أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - ( ( هجمة عيد الصليب )) ؟















المزيد.....

( ( هجمة عيد الصليب )) ؟


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 12:06
المحور: سيرة ذاتية
    


" هجمة عيد الصليب " ..؟
كنا ثلاثة , والطريق طويل والمكان بعيداً عن القرية . الوقت فجراً حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل لم أكن أملك ساعة يد بعد , لم أنظر إلى المُنبّه الصغير في بيتنا .
نظرت من نافذة بيتنا المُطّلة على الطريق العام , في مواجهة ساعة دير سيدة صيدنايا البعيد عنا , علني أتعرّف على الوقت ؟ لا يَهِّم .
كنت قد رتبّت الأمور من مساء البارحة , سلّة القشّ الكبيرة وصفيحة التنك , مع الفوطة ومنشفة للكتف وكيس الزوّادة ( قطعة بذنجان مكدوس وبضع كُرات من اللبنة بالزيت مع رغيف الخبز التنوري ) . لم تكن والدتي وديعة موجودة في البيت ذاك اليوم , ومنذ يومين قبله , حيث كانت قد أشرفت على الموت , نتيجة نزيف وعملية إجهاض قد أجراها لها الدكتور فؤاد الخوري طبيب القرية - في بيتنا وليس في العيادة , , وبعدها نُقلت إسعاف لمشفى الفرنسي بدمشق !
... لم تكن صيدنايا بعد تمتلك أي مركز صحي أو مشفى للتوليد - جدتي لوسيا أخذت مهمة الإشراف علينا في غياب الوالدة , ودّعتها قبل أن أمشي في مشواري المُبكّر , وطلبتُ منها أن ترسل أخي الكبير ( شحاذة ) لمساعدتي في قطاف التين أو نقله للبيت عند نهوضه من النوم صباحاً , حيث بقية إخوتي جميل وقسطنطين ونبيل ما زالوا صغاراً - ودّعتها بعد أن باركتني ونبّهتني بأنني مُبكرة جداً في مشواري !
رسمت إشارة الصليب على وجهي , سرتُ بحماس وفرح , بدأت أسرع لاكتساب الوقت . الموعد كان برفقة صديقاتي : فايزة درغام الهامس , وسلوى نجيب الهامس إبنة عمها – كانتا أكبر مني عمراً قليلاً – لكن , كنا زميلات مدرسة واحدة " مدرسة الدير للراهبات " .. , و من حيّ ومنطقة واحدة ولقاءات مستمرة مع بعضنا ومع الأهل والجيرة , وبقية الأخوات نور نجيب الهامس وعطف الهامس صديقات الطفولة والمدرسة والأشغال اليدوية ,, فالبلدة كانت صغيرة , والناس عائلة واحدة , تعرف بعضها البعض , وتتاّزر بالأعمال الجماعية , منفتحة على بعضها في حياة قروية بسيطة هادئة نظيفة ,, لم يكن المال والمعايير المادية والغنى غير المشروع , قد لوّثت النفوس والأخلاق بعد , وخلقت الفوارق الطبقية الصارخة الغير سليمة وغير طبيعية . كانت العلاقات في صيدنايا نقية كهوائها وصخورها وأرضها المزروعة غلالاً وثماراً ومحبة .


---
كانت صديقتي فائزة بانتظاري , طرقت باب الحوش الخشبي ففتحت لي , لم يكن منزلهم الريفي بعيداً عن بيت أهلي - حوالي 30 متراً - حملت سلتها ومشينا صعوداً لبيت عمها القريب من القلعة في ظاهر البلدة , , الطريق حجري ترابي مرصوف لم يكن قد عُبّد بعد , وقناة ماء المطر الرفيعة في وسطه – طرقنا الباب فخرجت سلوى ومعها سلتها وزادها أيضاً , مشينا بصمت وهدوء على غير معرفة بالوقت ..
كانت الكلاب تعزف سيمفونيتها المعتادة , كلما سمعت خطى غريب في الطريق . كان عواؤها متقطعا وعالياً أحياناُ , وأحيانا مستمراً وهامساً , وقد أخفينا خوفنا في داخلنا دون أن نبوح بذلك , فحملت كل منا الحجارة بيديها للطوارئ , وحظّنا قوياً أننا نملك بعض الخبز , إذا هاجمتنا لإسكاتها , فقررنا أن نلقي لها بعض فتات الخبز فتنصرف بعيداً عنا و لم تقترب منا , بعضها هرب واختفى بعيداً , وبعضها بقي داخل الأحواش الصيدناوية القديمة المفتوحة الفضاء , حيث أطراف البلدة وبيوت تعود لأصحاب المواشي , من غنم وماعز لعائلات نعرفها , كبيت الدبوري وعمتي وردة عساف وخليل نجمه , وحميد وعسلية ,,


انحدرنا , وأكملنا سفح الرابية نزولاً إلى منطقة ربعتا , الطريق ترابية حجرية , غير معبّدة وغير مستقيمة , التواءات وانحناءات وأكواع وطلعات ونزلات , وحُفَر .
على يميننا يقع جناح دير( سيدة صيدنايا ) الغربي وحديقته , وشمالنا " مقبرة بربارة " للطائفة الأرثوذوكسية , ومغارة القديس مارسابا – مشينا بمحاذاة سورها , وقد هيأنا بعض الخبز اليابس إذا اعترضتنا الكلاب الشرسة , وكنا لا نرغب أن يرانا أحد في مثل هذه الأوقات ليلاً ..
المكان له " وهرَة " كما يقال عندنا في صيدنايا , أي خشوع مع إنقباض الأعصاب , لكننا مع بعضنا الثلاثة قوة , فلا نخاف من أحد , فالبلدة اّمنة يجللها الأمان والسلام , ولا حوادث تحرّش فيها أو اعتداءات , بل بالعكس أمان واطمئنان . كان المجتمع حينها في منتهى الأخلاق والتربية والبساطة , لاغرباء ولا مخابرات ولا اعتداءات ,, قطعنا مَنطرة ربعتا العالية والبعيدة عنا وتجاوزنا " بئر ربعتا " أو بئر البستان - في أسفل التلة تركنا طريق الحَصى والحجارة والعقبات الصخرية , وقد أصبحت الطريق أكثر ترابية وسهولة وأضيق مساحة أصبحت كل واحدة منا تمشي وراء الأخرى نمشي بحذر وخوف غير مُعلن . امتدّت أمامنا كروم منطقة سهل وسفوح " حرارة " علينا أن نعبرها , المزروع بشجيرات العنب والتين الذي هو امتداداً لأرض الشرق ,, فكل هذه الحقول من الفرديس وربعتا وحصبنيّا وحرارة وحويا وبئر الشرق وحتى حدود البستان وأرض بَدّا مزروعة بحقول التين والعنب وبعض الأشجار المتنوعة , , تفصلها عن بلدة رنكوس السلسلة الجبلية الماحاذية لنا من ناحية الغرب : القلعة , وأم البزيزيات " مار تقلا " , وحرارة وتلال حويا الخ ....


فجأة ونحن نسير على ضوء القمر بحذر وسرعة , تراءى لنا خَيَال يهتّز على بعد أمتار منا , وكل واحدة لا تجرؤ أن تعلن عن خوفها , فالوقت الثالثة صباحاً تقريباً , والدنيا ليل ونسير وحدنا في صمت الطبيعة حولنا , نحن في أواخر أيلول و أول تشرين ووووو يا إلهي : أحمِنا !
كل واحدة تمسك قلبها بيدها , كل منا يتخيل شبحاً ما , أو أحداً ما , حتى وصلنا قربه , وإذ بغصن شجر التين العالية فوق الطريق المحاذية للمارة , يهزها الهواء فتعطي للبعيد صوتاً وصورة لدى الإنسان الخائف , تصورات غير موجودة إلا في العقل الباطن , وقصص الجدّات المخيفة عن الكهوف والجنيّات والغول وووو...., إنها الطفولة !


شكرنا الرب , بعد أن هدأ روعنا , وثابرنا السير الطويل , فالمسافة مازالت بعيدة للوصول لكرومنا , وأرضنا . مشينا ومشينا , وإذ فعلاً لا تخيلاً ولا جنّياً , لقد كان أنساً وليس شبحاً !
.... تراءى لنا شخصاً قادماً من بعيد , اتضح لنا جيداً كلما اقترب نحونا أكثر , فاستمرينا بالسير بكل ثقة و بشكل طبيعي دون خوف لأننا ثلاثة وقوة .., اقترب أكثر فأكثر لأن الطريق واحد , وإذ بأحد الشباب الفلاحين من بلدة رنكوس أو من بلدة بدا لا ندري ؟ يحمل أشياء , وسلة بيده (أجبان خضار حليب !؟ ليبيعها في سوق صيدنايا , ألقى تحية الصباح بكل أدب وبشكل طبيعي جداً , فبادلناه بالمثل , واستمر بالسير نحو قريتنا , وقداستدركتُ , و قلت له يا أخي من فضلك : إذا شاهدت شاباً هو ( أخي ) في طريقك فقل له أننا سبقناه وقد شاهدتنا , ولكي نطمئن أكثر , خاصة شاهد السلال والتنك والأحمال بأيدينا , اّه يا إلهي لقد اطمأنت قلوبنا من المفاجاّت ورحلة الليل التاريخية ..! ماذا بعد ؟؟؟

لم نصل بعد , ما زلنا نمشي ونمشي ولم يطلع الضوّ . نسيم الفجر يلامس وجناتنا دون اسئذان وخوف , يصافح جباهنا ووجوهنا فيزيدها نعومة وحرارة .. فنشاط الصبايا كالغزلان في الروابي .

صعدنا التلة الأخيرة في دربنا الطويل , يقال لها الطلعة ( طلعة حُويا ) , ثم استدرنا نحو اليسار مشينا مسافة طويلة , ثم أخذنا ننحدر إلى أراضينا المتجاورة التي نقصدها , وأخيراً أخيراً وصلنا حقولنا , استقبلتنا الكروم المحمّلة بأكاواز التين الناضجة الصفراء المحزّزة , التي ينقّط منها العسل كدموع الحمام السكرية ..
تنادِينا شجيرات التين المُثقلة بالثمار اليانعة الهاجمة كشموع العيد عيد الصليب 14 ايلول –

هيّا إلى العمل ايتها الصبايا ,
كل واحدة منا اتجهت لأرضها , وضعنا الزوّادة وحاجاتنا تحت جذع أحد أشجار التين , وبدأنا نقطف الثمار ونعبئها بالسلال , ثم سطحناها على الأرض , أي فرشناها واحدة بجانب الأخرى - بعد أن مهدنا مساحة ترابية نظيفة حصوية , وبعد أن قطفنا حوالي ثلاث سلال وأكثر حتى , أشرق نور الشمس علينا من بين الصخور المحيطة بنا , تنادينا قبل أن تعلو الحرارة الجو , فاجتمعنا بالوسط نتناول الفطور الشهي الفريد من نوعه بالمكان والزمان , وجو الفرح فرح الإنتاج يعلو وجوهنا – فرَدنا الخبز والمكدوس واللبنة و الجبن .. مع التين والعنب , كل واحدة على منديلها بما جلبت معها , كل منا شاركت زميلتيها بما لديها , وبعد انتهاء الطعام أكملنا الجني كل واحدة بحقلها ..

لم نرجع سوية كما أتينا - فالمساحة والمحاصيل تختلف - لا أدري في أي وقت تركتُ الحقل ورجعتُ للبيت عصراً , , فالطقس جميل والشمس والهواء الجبلي ينعش الخلايا ويملأها بالحيوية والنشاط ..
كم هو ممتع ولذيذ قطف تين الفجر , تين الصباح , نديّ مقطّر بالعسل , فزراعته بعلية , مسقية من ماء المطر , وندى الليل , الثمار صفراء كالبرتقال , سكره طبيعي , لا يؤذي الجسم بل هو دواء وفيتامين للصحة .
يقول المثل الشعبي : العين هي التي تشبع " . فعلاً , في كثير من الأحيان التي أذهب فيها لقطاف التين والعنب , أحضرها للبيت دون أن أذوق ثمرة واحدة إلا بعد جلوسنا مع الأهل !!
بفرح ونشاط كنت أقطف وأقطف وأجني وأجمع الثمر , سلة سلتان ثلاث أربع .... عشرة سلال وواحدة للبيت لأهلي للطعام ..
أما التنكة التي جلبتها معي , فقد عبأتها من التين المجفف اليابس تحت أشعة الشمس الذي كنت قد سطحته في الأسبوع الماضي فنقلته معي للبيت . مع سلة التين الخضراء .. وأنا أنتظر أخي ليساعدني ويحمل معي ... ,, أصبح الوقت ظهرأً , بعد الظهر , عصراً , لم يحضر أخي ؟ ففقدت الأمل بمجيئه فما لي غير الإعتماد على نفسي , فهذا الكتف معتاد على الحملان والأثقال لا تخافي التعب يا مريم ... الله بعين !
---

حقيقة إن أهلي لا يملكوا أرضاً في منطقة الشرق سوى هذه القطعة البعيدة التي اشتراها والدي الياس من بيت خالتي سارة - ميخائيل نجمه ,, ثم باعها بعد أن تزوجتُ - فكل كرومنا وحقولنا الخمسة موجودة في منطقة الغرب , قريبة نسبياً لحدود البلدة , بظرف ساعة زمان أذهب وأرجع بسرعة حاملة السلال على كتفي فجراً أو عصراً , فلست بحاجة أحد للمساعدة –
نادراً ما شاهدت والدتي أو أحد من إخوتي يذهب للبرية في مثل هذه الأعمال أو يرافقني , عدا والدي الذي كان يورّق الكروم وأنا برفقته لجمع الأغصان كما أتذكر , للخروف المُعدّ للذبح في نهاية الصيف أو الخريف لصناعة " القاورما " - حيث أكثر أوقاته مسافراً خارج البلد إلى فلسطين أو دول الخليج أو الجزيرة السورية -

غريب , كيف كنت أنا الوحيدة في بيت أهلي منذ صغري , أتكفل بكل قطاف العنب والتين اليومي للطعام والهدايا وصناعة المربى ووووو ... , وقطف السمّاق وحدي , أتساءل بيني وبين نفسي في كثير من الأحيان !؟؟ – عدا يوم سطح العنب بعد عيد الصليب الشرقي 28 أيلول , حيث كانت تذهب كل العائلة والأقارب ترافقنا , برفقة الدابة حمار بيت عمي جريس - لحمل الأغراض الملازمة للسطح : الماء والسلال والطعام والزيت واللكن النحاس وغيره من مستلزمات عمل الزبيب من العنب لتحضيره لصناعة الدبس .. !!
-------

بعد أن انتهيت من تحويش جميع الأشجار , من كل هذا الحقل الكبير والإنتاج الضخم , وأنا وحدي بمفردي , وسطحت الكثير منه على الأرض البحِصة النظيفة , بعد التمهيد لها وفرش أكياس الورق تحتها , استوقفتني طويلاً ( 5) أشجار من الحقل ذات الحمولة الكبيرة والمُعمّرة بتاريخها وثمارها وأغصانها المرتفعة , أصعد وأنزل بخفة من غصن لغصن " كالقردة " , غصونها قوية تحملني رغم وزني الضئيل , وتطيب لي وأنا في البرية , لأقتل الوحدة والوقت والروتين , وأخربش الصمت من حولي , أن أردد بعض الأغاني الريفية , فيجود الصوت مع الحلا , ويزداد النشاط وأحلام الصبايا الوردية البعيدة ...
أحيانا أقطف وأنا واقفة على الأرض , فهي تمرين رياضي للرقبة والنظر للأعلى واليدين وكل الجسم , رياضة طبيعية , فالوادي أو المنحدر الذي نحن فيه بعيد عن الطريق والمارة , فالدرب المؤدية إلى بلدة رنكوس والتي تركناها ونزلنا لحقولنا - تمر من فوق وادينا للبعيد قليلاً بشكل نصف دائري , فالمنطقة الموجودين فيها تعتبر خزّان ومستودع مياه للتلال والجبال المحيطة , ولذلك من هنا خصوبة أرضها وتينها بالحجم الكبير وطعمها اللذيذ . فقريب منا يقع ( بئر الشرق ) القريبة مياهه لسطح الأرض .

أين اصبحتِ يا فائزة ويا سلوى ؟ كل واحدة انهمكت بالإنتاج إنها " هجمة عيد الصليب " كما يقولون في بلدتنا .. فلا مجال للإستراحة واللهو أو الإضراب عن العمل والتوقف . فالبركة في الثمار والنضج السريع والخير في أوجِهِ , وموسم عطائه , فلا حركة ولا ضجيج , سكون وهدوء تحيط بنا الروابي والحقول والشمس الدافئة .. والجبال وشعاب الكروم والتين مع الجوع والتعب , إلهي ما أشهى وألذّ الطعام مع حباّت من التين وعنقود العنب , وخبز التنور مع الجبن والمكدوس فطرنا معا تحت كعب الشجرة وأغصانها المورقة المحمّلة بالثمار الصفراء الناهية ,, جلسنا على أرض الحصى الرطبة , وقد كان أطيب فطور وألذه لنا اليوم , في بساط الطبيعة , وعلاقات الصداقة والأخوة , بعد وصولنا بساعتين وأكثر تنادينا للفطور المشترك أكلنا معاً مع الصمت والهدوء , الا من صوت الطيور , نعمل ونقطف الثمار على دندنات أغانينا القروية ننادي بعضنا البعض بين حين واّخر فترد الجبال صدى أصواتنا ,, يا لها من رحلة لا تتكرر .
سلة سلتين ثلاث , وها هي الثامنة والعاشرة , نقلتها الى " المسطاح " وفردتها أمانة للشمس كي تتجففها على حصى الأرض النقية النظيفة , ولتباركها نقدات العصافير وطيور الوادي , فنسيم الهواء الجبلي ينعش الرئتين والصدر ويطرد التعب والخمول والكسل . نحن بنات الريف لا نعرف ما هي الراحة والملل والخمول . فحياة القرية , نشاط وعمل وفرح العطاء والتفاعل .
---

بعد انتهاء الدوام في الحقل , عدت وأنا حاملة على كتفي ويدي التين المجفّف والأخضر الطازج , أستريح قليلاً وأرنّم عند كل رابية وصخرة .. فالتين المجفّف أثقل وزناً من الأخضر الطازج !

**
ما زالت رائحة تراب الأرض وأعشابها على جانبي الطريق , تعبق ذكرياتي وتلوّنها بكل لون وعطر أخّاذ , تعطي للمروج وسكان البلدة صحة ونشاطاً , وعمالها وفلاحيها صلابة وتجذّراً في الإنتماء ..
الحقول أمام ناظري عامرة بالموارد وجمال الطبيعة

أستعيد أيام مضت برفقة صديقتين جارتين , لا أدري بهما هل أحياء أم أموات .. لأستنشق عطر المحبة كما يقول المعلم والفيلسوف ماركس :
" يغادر المرء ماضيه وهو يضحك " .
العلاقة بين الفرد والجماعة , بين الإنسان والأرض علاقة عضوية ويومية , رابطة للأبد تغذي روحه وعقله وخياله ..
--

فعلا , كان يوم لا يُنسى , بأحداثه وفرادته وتوقيته وامتداده , يوم له تاريخ وذكريات , واكتشافات لقدرة التحمّل , ورفقة جميلة تطرد التعب والخوف ,,, إنه فرح الإنتاج الوفير وجمع المؤونة , وارتباط الإنسان بأرضه .. ومجتمعه .
الطريق طويل , صحيح , والأثقال والحمولة مُتعبة وكبيرة , لكن الأجسام القروية رغم فتوّتها الغضّة , تمرّنت على نمط الحياة , وتحمّل المشقات , والسير في دروب الوعر والتعب والنضال , فهي قدّها وقدودها !
فجداتنا وجدودنا مثال وأمثلة نحتذي بها ونعيش بكنفها ونتعلم منها حب الأرض والصبر والكفاح ..
مريم نجمه / هولندا



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادات حيّة من الداخل السوري , الروائية سمر يزبك ؟ - 3
- من اليوميات : لقد انتصرت الجريمة على القانون ؟ - 66
- شهادة حيّة من الداخل السوري : الروائية سمر يزبك - 2
- شهادات حيّة من الداخل السوري - الروائية سمر يزبك - 1
- يوم الغضب , من اليوميات - 65
- من اليوميات - كلهم عابرون - 64
- بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لوحة مصر - 1 - 5
- مروج الطفولة - الحدائق في صيدنايا القديمة -
- إعرف بلادك : الغوطة حاضنة الثورة - وريف دمشق السور - 1
- يوميات القهر والصبر والجمر - 63
- الحِرَف اليدوية في صيدنايا - 1
- من اليوميات - 62 أحمل العالم في رأسي
- ثقافتي ? - 1
- فلسطين في القلب .. إكراماً ليوم الأرض 30 اّذار
- سهر - رسائل للوطن
- صلّيت اليوم ماركسية - 2
- سريانيات - من التراث السرياني - 7
- هولنديات - أطفالنا - 5
- بلادنا موطن الأديرة والفكر والمكتبات - لوحة العراق جزء ثاني ...
- همسات نسائية .. للمرأة في عيدها - 3


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - ( ( هجمة عيد الصليب )) ؟