أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)














المزيد.....

في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 17:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية، يجب أن يعلم كل واحد أن التدين والتكلم، مثل الحركة والأكل والشرب والإخراج والحس والقراءة والكتابة والفهم...الخ هي من الصفات الأساسية للأشخاص الطبيعية، فضلاً عن كافة الكائنات الحية غير البشرية الأخرى التي تشترك معهم في أغلب الأعضاء والوظائف البيولوجية. الكلب، تماماً مثل الشخص الطبيعي، يأكل ويشرب ويتكاثر بالتزاوج المقنن بيولوجياً وينبح ويفهم بالإشارة ويستطيع أن يتعايش في سلام وتفاهم وتعاون مع مجموعات مثله من الإخوان الكلاب. ليس الأشخاص الطبيعية هم الاجتماعيين وحدهم، هناك الكثير من الحيوانات الاجتماعية الأخرى مع الإنسان، الذي يعتبر أمهرها وأعلاها بلا شك. حقيقة، يكاد لا يوجد على وجه الأرض كلها حيوان يقترب من الإنسان لا في الذكاء الطبيعي أو الاجتماعي. بفضل هذه الميزة البيولوجية والاجتماعية العظيمة، تمكن الإنسان تدريجياً من إحكام سيطرته على أغلب الحيوانات وعناصر الكون الأخرى وتسخيرها لخدمة مصالحه ومقاصده الفردية والجماعية. وعلى طريق التمدن والتحضر الممتد آلاف السنين، نجح الإنسان مستفيداً من ذكائه الذي لا مثيل آخر له في الكون في أن يبتدع ويخترع كيانات وأشخاص متخيلة غير موجودة حقيقة ملموسة في "الطبيعة"، سماهم "أشخاص اعتبارية" تفرقة لهم عن "الأشخاص الطبيعية" الموجودين حقيقة ملموسة، لحماً ودماً وحركة وحياة وموتاً فوق الأرض، في الطبيعة. وكانت الدولة ولا تزال حتى الآن أهم وأعظم هؤلاء "الأشخاص الاعتبارية" على الإطلاق.

للأسف الشديد، بعد مرور آلاف السنين في مسيرة التعلم من التجربة والمحاولة والخطأ، والتمدن والتحضر، والتراكم والتطور في الذكاء الإنساني الطبيعي والاجتماعي، لا يزال كثيرون من الإسلاميين الأصوليين في التفكير وأسلوب الحياة والنظرة إلى العالم والآخر المختلف أقرب إلى الإنسان البدائي الخام المنعدم الذكاء الاجتماعي الذي كان غالباً وسائداً قبل عشرات آلاف السنين، لا يقدرون حتى على التفكير الناضج المستقل عن أوهامهم وأساطيرهم مثلما لا يقدر الرضيع على أن يمشي دون توجيه وإمساك وإرشاد من أبوين. بسبب إسقاط الذكاء منذ زمن طويل وما نتج عنه من خمول وبلادة، بلغ الغباء الاجتماعي اليوم بالإسلاميين حد عدم القدرة على التمييز والتفرقة بين "الشخص الطبيعي" و"الشخص الاعتباري"؛ لأنهم عطلوا التفكير والاجتهاد وبذل الجهد الجاد في البحث عن الحقيقة وتنقيتها من شوائب الأساطير، قد بلغت بهم الحماقة هذه الأيام إلى حد تخيل أن الدولة، وهي شخص اعتباري بامتياز، يجوز لها أن تتدين وأن تتكلم مثل الشخص الطبيعي تماماً. على هذا الأساس المنعدم الصواب والمنطق، يحاول هؤلاء الإسلاميون البدائيون فكراً وعملاً تنصيب المادة الثانية من مشروع الدستور المصري قيد الاختلاق بالغصب والغلبة والسلق، كاتبين فيها هذا العبث اللغوي والفهمي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية،".

كيف، في المنطق والفهم السليم، يمكن تصور أن يعتنق شخص اعتباري ديناً أو يتكلم لغة؟ مثل هذا الشخص، عكس الطبيعي، لا يتدين ولا يتكلم، ولا يستطيع حتى لو أراد. هل حدث أبداً أن رأى أحد مصر تصلي أو تصوم أو تتحدث عن نفسها، خارج لغة المجاز والخيال؟ الوقع هو أن الأشخاص الطبيعيين الذين يعيشون على تراب هذا الشخص الاعتباري هم الذين يفعلون ذلك تمثيلاً ونيابة عنه. مصر لا تستطيع أن تتحدث بنفسها، إنما الرئيس المصري د. محمد مرسي يستطيع بحكم منصبه أن يمثل مصر وأن يتحدث باسمها؛ هو أيضاً ومعه كل المصريين دون أي تمييز على أساس الدين أو اللغة أو الجنس هم الذين يستطيعون الصلاة بالإسلامية أو المسيحية أو غيرهما، ويستطيعون التحدث بالعربية أو القبطية أو الإنجليزية أو غيرها، سواء بالأصالة عن أنفسهم كأشخاص طبيعيين أو بالتمثيل والنيابة عن مصر. أما مصر، الشخص الاعتباري، هي لا تملك قلباً ولا لساناً في ذاتها. إنما هؤلاء المصريون الطبيعيون هم الذين قد ظلوا يعيشون ويموتون على أرض هذا الشخص الطبيعي- مصر؛ هؤلاء هم الذين كانوا ولا يزالون يستطيعون التدين والكلام، وتبديل أديانهم ولغاتهم في المستقبل كما بدلوا في الماضي.

هذا الشخص الاعتباري، مصر، والأشخاص الطبيعيين، المصريين، لم يوجدوا الآن فقط، ولا من ألف أو ألفين أو ثلاثة أو سبعة أو عشرة أو خمسين ألف سنة في الماضي؛ بجانب اللحظة الحاضر، هو وهم عاشوا آلاف آلاف السنين الطويلة في الماضي وقد يعيشون أضعافها في المستقبل وإلى الأبد. وبجانب الدين الأكثر الغالب في اللحظة الحالية، الإسلام، واللغة الأم في اللحظة الحالية، العربية، من عمر مصر والمصريين، هو وهم فوق نفس الأرض وتحت نفس السماء اعتنقوا وتكلموا بالفعل في الماضي ما لا يعد ولا يحصى من الأديان واللغات، ولا يستبعد أبداً أن يستمروا كذلك في المستقبل.

الدولة شخص اعتباري لا يفقه ولا ينطق في ذاته. من ثم، قد يصح القول أن الإسلام دين الأكثرية والعربية اللغة الرسمية، ولكن لا يصح ولا يعقل مطلقاً القول: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية،".



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والديمقراطية والديكتاتورية الإسلامية
- في فلسفة الدستور
- العلماء الكهنوت
- وكذب القرآنيون-3
- وكذب القرآنيون-2
- وكذب القرآنيون
- الحكمة الإلهية داء العقل العربي
- بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين ...
- مشروع دستور لسفك الدماء
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!
- حرية التعبير..وصحافة البورنو
- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إشكالية الدستور والشريعة
- تعدد الزوجات جريمة
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)