أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - مَدائِحُ أَحصنة وكآبة العُمْرِ القصيرْ














المزيد.....

مَدائِحُ أَحصنة وكآبة العُمْرِ القصيرْ


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 15:10
المحور: الادب والفن
    


مَدائِحُ أَحصنة وكآبة العُمْرِ القصيرْ

إِلى أُستاذ التاريخ الذي فقد أَصابعه في أَقبية التعذيب

إبراهيم زهوري

إِبْتَسَمَ لهمْ طائعاً الولدُ بائع " البسْطَة " وهو يحتضنُ كتابه المدرسي مندهشاً وجود زبائن له من هذا النوع , وهو المُهْمَلْ في كل شيء على ناصية ٍنائية عند رأْس زقاق ٍضيّق مطل على فسحة التقاء عدة طرق جانبية تربط الأَزقة المتراصة كأَسنان المشط القذر للمخيّم الفلسطيني المنكوب بتجدد ذكرى موته الأَزلي بالقرى المجاورة , هو مشهد غير مأْلوف ٍلديه ولم يكن يتوقع أَبداً أَن يعتاد عليه في مثل هذه الظروف الحرجة الطارئة , ورغم المبالغة بزهوهم المبكر المعلن بتَبَجُحِ حركاتهم وهي تكتَنِفُ توجُسَاً خفياً مترّبصاً وعُلُّوِ صَخَبِ صُراخهم الذي يوحي بدلالة المنتصر الذي لا يرحم وشراسة الفاتح العظيم .. إِبتَسَمَ لهم مُتَلّفِتاً نحو اليمين ونحو اليسار يحاول استيضاح ما استجد عليه أَو ربما تخاله بشيء ٍمن إِرتباك الخجل الآني يفك شيفرة اشتباك عوالم نادراً ما كانت تتواصل أَو تلتقي في تفاصيل حياة ٍيومية يهدم بنيان إجتماعها مرارة غول التفسخ الداخلي وقسوة هول صناعة الحروب الأَهلية مستغرباً بعظيم حدسه الطفولي وقوفهم هكذا أَمامه في حين لا يلتفت إِلى وجوده أَحدٌ ما في خِضَّم شارع ٍيكتظ بحركة المارة والجنود المأْجورين على عجل مدججين بمختلف أَنواع الأَسلحة واندفاع السيارات المدنية والعسكرية كلما اشّتد وَقْعُ المعارك في الجوارِ القريبْ , إِبتسمَ فقط ومَدَّ يده ليأْخذ المال مقابل علبة السجائر الفاخرة , إَبتسمَ بهدوء وكأَنه لم يفعل ذلك أَبداً من قبل لعله اسْتَبْشَرَ خيراً بزاد إِنجازه الوفير في البيع مما يوفر عليه الجلوس طيلة النهار على صفيحة تنك أَمام لوح ٍخشبيٍّ قديم مهترئ يحمل مصفوفات أَصناف متنوعة من عُلَبِ التدخين المهربة التي لم تنقطع يوماً حتى في عِزِّ أَيام الحصار, فعل ذلك ليس خوفاً أَو خشية من شيء ٍغير متوقع لكن ربما كان على الأَرجح مفتوناً جداً بزيهم العسكري المهيب والغريب الذي يشاهده حيّاً لأَول مرة وعلى مقربة شديدة منه ومما يدل على ذلك انفراجُ أَساريره بفرح المودة ودماثة براءة الطيبة وكأَنه بذلك يحسبهم للوهلة الأُولى مجموعة شخصيات مشهورة من أَفلام الخيال العلمي أَو من المخلوقات الفضائية التي جاءت تغزو كوكب الأَرض ولم تعرف لها مكاناً محدّداً تهبط فيه , أَو رجالاً آليين من أَبطال الرسوم ِالمتحركة يرتدون لباسهم المبرقع المدرّع المضاد لإِختراق الرصاص وواقيات الصدمات عند الأَكواع ِوالرُكَبْ تماماً مثلما ما يرتديه أَصحابُ الهوايات ِالخطرة في التزلج على الأَلواح , قِناعُ الوجه من خيط الصوف الأَسود مع نظارة ٍشمسية داكنة تخفي ملامح العينين وترسل إِشارات الخوف والغموض وانعدام الثقة المتبادلة مع المحيط المغاير المختلف , خوْذَة الرأْس وفي مقدمتها المنظار الليلي وكأَنه مِحْجَرُ العين الثالثة ترصد الحركات المريبة في ظلمة ليل غادر كالطاووس المُتَبَخْتِرْ المُعْتَّزْ بنفسه , شريط الطلقات النارية يلتف حول الخصر مائلاً نحو أَعلى الكتفين وإِلى الخلف مروراً بجيب ٍجانبي لجهاز الإِتصال اللاسلكي الحديث معلقاً مثل وسام ٍلم يستّحقه عن جدارة والمسدس الصغير يُزَّنِرُ عضلة الفخذِ الأَيمن المفتولة والحذاء ذو الرقبة الطويلة والبندقية الأَمريكية الجديدة اللامعة وكأَنها خرجت من المخازن للتَّو يحدوها الأَمل الكبير بتدشين كامل مخازن رصاصاتها في جبين و صدور الأَعداء الملاعين , وفوق ذلك سحر طريقة حملها المبتكر المأْخُوذ قصداً عن تقاليد جنودِ جيش الإِحتلال الإِسرائيلي , وعندما شعَرَ الولد بفطنته المعهودة التي لا يجاريه فيها أَحدٌ من أَقرانِهِ أَنَّ لَكْنَةُ لسانهم غريبة بعض الشيء وأَن محاولات نطق العربية لديهم صعبةٌ جداً أَخذته على حين غرة صراحة شهوة الفضول فبادرهم بسؤالهِ الفصيح دون مواربة -: مَنْ أَنتمْ ومِنْ أَينْ !! أَجابوه على الفور رغم استهجان انزعاجهم الواضح من رعونة سؤاله المباشر _ : نحنُ حُجّاج وكفى , مما زاد من حجم دهاليز حيرته وهو يمد يده المرتجفة يناولهم العلبة تلو الأُخرى تهدمه صاعقة صمت مهيب مفاجئ , حينها رمقني بنظرة ِغريق ٍيستودعني آخر وصاياهُ مستوضِحاً نزيف بركان شكوكه المرتعدة النافرة , قلتُ له محاذراً انكشافُ هويتي في الزحمة متلفعاً كوفيتي التي ورثتُها عن أَبي وهو ما يزال على قيد الحياة وأَنا أَمرُقُ خلسةً بالقرب من المكان أُراقبُ سوء نتيجة ما توقعتهُ أَجُّرُ بيدي اليمنى لهفة صغيري الناعمة لبهجة القفز وعلى كتفي الأَيسر كيسُ البرتقال الثقيل الذي أَغراني البائع على شرائه مغتبطاً بقوله ِأَنه - أَي البرتقال - يافاويٌ محض _ : إِفتح يا خالد كتابك المدرسي على دروس ِالتاريخ عند فصل حروب الفرنجة والحَمَلات الصليبية !! عندئذ ٍفَارَقْتُهُ بطمأْنينة الإِبتسامات المتبادلة يَرِّنُ في أُذني قهقهاتٌ خادعة لظل ِأَشباح ِرجال ٍوَهُمْ يبتعدون .
مخيم النيرب / حلب
2/1/2014



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَكثرُ من شخص في صورة ٍواحدة
- على متنِ الرملِ .... مذكرة احتجاجِ آخر العصافير
- تفاصيلُ رَجْمِ الموتى وشارِعٌ يَستّحِقُ الغِناء
- شفيرُ ضوءٍ يأْتي ... رِجْسُ رُقاد
- دورانُ خاتمة الكسوفْ وجرحُ أَريجٍ يَشْهَدْ
- حَطَّابُ الوَقتْ
- ناعمةً أَصابع الوردة وكهفُ الشوق خَشِنْ
- ندم نصف الليل
- - ثلجٌ حار-
- يَسْتَّرِدُ البحرُ أَسْرارَهُ طريداً أَكتمُ أَنفّاسِيَّ ضفائ ...
- لا تُسعِفهُ النايّات... نَفْحُ خُيولْ والقلبُ أَخرسْ
- سيد العدم , قاع رماد حرب , وانقلاب الناي على سرير الفراشة
- -إيثار- وغزالة كنعان على صدر الجرمق*
- مخيم اليرموك
- إلى الأمام ..إلى الأمام حصاد نهاية السنة
- يا زمان الطائفية
- شجرة ليمون واحدة تكفي
- حرّاس اللوحات وتيه الكلمات الفظة
- نهدين من صبر وهدوء
- أسورك عنبا ... أجتاحك نبيذ


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - مَدائِحُ أَحصنة وكآبة العُمْرِ القصيرْ