حمودة إسماعيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 09:57
المحور:
كتابات ساخرة
يخلق من الشبه أربعين، مقولة عامة تحولت لقاعدة طوبوملامحية لتأكيد التقارب الشبهي بين البشر، وذلك على المستوى الجسدي/الفيزيولوجي وخاصة شكل الوجه. لكن بين مؤيد أو مصدق وبين مكذب لهذه المقولة، يتفق الجميع على أن الناس يشبهون نسبيا لأناس آخرين.
يخلق من الشبه أربعين، ذهب البعض في اعتقادهم بصحة المقولة حد جعلها "مقدسة" كمقولة تعود بأصولها لنبي الإسلام الذي ينطق بكلام السماء حسب الديانة الإسلامية. إن قوة المقولة تكمن في صدقها نوعا ما، وهذا ما يفسر سعة انتشارها وسبب تبوثها لقرون بالثقافة الجمعية العربية، حتى تم جعلها نصا مقدسا يكشف عن ظاهرة سوسيولوجية.
يخلق من الشبه أربعين، يذهب غالبية الناس إن لم نقل جميعهم، لربط الشبه بين الأفراد في المقولة على المستوى السطحي (الوجه)، لكن حقيقة الأمر أن المقولة لا تنطبق بتاتا على هذا المستوى، بل تنطبق على المستوى السيكولوجي والثقافي. ففي العالم : يخلق من الأبله أربعين، يخلق من الغبي أربعين، يخلق من السفيه أربعين، يخلق من المستغل أربعين، يخلق من البيدوفيلي أربعين، يخلق من المتحرش أربعين، يخلق من المكتئب والحزين والمتدمر واليائس والفاشل والسيء والوغد أربعين وخمسين وستين وثمانين وألف ومليون. هناك فائض في قيمة الناس الذين يجعلون شكل الحياة والوجود أسوأ؛ على العكس من ذلك، لا تجد في الجميل والرائع والحكيم والأنيق واللبق والفنان والحساس والذكي أربعين، هناك فقط إثنان أو ثلاثة أو حتى أربعة : فقط تذكر بين من تعرفهم أو من تلتقيهم أو من يتواجدون حولك : ستجد من الفئة الأولى أكثر من أربعين، والفئة الثانية إذا وجدت فيها أربعين فأنت شخص محظوظ.
هل سبق وسمعت ب"علي بابا والأربعين عالِما" أو "علي بابا والأربعين مفكرا" أو "علي بابا والأربعين فنانا" ؟ هناك فقط "علي بابا والأربعين حرامي" .. إنه عالم أولاد "حرمية"، فقط كيّف نفسك مع هذه الحقيقة.
#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟