أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جعفر المظفر - هل ستأكل جنسيتك الثانية من عراقيتك














المزيد.....

هل ستأكل جنسيتك الثانية من عراقيتك


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 20:42
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



هل ستأكل جنسيتك الثانية من عراقيتك أو مصريتك أو مغربيتك..؟! هذه واحدة من أهم إشكاليات الهجرة في عصرنا الحديث, والتي بات من المهم التصدي لها ودراستها بحرص وتعميمها للفائدة, لأن كثيرا من أسباب الإزدواجية والإرتباك الإنتمائي والأخلاقي يكمن في عدم القدرة على التفعيل بين الهويتين بمنطق إنساني سليم, أو في عدم الإعتقاد أن ذلك ممكنا.
ولهذا أظن ان دخولنا على موضوعة بهذه الأهمية سيكون دخولا صحيحا لو أننا حاولنا أن نجيب على هذا التساؤل بالضبط: هل يمكن أن نجمع بين الهويتين في هوية واحدة, ليس على طريقة النص ونص, وإنما لإنتاج إنسان يؤمن بأن الوطنية وقضايا الهوية والإنتماء والولاء هي قبل كل شيء مفاهيم أخلاقية, وإن الجنسية الجديدة أو القديمة للعراقي لا توجب عليه الإنحيازات المسبقة المطلقة لهذا البلد أو ذاك على حساب اي واحد منهما.
أظن أن موضوعة كهذه باتت مهمة لنا بسبب هذا الكم من المهاجرين العراقيين الذين باتوا يتواجدون خارج العراق, وبخاصة في الدول الغربية ذات الدور الأساسي في تركيب الباطنية السلبية المضادة, والذين هم, أي المهاجرون, بحاجة إلى ثقافة إنسانية لا توقعهم في مرض إزدواجية الولاء أو أن تجعلهم يعيشون حالة ولاء أحادي جامد وغير متحرك ومفعل بمفاهيمه وروحه الإنسانية.
الواقع يشير إلى أن هناك مرضين قد يلازما المهاجر العراقي إلى أرضه الجديدة, فهو من جانب ربما يعتقد أن جنسيته الجديدة قد باتت هي هويته الثقافية والأخلاقية أيضا بما يحتم عليه ان يلقي بكامل ثقافتة القديمة وراء ظهره فيتنكرز أو يتأمرك أو يتفرنس. أو إنه يذهب إلى التعامل مع جنسيته الجديدة كونها ورقة لا قيمة لها إلا بمقدار ما تقدمه له من إمتيازات جديدة فيمارس حياة وعقلية الغيتوات التي ترفض بشكل كبير حالة الإندماج والتفاعل الإيجابي مع مجتمعه الجديد.
على جهة أخرى أدى صعود الإسلام السياسي, وحتى على مستوى تياراته المعتدلة, إلى تعميق الهوة الفاصلة بين الثقافات وإلى محاولة تحصين ثقافة المهاجرين بإتجاهات إنعزالية عدائية والإرتماء بعدها بكل قوة في ميدان صراع الحضارات الذي يكرس بدوره مفهوم الغرب غرب والشرق شرق ولا يلتقيان.. ومعنى ذلك أن ظهور مشتركات إنسانية هو بحكم المستحيل مما يؤسس لوجود عوالم مختلفة ومتخاصمة في عالم واحد.. ولسنا الأن بصدد تأشير ما تثيره ثقافة كهذه على مستوى تكريس حالات جلها يحقق التخلف والإنعزالية والكراهية ويؤسس لخصومات تاريخية لا يمكن لها ان تتوقف بسسب غياب المصدات الإنسانية المشتركة, وإنما غاية ما نريده الآن هو التأكيد على أن ذلك سيؤدي إلى تداعيات على ثقافة الهجرة التي أقل ما يمكن أن تكرسه هو شعور الغربة وحالة الإبتعاد السلبي عن ثقافة المجتمعات الجديدة.
ومن إرهاصات هذه الحالة ما نراه على صعيد التمسك بالتجمعات الذاتية, ليس كجسور للتواصل, وإنما كسواتر غرضها منع حالة إندماج واعية بين المهاجرين وأوطانهم الجديدة, وتبدأ إفرازات هذه الحالة تتكرس من خلال أما حالة عداء ثقافي معلن أو حالة إنتماء سلبية قابلة لأن تتحول إلى نماذج متجولة للترويج المجاني لنظرية صراع وصدام الحضارات لا تفاعلها.
وسنرى ذلك المشهد وهو يعلن عن نفسه عبر تجليات إستفزازية غالبا ما تثير في المجتمعات المستقبِلة خوف ان يشكل المهاجرون تهديدا لثقافتها وأخلاقيتها الإجتماعية الخاصة, فظواهر مثل الحجاب وعادة الصلاة في الشوارع, ومواكب اللطم, صارت أقرب إلى أن تكون تعبيرا عن تمترس شكلي مع قيم الثقافة الإسلاموية وإنتماء قسريا لها. ومع ظواهر أخرى سيبدو ذلك وكأنه صيغ لرفض الإنتماءات الجديدة وليس صيغا للبحث عن مشتركات حقيقية هدفها تحقيق نقلة هادئة وإيجابية وصولا إلى حالة ثقافية مشتركة ومتوازنة.
بالتأكيد هناك عوامل موضوعية لها شأن كبير في تشكيل هذه الصورة, فالهجرات العراقية إلى الغرب كانت في أكثريتها هجرات سياسية, وهي, وبخاصة في عقود الضخ الأخيرة, كانت في أغلبها هجرات بثقافة إسلاموية سياسية ما زال اصحابها غير قادرين على مغادرة (ثقافة لحظة المغادرة). إن ثباتهم أمام اللقطة المفصلية في حياتهم, تلك التي كانت سبب هجرتهم, سيجعلهم غير قادرين على إستبدال غيبوبتهم فيها, وسيكون لذلك اثره بإتجاه تعميق روح الإنفصال بينهم وبين مجتمعاتهم الجديدة لكون هذا المشهد يخلق منهم مخلوقات هامشية وغير ميالة لمغادرة وضعها المغرق في التعبير الذاتي المتخلف عن هوياتهم الثانوية.
ثمة مشاهد أخرى يمكن الوقوف أمامها لرسم صورة واضحة, لكن الذي يهمنا هنا هو الإجابة على السؤال الذي طرحته هذه المعالجة في أولها, وهو هل يمكن الوصول إلى لحظة توازن ما بين الهويتين ناتجة عن تفاعل إيجابي بينهما.. وأجزم أن السؤال يحمل معه إجابته, فلحظة التوازن المطلوبة ستوفر إمكانات تفعيل المشترك الإنساني والتعبير عنه من خلال هوية جديدة تمتلك شجاعة التعبير عن الموقف الحق. وأرى أن المجتمعات الغربية توفر الحاضنة لمثل هذه الهوية.. فرفض الإحتلال الأمريكي للعراق من قبل مهاجر عراقي هو ذات موقفه الذي تجلى في رفضه إحتلال العراق للكويت, فهو رفض لموقف نظام وليس رفض لهوية وطنية إنسانية. وسيجد عراقي من هذا النوع أن هناك عدد كبيرا من المواطنيين الأصليين الذين يشاركونه هذا التوجه. وتبقى المشكلة الأساسية التي سيواجهها المسلم المهاجر إلى بلدان الغرب تكمن في تحويله الإسلام من دين إلى هوية, وهذا سيجعله حتما على تضاد مع هذه المجتمعات العلمانية مؤديا بدوره إلى بناء حواجز نفسية, وحتى عدائية, بين الشخص وبين من يخالفونه الهوية, وهم أبناء البلد الأصلي العلماني الثقافة والنظام.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان .. بين أسلمة العلمنة وعلمنة الإسلام
- الأزمة التركية .. أزمة إسلام سياسي
- الشاطر حسن والرقص مع الذئاب
- نصف الحل ونصفه الآخر
- بعيدا عن عروض العضلات.. هذا رأي بما حدث في الأردن
- القنينة والسدادة والغازات الطائفية السامة
- فن التخويف بالقاعدة
- الدكتاتورية الممكيجة
- إيها أكثر فعلا سياسيا.. البراءة من المذاهب أم البراءة من الم ...
- الحويجة وأخواتها
- الثورة السورية... بين قوانين الطبيعة وقوانين السياسة
- مرة أخرى/ رجل الدين الصحيح .. علماني
- التاسع من نيسان.. جردة حساب سريعة
- الأغلبية السياسية.. الحل الصحيح في الزمان الخطأ
- رجل الدين الصحيح ... علماني
- السقوط بالتقسيط
- الوطنية والعمالة.. بين المعنى المخابراتي والمعنى الأخلاقي
- أصل المشكلة .. الإسلام السياسي.
- مرة ثانية... أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- هل تقوم الحرب الأهلية وهل يتقسم العراق


المزيد.....




- السعودية.. القبض على مصريين لـ-نشرهما حملات حج وهمية بغرض ال ...
- أمريكا: لا يوجد مؤشر على عملية إسرائيلية -واسعة النطاق- في ر ...
- شهداء في قصف مكثف على رفح وشمال القطاع
- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جعفر المظفر - هل ستأكل جنسيتك الثانية من عراقيتك