أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مريم نجمه - بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لبنان - 3 - 7















المزيد.....


بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لبنان - 3 - 7


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 01:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات – لبنان 3 – 7
أوائل المسيحية في جنوب لبنان قديمة كما ذكرنا في البحثين السابقين منذ القرن الأول إلى السابع الميلادي , ثم انتشروا إلى كل ربوع لبنان , إلا أن الموارنة لعبوا دوراً حيوياً ونشيطاً وفعّالاً في تقويتها وانتشارها , إبتداء من قرنة السوداء – وقرنة المنيطرة حتى الساحل الشمالي ومنطقة البترون ومنطقة جبيل .. حتى أصبحت المسيحية عنصراً مكوناً جوهرياً من ثقافة لبنان , فعلينا أن ندرس تراث شعوبنا من جذوره و في عمقه لتكون الصورة واضحة تقريبية في تسلسلها الزمني .
......

يبقى الموضوع ناقصاً إذا لم نتكلم عن المسيحيين الموارنة وأصلهم وتسميتهم ومحطات سيرهم وانتشارهم , ودورهم في نشوء وبناء الأديرة والكنائس والرهبنيات والمكتبات والمطابع , وفي جذور لبنان التعددي الديمقراطي وإيمان شعبه الحي .

.... عندما نتكلم عن الأديرة والكنائس في لبنان ولا نتكلم عن الجذور ونواة المسيحية فيه يفقد الموضوع خصائصه وفرادته ونكهته الروحية , فإلى جانب الطائفة الأرثوذوكسية والسريانية المارونية والكاثوليك واللاتين والأرمن والكلدان والاّشوريين والبروستانت .. هناك 18 طائفة مسيحية أخرى – ومقرات للكراسي البطريركية , والمطرانيات المتعددة ......


مار مارون أبو الموارنة ؟
لنبحث قليلاً في صفحات التاريخ القديم للمسيحية وانتشارها عبر الصراعات المذهبية والفلسفية , والإضطهادات , لكي نصل إلى المواقع والجبال التي شيدت عليها المحابس والقلاّيات والأديرة وأعطت وأنتجت قديسين وقديسات وعباقرة وأدباء وشعوب تعشق الحرية والكِتاب والفن والموسقى والشعر والتاليف , حيث الإقامة في ذرى جبال لبنان ومغاوره الاّسرة * , وحيث الترانيم مع عبق البخور توشح أشجار الأرز والغابات .. !
--------

من هو مار مارون ولماذا سُميوا موارنة ؟
من شمال سوريا إلى وسطها إلى معاقل جبل لبنان !
هو مارون القورشي المعروف بأبي الموارنة , سيم راهباً سنة 405 ميلادي , عاش في ذرى جبل قورش في ( سوريا ) في منسك للأوثان , لكنه عاد وهدمة مع السكان ليشيد مكانه أول كنيسة مارونية في الشرق .
كان مار مارون يعظ الشعب الوثني قبل تقبله المسيحية , ويدعوهم لترك الأساطير وقبول تعاليم السيد المسيح . عُرف عنه إيمانه الأرثوذوكسي ** بالمسيح ( وهي التسمية الأولى لمسيحيي المجمع الأفسسي , ثم الخلقيدوني الذي اعتبر أن للمسيح طبيعتين إلهية وإنسانية ) .
ذاعت شهرة مار مارون حتى عمّت أقطار الشرق كلها , وصارت صفوفاً من السورين واللبنانيين تتحلق حوله تستمتع بمواعظه وتلتمس بركته , وكانت تحصل منه على شفاءات ليست جسدية فحسب وإنما أيضاً نفسية .
ولما اشتد ضغط النساطرة عليهم يدعمهم ملوك بيزنطية , توجه الموارنة وبطلب من مار مارون إلى منابع العاصي وجبل لبنان . وما يؤكد على الهجرة تشابه أسماء الأديرة والطرق والقرى والبلدات في سورية ولبنان كما أوردنا في البحث السابق .
هامة مار مارون مدفونة في إيطاليا !
توفي " أبو الموارنة " في مقر صومعته في جبل قورش سنة 433 م وقيل سنة 410 . وقد حدث نزاع عظيم بين الموارنة أنذاك على جسد مار مارون , ويروي تاودوريطس , أسقف قورش , أن سكان بلدة مجاورة لجبل قورش انتصرت على الاّخرين واحتفظت بالجثمان . ويروي المؤرخون أن هذه البلدة قد تكون ( القورشية ) لأن فيها بقايا إحدى وعشرين كنيسة من الجيل الرابع والخامس والسادس , عدا عن وجود هياكل وثنية فيها , هذا بالإضافة إلى المدافن والأبراج والحمّامات والقلاع ...
ويعتقد أن الجثمان دفن مؤقتاً في هذه البلدة , لكن وبسبب إضطهاد النساطرة ثم اليعاقبة للموارنة خاف كبير رهبان سورية يوحنا مارون على قبر القديس مارون . فحمل هامته بعد قرنين ونصف القرن من موته إلى دير مار مارون الكبير في الرستن , بين حمص وحماه حيث المقر الماروني الأكبر , في سوريا وهناك جمع الراهب يوحنا الكبير زهاء 800 راهب وحمل الهامة المقدسة ليستقر في لبنان , إذ عين بطريركاً على الموارنة سنة 685 م , وقام مع الرهبان بدفن مار مارون في بلدة كفرحَيّ . وشيد فوق الجثة دير " ريش مارون " , أو رأس سيدنا . واللافت أن هذا الراهب قبل أن يصبح بطريركاً في كفَرحَيّ , كان أسقفاً في صمّار جبيل في بلاد البترون وبجانبها بلدة راشانا التي تفسيرها " ريش أونا " أي رئيسنا هنا , فهل دفنت الهامة المقدسة في راشانا مؤقتاً وقبل انتقاله إلى كفرحَيّ ؟؟؟
المهم أن هامة مارون ظلت مدفونة في كفرحَي إلى أن زارها راهب بندوقي نسبة إلى البندقية والراهب تابع لجمعية القديس مبارك , والغريب أن هذا الراهب الإيطالي استطاع أن يحصل على هامة مارون ويعود بها إلى مقر جمعيته في مدينة فولينو بإيطاليا , وهناك استقبلت بحفاوة ودفنت في المدينة , صارت محجة لمسيحيي الشرق والغرب على حد سواء . ويناشد عبدالله أبو عبدالله في موسوعته " تاريخ الموارنة ومسيحيي الشرق عبر العصور " قداسة الحبر الحالي كي يستعيد موارنة الشرق الذخيرة الأقدس والأثمن , كما ويناشد الكاردينال نصرالله بطرس صفير , ورئيس الجمهورية اللبنانية لإستعادة هذا الذخر الثمين وإرجاعه إلى دير مار يوحنا مارون كفرحَي , باعتباره حقاً مقدساً للموارنة عموماً وللبنانيين خصوصاً .
موطن الموارنة
في إشارة إلى موطن الموارنة حسب مسيرتهم الإيمانية والإضطهادات , أن محطات هذه الطائفة المسيحية , كانت عند مصب نهر العاصي في ولها امتدادات إلى عكا ساحلاً , أي بين جبال اللكام شمالاً وجبال الجليل جنوباً ,.
بعد انتشار المسيحية , قامت بطريركية إنطاكية لتشمل أقاليم المشرق وأسقفياتها , وكان عدو الكنيسة أباطرة روما وعلى رأسهم الطاغية نيرون , ( 54 – 68 ) وصولاً إلى قسطنطين الذي اعتلى عرش روما سنة 312 وقد اّمن بالمسيح بناء على طلب ودعوة والدته هيلانة , وبعد وفاته صارت مدينة ( إنطاكية ) عاصمة الشرق وكنيسته .
في وقت كانت روما تتحضّر فيه لتصبح عاصمة الغرب وكنيسة الكثلكة , وبدل أن يجمع الإيمان بالمسيح هاتين القوتين ,, بدأ الجدل البيزنطي وظهرت البِدع واكفهّرت سماء الكنيسة بسبب تلك المجادلات اللاهوتية التي كلفتها أثماناً باهظة - كما نوّهتُ عنها باختصار في بداية البحث عن لوحة لبنان - ومن أبرز تلك البدع :
1 – الأريوسية :
وظلت قائمة هذه البِدعة حتى القرن الرابع , أسسّها كاهن من أصل ليبي يدعى ( اّريوس ) , وقد استطاع هذا الراهب بشدة ذكائه وكثرة علمه أن يستميل أساقفة صور واللاذقية وبيروت وفلسطين . وأريوس أنكر ألوهية المسيح والذي أوقف هذه البدعة في الكنيسة كان القديس باسيليوس الكبير والقديس يوحنا فم الذهب . ولم يطل الأمر وظهر مبدع جديد في بلاد ما بين النهرين هو( نسطور ) .
2 – النسطورية
قال نسطور : إن مريم العذراء أعطت المسيح بحكم الولادة أي " الطبيعة البشرية " . وأرسطو يقول : لا يمكن أن يكون هناك طبيعة من دون وجود شخص ( إنكار الطبيعة الإلهية ) .
وقد تاثر بكلامه ونظريته معظم رجال الدين في الإمبراطورية الرومانية , وبنوع خاص من تأثر بأرسطو وبأفلاطون . وبصاحب نظرية البسط والإنشراح اللبناني الأصل أبيقورس , , وانتشرت فلسفة نسطور في مصر وروما وإنطاكيا وصولاً إلى سوريا ولبنان , لتستميل فيما بعد عقول كهنة موارنة بل وبعض قادتهم , لكن الملك قسطنطين اللحيان كان له الفضل في التصدّي لهذه البِدعة .
3 – اليعقوبية :
هي إستمرار للنسطورية , إذ تبنت افكارها وفلسفتها , وفي سنة 517 قام اليعاقبة باقتحام دير مار مارون الكبير , وكذا فعلوا سنة 694 فقتلوا قسماً من الرهبان , وهجّروا القسم الاّخر , ولحقوا بهم إلى لبنان , بعد أن دمروا كل أديار الموارنة الواقعة في طريقهم على نهر العاصي . وكم مرة وخلال أجيال استطاع اليعاقبة خرق صفوف الموارنة , لكنهم عادوا وتوحدوا , بل وقدموا أوراقهم للكرسي الرسولي في روما ليثبتوا أن إيمانهم أرثوذوكسي قويم .

الموارنة تستوطن جبال لبنان
لقد أشرنا بأن الموارنة جماعة , أو حزب شكّله القديس مارون في كل من لبنان وسورية ,,, الإمبراطورية المستعمِرة أنذاك كانت بيزنطية الذي عانى منها شعوب المنطقة و الموارنة خاصة الأمرّين والذي دعم اليعاقبة في حروبهم على الموارنة , وتنازع على إحتلال هذه المنطقة الفرس مع اليونان ( بيزنطية ) , ثم الرومان , ولما جاء الفتح الإسلامي العربي الجديد , رأى الموارنة أن جبال لبنان تصد هجمات الغزاة الجدد أكثر من سهول وهضاب سورية , لذا شكلت الجبال معاقل حصينة لهم , مشكلين فرقاً عسكرية عرفت بأسماء مختلفة وقفت على الحياد من كل الفئات المتصارعة , واعتزلت في الجبال متسلحة بصلابة الإيمان وقوة السلاح , ,, بعد حين عاش الموارنة في ظل دولة الإسلام عهوداً مشرقة وذلك نتيجة المعاهدات بين العرب والروم , ولا يخفى على الدارسين بالغ الأثر على العلاقات العربية المارونية بسبب تحكيم معاوية بين الموارنة واليعاقبة .
تحكيم معاوية
على الرغم من المعاهدات الكثيرة التي جرت بين العرب والروم , ألا أن الموارنة ثمنوا موقف معاوية في تحكيمه بينهم وبين اليعاقبة إلى اليوم . إذ حضر في العام 658 رهبان دير مار مارون الكبير في الرستن , ليفصل الوالي معاوية وقبل أن يصير خليفة بينهم وبين اليعاقبة وبعد سماعه مناظرة الفريقين , أفحم معاوية اليعاقبة بأن يدفعوا له عشرين ألف دينار وبأن يلزموا الصمت ,,
فرق الموارنة المسلحة
خيل الروم , أو ما اشتهر بالمردة : هم جماعة من الجند كلفها جنود بيزنطة حماية الثغور اللبنانية من هجمات الفرس والعرب , وبعد توقيع العرب معاهدات سلم مع الروم , أيام هارون الرشيد ومعاوية , قضت المعاهدات بانسحاب هؤلاء من لبنان بعد أن قضوا قرونا فيه , فهان عليهم تركه ورفضوا الخروج من لبنان , وقد تمردوا على دولتهم وانضموا إلى الموارنة فعرفوا بإسم " المَرَدة " .
الجراجمة :
وهم سكان بلدة الجرجومة والتي نشأت فيها الموارنة , لجهة أقصى الشمال قرب إنطاكيا , وانقسم الباحثون في شأنهم . منهم من رأى أن الجراجمة هم المردة أنفسهم ومنهم من أكد على أنهم موارنة في الأصل وليسوا من خيل الروم .
المارونية موئل الحريات .. ونسّاك الشرق الأوائل
يقول القديس أرونيموس : إن هيلاريون كان أول من تنسّك , وبلاد لشام لم تعرف ناسكاً قبله .
أما المناسك الأولى فقد انتشرت في لبنان , وتحديداً في ( وادي قنوبين ) أو قينوبيون , وهي لفظة يونانية وتعني المنتدى أو المجتمع . و ( قاديشا ) التي تطلق على الوادي هي لفظة سريانية تعني المقدّس ,,, وهناك جبل المنيطرة وتعني باليونانية حظيرة الغنم , أو مكان تنسك ورهبنة . وانتشرت المناسك والصوامع في جبال لبنان من شماله إلى جنوبه , وصولاً إلى قانا الجليل , مروراً بجبل لبنان الذي استاثر بحصة كبيرة منها حتى أطلق عليه " جبل النساك " .
ومما يذكر المؤرخون أن ناسكاً إسمه أرسمس إنطاكي الأصل , هرب من ظلم الإمبراطور ديوقيسليان في مطلع القرن الثاني الميلادي , وعاش سبع سنوات في لبنان ثم غادر إلى إيطاليا . ويروى أيضاً أن إبنة الملك الروماني صاحب قصر حردين , المعروف اليوم بمعبد مركوريوس , أمنت بالسيد المسيح وانتقلت لتعيش متنسكة في إحدى مغاور البترون , ومرة قالت لوالدها الملك عندما قام بجر المياه من نبع نيحا إلى القصر ، ما فعله كان بفضل الله وعنايته - و حسب الاساطير .. لم يؤمن والدها بذلك !

مدارس النسك الأولى
عرف العالم المسيحي ثلاث مدارس نسكية وهي :
- المدرسة القورشية : وصاحبها ابو الموارنة القديس مار مارون , ومقر هذه المدرسة في سورية وتحديداً في جبل قورش .
- المدرسة الثانية : فقد كانت في بلاد ما بين النهرين ( نصيبين ) - من رموزها القديس يعقوب النصيبيني الكبير الذي توفي سنة 338 م .
- والمدرسة الثالثة : وهي مدرسة القديس أنطونيوس الكبير المصرية ( 250 – 356 ) - وللقديس أنطونيوس الفضل الكبير في جمع النساك في أديرة جماعية , إلى أن طلب الكرسي الرسولي من النساك الإنفتاح على المؤمنين ومساعدتهم في حلول مشكلاتهم والعيش بقربهم .
وكان على الناسك أن يلبس المسوح أو جلد الماعز ويعيش في العراء على الأرض أو فوق عمود مثل عمود القديس سمعان ( بلغ طوله 36 ذراعاً وبنى فوقه كنيسة وصفها الأب مارتين اليسوعي بأنها الأعظم شأناً والأكثر فخامة في الشرق وربما في العالم أجمع ) . وذكر أن أتباع مار مارون لم يكونوا فقط من الرجال بل إن نساء كثيرات اشتهرن بأنهم أكثر تنسكاً وزهداً من مثل مار مارون , وقد بلغ عددهن في عهد مار مارون ممن تنسكن من الفتيات
250 متنسكة !

جبال لبنان " مستوطنات رهبانية " !
كان لا بد , وبعد انتشار المناسك وازدياد عدد الرهبان الذين انقطعوا لعبادة الله , من قيام الكنائس والأديار في بادئ الأمر , كان الرهبان يشكلون في الجبال تجمعات أطلق عليها إسم : " إكليزيا " , وهي تعني مجمع للعامة في اللغة اليونانية , من هنا كانت المجامع الأولى للمسيحيين من أجل الصلاة ولم يكن أمامهم أفضل من الأقبية المهجورة والمغاور والكهوف بعيداً عن عيون الوثنية . وفي القرن الثالث سمح للمسيحيين أن يمارسوا عباداتهم بحرية . فصار لديهم الكنائس الصغيرة التي قامت في الأماكن العامة ويعلوها أجراس من الخشب , ولاحقاً من النحاس , ومع بداية القرن الخامس أي الفترة التي نزح فيها موارنة سورية إلى جبال لبنان كان لزاماً عليهم السكن مع مسيحيي لبنان في الجبال وبنوع خاص في جبّة بشرّي وجبة المنيطرة . وقامت الكنائس والأديار المارونية منذ تلك الفترة وتوزعت في شمال لبنان وفي جبيل وحتى على سواحله ونذكر منها : دير مارت مورة إهدن , دير قنوبين , دير مار مارون كفرحيّ , سيدة إيليج في ميفوق , دير حوب , دير كفيفان , وحردين , كما وتوزعت الأديار في مناطق الشوف والجنوب مثل الجية والنبطية دير ميماس ومشموشة والبرامية قرب صيدا الخ .. ..... وتحولت هذه الأديار إلى مستوطنات رهبانية مندفعين بقوة الإيمان حيناً وبوفاء النذورات والتماس الشفاءات حينا اّخر , وتهرباً من الضرائب المرهقة في أحيان كثيرة . وصارت أديار الرهبانيات المارونية منارات علم وتقوى , وجد فيها الفلاحين ضالتهم وحاجاتهم كالمدرسة والمشفى وباب الرزق والملاذ ومكاناً للتعبد والصلاة , وتهافت السوريون الهاربون من الإضطهاد ات لينخرطوا في صفوف الرهبانيات اللبنانية , ناذرين أنفسهم رهباناً ومنهم من جاء للعمل وللإحتماء في ربوعها .
أوقاف الأديرة
ما أن وطئت قدم الموارنة أرضاً إلا وتحولت إلى بساتين غناء وحقول مليئة بالأشجار المثمرة مثل أغراس الزيتون واللوز والعنب , كما وخصصوا مساحات شاسعة لزراعة الخضار والحبوب لاسيما القمح والبطاطا والذرة وصار المشايخ والحكام يغدقون على الأديرة أراض وأملاك غير مستصلحة , وجاء الفلاح ليساعد الرهبان الذين ما برحوا يشمرون عن سواعدهم ويستصلحون الأرض إلى جانب الفلاح لأنهم نذروا العفة والطاعة والفقر واشتغلوا بالزراعة وتربية القز , وتربية النحل وبعض الصناعات اليدوية . وزادت أملاك الأديرة شيئا فشيئاً .

دور الرهبانيات المارونية وانتشارها عبر القارات الخمس
لكن وعلى الرغم من ازدهار الرهبنة بيد أنها واجهت أعداء من الخارج حيث كثرت أعمال النهب . لقد مرت الرهبانية في لبنان بكثير من الإعتداءات والنهب والحرق والتعدي والتنكيل بالأديرة والرهبان وخاصة ايام الفتن والحروب -
وواجهت انشقاقات داخلية كثيرة إلى أن أخذت استقلاليتها المدعومة من قرارات الكرسي الرسولي . وظلت الرهبنة اّخذة بالتوسع والإزدهار متخطية مصاعب جمة ولا ننسى تلك الفتن التي وقعت بين أبناء الوطن الواحد راح ضحيتها الالّلاف بين ( 1842 – 1860 ) وأحداث 1975 – والحرب الأهلية التي دامت 15 عشر عاماً - وقد سقط شهداء الموارنة في سوريا ولبنان خاصة حاصبيا وراشيا وجزين ومناطق في الصيدا والشوف , وكان أن ذبح على إثرها 50 راهباً وتم حرق وتهجير الأديرة .
أحداث عام 1975

خلال الأحداث الدامية التي عصفت بلبنان سنة 75 , اعتبرت الرهبنة المارونية نفسها معنية في التدخل لحماية المسيحية اللبنانية والدعوة إلى وقف القتال بين الإخوة . هذا وقد قدمت الرهبنة كل دعم للمتضررين والمعاقين بسبب الحرب , إلى جانب المأوى والمساعدات العينية والخدمات وغيرها ..
أهم قديسو المسيحيين الموارنة
القديس شربل مخلوف – القديس نعمة الله الحرديني – القديسة رفقا الريس -

من أسماء المطارنة في لبنان :
الّاباء المطران يوحنا شديد , يوسف سلامة , إبراهيم الحلو , بشارة الراعي , طانيوس الخوري , بطرس الجميّل , المطران نصرالله صفير , المونسنيور بوغنينيان , إيلي بشارة .
وكذلك خلال الحربين العالميتين فتحت الأديرة ابوابها لكل ابناء الوطن وبكافة طوائفهم وكانت توزع الخبز والطعام للمحتاجين ولما نفذ مالها رهنت أملاكها للدولة الفرنسية , وكوفئ رئيس عام الرهبنة وقلد رئيس لبنان أنذاك وساماً مذهباً ولم تكتف الرهبنة فيما بعد بانشاء الجامعات والمدارس الراقية في لبنان مثل دير الكسليك وجامعته الشهيرة , ومدرسة مشموشة وشكا وميفوق ودير كفيفان , بل أشاحت بنظرها إلى بلاد الإغتراب تريد أن تسهر على جالياتها وترعاها , فأقامت الكنائس والأديرة في القارات الخمس .
*****

- هكذا ..... , فالفكر الديني في لبنان القديم كان قد هيأ تقبّل الدين الجديد , بالمعتقدات والطقوس بين الدين القديم والمسيحية ( التثليث , الصلب القيامة الفداء ووو ... ) , فالمسيح الكوني كان ولازال مثبتاً عند كل الشعوب – المسيح التاريخي والزماني والبشري والإلهي .... . فخصوصية العلاقة بين الشعب والتراث ويسوع التاريخي أعطت لموقع لبنان الجغرافي أهمية ودوراً مؤثراً في تجذر المسيحية , وقوتها وفرادتها وخصائصها المحلية -
فيحق لنا أن نتكلم ونكتب أكثر فأكثر عن التاريخ والجذور وشعوبنا التي تُستأصل من عقر دارها بالقتل والسلب والسبي والإغتصاب والسرقة . واجبنا الأخلاقي والإنساني , الأخوي والوطني , العلمي والتربوي والثقافي , أن نكتب ونكتب عن ماضينا وماضي شعوبنا الأصيلة المتجذرة في شقوق الجبال والصخور صلاة وهربا وحماية وحرية
في عصر الإستلاب والإقتلاع والمستوطنات والمخيمات للشعوب الحرة للهنود الحمر العرب ,علينا أن ندافع ونندد - وننشر تاريخنا الشعبي المضئ للعالم تاريخنا الذي كتب بالدماء والدموع والقهر والفقر والإمتحانات القاسية . فلا تلوموننا اصدقائي القرّاء على الإطالة والإسهاب في تدوين وتوثيق ما أحببنا أن نوثق وننشر للعالم , هو لوحة وجزء من ماضينا وحقوقنا وحضارتنا وخلفياتنا الإيمانية , هدفاً للتغيير ومواكبة العصر في الكلمة والإبداع والخير والجمال , نقوم في الإضاءة على جانب من التراث العريق لأجيالنا والإنسانية عامة , نقوم بالتضحية بوقتنا واجتهادنا وراحتنا لكي لا نبقى صامتات وسلبيات ’ وتبقى المعلومات مُخزنة ومخبأة إلى حين الطباعة , وربما لا تتحقق الطباعة على حياتنا أو تسرق وتتبعثر كما تبعثر الكثير من مؤلفاتنا ودراساتنا , فقد نشرت نصف مؤلفاتي على منبر الحوار المتمدن لأنه ملك الشعوب الحرة وذاكرة المناضلين الأحرار والمضطهدين والمكافحين من أجل سلام البشرية ورغدها والمستقبل الأفضل ,, فلتزيد وتضيف الأجيال من بعدنا ما بدأنا ويطوروا ما يلائم تفكيرهم وتطلعاتهم وعصورهم .
-----------
نفس المصادر السابقة
--------------------
* مغارة قاديشا , وصوت موسيقى شلال الماء المتدفق منها في أعلى جبال لبنان , إندهاش ومناظر ولا أبهى إنها الجنّات على الأرض !
** الأرثوذوكسية = المستقيمي الرأي
مريم نجمه – هولندة



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح ...
- تعابير ومصطلحات وكلمات جديدة ؟
- الذات الإنسانية .. رقم - 3
- شهادات من الداخل السوري - الروائية سمر يزبك - 4
- تفريغ العراق ليس بالجديد !
- الثورة الجديدة ! ؟
- أعرف بلادك - الخانات في سوريا - حلب - 1
- فلسطينيات : فلسطين في القلب - 2
- لا يوجد عائلة في سوريا إلا وزار أفرادها السجن - من اليوميات ...
- يا شعوب المخيّمات اتّحدوا - يوميات - 68
- من اليوميات .. أحملوا تاريخكم على ظهوركم - 67
- بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لوحة لبنان ؟ 2 - 7
- بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لوحة لبنان ؟ 1 - 7
- هولنديات - 9
- بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لوحة مصر جزء 2 - 6
- من هو الفنان فرّج عُبّو ؟ - 2
- تعريف : من هو الفنان فرَج عبّو ؟ - 1
- ( ( هجمة عيد الصليب )) ؟
- شهادات حيّة من الداخل السوري , الروائية سمر يزبك ؟ - 3
- من اليوميات : لقد انتصرت الجريمة على القانون ؟ - 66


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مريم نجمه - بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لبنان - 3 - 7