أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (50)














المزيد.....

منزلنا الريفي (50)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4477 - 2014 / 6 / 9 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


زيزو وخيخو

تستيقظ زيزو قبل انبلاج الفجر، ولا يدور في خلدها سوى شيء واحد، ألا وهو التوجه إلى البئر قبل أن تسبقها إليه جارتها خيخو، هذا البئر المتهالك – الواشك على الانهيار يدعى بئر جبوجة ، ويقصد بهذه الكلمة شجرة زيتون عجفاء، يعتقد السكان المحليون أن الجن يستوطنها، لهذا يخشون المكوث تحتها ما بين العصر والمغرب . في فصل الشتاء يكون البئر وافر المياه، سرعان ما يجف في فصل الصيف، زيزو تنظر بحقد إلى خيخو، تسفه حياتها، وتعتبرها رفيقة إبليس، أما خيخو فتنسب حوافر الحمير التي وجدتها ذات يوم بالكسكس إلى زيزو . حرب ضروس تدور بينهما في السر والعلن . ذات مرة ذهبت خيخو إلى البئر فجرا، وإذا بها تشرع في إدلاء سطلها، حتى داهمتها أكوام من الحجارة الراشقة، خمنت خيخو جيدا، فخلصت أن صاحب هذا الفعل هو الجن، فأختها سوسو سبق أن هاجمها جني أسود قرب مرجة يعمها السمار حاثا إياها على الزواج به، أحست سوسو برعشة عظمى كلفتها شهرا كاملا مغماة عليها . لم تعاود خوخو المجيء إلى البئر، ولكن زيزو هي من فعلت هذه المكيدة، وهكذا توفقت زيزو في الاستيلاء على البئر، كانت تعتقد أنه في ملكيتها، بما فيه الجن الذي يسكنه، والضفادع التي تأوي فيه، وكانت من حين لآخر تنثر الملح حماية للبئر من الجن الشرير، في حين كانت تعتبر الشجرة زيتونتها المفضلة . أما الصخرة الرابضة جوار البئر، فمن جحورها تصطاد السلاحف لاستعمالها في الشعوذة والسحر، وخاصة قحفها وفراقش رجليها، إنها تفعل ذلك لتنويم خصومها، وجعلهم يعوون كالذئاب البرية، وخاصة هؤلاء الذين يعارضون مشاريعها ومخططاتها، فجهلها المعرفي وحقدها الدفين، ونزعتها نحو السيطرة، كلها دوافع تحثها على المضي في فعلها، على الخصوم أن يركعوا، وإذا لم يفعلوا ذلك سيموتون بشكل بطيء، أو يعيشون مغفلين أبد الدهر ، فأكبر خصم بالنسبة إليها هو زوجها المدعو الشويطين، لقد أنامته منذ سنين، أي منذ تلك الفترة التي أراد فيها أن يتزوج خيخو، فلم يعد نشيطا، لقد أصبح كالكلب الثمل، وتوقف القضيب عن الانتصاب، وبات رخوا يأبى الحركة، لكنه يكون فعالا أثناء المضاجعة الليلية، فيكفيها أن تزيل ملابسها، حتى ينتصب كأنه سهم نفاث . لقد كان بمقدور زيزو أن تناوله غسيل الموتى، وأن يموت ببطء كالملدوغ، لكنه زوجها، تريده لها، صحيح أنه كان ينهرها، فتحس بأنوثتها، لكنه الآن صار خنوعا مستسلما، وإذا ما رفع رأسه يوما، ستكون الضربة القاضية، هذه هي المرأة في قمة جبروتها وعنفها، فلا يكفي الملاحظة السطحية، وإنما الغور عميقا فيما يختلج النساء من ممارسات ماكرة وشريرة تسفك بالإنسانية، وتترك الرجال عبيدا في حضرة سيداتهم، لا يقوون على الاستقلال، ولا على الانتفاضة، ولا على الخروج، فلا يكفي التنطح والزعم بالهيمنة الذكورية، للمرأة هيمنتها وسيطرتها، وهذه السيطرة، لا تكمن في القوة، بل في المكر والمكيدة . لا يتوانى زوجها في ترديد تعويذاته القرآنية، فبات يرددها قرب القبور كالأسطوانة المبحوحة، ولا يتأخر في استعمالها في طلاسمه السحرية، فهو يفك المشاكل و العكوس ، مع العلم أنه لم يحل مشاكله منذ أن تناول حوافر الحمير وأذن الكلب وقحف السلحفاة، فأصبح ينتمي لقبيلة آل حمرون تارة، وتارة أخرى إ يراوح مكانه بين قبيلة آل كلبون وآل سلحفاتون . أحيانا يمزج بين النهيق والنباح، وأحيانا أخرى بين النباح والكعيص . زيزو امرأة خمسينية، قضت حياتها في غرفتها السرية تصنع العجائب، وفي غرفتها العلنية تتظاهر أنها لطيفة، ومثيرة للشفقة كامرأة متسولة، لقد تجلد وجهها، وصغر حجمها، وباتت مقرفة، من عينيها يطفح الشرر، وعلى يديها مكائد وحيل من الحقد والضغينة، لا تعرف فن الحياة، ولا تصنع شيئا يبث السلام، فكم شتائل الموت غرستها، وكم ضروب الإخفاق صنعتها، لقد دبرت مكائد كثيرة حالت دون التقاء أحباء، وخربت أعشاشا، ومزقت عدة حبائل بنظرة شيطانية تزرع الذعر، وتسفك الحلم . زيزو عدوة السلام، نابذة للطبيعة، كارهة للإنسان، سافكة بالحيوان، كل فجر حينما تنتهي من سقايتها تتبول في البئر، فتأتي خيخو أثناء الصباح ، فتلعق الماء ككلبة من كلباتها، وفي فجر اليوم الموالي تطهر الماء بالملح . هكذا تنظر زيزو إلى الأمور، فبمكرها حرمت خيخو من الزواج، فهذه الأخيرة شارفت الخمسين ومازالت على حالها لم تتزوج، هذا ما قالته لها الطلاعة ذات يوم : زيزو هي من وضعت حوافر الحمير في الكسكس للحيلولة دون زواجك "، ولا تكتفي بالحوافر، فهي تربي الكلاب لقطع أذنيها، كما تتصرف معها بوحشية، فهي تأخذ هراوة ضخمة، وتشرع في ضربها على وجهها بكل قسوة، فالكلب الأسود مازال ماثلا أمامي بعد أن انكسر فكه السفلي، وتقوس فكه العلوي، وهو يهرنن متذمرا تاركا أمامه بركة من الدماء، زيزو تفتقد للشفقة، يخيل إلي أنها ليست امرأة، تفتقد للأنوثة، للجمال ...هذا هو سر حقدها، تزوجت رجلا، أراد أن يخرج عن طاعتها، فلجمته، ولجمت نفسها إلى الأبد، الرجل لا يمكن لجمه بالقوة، ليس بالسحر، فلا سحر يعلو على سحر الحب، لكنها تفتقد للحب، فالأنوثة منعدمة...هذا سبب دمارها وعبثية حياتها .

08 يونيو 2014 / بنسليمان – المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرائش الريح
- باراكاااااا
- سنابل و أغلال
- سوسن
- منزلنا الريفي (49)
- منزلنا الريفي (48)
- منزلنا الريفي (47)
- سخرية في صحراء الحمى
- منزلنا الريفي (46)
- منزلنا الريفي (46)
- منزلنا الريفي (45)
- منزلنا الريفي (44)
- هواجس ساخرة
- غدا سأولد من جديد
- الوداع
- مشاهد من المستشفى
- أريدها
- تمرد
- منزلنا الريفي (43)
- كلمات من دماء


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (50)