عراق ثورة 14 تموز و صراع الشيوعيين و البعث

علاء الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 21:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نزولا عند رغبة بعض الزملاء العرب للمعرفة اكثرعن الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم و الحزب الشيوعي العراقي, بعد ان قدمت مقال العراق و الغزو, اقدم مختصر شديد جدا لتاريخ الاحزاب و الاحداث. و انصح الاخوة العرب بالتوجه الى كتب حنا بطاطا و علي الوردي و هادي العلوي و حسن علوي, للتوسع في معرفة الكثير عن تاريخ و تفاصيل الاحداث العراقية.آمل هذا النزر يعطي شيء من تاريخ ثورة التحرير العراقية و اخطاء زعيم الثورة عبد الكريم قاسم و اخطاء تردد الحزب الشيوعي في استلام السلطة, و دور تخريب الرجعية العربية و القومجية العملاء العراقيين, فتاريخ العراق كان داميا و لازال داميا.

تحيات للزميل الرائع سامي لبيب آمل ان تطل اليوم و تعلق مع اجمل الاوقات و الامنيات!

قيام ثورة اكتوبر الاشتراكية كان حدثا عالميا كبير, و طار خبر الثورة بدون اجنحة شبكة النت الى ارجاء العالم. و بأن رجل يدعى لينين انشاء دولة العمال و الفلاجين في موسكو. فاهتم عدد من المثقفين العراقيين كما كل مثقفي العالم و العرب و صار التأثر بالفكر الماركسي. كما كان صدى الثورة الفرنسية في اوربا الذي اثار كل مثقفي اوربا, مع فارق ان اكتوبر جاءت في وقت تمدد الاستعمار الغربي على خناق الشعوب, بعد مؤامرة سايكس _ بيكو لتقسيم الدول العربية التي فضحها زعيم ثورة اكتوبر البلشفية بعد انتصار ثورة العمال و الفلاحين على روسيا القيصرية.

وقد تزامن دخول الفكر الماركسي الى العراق مع احداث ثورة العشرين من القرن الماضي, فحاول المتأثرون بالافكار الماركسية الاستزادة عن زعيم الثورة لينين و افكاره, فثابروا بالعمل على جلب الكتب و المصادر عبر حدود الوطن في زمن الاستعمار الانكليزي البربري, فانكب المثقفين الاحرار على الدرس.
و تداولت الافكار بحذر خوفا من سلطة الاستعمار الغاشمة, و لتتشكل على اثر هذه المحاولة المحدودة الانفار ولادة اولى الحلقات الماركسية و كان من رموزها حسين الرحال و عوني بكر صدقي و مصطفى علي و محمد المدرس و عبد الله جدوع. في عام 1924 يتجرأ هؤلاء باصدار مجلة علنية نصف شهرية تناقش اوضاع العراق الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية, ولم يفوتها امر ادانة دور الاستعمار و الاقطاع في المجتمع و نشر افكار التسامح الطائفي, و بث افكار التقدم و التحضر المدني في عراق العشرينات من القرن الماضي. لتقوم السلطة بمنع المجلة لرائحتها الاممية!
رغم هذا الهجوم يستمر العمل بين كل احرار العراق و لتظهر مجموعة ماركسية من البصرة شكلها عبد الحميد الخطيب و زكريا الياس في عام1925, و لتبزغ عام 1928 حلقة اخرى مهمة في مدينة الناصرية شكلها يوسف سلمان(فهد) و احمد جمال الدين غالي زويد, حيث دون (فهد) بيان ياعمال العالم اتحدوا, و ليعالج بيان هذه الحلقة الماركسية الجريئة امر الاستعمار البريطاني و شكل السياسة في العراق و ليوزع البيان باسم الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الناصرية نهاية عام 1932. وفي 31 اذار 1934 حضر الى بغداد جميع الشيوعين لعقد المؤتمر التاسيسي بقيادة (فهد), فجرى تشكيل اول لجنة مركزية لتوحد الماركسيين العراقيين و اخذ تسمية لجنة مكافحة الاستعمار و الاستثمار و صار عاصم فليح سكرتيرا للحزب و ليتغير اسم التنطيم الى الحزب الشيوعي العراقي في عام 1935.
ليبرز (فهد) في بناء خلايا الحزب في الجنوب و المركز بغداد و بعدها اُرسل( فهد) عام 35 إلى موسكو للدراسة في جامعة كادحي الشرق, ليتلقى دروس العلوم الماركسية وأساليب واسس الماركسية اللينينية في بناء التنظيم الشيوعي العراقي. و ليعود(فهد) نهاية عام 38 و بعد عامين, ليتم اختيار (فهد) سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي العراقي عام 41 إلى أن تم إعدامه في عام 1949. استطاع محمد حسين أبو العيس البروز بين الشيوعيين العراقيين كرئيس تحرير جريدة الحزب الشيوعي حيث كان احد اعضاء اللجنة المركزية. حكم على (فهد) اولا بالسجن على يد الحكومة الملكية مطية الاستعمار الانكليزي, و ليقود فهد الحزب من داخل السجن, و لقلق الانكليز من الخطر الجدي للحزب الشيوعي و خطر هذا القائد البروليتاري الثوري الكبير, اوعزت الحكومة البريطانية الى الملك بضرورة اعدامه فلم يتوانى الملك العميل عن ذلك.
تاسس حزب البعث في العراق 14في نيسان عام 1947 و بمساعدة القوى الاستعمارية( بريطانية) و كان على يد ميشيل عفلق, وهو يعتمد افكار اشتراكية قومية شوفينية اي هو على شاكلة حزب النازية الهتلري, وهو خليط من اراء هتلر في كتاب كفاحي مع تلقيح بالقومية العروبية وبما يسمى افكار الاشتراكية العربية و القضية المركزية فلسطين. لم يكن له دور كبير في نضال الشعب العراقي إذ بان العهد الملكي لكن برز كقوة داعية الى الوحدة العربية للمتاجرة السياسية, و لاحراج قائد الثورة التحررية الزعيم عبد الكريم قاسم. و تجلى حضوره في الصدامات مع القوى الشعبية الحرة المناصرة لثورة التحرير الفتية و خاصة ضد الحزب الشيوعي العراقي. و ليأتي الى السلطة في شباط 63 و ليقوم المذابح اتجاه الضباط الاحرار الذين حرروا العراق من الانكليز و اغتيال زعيمها بمحكمة صورية, و ليعرض التلفزيون العراقي صور الجريمة البربرية لاول مرة في تاريخ العراق حيث جثة الرئيس, محرر العراق ملقية على الارض لارهاب الناس و استسلامها.
انقلب عبد السلام عارف القومي الناصري( الموالي للانكليز) على البعثيين, ليُرمى جناحهم العسكري بما دعي بالحرس القومي البربري, السلاح الذي زرع الرعب في نفوس الشعب العراقي و ليهرب بعض قياداته الى سوريا و مصر و بعض منهم بقى في السجن كالرئيس الراحل احمد حسن البكر الذي قدم البراءة من حزب البعث. لكن ليعود البعث في تموز عام 1968 بانقلاب عسكري ( امريكي), إذ قال الرئيس احمد حسن البكر المقبور جئنا بالقطار الامريكي للسلطة, ضد الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف, و هو شقيق الرئيس عبد السلام عارف الذي اغتيل بحادث تفجير طائرته 11 نيسان 1966, حين كان على متن طائرة مروحية بين بغداد و البصرة, ولكره الشعب له تغنى الشعب للحادث و صار تعليقات في الشوارع مثل, صعد لحم نزل فحم, فيعرف الناس انه تشفيا بقاتل بطل التحرير الوطني الزعيم قاسم.
الحزب الشيوعي العراقي وعبد الكريم قاسم
انجز الزعيم عبد الكريم الثورة التحرير الوطنية و لتصبح من الايام الاولى ثورة الشعب اذ التف الشعب و الحزب الشيوعي مباشرة حول الثورة.
ولد عبد الكريم قاسم بن بكر الفضلي الزبيدي (1914) في منطقة الفضل في بغداد. انهى دراسة الكلية العسكرية وليبدأ من المرتبة المتواضعة ملازم ثاني في كتيبة للمشاة و ليتطور بجهده و جده ليصبح مدرس في الكلية العسكرية وفي عام 1941 ينهي دراسته في كلية الأركان العسكرية. وليتقدم قاسم لرتبة زعيم ركن عام 1955 وبعد أن أصبح عقيدًا صار آمرا للواء المشاة 20.
تشكلت نخبة للضباط الوطنيين, و لينضم الزعيم عبد الكريم قاسم إلى حركة الضباط بعد حرب 1948 و بعد عودته من الحرب في فلسطين, قام بتشكيل مجموعة للضباط الاحرار,عرفت بتنظيم المنصورية, و لتتوحد عام 1952 مع خلية أخرى كان يتزعمها العقيدين محي الدين عبد الحميد وناجي طالب. ليصبح عبد الكريم قاسم قائدا لتنظيم الضباط الاحرار وفي عام 1955 قام عبد الكريم قاسم باحضار زميله العقيد عبد السلام للتنظيم, إذ تمتد علاقة الزمالة إلى عام 1938 و عند لقائهما كانوا يناقشوا سوء الأوضاع السياسية لحكومة نوري السعيد رئيس الوزراء و الأمير عبد الاله العميل البريطاني و الوصي على العرش. ولتكون الحياة العسكرية في حرب الفلسطين 1948 محطة اخرى, فقد كان قاسم في كفر قاسم و عارف كان في جنين, ولتزداد اللقاءات و لتمتد الى عام 1951 حيث انفصل عبد السلام عارف عن رفيق السلاح لمدة خمس سنوات حيث انتسب في ذلك العام بدورة تدريبية واستمر فيها حتى عام 1956. قام الزعيم قاسم بالاسراع في التخطيط للانقضاض على الحكم الملكي متجاوزا اجماع التنظيم, و متفقا مع زميله القديم عبد السلام عارف و اعلام بعض ضباط التنظيم بيوم الثورة وهم الفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري العقيد عبد الوهاب الشواف و شقيق عبد السلام.
و لينجح التنظيم في اسقاط الملكية و استلام السلطة و ليصبح عبد الكريم قاسم اول رئيس الوزراء في العهد الجمهوري والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في 14 تموز 1958, بينما تبوء العقيد الركن عبد السلام عارف منصب نائب رئيس الوزراء و وزير الداخلية و أسدي الى الفريق نجيب الربيعي منصب رئيس مجلس السيادة لحين ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية! و لتوزعت الوزارات على أعضاء التنظيم بحسب مكانة النفوذ و الإسهام بالثورة. و ليكون من اسوء الاقدار و جود عبد السلام عارف القومجي في التنظيم و الثورة. إذ كان عبد الكريم قاسم عسكري وطني اصيل احب شعبه وخاصة الطبقات الفقيرة المنحدر منها.
اسرع الزعيم قاسم بالقرارات الوطنية و الثورية و التقدمية المهمة و كأنه كان متهيأ تماما لها و هي التي حدت بالشيوعيين الى اسنادها. فشرع ببناء المساكن لابناء الفلاحيين و الكادحين الفقراء الذين نزحوا إلى بغداد ومن بينها مدينة (الثورة) شرق بغداد والتي اصبح عدد سكانها الحالي اكثر من 2 مليون الان, كما بنيت دور الارامل للنساء المنكوبات, وزعت الاراضي بالمجان ليقضي على مدن الصفيح في بغداد, و لتصبح مدينة الثورة بعد مصرع الزعيم قاسم مصدر قلق للساسة في العراق فدعها البعث مدينة صدام بكل صلف, و الان تدعى مدينة الصدر نسبة للقائد الاسلامي العراقي باقر الصدر بدون اي خجل. لا يجرؤ احد على تسميتها مدينة الثورة طمسا لذكرى الزعيم قاسم المحبوب. بعد اسكان البشر الفقراء و الفلاحين اصدر قانون إصلاح الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين ولا يخفى اهميتها, لضرب الاقطاع عبوديته و خاصة في جنوب العراق و ليصدر قانون الاحوال الشخصية الذي دعم موقع المرأة في المجتمع لتهيئتها لخوض الدراسة والعمل جنبا الى جنب مع الرجل. ليأتي القانون الضربة في المجال النفطي باسم قانون رقم 80 الذي حدد بموجبه التنقيب و استثمارات شركة نفط العراق البريطانية, اي وضع اليد العراقية على النفط و لبناء الشركات النفطية العراقية مستقبلا.
ولتحدثت طفرة نوعية على الصعيد الصحي والتعليمي لتشييد المستشفيات الحديثة في أرجاء ارجاء العراق كمستشفيات الجمهورية و في جميع المحافظات, و مدينة الطب في بغداد التي تعد أكبر مؤسسة طبية في العراق و في الشرق الأوسط في حينه, لتحدث ثورة تشييد المدارس في جميع أنحاء البلاد, مع دعوى الزعيم و حث الشعب للتوجه نحو العلم والتعلم, حيث صار التعليم مجاني لتوزيع الكتب بالمجان. و كذلك في مجال الدراسة في الجامعات الحديثة التي بنيت في زمن التحرير. و جاء قانون الاحوال الشخصية لدعم حقوق المرأة و مساواتها في الميراث و مع ضمان حقوق و مشاركة المرأة للرجل في الحياة العمليه و العلمية و في كافة المجالات. حيث بدأ الاعداد و البناء اللازم للانطلاق, إذ إنشاء العديد من المصانع والمنشآت والمناطق الصناعية في عموم أنحاء العراق منها منشآت الإسكندرية. و ليتم عقد الاتفاق الاولي لبناء ملعب الشعب الدولي بين العراق وشركة كولبنكيان البرتغالية, و هو الملعب الرئيسي في بغداد ويتسع إلى 50 ألف متفرج. لكن يفتتح الملعب قاتل الزعيم قاسم, الجزار عبد السلام عارف.
على صعيد العلاقات الدولية اتسمت بالعزلة عن المحيط العربي و خصومة مع العالم الغربي والتقارب من المعسكر الشرقي الاشتراكي حيث وقع اتفاق دفاع مشترك استراتيجي مع الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي. و لتتميز علاقات العداء مع الرجعية العربية وتمتد الى الصراع مع الرئس المصري عبد الناصر و الخلاف مع الرئيس السوري, ففي حينها كان ناظم القدسي و مشروع الوحدة الفاشل الذي لم يتفق و نهج الثورة العراقية و ليس الوضع بافضل مع حسين بن طلال العميل الانكليزي المخضرم و لا مع فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك الرجعية السلفية العربية وكما أمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح. العلاقات مع المغرب و ثورة الجزائر كانت على اعلى المستويات لدعم الزعيم قاسم الثورة الجزائرية.
ليكون أخطر قرار اتخذه عبد الكريم قاسم ضد السياسة العربية هو إلغاء عضوية العراق من الجامعة العربية, و ليستغل من القومجية للتطبيلعلى ان الزعيم العراقي شعوبي ضد مشروع الوحدة العربية ,الكارثة. شخصيا انا اعتبر الزعيم قاسم كان نبيا, ببعده السياسي الفكري في امر الوحدة العربية, إذ تخبط القومجية في مصر و سوريا لتصبح الجامعة العربية حديقة حيوانات و مؤتمراتها مهزلة العرب الكبرى و خاصة بعد مجيء القذافي و اقزام الخليج و اخير ليلعب بيه حمد ال ثاني اوكسيد الرجعية. فهكذا فصار العراق مطوقا من الاعداء العرب و بعلاقة حذرة مع إيران الشاه و تركيا الناتو في الشمال.
العلاقة مع بريطانيا كانت متوترة إلا ان بريطانية كانت تحاول الحفاظ على المصالح البريطانية في العراق و المنطقة, منها لعدم تأميم حقول النفط في فترة تعالت الأصوات الداعية للتاميم بعد تأميم مصدق في إيران للنفط و تأميم قناة السويس في مصر. كانت لقاسم مطالب عديدة من ضمنها ضم الكويت للعراق سنة 1961 معتبرا أن الكويت جزء من العراق.
اطلق رصاص الغدر و الاغتيال على الزعيم قاسم على يد الانقلابيين بحضور عدد من الجلاوزة منهم عبد السلام عارف و اخرين. و بدعم الحكومة البريطانية فقد مولت عارف قائد الانقلابيين بالملايين من النقود. فيكون الزعيم قاسم قد حكم العراق 4 سنوات و 6 أشهر و 15 يوماً، تم إعدامه دون تحقيق ومن خلال محكمة صورية عاجلة, اطلق الرصاص عليه في مبنى دار الإذاعة والتلفزيون في بغداد يوم 9 شباط 1963. جل الضباط العسكريين الانقلابيين ينتمي إلى حزب البعث.
رغم الجدل في امرالزعيم قاسم, يبقى هو القائد الذي انجز التحرير الوطني و اسس الجمهورية العراقية. فالكثير يعتبره من الرؤساء القلائل الذي امتاز بالنزاهة و حرصه على مصالح الشعب العراقي, لم يكن يعمل على استغلال مركزه من اجل المنافع الشخصية و اعتمد مبدأ الكفاءات في التعين و الغى الولاء للعائلة و العشيرة, و قدس المسؤولية الوطنية. و الصبر الكبير اتجاه أعدائه و التسامح المفرط, حتى صار التندر بمقولة عفا الله عما سلف, لتساهله مع المجرمين الانقلابيين اذ افرج على الكثير من الرجالات الخطيرة المحكومة بالاعدام, ومنهم عبد السلام عارف الذي عمل على تصفيته جسديا. رفاقه الذين انحازوا الى القومجية و الرجعية, و اتهموه بالعمل على الاستثئار بالسلطة والسعي إلى تحجيم الأحزاب الوطنية والقومية! و إصداره أحكام إعدام لبعض أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين كالعميد ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري وغيرهم من شهروا السلاح الرجعية و العمالة بوجه الجمهورية الفتية في عام 59 اي بعد عام واحد! حاولوا ضرب الزعيم بتهمة صار القائد الاوحد!! و أبعاد العراق عن محيطه العربي و المد الوحدوي!!
و من جانب اخر كان ما دعي بالتقرب من الشيوعيين, و حدوث التطاحن في الموصل وكركوك وأعدام نفر من خصوم الزعيم العسكريين المتآمرين. و ليكون الشيوعي إبن خالة الزعيم قاسم, المقدم فاضل عباس المهداوي الماركسي هدفا للاشارة الى المد الشيوعي في سلطة الزعيم قاسم. إلا أن الإجماع يؤكد على شعبية الزعيم قاسم الكاسحة بين شرائح العسكريين و الشيوعيين و الفلاحين و الكادحين في المدن و كل المناطق الشعبية و خاصة في جنوب العراق حيث لقب في المناطق الشعبية ( أبو الفقراء).
فمع تطور الأحداث السياسية إذ بان السنة الأولى من حكم الزعيم ظهر تسلل و بوادر نفوذ لليساريين و الحزب الشيوعي. لتتغير الحال مع إطلالة عام 1959 حيث ظهرت للعيان بوادر و محاولات كبح جماح بعض التيارات اليسارية و الشيوعية لتاثيرها في القرار السياسي وضغوطها من اجل تبني إجراءات أكثر ثورية. إتخذ قاسم إجراءات للحد من نفوذ التيارات اليسارية و الشيوعية في المناصب الحكومية وقوات الشرطة وسحب السلاح من ميليشيا الحزب الذي كان يعرف بالمقاومة الشعبية. إذ سببت الاتهامات الموجهة من الأوساط المحلية والعربية والدولية بالارتماء في أحضان اليساريين و الشيوعيين إرباكا للزعيم قاسم, ليتم عزله عن اليسار من اجل لانقضاض عليه!!!
في الحقيقة دعم الشيوعيين لثورة قاسم صار واضحا عام 1955, ليقلق القوى الرجعية العربية و القومجية و البعثيين المدعومة من الانكليز و الامريكان, حيث انعكاس الصراع في الشوارع بين انصار التحرر و التقدم و انصار الثورة الرجعية المضادة التي قلقت من التقدم العصري الحديث. و كذلك طمع القومجية للاستحواذ و سرقة الثورة من الزعيم قاسم الوطني المستقل. و في نفس الوقت ليقلق الزعيم قاسم من قوة الحزب الشيوعي ايضا!
و لتحدث مجموعة من الاضطرابات الداخلية لتهز حكم الزعيم قاسم على الصعيد الداخلي. اخطرها كانت حركة التمرد من قبل الأكراد في عام 1961, أدت لتهشيم اللحمة الوطنية و إضعاف هيمنة الزعيم قاسم في العراق . و ليتفاقم على الصعيد الإقليمي, أثر موقف عبد الكريم قاسم الرافض لمشروع الوحدة القومجي الناصري, بما عرف بالجمهورية العربية المتحدة. الذي كان خيبة للقومجية العراقيين و الشخصيات السياسية العربية و خاصة الرئيس المصري جمال عبد الناصر, الذي ناصب الزعيم قاسم العداء. و في طيات الامر كان الخوف من قاسم على زعامة الامة العربية! فاستقبل عبد الناصرالمنشقين من الضباط الرجعيين و القومجية و البعثيين العراقيين في عام 1959 و مول محاولة انقلاب عسكري فاشل على حكم قاسم, دعيت بحركة الشواف الذي نال الاعدام و ليصبح بداية احقاد سياسية تاريخية في العراق.
و قام صدام حسين ( الصايع ) ايضا بمحاولة اغتيال فاشلة!
في عام 59 أذ اصاب الزعيم قاسم في ساعده الايسر و فر الى سوريا و منها الى مصر. لتكتب نيويورك تايمز عن الشاب الثوري صدام حسين, ذو 21_22 عام من العمر و بطولته في محاولة لاغتيال دكتاتور العراق!!!
و كيف هرب صدام على حمار (دعيت برحلة على الحمار الى سوريا) و هو مصوب بساقه, لكن لم يكشف عن هوية هذا الشاب و ما اسمه, اذ كان صدام حينذاك شاب صايع بلطجي استغله رجالات البعث في صدامات الشوارع ضد الاحرار و الشيوعيين. ليكون القدر الى جانبه ليصفي القيادات البعثية و خصومه في حزب البعث, و يتحول الى دكتاتور بربري همجي. و لتكون البدايات هناك في مصر, حين ألتقي جمال عبد الناصر و رئيس المخابرات الامريكية, و الذي كان في حينها جورج بوش الاب, و اعد صدام حسين كرجل مخابرات. و معه مجموعة من الضباط العسكريين العراقيين الذين كان معظمهم ينتمي إلى حزب البعث. و يذكر حردان التكريتي في مذكراته ان صدام حسين اختفى لمدة 6 اشهر في لبنان, ليتهم حردان التكريتي صدام حسين بلقائه بالموساد الاسرائيلي, و ليؤكد الغرب عمالة صدام الى ( السي. آي. آ ) بافلام وثائقية.
لعب الحزب الشيوعي دورا بارزاً في دعم ثورة عبد الكريم قاسم, لتصمد مدة 4 اعوام, إذ في عام 1959 أصبح للحزب الشيوعي قاعدة الشعبية قدرت باكثر من 2.000,000 و هو كان مصدر استمرار ثورة الزعيم قاسم و في نفس الوقت اقلق هذا الحضور للشيوعيين في كل مدن العراق الزعيم قاسم, و خاصة حين صار تصادم بين انصار الثورة الذي هو جدار الكادحين و الفلاحين و الشيوعيين ضد الضباط الرجعيين و القومجية الناصريين و البعثيين في احداث الشغب في كركوك و الموصل, و إثر محاولة فاشلة للضباط عبد الوهاب الشواف المدعوم من عبد الناصر. ليزيد بعض الضباط الرجعين من قلق الزعيم بسيطرة الشيوعيين على الشارع, فعمل على الحد من نشاط الشيوعيين وزج الكثير منهم في المعتقلات للتبيان لخصوم الشيوعيين على انه غير منحاز لاحد, وانه حازم ضد كل من يمارس العنف في الشارع, بعد اعدامه للعسكريين الرجعيين الذين خانوه وتواطئوا مع قوى اقليمية و اوربية و امريكية!
و ليبدأ التفكير في داخل الحزب الشيوعي عن أفضل وسيلة للتعامل مع عبد الكريم, فكان سكرتير الحزب آنذاك حسين الرضي (سلام عادل) فطرح امر العمل على استلام السلطة, بينما اقترح البعض الآخر الاستمرار في دعمه, و استمر الخلاف في الحزب حتى سقوط عبد الكريم قاسم في انقلاب قاده عبد السلام عارف في 8 شباط عام 1968, حيث راح الزعيم قاسم بعيد في كبح نفوذ الشيوعيين في الشارع و السلطة, ليكون سببا لوئد الزعيم قاسم نفسه و ليصبح الحزب الشيوعي هدفاً للبعثيين, عقابا لمناصرتهم الزعيم قاسم و للتصدي لمحاولاتهم الانقلابية و صراع الشوارع في كوكوك و الموصل. لتوجه ضربة بربرية لقتل الشيوعيين و انصارهم فراح ضحيتها ما يزيد عن 0.000 1 انسان من احرار العراق و مناصري جمهورية قاسم من الضباط و الفلاحين و الجماهير الشعبية و من ضمنهم حوالي اكثر من 5000 شيوعي كان من بينهم سكرتير الحزب الشيوعي (سلام عادل) والكثير من القيادين الشيوعيين في المؤسسة العسكرية. وطبعا جرى الغاء قانون الاحوال الشخصية و ارجاع قانون العشائر الرجعي, محاباة للقوى الرجعية و السلفية التي خذلت الزعيم قاسم بسبب توجهاته العلمانية, لتحدث اكبر ردة رجعية في تاريخ العراق الحديث!
الحزب الشيوعي وحزب البعث
كان هناك جبهة ضمت الحزب الشيوعي و حزب البعث و حزب الامة الوطني, دعيت بجبهة الاتحاد الوطني, لكن حال قدوم ثورة الزعيم قاسم التحررية و الشعبية, و رسمت الوجه الوطنية التقدمية انكمشت القوى الرجعية و القومجية و اليمينية من هذا التحول الوطني الثوري, ليتخندقوا الى جانب الضباط الرجعيين و استغل الامر الوحدي و الامة العربية. فحين راى الشيوعيين ان تعزيز الانجازات الوطنية التقدمية امر مهم لتطوير العراق الفتي الخارج من قبضة الاستعمار, ومن هنا بدأ الصراع المرير بين الشوعيين و البعثيين و ليستمر لاكثر من خمسين عام بين هدوء يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفه, لتجري التصفيات الدمويه للشيوعيين على ايادي البعث العفلقي. في كل مرة حين يكون تعاون و هدوء يحدث تطور في العراق و ما ان يهاجم حزب البعث الحزب الشيوعي, تحدث الردة والكوارث. و كان اخرها بضرب الجبهة الوطنية عام 78 و صعود صدام حسين للسلطة, و ليصرح صدام ان لا شيوعي واحد يبقى في العراق عام 80! و ليبدأ صدام حسين الحرب على ايران و بايعاز امريكي, ويتخبط فيها 8 اعوام ثم ليدخل المأزق الكويت و يتحول العراق الى مستعمرة امريكية عام 2003. لقد دمر حزب البعث و صدام لا الحزب الشيوعي فقط بل دمر العراق كله.
قضى صدام حسين ايضا على كل رفاقه البعثيين و من ضمنهم المؤسسين و المشاركين بالانقلاب في من امثال عبد الخالق السامرائي, عبد الرزاق النايف, حردان التكريتي, صالح مهدي عماش, احمد حسن البكر الرئيس السابق و اولاده و مجموعة محمد عايش , منيف الرزاز, شفيق الكمالي, وزير الصحة عدنان حسين و ابن خاله عدنان خيرالله وزير دفاعه في زمن الحرب و ماهر عبد الرشيد و حتى ازواج بناته, و ليصل الرقم بالالاف على طول سنين الحرب. بهذا انتج صدام حسين في حزبه رجالات مسخ عشائرية طائفية قومجية انتهازية جبانة لا تمسح الجوخ فقط بل القندرة . و لترقص و تصرخ 30 عام بشنبها الثخين العار, لقائد الضرورة بالروح بالدم نفديك يابو حلى, سواء في حروبه البربرية او في حفل اعداماته. راح صدام حسين لكن بقت مسوخ صدامية شريرة مرتزقة, فهم بلا اي اخلاق او قيم, على شاكلة اخلاقية السلطة القذرة في تعملها, ليصفقوا الى جورج بوش و الغزو و الليبرالية! و بروح و بالدم و هجع صهيوني جديد!
وعن الخداع لابد من هذا القليل.حين جاء انقلاب البعث في عام 1968, الذي فقد اي شعبية بعد المجاز الدموية في 63, التي استمرت 9 اشهر حيث ان عبد السلام عارف انقلب على البعثيين و حرسهم القومي السيئ السمعة و التاريخ, ورموا سلاحهم هربا و اختفوا في الحفر كما قائد ضرورتهم صدام سبحان الله او الهرب الى سوريا و مصر. فعملوا على امور تكتيكية لتبيض صفحتهم الدموية السابقة كالاعتراف بجمهورية المانيا الديمقراطية, و مشروع الحكم الذاتي للاكراد الذي لم يطبيق ابدا, و القيام بمعاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفيتي و السماح بجريدة الحزب الشيوعي طريق الشعب, و ليحدث حوار و تقارب بين الحزبين , لتأتي الجبهة الوطنية و القومية التقدمية الكسيحة في تموز من عام 1973 فقام سكرتير الحزب عزيز محمد بالتوقيع على اتفاقية مع الرئيس العراقي احمد حسن البكر. أملا جنبا إلى جنب مع حزب البعث لبناء الاشتراكية هههه! لكن الخلافات بدأت تطفوا على السطح بعد ان ركز البعث الدموي قوته, للانفراد بالسلطة ليتم ضرب الجبهة الوطنية عام 1979 وأصبح الحزب الشيوعي حزبا محظورا.
عادى البعث العراقي, بعث صدام, ومن ايامه الاولى جمال عبد الناصر و حل صراع دامي مع البعث السوري فلا وحدة و لا اشيراكية و لا بطيخ, بل بان الوجه البشع للاستحواذ على السلطة و بدكتاتورية رهيبة لم يشهدها التاريخ العراقي!
بعد الغزو الامريكي للعراق هرب الكثير من المسخ الصدامي القومجي الى دول الجوار كالخليج و السعوية, مع عزت الدوري و الحرامي مشعان الجبوري و من لف من لفهم, للتعاون مع الرجعية السلفية السنية و الامريكان و جهاز القاعدة. وهناك من تدحرج الى الغرب و امريكا, و مع مجيء دولة الغزو و الاحتلال بقادة الصهيوني بريمر التي تمخضت عن دولة طائفية تنهكها الصراعات من كل الاشكال و الاتجاهات و الاختلاسات و الفضائح. ليأخذ الصدامييون دور النذالة الجديدة بالمتاجرة بكونهم ضد الامريكان, لكن في الحقيقة يبقى دورهم ذاته في العمالة للعودة للسلطة عبر المتاجرة بكل المواقف و الاتجاهات. فيحنا يتهمون السلطة تتجه بالابتعاد عن المحيط العربي المنحط المتمثل بالدولة المضيفة ,للبعث, السعودية السلفية و القاعدة و الدبابة الامريكية. و اليوم بعد انفضاح المحيط العربي العميل الداعر يعمل الصدامي القومجي الدجال بنفس طريقة المُعاعدات لدولة الزعيم قاسم, لكن بالتمشدق بالليبرالية الغربية و الديمقراطية الامريكية و التحرير عوضا عن التمشدق بالوحدة العربية المستهلكة. الانتليجسيا الصدامية, هي خمير الامبريالية الامريكية المجرب, تجرب حضها الان و بانقلاب بزاوية تمرغلية انبطاحية منفرجة بالعهر السياسي, للتطبيل للعصر و القرن الامريكي, في توجهه لتفتيت الشرق الاوسط و التطبيع مع الدولة الصهيونية, و طبعا بثباتها الحازم في معادات اليسار و لا يخفى امر العداء الطائفي للسلطة الحالية, إذ هي ذات ملامح شيعية و ليست بعثية صدامية!
عارض الحزب الشيوعي العراقي الغزو الأمريكي لكن شارك في العملية السياسية و سكرتير الحزب الشيوعي الان هو حميد مجيد موسى عضوا في مجلس الحكم في العراق و يشارك الحزب في الأنتخابات العراقية باسم اتحاد الشعب ودخل بالانتخابات الثانية مع القائمة العراقية الوطنية. الحزب الشيوعي العراقي يدخل الجبهات السياسية, لكن دائما يكون هو الخاسر و تتعرض القاعدة الحزبية له للتدمير على ايدي الرجعية و القومجية البعثيين الصداميين. الحزب الشيوعي الان هو الحزب الوحيد الذي يعمل بنزاهة, لكن هو الحزب الوحيد بلا ميليشيات, فالكل مسلحة و مدعومة ماشاء الله. الاسلامية و قوات بدر و جيش المهدي, البعث و رجالاته الصداميين من المخابرات التي ضلت تتحين الفرص وهي مدعومة من الامريكان و القاعدة و السعودية. اغتيل العديد من الشيوعيين و كان منهم هادي مهدي و كامل شياع, و هم ,الشيوعيين, مهددين دائما بكواتم الصوت الان, و الله ايعين الشيوعيين هذه المرة ايضا!
المصادر:
الويكيبيديا _نؤام تشومسكي_ ادبيات الحزب الشيوعي_ قراءات سابقة لحنا بطاطا_ حسن علوي_محمد حسنين هيكل و كتب اخرى و افلام وثائقية. جرائم الحرس القومي في الصورة ادناه من الويكيبيديا!

#علاء_الصفار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات