أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مقالة في ال (شپيغل) الألمانية عن أردوغان «القسيس والسلطان»















المزيد.....


مقالة في ال (شپيغل) الألمانية عن أردوغان «القسيس والسلطان»


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 00:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


«القسيس والسلطان»
ترجمة ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
مقدمة المترجم
لم يعهد مني قرائي الكرام أن أترجم مقالات، إلا أني رأيت في مقالة المجلة الألمانية الشهيرة (دير شپيغل) Der Spiegel (المرآة) في عددها الصادر في 5/5/2014 تحت عنوان «القسيس والسلطان» Pastor und Sultan ما فيه الكثير من الدروس للقارئ العربي.
والمقصود بالقسيس Pastor هو القس السابق والرئيس الألماني الحالي يوآخيم غاوك Joachim Gauck من ألمانيا الشرقية، وأحد قادة الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط نظام جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وسقوط جدار برلين، وتوحيد الألمانيتين. أما المقصود بالسلطان، فواضح معناه، إذ يعني رئيس وزراء تركيا ورئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان (باللفظ التركي: رجپ تيپ أرودوگان) Recep Tayyip Erdogan.
المقالة جاءت على إثر زيارة للرئيس الألماني لتركيا مؤخرا وتحدثه بحديث اعتبره الأتراك، لاسيما الموالون لأردوغان وحزبه الإسلامي (حزب العدالة والتنمية)، تدخلا في شؤونهم وتناولوه بالنقد اللاذع والرد العنيف.
المهم في المقالة، وما جعلني أهتم بترجمتها، هي تسليط الضوء على سايكولوجية وطريقة تفكير أردوغان، وهي سايكولوجية وطريقة تفكير وخطاب شبيه بكثير من سياسيينا، ليس آخرهم رئيس وزراء العراق نوري المالكي، والرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي، كما هي شبيهة من بعض الأوجه بسايكولوجية وطريقة تفكير وأداء ڤ-;---;--لاديمير پوتين. وكذلك فيما تسلط المقالة الضوء على حقيقة توجهات حزب العدالة والتنمية (ذات الجذور الإخوانية)، الذي يتوهم الكثيرون اعتداله وديمقراطية توجهاته، بينما أراه پراغماتيا تكتيكيا، بل وباطنيا، يحاول إخفاء تشدده الإسلاموي. وإني شخصيا أحمل هذه القناعة منذ 2006 كحزب إسلامي باطني، يتظاهر بالحداثة، وفي حقيقته متشدد، وما دعمه للربيع العربي في جنبته الإخوانية، وليس الديمقراطية والشبابية، إلا دليل على ما أذهب إليه.
أترك القارئ مع مقالة الشپيغل، مقتصرا على الحد الأدنى من التعليقات التي سأضعها بين مضلعين [هكذا].
المقالة:
القسيس والسلطان
«إنه زعيم عظيم»، قال أحمد سكيپ، ثم أضاف: «طز بنصائح الأجانب، طيب أردوغان أعظم زعيم على الإطلاق». الرجال حول الطاولة في المقهى التركي (سون دوراك) في (سانت پاولي) في هامبورغ يهزون برؤوسهم مؤيدين لكلامه. أكثرهم متقاعدون. إنهم جاؤوا قبل سنوات عديدة من تركيا إلى ألمانيا كـ «عمال ضيوف» [المصطلح المستخدم للعمال الأجانب القادمين للعمل بعقود وفق اتفاقية بين حكومتي ألمانيا وتركيا].
إنهم معجبون برئيس حكومة تركيا رجب طيب أردوغان، رئيس وزرائهم. يرون أنه بقيادة أردوغان أصبحت تركيا قوية. بنى آوتوبانات (آوتوسترادات)، مستشفيات، مدارس. والأهم من كل هذا إنه يواجه الدول الأخرى بثقة عالية. «حتى الرئيس الألماني يعلم الآن أنه ليس من السهولة أن ينتقد تركيا» يقول سكيپ.
الرئيس الاتحادي [Bundesprä-;---;--sident التسمية الرسمية لرئيس الجمهورية أو رئيس الدولة Staatsprä-;---;--sident] يوآخيم غاوك انتقد الأسبوع الماضي [من تاريخ صدور عدد الشپی-;---;--غل الذي ظهرت فيه المقالة] في حديث له أمام عدد من الطلبة الجامعيين، شجب من خلاله التراجع الذي تشهده الديمقراطية في تركيا. انتقد الرقابة التي تمارس على الإعلام من قبل الحكومة التركية، وعمليات نقل المدعين العامين وأفراد الشرطة غير المرغوب بهم، وتعطيل اليوتيوب والتويتر. «هذا التطور يفزعني»، قال غاوك في كلمته. [كلام الرئيس الألماني صحيح كليا، ولكننا نعلم إن رئيس الدولة أو الرئيس الاتحادي كمنصب شرفي يبتعد عن الصراعات السياسية حتى فيما يتعلق بالشأن الداخلي لألمانيا، ناهيك عن ممارسته لنقد حكومة لدولة أخرى هو في ضيافتها لا يبعد أن يكون خارج اللياقات الپروتوكولية، لكن يبرر لأورپا التدخل في الشان التركي، ما زالت تركيا تتطلع للانضمام للاتحاد الأوپيي، وعندما كانت أورپا مجموعة اقتصادية قبل تحولها إلى (اتحاد) وقبل أن تتحول أسپانيا إلى الديمقراطية تتخذ نفس الموقف من أسپانيا، متحفظة على انضمامها للمجموعة، قبل أن تتحول إلى دولة ديمقراطية، بالرغم من أن أسپانيا دولة مسيحية بأكثرية شعبها.]
جاء رد فعل أردوغان سريعا. نعت الرئيس الألماني بـ «القس غاوك»، فقال: «القس غاوك تدخل في الشؤون الداخلية لتركيا»، ثم عقب: «هذا لا يناسب رجل دولة، إنه شيء قبيح». وصحيفة قريبة من الحكومة أظهرت كاريكاتير لغاوك يربط على زنده شريطا بالصليب المعكوف.
السياسة الألمانية أدانت شطط رئيس الحكومة التركي هذا. نادرا ما تحدث رئيس إحدى الدول الأعضاء في الناتو أمام الكاميرات بهذا الشكل السافر بلغة واطئة عن رئيس دولة من دول الحلف. «هجوم أردوغان ضد غاوك يعد خرقا للقواعد الديپلوماسية» حسب رئيس الپرلمان الأورپي مارتين شولتس Martin Schulz من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. بينما يجد أردوغان تأييدا بين أتباعه في تركيا وألمانيا.
في العاشر من آب ستنتخب تركيا رئيسا [رئيس جمهورية] جديدا. للمرة الأولى سيستطيع الأتراك المقيمون في ألمانيا الإدلاء بأصواتهم. أردوغان لم يعلن بعد ترشحه لأعلى منصب في الدولة. لكن ليس من أحد يشك في طموحه هذا. «بكل تأكيد سننتخب طيب أردوغان» ردد الرجال في مقهى سون دوراك في سانت پاولي.
رئيس الحكومة الواثق من نفسه (أردوغان) لم يعد يعطي كبير اهتمام لرأي الألمان. «التأثير [من قبل السياسة الألمانية] على الأحداث في تركيا تراجع بشكل ملحوظ»، يقول ناقدا السياسة الألمانية رئيس حزب الخضر [في ألمانيا] جَم أوزدَمير Cem Ö-;---;--zdemir [ذو الجذور التركية]. إن أردوغان قد أعلن أن يحكم عقدا إضافيا من الزمن، واستخدام لغة حادة ضد ألمانيا لا تضره في حصد أصوات الناخبين.
لأن قانون الأحزاب التركي يحرم على أردوغان بعد انتخابات 2015 أن يترشح للمرة الرابعة لرئاسة الحكومة [رئاسة الوزراء]، يذهب المراقبون إلى أنه سيتحول في الانتخابات الرئاسية في آب من هذه السنة إلى هذا المنصب [على نهج ڤ-;---;--لاديمر پوتين]. حاليا يتبوأ هذا المنصب حليفه وشريكه في تأسيس حزب العدالة والتنمية المحافظ (AKP) عبد الله غول Abdullah Gül. [إذن غير صحيحة دعوى حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون ونوري المالكي بعد وجود تحديد لعدد الولايات لرئيس الوزراء في أي دولة ديمقراطية ذات نظام پرلماني.]
لحد الآن مهام الرئيس التركي [رئيس الجمهورية] شبيهة بما هي عليه في ألمانيا [وفي عموم النظم الپرلمانية]، أي مقتصر على المراسم الپروتوكولية. أردوغان في حال فوزه في الانتخابات [الرئاسية] يرغب في توسيع صلاحيات الرئاسة بشكل كبير. «أردوغان يريد أن يحتفل في الصيف القادم بفوزه، من أجل أن يجذر سلطته» يقول غنجر أوزجان Gencer Ö-;---;--zcan، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيغلي Bigli. (ثم يعقب:) «من أجل تحقيق هذا الهدف لا يهمه أن يضحي بعلاقته بدول صديقة كألمانيا». ويتوقع أستاذ العلوم السياسية أن يذهب أردوغان إلى أبعد من هذا من الاستفزاز في الآونة القادمة.
أردوغان كان قد تعهد سابقا بالعمل على تصالح تركيا مع نفسها ومع جيرانها. مد يده لليبراليين، وقلص من صلاحيات الجنرالات، وخفف من الأزمة مع الكرد في الجنوب الشرقي للبلاد. عام 2005 فتح الاتحاد الأورپي باب التفاوض لدخول تركيا الاتحاد الأورپي.
بعض السياسيين يحولهم النجاح إلى التفرد، وقد أدى بأردوغان إلى أن يصاب بطمع وشهوة السلطة ورفضه الكلي للنقد [وهذا شأن معظم السياسيين في الشرق، ومن أمثلة ذلك نوري المالكي في العراق، ومحمد مرسي في مصر وڤ-;---;--لاديمير پوتين في روسيا]. معارضوه يسمونه تهكما بـ «السلطان». إن رئيس الحكومة أمر بملاحقة الصحفيين والطلبة والمعارضين السياسيين، الذين شاركوا في الاحتجاجات الناقدة للحكومة الصيف الماضي في پارك غزي Gezi. حاليا يقبع في السجون من الصحفيين ما يفوق عددهم حتى في الصين. عندما هزت فضيحة فساد الحكومة قبل أعياد الميلاد واضطرت ثلاثة وزراء إلى تقديم استقالتهم، بدلا من أن يقوم أردوغان بكشف وتوضيح القضية، عمد إلى نقل قضاة ومدعين عامين وشرطة.
ليبراليون أتراك مثل أيبرس غورغولو Aybars Gö-;---;--rgülü من الـ Think-tank Tesev في إسطنبول يتفقون مع غاوك في تقييمه. هم كذلك يرون الديمقراطية في تركيا مهددة من أردوغان. مع هذا يرى غورغولو إن الرئيس الاتحادي [الألماني] قد أضر بكلامه بالقوى الديمقراطية الصديقة لأورپا في تركيا، من حيث أراد أن ينفعهم.
صحيح إن كلام غاوك كان على سبيل المقارنة متوازنا. فقد ثمن موقف تركيا من لاجئي الحرب الأهلية من سوريا، وامتدح السياسة الاقتصادية التركية، قبل أن يتناول اتجاهات التسلط في تركيا. لكن انتقاد الرئيس الاتحادي [الألماني] قدم لأردوغان على الأرجح خدمة مجانية في معركته الانتخابية [المقبلة].
أردوغان دخل عام 2003 مبنى الحكومة كطائر يغرد خارج السرب. كثير من الأتراك يحيون صعوده كثورة مضادة. لم يكن ممثلا للنخبة العلمانية، ولم يكن خريج مدرسة Galatasaray Lycee، كما لم يكن وريثا لمؤسس الجمهورية أتاتورك. إنما من يحكم البلد هو ابن بحّار من آناتوليا.
خلال هذه الفترة استطاع حزب أردوغان AKP أن يتغلغل في آخر زاوية للدولة. مع هذا استطاع رئيس الحكومة (أردوغان) أن يعرض نفسه أمام مؤيديه بوصفه الرجل الذي لا يقهر. لم يعتمد الهجوم على اللوبي العلماني الكبير في تركيا، بقدر ما استخدم تهييج مشاعر مؤيديه ضد الأعداء المختلقين من الخارج. إنه بذلك يعمل على تشويه صورة أورپا، كما يقول أستاذ العلوم السياسية غنجر أوزجان.
في الصيف الماضي وصف أردوغان احتجاجات غزي أنها مؤامرة من قبل الاستخبارات ووسائل الإعلام الأجنبية واللوبي اليهودي الربوي. رئيس مستشاريه يغيت بولوت Yigit Bulut صعد من هذه الاتهامات بادعائه أن اللوفت-هانزا [شركة الطيران الألمانية Lufthansa] تقف وراء التظاهرات، بهدف الإضرار بالخطوط الجوية التركية Turkish Airlines. كما حذر من أن قوى أجنبية تخطط لاغتيال أردوغان بواسطة استخدام قوى روحية، والتي بواسطتها يمكن تحريك أشياء عبر قوى ذهنية.
اليوم أردوغان يقدم نفسه كمدافع شجاع عن تركيا ضد أي تدخل أجنبي. إنه يعول على أدنى المستويات من مشاعر الحماس عند مريديه بتصوير غاوك بأنه يعمل لصالح الملحدين العلويين المتواجدين في ألمانيا.
ألمانيا وأورپا تنظران إلى سلوك رئيس الحكومة التركي (أردوغان)، وهما عاجزتان. في السنوات الأولى لحكمه كان أردوغان يسعى للفوز برضا الأورپيين. بمساعدة الاتحاد الأورپي أبعد أردوغان الجيش عن السياسة، ومنح حقوقا أكثر للمجموعات الدينية، بما في ذلك المسيحيين. لكنه بعد ثلاثة نجاحات حققها في الانتخابات لم يعد يرى نفسه بحاجة إلى الاعتماد على بروكسل.
في نفس الوقت انخفض الحماس في تركيا للانتماء إلى أورپا بشكل ملحوظ جدا. المفاوضات غير المتحمسة للالتحاق بالاتحاد الأورپي خيبت آمال الليبراليين الأتراك. قبل عشر سنوات فقط أيد 73% من الأتراك دخول بلادهم في الاتحاد الأورپي. واليوم لا يتمنى ذلك نصف ذلك العدد.
المستشارة الألمانية آنغيلا ميركل Angela Merkel (الاتحاد المسيحي الديمقراطي CDU) بموقفها الرافض لقبول تركيا في الاتحاد الأورپي أفقد ألمانيا إمكانية التأثير على السياسة التركية. عندما قام أردوغان الصيف الماضي بإصدار الأوامر لشرطته لضرب الشباب المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية بالهراوات، وعندما قام في الأسابيع الماضية بإبعاد مدعين عامين غير مرغوب بهم عن وظائفهم، فبإمكان السياسيين الألمان أن يتنقدوا هذه الإجراءات، ولكن بدون أن يوجهوا عقوبات. «سوط العقوبات للاتحاد الأورپي فقد فعاليته بشكل كامل تجاه أنقرة» كما يعبر رئيس حزب الخضر أوزدمير Ö-;---;--zdemir [المنحدر من جذور تركية].
الضجة الأخيرة التي أثيرت على السلوك المثير لأردوغان لم تنتج إلا ردود الفعل المعتادة. سياسيو الاتحاد المسيحي الديمقراطي يطالبون بإنهاء مباحثات الانضمام كليا. «تركيا تتجه للابتعاد أكثر فأكثر عن معايير الستاندارد الأورپي»، حسب المرشح الرئيس للاتحاد المسيحي الديمقراطي CDU للانتخابات الأورپية داڤ-;---;--يد ميك آلستر David McAlister. البلد لم يعد مؤهلا لعضوية الاتحاد الأورپي. «المفاوضات مكانها أصبح في المجمدة»، كما صرح السياسي من الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) FDP آلكساندر غراف لامبسدورف Alexander Graf Lambsdorff لصحيفة الڤ-;---;--يلت Welt (العالم). ديلَك كوربان (قربان) Dilek Kurban من جمعية برلين الخيرية للعلوم والسياسة Berliner Stiftung für Wissenschaft und Politik يعتقد إن رفضا نهائيا من الاتحاد الأورپي لطلب تركيا بقبولها عضوا في الاتحاد سيجر أردوغان إلى لعبة جر الحبل، وبهذا يقامر الاتحاد الأورپي بفقدانه فرص التأثير على تركيا.
وزارة الخارجية الألمانية ترى بدلا عن ذلك ضرورة تفعيل محادثات طلب الانتماء. «يجب علينا الآن إلزام تركيا بالتباحث حول قضايا، كمبدأ دولة القانون، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام»، حسبما جاء على لسان وزير الدولة في وزارة الخارجية ميشائيل روت Michael Roth [لا يوجد لفظ الثاء بالألمانية]. «تصريحات أردوغان لا ينبغي أن تكون مبررا لوقف المفاوضات، بل بالعكس يجب علينا تفعيلها».
كذلك البعثة الأورپية عبرت عن رفضها للأصوات المطالبة بوقف المفاوضات مع تركيا. «وحدها عملية الانتماء المطمئنة تستطيع أن تساعد تركيا على تجاوز مشاكلها الراهنة» يقول أحد موظفي الاتحاد الأورپي المشاركين بعملية التفاوض.
سياسيون ألمان يعبرون عن مخاوفهم في أن ينقل أردوغان الأزمات من بلده إلى ألمانيا. الجدل حول زاراتسين Sarrazin وعمليات القتل التي مارستها الـ NSU (الخلايا السرية للحركة الاشتراكية القومية [النازية]) جعلت اللاجئين الأجانب يفقدون شعورهم بالأمان. كثير من الأتراك/الألمان يشعرون بعدم أخذهم بجدية فيما يتعلق بقلقهم من قبل سياسيين [ألمان] هنا في هذه البلاد. لذا تقفز الحكومة التركية لتملأ هذا الفراغ. أردوغان وضع نفسه في موضع الپاترون [الجزيء الفيزيائي المتذبذب في عملية استبدال مستمر للمواقع] للجالية التركية. في تجمع أثناء معركة انتخابية عام 2011 في دسلدورف Düsseldorf خطب في مريديه قائلا: «إني هنا من أجل أن أتفقد أحوالكم، وأطمئن على راحتكم. أنتم أبناء وطني، أنتم أصدقائي، أنتم إخواني.»
أردوغان يرفض أي نقد يوجه لحكومته من الخارج. ولكنه في نفس الوقت يقوم بحملة لعدة أشهر ضد ما يسميه بعملية محاولات تحويل إجباري لعقيدة الأطفال الأتراك المسلمين في أورپا. نائبه انتقد دروس الألمانية لأطفال المهاجرين، عادّا إياها «خرقا لمبادئ حقوق الإنسان». ويذهب إلى أن سياسة التذويب والتشتيت هذه للأقليات الدينية تعمق الهوة بين المهاجرين وأكثرية الشعب الألماني. [وهذا يعبر عن مخاوف الإسلاميين من الجاليات من أكثر بلدان العالم ذي الأكثرية المسلمة من الاندماج، ورفضهم له، خشية أن يضعف التوجه الإسلامي لدى أجيالهم القادمة، مصرّين على تربية أطفالهم وأحداثهم على منهج التزمت والانفصال النفسي والثقافي عن ثقافة المجتمعات (الكافرة) التي يعيشون وسطها في أوپا.]
هناك ما بين 1,1 إلى 1,3 مليون تركي يتمتعون بحق الانتخاب في ألمانيا. الجمهورية الاتحادية (ألمانيا) تعد بعد إسطنبول، فأنقرة، ثم أزمير، الدائرة الانتخابية التركية الرابعة. أردوغان استطاع أن يتقن زيادة التحشيد لمواطنيه في الخارج، وتوسيع دائرة دعايته الانتخابية في الجمهورية الاتحادية (ألمانيا). ففي عام 2004 أسس رئيس الوزراء (التركي) في كولن Kö-;---;--ln (كولون) اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأورپيين (UETD)، كمنظمة تقوم بدور اللوبي لحزبه الإسلامي المحافظ (AKP) (حزب العدالة والتنمية). وفي 2010 أسس أردوغان دائرة أتراك الخارج، وهي دائرة حكومية في أنقرة بـ 300 موظف، مسؤولة عن شؤون ما يقارب الأربعة ملايين تركي في جميع أنحاء العالم. [من حيث المبدأ يعد تأسيس دولة لوزارة خاصة برعاية شؤون رعاياها في الخارج أمرا لا يخلو من إيجابية، إلا أن هدف حزب أردوغان من وراء ذلك مختلف، لأنه لا يبتعد عن كونه ذا خلفية إيديولوجية إسلاموية سياسيا ودينيا.]
ألقى أردوغان مؤخرا خطبة أمام آلاف الأشخاص في قاعة تمپودروم Tempodrom (الشهيرة) في برلين. ماجت القاعة بآلاف الموالين المتحمسين والمنبهرين، والأعلام التركية، وبهتافات الجموع «طيب الأمة معك».
والآن وحسب رغبة أردوغان يراد لساحة الألعاب الأولومپية في برلين أن تتحول في الصيف القادم إلى أكبر مركز انتخابي في العالم. حتى الآن كان على الأتراك الألمان السفر إلى تركيا، من أجل الإدلاء بأصواتهم هناك، لعدم وجود نظام الانتخاب بالمراسلة في تركيا (كالمتبع في ألمانيا). تخطط الحكومة التركية للتحضير للانتخابات الرئاسية في العاشر من آب لنصب صناديق اقتراع في ساحة برلين للألعاب الأولومپية، وكذلك في ملاعب وساحات مهمة ومعارض دولية في كل من فرانكفورت ودسلدورف وهانوفر ومنشن (ميونخ) وكارلسروهه [غضضت النظر عن ذكرها كلها بالاسم]. المستشارة آنغيلا ميركل وعدت في شباط أردوغان بتمكين الأتراك في ألمانيا من المشاركة في الانتخابات الرئاسية. وكذلك دول أخرى ستسمح لمواطنيها بالمشاركة في الانتخابات، ولكن في قنصلياتهم وسفاراتهم، وليس في الملاعب والأماكن العامة. وزارة الداخلية الاتحادية تدرس مدى إمكانية توفير الغطاء الأمني في محيط ساحة الألعاب الأولومپية.
خبيرة السياسة الخارجية لحزب اليسار سيڤ-;---;--ين داغدلين Sevim Dagdelen تخشى أن تؤدي المعركة الانتخابية (التركية في ألمانيا) إلى تعكير التعايش السلمي بين الألمان والأتراك في الجمهورية الاتحادية.
«اللجنة الألمانية التركية منقسمة على نفسها بين مؤيدين ومعارضين لأردوغان» حسب تعبير الرئيس الاتحادي لجمعية الجالية التركية في ألمانيا كنان (كنعان) كولات Kenan Kolat. ويضيف معللا «هذا يمكن أن يؤدي إلى توتر الأجواء قبل الانتخابات.»
الانطباع الأولي لطبيعة الأجواء سيظهر من خلال ذكرى التأسيس السنوية العاشرة للـ EUTD (اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأورپيين) في الرابع والعشرين من أيار. أردوغان يخطط لإلقاء خطبة أمام 20.000 من مؤيديه في Lanxess Arena Kö-;---;--ln. الأوساط القريبة منه تقول إنه سيعلن في هذا اليوم بشكل نهائي ورسمي ترشحه للانتخابات الرئاسية. [انتهيت من ترجمة المقالة مساء اليوم المذكور آنفا، حيث كان اليوم قد أقيم مهرجان الدعاية الانتخابية الأردوغانية المشار إليه.]
شارك في إعداد التقرير كل من رالف نويْكِرْش Ralf Neukirch وپاول مِدِلهوف Paul Middelhof وماكسيميليان پوپ Maximilian Popp وكرستوف شولت Christoph Schult وأوليڤ-;---;--ر تْرينْكامپ Oliver Trenkamp.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاز المالكي ولو كره الديمقراطيون
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 2/2
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 1/2
- ما يسجل على الدعوة إلى حكومة «الأغلبية السياسية»
- المفهوم الصحيح لمصطلح «الأغلبية السياسية»
- أسينقلب السحر على الساحر؟
- يا مراجع الدين دعوا السياسة نحن أهلها
- لمن لاءاتنا الانتخابية ومن هو البديل
- العلمانيون المترشحون على قائمة إسلاموية أو طائفية
- أثر اللامبالاة واليأس والانخداع في الانتخابات
- لا يُلدَغُ شعبٌ من جُحرٍ أَربَعَ مَرّات
- انتخاب الإسلامي من الكبائر وانتخاب العلماني من أعظم الطاعات
- تزكية السيستاني للمالكي تحسب لهما أم عليهما
- ما بين الشعور بالإحباط وتفاؤل الإرادة
- ثماني سنوات ولم يتعلم كيف يتكلم كرئيس وزراء
- الدروس من الأزمة السياسية التركية وقضايانا العراقية
- وستبقى الطائفية الورقة المهيمنة في الانتخابات
- مقتدى الصدر مختبر النفاق السياسي حسب الموقف من المالكي
- العظيم نيلسون مانديلا سيبقى اسمه في سماء الخلود
- إعلان الجمهورية الجعفرية


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مقالة في ال (شپيغل) الألمانية عن أردوغان «القسيس والسلطان»