أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الأفكار اللاعقلانية..وسيكولوجيا الغالب والمغلوب















المزيد.....

الأفكار اللاعقلانية..وسيكولوجيا الغالب والمغلوب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يقدم لنا تتابع الأحداث،في العراق والبلدان العربية،أدلة تقنعنا نحن المهتمين بعلم النفس السياسي بأن السياسيّن تتحكم بهم أفكار غير عقلانية..اخطرها فكرة (الغالب والملغوب)..بمعنى أن التنافس او الصراع السياسي يجب ان ينتهي (بانتصارك) وهزيمة خصمك. فما حصل بسببهم من أحداث تراجيدية اودت بحياة مئات الألاف من الضحايا،في العراق فقط، وما نجم عن افعالهم من حياة بائسة ودمار ورعب يومي..كان سببه اعتقاد الأطراف المتصارعة بأن العنف (يجب )أن يستمر الى أن يستسلم الطرف الآخر..او سحقه لأنه يتحول عندهم الى عدو.
وهذا الاعتقاد هو في حقيقته وهم ( illusion)يفضي الى فكرة غير عقلانية..خلاصتها:ان مواصلة العنف سيجبر الطرف الآخر على الاذعان له والقضاء على من يصفه بأنه مصدر الشرّ. وبما أن كل طرف يرى نفسه أنه يمثّل (الخير) ويرى في الآخر أنه مصدر (الشرّ)، فان الحقيقة العقلانية المؤكدة هي ان العنف بينهم سيستمر الى ما لا نهاية..وهذا ما حصل بعد التغيير في العراق وبعد ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا.
لنتوقف عند معنى (الأفكار اللاعقلانية)..ولنبدأها بمقولة جميلة لفيلسوف ايطالي اسمه ماركوس اوريليوس تقول:(ان حياتنا من صنع افكارنا)..ومقولة جميلة ايضا لشكسبير :(ليس هنالك من شيء حسن او شيء سيء..ولكن التفكير هو الذي يجعله كذلك).وعلى رأي عالم النفس الامريكي (بيك) فان انفعالات وسلوكيات الفرد تتحدد بناءا على طريقة تفكيره ووجهة نظره في الحياة،وأن نظرته للعالم تبنى على المعرفة والافتراضات التي تتكون لديه نتيجة الخبرات السابقة.
وتشكل الأفكار اللاعقلانية أهم الأسباب التي تدفع السياسيين العرب، في السلطة تحديدا، الى انتاج الأزمات والادمان على انتاجها لاسيما في الصراعات الداخلية التي يقدح زنادها من بيدهم الأمر بين القبائل او المذاهب او الطوائف او الكتل السياسية التي حدثت في العراق وقي بلدان الربيع العربي بعد ان ضعفت هيبة الدولة..ومعروف سيكولوجيا ان ضعف هيبة الدولة وانحسار الأمن فيها وغياب سلطة القانون يؤدي الى نشوب الصراعات بين مكونات الشعب على اساس القومية والدين والمذهب كما هو حصل ويحصل في العراق..فضلا عن الحركات الاسلامية بكل مسمياتها التي تؤمن بافكار لاعقلانية وتجاهد نحو جعلها واقعا عقلانيا.
وللسياسيين،الذين لا يقرأون ما يكتبه علماء النفس والاجتماع(بالواقع ..يخشونهم لأنهم يكشفون لهم حقيقتهم)،نقول:ان نوعية الأفكار التي يحملها الفرد هي التي تحدد نوعية سلوكه..بمعنى ان اختلاف الناس في سلوكهم راجع الى اختلافهم فيما يحملونه من أفكار.ولنأخذ مثلا..الارهابي،فهو يحمل فكرة انه اذا فجّر نفسه فانه يكون شهيدا وسيلتقي بالنبي في الجنة التي فيها حور العين..وهي فكرة غير عقلانية،لا من حيث علاقتها باليوم الآخر وانما من حيث ان النبي والدين يعدّان من قتل نفسا بلا سبب فانه يكون كمن قد قتل الناس جميعا..فكيف بالارهابي الذي يقتل ابرياء بينهم اطفال؟!. وقس على ذلك الكثير من الأفكار غير العقلانية..التي تختلف من حيث حدتها وخطورتها حين تصبح مرضا نفسيا او عقليا..مثال ذلك:ان تسيطر على الفرد فكرة ان امه تريد ان تضع السم له في الأكل..وهذه حدثت فعلا..أو ان زملاءه اعضاء الهيأة التدريسية يريدون ان يكيدوا له..وهذه ايضا حدثت فعلا..وانتهت الحالتان بقتل الأم وعدد من الزملاء!
والواقع ان غالبية السياسيين، في عراق ما بعد التغيير وبلدان الربيع العربي، تتحكم بهم افكار غير عقلانية من هذا القبيل. ولهذا علاقة بنوعية الخبرة..فتاريخنا العراقي ،السياسي والاجتماعي بشكل خاص، صاغ تفكيرنا بطريقة صرنا نفهم فيه الصراع على أنه حالة بين ان تكون او لا تكون..بين أن تبقى أو تفنى!..وهذه ناجمة ،في واحد من أهم أسبابها،عن ان جيناتنا الوراثية تشفرت فيها (سيكولوجيا الغالب والمغلوب)من زمن اسلافنا قبل الاسلام يوم كانت العصبية القبلية قائمة على هذه السيكلوجيا ،وتعمقت اكثر لدى من استلم السلطة على مدى ألف واربعمائة سنة..وصارت اكثر حدّة ،فبعد ان كانت بين قبيلة وقبيلة اصبحت فيما بعد بين من يستلم سلطة مصحوبة بثروة واعتبار وبين خصوم كثر ،حولت عقدة (الغالب والمغلوب) الى برانويا تقفل نوافذ التفكير العقلاني في التفاوض والحوار وتوجّه العقل نحو نافذة الأفكار اللاعقلانية.
ان هذا التشخيص ليس اعتباطيا بل مستند الى النظرية التطورية التي ترى ان السلوك الذي يتكرر عبر الزمن يجري له تشفير في الجينات وينتقل عبر الاجيال..ولك ان ترى ذلك فيما حدث ويحدث في العراق وبلدان الربيع العربي..الذين تتحكم بهم سيكولوجيا الغالب والمغلوب..وتدرك ايضا ان حدتها تختلف باختلاف تاريخ كارثية احداثها..فهي في تونس مثلا أقل حدة من العراق الذي ينفرد تاريخه بالكوارث والفواجع.
خذ الوضع الآن في العراق قبيل الانتخابات ،فلقد تحول اخوان الأمس الذين كانوا في تحالف او ائتلاف واحد الى فرقاء متخاصمين كل واحد يكيد للآخر..مدفوعا بسيكولوجيا الغالب والمغلوب التي تجبر كل طرف على أن يتعامل مع الطرف الآخر بأسلوب حذر وتأويلي..وتلك محنة الحكومة ..انها مصابة ببرانويا..أزمنت،عبر عشر سنوات، فصار علاجها مستعصيا.
ليس هذا فقط بل ان هنالك اعادة انتاج صورة النظام الدكتاتوري في جلباب ديمقراطي.فالحزب الحاكم في السلطة الآن تتحكم به فكرة انه اذا خسر الانتخابات وعهد البرلمان القادم برئاسة الوزراء في الحكومة العراقية المقبلة لآخر من حزب آخر فانه ستجري له تصفية كالتي جرت لحزب البعث،حتى لو كان رئيس الوزراء هذا من نفس طائفته..بل انه سيشيع بين منتسبيه والمتعاطفين معه والطائفيين بـ (أننا اذا خسرنا راح تصير دمايات)..وهذه افكار غير عقلانية لأن أهم مبدأ في النظام الديمقراطي هو تبادل السلطة سلميا.
وليس بمستبعد (أن تصير دمايات)..لأن الشعور بالحيف او الاضطهاد او الظلم الذي اصاب الخصوم قد يدفعهم الى ذلك..ولأن السياسة عليها اللعنة جعلت العراقيين يستطعمون أخذ الثأر من الخصوم.وصار الحال ينذر بخطر أبشع شرّا ان الذين كانوا بالأمس متحالفين تحولوا الآن الى خصوم حاقدين.فما حصل في يومي 10 و11 آذار 2014 من تظاهرات وتبادل ألفاظ نابية وأوصاف مخجلة تحط من قيمة رموز سياسية ودينية ،تشير هذه المرّة الى انها ستكون (كسر عظم) وانهاء علاقة واعلان خصومة شرسة بين اقوى كتلتين :دولة القانون والأحرار،ستفتح باب الشر وتعلن عن اصطفافات جديدة تتحكم بها افكار لا عقلانية لأشخاص وقيادات مأزومة نفسيا.
ونصيحة تبرأ الذمة:
اننا اذا لم ننظف رؤوسنا من الأفكار اللاعقلانية،ونكع جموحنا بشدّ لجام سيكولوجيا الغالب والمغلوب..ونجنح الى التهدئة والتبصير..فانها (تصير دمايات فعلا)..تمتزج فيها دماء كل العراقيين.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأن العراق اصبح أشبه ب(المنهوبة)!
- ثقافة نفسية(115):السمنة عند الأطفال
- ثقافة التسامح
- خطاب (ماكو غيرهم)..وهم وتضليل
- حوار مع الدكتور قاسم حسين صالح- حاوره: قاسم موزان
- حذار من اليأس
- برلمان أمعط..وشعب محبط
- قوادون وبغايا..يرشحّون للبرلمان العراقي!
- العراقيون والصراع واللاوعي الجمعي..تحليل سيكوبولتك
- ثقافة نفسية(112):نوبة الذعر
- الهروب الى أل(آي فون)!
- في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (2-2)
- في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (1-2)
- ثقافة نفسية(111):جهاز السعادة
- سنة جديدة..للعراقيين!
- كتابات ساخرة: قيم الركاع من ديرة عفج
- قوى التغيير وفن الاقناع
- هل كان للموساد دور في مقتل الأميرة ديانا؟
- حملة:من اجل اغنية عراقية فيها ذوق ومتعة روحية
- حرب الفوضى- تحليل سيكوبولتك


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الأفكار اللاعقلانية..وسيكولوجيا الغالب والمغلوب