الذين يبني تجريده على أساس المنطق القائل,إن العقل لا يخضع لغير العقل، وإن التجريد بالنسبة له، يعني تحرير العقل من الموروثات اللا علمية عن طريق الركون إلى العلوم الإنسانية،التي من شأنها الارتقاء بالعقل،وإعادة تخليقه في كل مرة تتقدم فيها تلك العلوم من خلال وصله بها,فكيف يخضع العقل للتجربة دون أن تكون أولا مادة عقلية للتعقل الطبيعي.
لابد للمعرفة أن تمر عبر العقل وتخرج من جعبته قيمة حقيقية وإلا لكانت نوع من أنواع العبث النفسي أو الفعل النفسي الحسي المنفعل مع موضوع ما أن يراكم ويتراكم مع مقدماته ويتصل بنتائجها ليولد منظومة قادرة على التوفيق بين الوعي الوجودي الشيئي وبين الواقع الوجودي لتتأطر هي ذاتها تحت أطار النظام القيمي الحيوي, وبالتالي فالعقل بشقيه الفطري والمصنوع كلاهما ينتج معرفة من خلال التكامل والتواصل وأستخدام قوانين كل منهما المشتركة والمختصة,والقول بغير ذلك مجرد هرطقة خالية من الدليل العلمي الذي يتوافق مع العقل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية ... قصيدة للغائب الأتي والرحيل المزمع
- هل العقل موجود حقيقي ؟.
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح1
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح2
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح3
- قصاصة ضائعة _ قصة قصيرة
- معيار التمييز بين العقلي والديني
- العقلانية والدين
- مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني
- التاريخ بين الأسطورة والتزييف
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- الممكن في حكومة اللا ممكن ..................... العبادي وتحد ...
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 2
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 1
- كيف نقرأ النص تأريخيا
- نقد التجربة الدينية , نقد في النقد
- نشأة الدين بين العبقرية وبين حقيقة الوحي
- عار التأريخ وخطيئة الإنسان
- فنتاستك _ قصة قصيرة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العقل وإشكالية صناعة المعرفة