أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - وعي اليسار في فرنسا(1-2)














المزيد.....

وعي اليسار في فرنسا(1-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 09:58
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مثلت فرنسا الساحةَ النموذجية للصراعات الاجتماعية السياسية في أوروبا الغربية، فقد توسط تاريخُهَا الاجتماعي بين اللحظةِ المتقدمة لظهورِ الرأسمالية الغربية وهي انجلترا، ولحظتها المتأخرة في ألمانيا، وبين اللحظتين كان تفردُ البرجوازية البريطانية في السيطرة السياسية وفرض نموذجها قوميا وسيادتها عالميا، وتأخر الطبقة العاملة عن المشاركة الديمقراطية المؤثرة اجتماعيا، في حين جاءت ألمانيا متأخرة فكان حضورُ الطبقتين البرجوازية والعمالية متخلفا، مما مكّن البرجوازيات الصغيرة من التلاعب بغيابهما وفرض أجندة مغامرة تُوجت بالهتلرية.
في حين توسط تطور البنيةِ الاجتماعيةِ الفرنسية عبرَ تاريخها بين هاتينِ اللحظتين، فجاءتْ الثورةُ الديمقراطية وحرثتْ التربةَ من الإقطاع الزراعي والإقطاعِ الكنسي، وصعدتْ ما سُمي الطبقة الثالثة وهي جنينُ الحداثةِ الاجتماعي حيث ظهرت الطبقتان البرجوازيةُ والعمالية، اللتان تحالفتا وتصارعتا ودخلتا صراعَ الوجود والعدم، فكان الإقطاعُ يطل برأسه أو يحضرُ بكلِ وجودهِ محاولا العودةَ للحياة بل للسيطرة عليها رغم انتهاءِ زمنِ تشكيلتهِ في بعضِ دول غرب القارة، حيث جرت وقائعٌ محددةٌ كزمن عودة المَلكيةِ في ثلاثينياتِ القرن التاسع عشر، أو في خمسينياتهِ حين صار نابليون الثالث إمبراطورا زائفا. وكان هذا السجالُ الاجتماعي في تذبذبِ الصراع بين التشكيلتين الإقطاعية الآفلة والرأسمالية الصاعدة تحسمُهُ عودةُ الطبقة الثالثة التحالفية للنضال، ولكن الشقةَ صارت متباعدة بين البرجوازية والعمال، فالإصلاحاتُ الاقتصادية الاجتماعية لصالح الفلاحين والعمال متجمدة وبطيئة، في حين توسعت آفاقُ المكاسب للبرجوازية في الداخل الوطني وفي الخارج حيث الفتوحات الاستعمارية التي ألقت بظلالِها على إنسانية الطبقتين الثوريتين الجديدتين.
وكانت كومونة باريس لحظة فاصلة في الصراع فتذبذب وعي العمال بعدها بين النضال لهزيمة البرجوازية كلية، أو الصراع الطويل الديمقراطي التاريخي معها.
بين هذين التيارين نشأ اليسارُ الفرنسي مثل الأوروبي عامة منقسما انقساماتٍ متعددة بين الحدةِ والتعاون ثم إلى الافتراق الكلي.
وقد تأخرت النشأةُ الفلسفيةُ لليسار الفرنسي، بسبب أسبقيةِ وضخامة المادة الثقافية والفلسفية لمثقفي البرجوازية على مدى قرنين سابقين على أقل تقدير، إذ بدأتْ من جان جاك روسو حتى برغسون، أي من الرومانتيكية الشعرية إلى الصوفية الروحانية، وهما شكلانِ من الوعي متباينان كثيرا، حيث تكمنُ في لفائفِ روسو الطبقةُ الثالثةُ من دون أن تلدَ وتُنضجَ كائنين طبقيين متمايزين، في حين سار برغسون مع الدخان الروحاني القومي المنبعثِ من ألمانيا وبأدواتِ تحليلِ الصوفية حيث يُلغى حتى بعد كل هذا التطور الاجتماعي كياني الطبقتين الحاملتين للحداثة.
كان على فصائلِ اليسار الفرنسية أن تتعهدَ برعايةِ حاملها الاجتماعي وهو الطبقة العاملة وتناضلُ فكريا واجتماعيا لتطوره، لكنها انقسمتْ، وكان الانقسامُ أوروبيا، وتمايز بحدةٍ برنامجا النضال الإصلاحي والنضال الثوري، برنامجُ البقاءِ في الرأسمالية وتحويلها تدريجيا وبرنامج القضاء عليها واستبدال نظام اشتراكي بها.
ممثلو وعي اليسار الفلسفي البارزون انخرطوا في الخيار الثاني، حيث النظرة الكلية أسهل، وثمة الكثير من المشكلات الفكرية والسياسية لم تُحل في وعي الاشتراكيين السابقين في القرن التاسع عشر، حيث ان النهج الإصلاحي الاشتراكي انتصر في أغلب الجماعات اليسارية الأوروبية الغربية، عبر إحداث تراكمات إصلاحية اجتماعية للطبقات الشعبية، بعد فشل الاصطدامات العنيفة، ولكن هذا النهج لم يكن قادرا على تسريع الإصلاحات وتغيير حال الناس، مع استمرار الاستغلال الحاد والنوبات الصَرعية الدورية للاقتصادات الرأسمالية كل عشر سنوات حيث يُلقى بالعمال على الأرصفة وتُحرق السلع، وكان الأخطرُ والقاضي على الكثير من الآمال الإصلاحية تفجرَ الحروب، وخاصة الحرب العالمية الأولى التي أطاحتْ بكل ثمار الإصلاحات وبأجيال من البشر، مما ولّد نزاعات حادة في الجهة المقابلة جهة الثورات وتصعيد النظريات الثورية للقضاء على الرأسمالية كليا.
هذا ما يمكن مشاهدته في المصير المأساوي لروزا لكسمبورغ وحزبها المذبوح، وفي الحرب الأهلية الروسية وصعود الفاشيات في ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا، فكان الاستقطابُ اليميني اليساري قاريا وعبر خنادق الموت والحروب. فماذا يمكن أن يقدم الوعي الفكري المتقدم في مثل هذا الصراع التاريخي الحاد؟
كانت قارةُ التقدم والحضارة الحديثة تغرق في الدم.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي الفكري والسياسة في أمريكا
- مرحلة الانسلاخ من الفاشيات
- النضالُ المشتركُ بين العربِ والإيرانيين
- تنوع الأنظمة العربية الديمقراطي التعاوني
- الدساتيرُ والقلقُ السياسي
- السيناريوهاتُ الحادةُ واحدة
- الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي
- من أسبابِ الحروبِ الأهلية
- الأيديولوجيا والتكنولوجيا
- الطبقة الضائعة المنتجة
- العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
- الإخوانُ وولاية الفقيهِ
- موقفُ المتنبي (2-2)
- موقف المتنبي (1-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)
- الفرديةُ الحرةُ المفقودة
- المحور الإيراني - السوري يطحن بعنف
- الماوية وولاية الفقيهِ (2-2)
- الماويةُ وولايةُ الفقيهِ (1-2)


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - وعي اليسار في فرنسا(1-2)