أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - لعبة القدر














المزيد.....

لعبة القدر


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 21:20
المحور: الادب والفن
    


أهدي هذه القصة التي كتبت اليوم فقط إلى صديقة عزيزة تحب الأدب و الحياة ، وتكتب نقدا جميلا ، لكن الحياة خذلتها وسرقت منها قدرتها على الوقوف ، وألزمتها كرسيا متحركا لا تبارحه ، غير أن إرادتها لم تهن، و هي مازالت متشبثة بالأمل في أن تستعيد قدماها عافيتهما، وتنتصب واقفة نكاية في غدر الحياة.
لعبة القدر
مصطفى لغتيري
متهادية في مشيتها مضت حسناء نحو مقصف الجامعة. أفكار عدة تتصارع في ذهنها .. المستقبل الواعد يغازل شغاف قلبها، فترتسم على شفتيها القرمزيتين ابتسامة خجلى،سرعان ما تلجمها وتواصل طريقها رشيقة حالمة، تعانق ظلال السعادة التي تحيط بها في الخفاء..
في رحاب المقصف اختارت جسناء مكانا حييا متواريا عن الأنظار. بحذر أخرجت كراستها وطفقت تخط كلمات مغتبطة بابتهاجها المتبرعم.كلمات تسرق من الشعر توهجه و أناقته.. بعد لحظات حضرت صويحباتها . مرتكبة طوت حسناء كراستها ، فيما لعلع لون الخجل على وجنتيها . جاهدة حاولت طمس معالمه البارزة. نسبيا نجحت في ذلك ثم ما لبثت أن اندمجت رفقة صويحباتها في حديث بلا ضفاف.
بعد حين غادرت الجامعة في اتجاه البيت ، هناك حيث تنتظرها فرحة من نوع مختلف في أحضان العائلة .. سعيدة بوصولها دخلت حسناء المنزل، طبعت قبلة على جبين أبيها، ثم انزوت في غرفتها محاولة ترتيب دواخلها بما يسعفها على احتضان فرحة عالم ، بسخاء يقدم لها أجمل الهدايا وأبهاها .. تتمدد على سريرها، وظلت تحملق للحظات في السقف . تتماهى مع أحاسيسها الوليدة، التي مافتئت تنغرس قوية في دواخلها. فجأة يصلها صوت أمها المحتج:
-حسناء تعالي الى هنا.
بسرعة تلملم حسناء ذاتها، وكأن صوت أمها اقتلعها من حضن فردوس لا مرئي يضمها في كنفه الوثير . أسرعت نحو خارج الغرفة:
-ماذا أمي؟
نظرت الأم إليها مستغربة ثم قالت:
-من سيغسل هذه الأواني؟
على ملامح حسناء ظهر بعض الحزن الصامت . خفضت رأسها ودلفت نحو المطبخ، لكن صوت أبيها الهادر أوقفها:
-تعالي هنا.
ارتبكت حسناء.حائرة نقلت بصرها بين أبيها وأمها، ثم خطت خطوات حيرى نحوه. دنت منه وتسمرت واقفة في مكانها.نظر الأب إليها بتحبب، ثم قال:
- مدي يدك!
مستسلمة مدت له يدها.أمسكهما بلطف ، ثم قال مخاطبا أمها:
-هل هاته اليدان الجميلتان تغسلان الأواني؟ أبدا لن أسمح بذلك.
ابتسمت في قرارة نفسها دون أن تجرؤ على إظهار ابتسامتها خوفا من غضب أمها.
بقرار من أبيها عادت إلى غرفتها وكراساتها. في أعماقها تردد "ياه كم يحبني أبي " تذكرت والابتسامة على شفتيها كيف اعترض على زواجها وكيف طرد العريس المفترض مدعيا أن ابنته ماتزال طفلة، وأنها ستستمر في دراستها حتى تحصل على أعلى شهادة ممكنة.
في المدة الأخير وهن مفاجئ اكتسح قدميها، ما فتئ يتجذر في نسغ عظامها رويدا رويدا، لكنها أبدا لم تستسلم له. في نفسها كانت تقول" إنه وهن عابر".. كانت تصر على قطع مسافة طويلة مشيا على قدميها، وكأنها تثبت لنفسها أن لا شيء يسحق الانشغال، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي وجدت نفسها ذات صباح غير قادرة على الحركة، والألم يعتصر القلب والذهن، وكأنه ينتقم منها لسبب مجهول . في هذه المرة كان لزاما عليها أن تتصرف ..أخبرت أباها بما يحدث، فأخذها طرا ودون تباطؤ نحو الطبيب. درجة الرعب تضاعفت في دواخلها . أبدا لم تتوقع ما يحدث لها، بيد أنها تشبثت بالأمل . بعد زيارة الطبيب دخلت في دوامة من الإجراءات و التحاليل والصور بالأشعة . تناولت أدوية بلا حصر، عشقها للحياة لم يخب أبدا .. بإصرار استمرت في دراستها . لم تتهاون أبدا، فاستحقت بذلك عبارات التشجيع والمساندة من الجميع.
بنوع من التفاني واظبت حسناء على الدوء و التحصيل،وبعد زمن محدد كان في انتظارها شيئان لازمان: شهادة عليا و كرسي متحرك.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا من جنوب المتوسط
- الجسر
- شيء من الوجل - الكتاب كاملا
- بورتريهات قصصية في -ظلال حارقة - للكاتب المغربي ادريس الواغي ...
- ثيمة الصمت في -حطب بكامل غاباته المرتعشة - للشاعرعبد الغني ف ...
- ضجة بسبب صورة غلاف مجموعة قصصية
- العرب تحاور مصطفى لغتيري حول اتحاد كتاب المغرب
- امرأة تخشى الحب
- ورقة حول مشروع النشر و الإعلام و التواصل.‎
- إلى أصدقائي الرائعين
- التجديد تحاور لغتيري حول المبادرات الجديدة لاتحاد كتاب المغر ...
- في ذكرى ميلادي السابعة و الأربعين.
- البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثامن عشر لاتحاد كتاب المغرب
- فجر جديد في اتحاد كتاب المغرب
- هواجس امرأة - مجموعة قصصية - الكتاب كاملا.
- -رجال وكلاب- لمصطفى لغتيري: أو : جدلية الوضوح والتعتيم
- رواية ابن السماء للروائي المغربي مصطفى لغتيري
- -تراتيل أمازيغية- مخطوط رواية جديدة لمصطفى لغتيري.
- اللعب بتقنيات السرد في رواية عبدالغفور خوى -الطيور تغني كي ل ...
- الفانطستيك و لعبة الإيهام بالحقيقة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - لعبة القدر