أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح برو - ما رواه قلم














المزيد.....

ما رواه قلم


صالح برو

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 03:42
المحور: الادب والفن
    


لا شك، ستصيبك الدهشة، إن حدثتك عن ذاك المكان الخفي، في الصفحة البيضاء، عندما تسلل الموت من بين الموت، وهو مسلح بأدواته المميتة، في مهمة، أرسل خلالها كمبعوث رسمي، اقترب من كوخ يسكنه حبر يافع مشغول بطهو الزمان، دلف إلى الداخل، دون استئذان، وقتها كان القلم قد اكتفى بجمع قوتٍ لخلوته من حقول الضباب، أحس أن ثمة حدثاً ما، مرَّ من طريقه الخاص، ترك فيه خدشاً بليغا ًيصل إلى داخل الكوخ، راوده الشك من جراء ذلك، فأسرع بكامل احتراقه ، بحذر، دخل من خلال عش العصافير، التي بنت لها عشاً مؤقتاً بين الجدار المتشقق للكوخ، وراح يصيخ السمع لما يدور من تداعيات.
هكذا طبيعة الموت دائماً، ينحي في اللقاء الأول عن قصد، ألقى ما بداخله من حقائق، لم تخضع للتنقيب:
ــ لست سوى عتال أرواح في ثكنة عسكرية، أعمل عدة ساعات إضافية على أمل زيادة راتبي الشهري، لأقتات لقمة العيش، فأثبت وجودي الدنيوي، لذا جئتك راجياً أن تغمض عينيك،وتنسى ركن النهار.
أجابه الحبر بالقبول، بعدما نام الصمت هنيئاً، مقابل شرط السماح لوريثه الشرعي أن يرحل بسلام، فوعده الموت بذلك.
أمر داخله دون جدوى أن يمسك يدي دمعة، يساعدها على الخروج، كي تبحث عن جغرافيا أخرى، تحمل مقومات الحياة، وسقط كآلة فارغة الأصوات، بعدما أقفله الموت، ساكناً بالقرب من جسده المختبئ في عش العصافير.
هكذا عادة الموت دائماً، مخالفاً لوعوده، رمى شباكه الطويلة الحادة كحدة الريح، حول عنق الدمعة التي صارت على بعد مئة ألف كتاب منه، جرها زاحفة على ركبتيها المتسربتين بالذكريات، ربطها بجذع شجرة، كانت أسيرة الأرض هناك، حاولت أن تركض بها من خلال الريح اللامبالية لطلب النجدة، فراحت تتنفس كميات كبيرة من الأوكسجين، بدلاً من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
لم يكن في حسبان الموت أن تقدم شجرة كهذه على الانتحار فمارس عليها أشد العقوبات، وتوجت رمياً بالرصاص، وهذا ما أثار غضب السحاب المستقل، أمر الأنهار والبحار أن تكف عن عملية البخار، كما ارتسمت على وجه الموت علامات القلق والذهول، مشكلة آثارها،أدت إلى عطل في آلة الكون.
أصرّ على أداء المهمة، بجرّ الدمعة من أذنيها اللتين لم تعودا صالحتين لسماع الأصوات، قذفها في جوف سجن مسن بالظلام، مؤلف من أربعين جدار.
اصطفق باب البكاء عليها، بعدما انقض على ربيع عذريتها.
أخذت تعاتب جسدها المستسلم تارة، وتواسيه تارة أخرى.
تحت جفن الظلام، راحت تلوي ساقيها المدميتين أمام هرم بطنها المنتفخ سريعاً، تحمل في رحمها جنينا ًمن نسل الموت، لفتها بذراعيها، لتستر أنوثتها خجلاً من هيئة الظلام المحيط، وأحنت رأسها، إذ تهدل شعرها الطويل المسربل، غطى نهديها اللذين لا يزالان في مقتبل السطوع، كانت تنتظر نعومة لسان يدشنها في فم حنون.
لحظات شائخة، أخذتها من ذراع همها المحنط، تحت خيمة مشمسة، روت لها حكاية الشجرة ، وماضيها الحكيم، وبدأت سهرة الصمت، تجول في داخلها إلى عالم أعمق وأبعد.
أوحت لها بالخلاص، إذ رسمت على أحد الجدران شمساً شبيهة بشمس آذار، أضاءت جميع الجدران بعد ألف عام، مكبل بالنوم، كما تحسست فمها الذي لا يزال موجوداً في مكانه، فساعدها بابتكار آخر ضحكة حدثت في حضرة الظلام، قبل أن تتلاشى بخاراً من وهج الشمس....
هامش (عن المقدمة ): ما من شيء يدعو إلى الدهشة في هذا العالم الحالي، حقيقة، لكنها حيلة من حيل الأقلام... كما للضرورة أحكام.



#صالح_برو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطل.. لهذا.. الزمان !
- حلم فوضوي
- لقاء صحفي
- قصص قصيرة
- فكرة
- نداء الفراشات
- لابد من أن يعود العالم إلى أوجلان
- ثورة الحيوان
- حكاية دمعة
- عصر المساحيق
- صالح برو
- الشاهد
- السفهاء لا يرون إلا أحلاماً سفيهة
- روتشيلد وفكرة الحرية
- للعالم أقول
- موت يحكم الشرق!
- خطورة الحرية في المجتمع القاصر.
- الاستقلالية والإنسانية في العصر الحديث
- سيرة ظل
- شريعة الشيطان


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح برو - ما رواه قلم