أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء الصفار - الدين السماوي سم مصفى















المزيد.....


الدين السماوي سم مصفى


علاء الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 00:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الماضي حين يعود كجثة في سريرنا

لقد كانت الجزيرة العربية مميزة بامور معينة, بسبب لا بد يعزى الى المرحلة التاريخية او الى امر مستوى التطور الطبقي_ الاجتماعي قبل ظهور الاسلام. ففيها الجيد والسيء, من الامور الاجتماعية و الاعراف و التقاليد و قيم و لهم ايضا تراثهم الشعري و شؤون المبارزة التربية لتعلم الفصاحة في الكلام و غيرها من امور, و تماما كما في اي امة او شعب في العهود الغابرة أو الزمن الحديث.

ان الملاحظ و المعروف عن الجزيرة العربية جدا محدود في ما يتعلق ما قبل الاسلام, اذ الغي و نسف تاريخها و معالم تطورها الاجتماعي و ليدغم مع الحركة الاسلامية و بعد ظهور الاسلام كان يجري التطور و كأن ما يحدث ليس له اتباط بالماضي التاريخي الاقتصادي و الاجتماعي, و ما آل اليه الشكل الجديد لتطور حياة للشعب فيما بعد.

لكن هناك اشارات يمكن رصدها و تحليلها لتشكيل صورة عبر القطع الصغيرة المشتتة لتعطينا صورة معينة عن هذه البقعة و هذا الشعب القديم الذي كان يحيا قبل الاسلام و الثورة المحمدية التي الغت الديانة الوثنية و سلطة التجار القريشية و معه كل التقاليد و اعرافهم الاجتماعية و الموروث الثقافي من شعر و رسم و نحت و غناء وعزف, بكلمة اخرى الغت المجتمع القديم, بطبقة تجاره البسيطة و المتواضعة. لتكن النقلة الاتية و التي تحققت بعد استتباب امر دولة النبي محمد, ف فمن حروب الغزاوت الداخلية بين القبائل الى دولة موحدة ذات ملامح توسعية تجنح نحو الفتوحات الاسلامية و بكلمة اخرى ليتجلى بعد موت النبي محمد, شكل لامبروطورية واعدة قاهرة للبلدان الاخرى و اديانها, أي كانت ثورة على الواقع الموجود!.

كانت الناس هناك في شبه الجزيرة العربية تعيش بسلام, اذ لم نسمع كثيرا عن عمليات عنف و قتل لرجال السلطة القريشية الوثنية. و كما كان وآم بين مختلف الاديان الموجودة اذ لم يبلغنا التاريخ عن مجازر او احداث دموية اتجاه معتنقي الاديان المختلفة, كما وصلنا عن حرق اليهود الرافضين للتمسيح في اسبانيا مثلا. كان العرب الوثنيين القدامى مًنْ يتحول الى المسيحية او اليهودية بحرية و بدون أي عقاب او اكراه في الدين. ويبدو كان هناك الكثير من مجال التحرك الانسيابي للمرأة, ذا المسحة الطفولية البدائية للمشاعية و بقايا من ملامح دور الامومة, حيث كانت المرأة لها مكانة وحضور في ذلك المجتمع البسيط التطور مع شيء كبير من الثقافة الشعرية و الغناء و الرقص وفسحة كبيرة من الحرية الجنسية البدائية الواردة و المتبقية من مرحلة المشاعية البدائية السحيقة في القدم!

و اقوى مثل في التسامح الديني وحضور المرأة ما يمكن ان اقوله او اضربه الان, و كمثل و هو الجلي و المعروف للجميع ان النبي محمد كان متزوج من, التاجرة والتي هي طلبت الوزاج منه, خديجة بنت خويلد النصرانية و بدون ادنا محاذير او مشاكل و عوائق, هذا,الزواج يحدث الان في الزمن الحديث في الدول المتقدمة العصرية, التي تقر الزواج المدني. لكن للاسف ليس في مصر او العراق حاليا, فهو محرم بعد مرور 1450 سنة!!!

ان البشرية مرت بمراحل تاريخية معينة لابد الجزيرة قد مرت هي الاخرى بها, لكن البعض لا يريد ان يقر و يعترف بها لكن دلائل موجودة تدل على ان العرب في الجزيرة قد مرت بامر المشاعية البدائية او على الاقل لنلاحظ امر دور الامومة التي مرة على الكثير من الشعوب في العالم كمرحلة في سلسلة التطور الاقتصادي و الاجتماعي.

و استنادا الى ما نرى من شعوب لازالت في الاطوار المشاعية البدائية كما لشعوب قبائل في الامازون و افريقيا.

ممكن ان نسحب بعض الامور على واقع الحياة في الجزيرة قبل الاسلام لتحليل بعض الامور على ضوئها من خلال الفهم العلمي لتاريخ العرب و البعيد عن الامر الديني بعد انتصار الاسلام, و بعيدا من الخجل من تلك الحياة المشاعية البدائية الطفولية و خاصة في مجال العلاقات الجنسية في ذلك الوقت, اذ يمكننا ذلك من معرفة المعيار و الاعراف و التقاليد الاجتماعي عن كثب و يساعد معرفة امر الثورة المحمدية, و ليس فقط كأحلال دين محل دين اخر, بل صاحبه ازالة بقيا مرحلة المشاعية القبائلية و ازاحت بقايا اخلاقيات مرحلة الامومة التي كان لها شأن في شكل موقع المرأة في ذلك المجتمع.

ان التحرر من الافكار التي اسقطها الفهم و الفكر الحديث بمفرداته وفهمه و عرفه و لغته المختلفة بل الغريبة في التقييم و النظرة للامر الاجتماعي السابق , ما قبل الاسلام. مما ساهم هو الاخر في القاء نظرته و فهمه وظله الجديد على طبيعة الحياة الاجتماعية لتلك الفترة البعيدة من تاريخ الشعب, لتخرج و تاتي التحليلات غير صائبة, اذ اتت من خلال المعيار و المنظار و اللغة و الفهم الحديث لتناولت التاريخ و الاحداث الماضي الغابر في القدم. أي لم يجري فهم الامر التاريخ الاجتماعي من خلال مدلول العرف السائد آنذاك و رموزه و اعرافه وتقاليده و معطياته و احكامه المرحلية, وبعيدا عن اسقاطات اخلاقيات و معاير العرف الساد الحالي على الماضي.

اذ كان هناك مثلا دور و حضور واسع للمرأة, و هذا في معناه الحصري لا يدل و يعني ان الشعب كان متحضر و متطور و عصري, بل يؤكد ان المجتمع كان لا يزال يحمل بقايا اخلاقيات مرحلة الطفلولة المشاعية البدائية و زمن مرحلة الامومة الاولى, في احترام حضور و مكانة المرأة ضمن حدود تاطيرات تلك المرحلة. اذ لم يستطع الرجل بعد و الطبقة الجديدة من تجار قريش ان تطبق سلطتها و بالتالي لتقضي على بقايا اخلاقيات المرحلة السابقة, و تلغي مكانة المرأة تماما, بل استمر الامر طويلا لحين انتصار الاسلام الكامل و استتبابه في المجتمع و لتحقق بعدها سلطة الرجل المطبقة على المرأة, تماما كما حرم الخمر و اعتبر جرم يجلد علية الانسان!

الامر يتشابه الان ببلدننا العربية الحالية مع فارق المرحلة طبعا, فرغم التحولات الاقتصادية الكبيرة و محاولة الدولة بالبناء الاقتصادي الحديث لم تسود الطبقة البرجوازية و اخلاقياتها و اعرافها و تقاليدها في المجتمع للان. لازال لدينا شكل من اشكال الاقطاع و لازالت القبائل الرعوية موجودة بشكل حياتها و اعرافها و تقاليدها, و في العراق رجعت حتى العشائر باخذ دور في الوجود السياسي, وفي الريف لازال العرف و التقليد العشائري يجري, رغم ان الحياة جدا مختلفة في العاصمة بل غزت القرية المدينة لتملي عليها التقاليد و الاعراف العشائرية البالية, اذ اننا لم نقم بالثورة البرجوازية الوطنية التي تسحق و ترمي بالاقطاع الى مزبلة التاريخ, كما حدث و جرى في اوربا, وليبدأ عهد التنوير وعزل الدين عن الدولة!

فحضور المرأة قبل الاسلام وبعد الاسلام في مرحلته الاولى من اتصار الثورة المحمدية كان واضح مثل خديجة الكبرى والخنساء وسكينة و عائشة و هند بنت عتبة, الملقبة باكلة الاكباد, التي مضغت من كبد الحمزة و التي اراد النبي قتلها حتى ولو تعلقت باسوار الكعبة’ و التي حضرت الى الكعبة بعد الفتح الاسلامي, و لتقل له جملة واحدة و تحصل على حريتها. فحين جاء النبي و رآها في الكعبة, قالت للنبي محمد أنبي احقود. ليضطر و يعفي النبي عنها!

فمن الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للناس وممكن الاستناد على ما ورد حتى من الكتب الدراسية للتاريخ لاستشراف الامر المتماهي و التعمية و التعتيم عليه.

فكما كان في المجتمع القتل والغزوات ووئد البنات, فكان فيها الاعلام المشهورة التي و صل صداها الينا كالسخي الشديد الكرم حاتم الطائي و الشاعر العملاق امرؤ القيس و عمر ابن ربيعة والخنساء و خديجة الكبرى و المبارز القدير عمر بن ود العامري و الداهيه ابو سفيان و المقاتل العملاق صخرة ابن حرب و الحكيم علي ابن ابي طالب. اي كان هناك صراع خير وشر قبل الاسلام و كما في أي مجتمع اخر في ذلك الوقت, و انه كان حضور و دور معين للمرأة في تلك الفترة.

وكما كانت العرب تقدس الشعر و الغناء والرسم و النحت( و الرسم والاصنام مثلا من الامور التي حرمت, لذا صار لا رسوم و لا تماثيل للقادة و الاحداث الاسلامية), وكان ايضا حب و عشق بين الناس و قصص حب و صلتنا, كجميل بثينة و كثير عزة مما يوحي بان لا قمع و تزمت كبير اتجاه لقاء الرجل بالمرأة. و كانت العرب تعاقر الخمرة فكلمة كحول عربية, و كان لها شعرائها, و النبي لم يستطع في البداية تحريم الخمر بل قال لا تقربوا الصلاة و انتم سكرى, ثم اشتهر عرب المدينة و عكاظ بالعلاقات الجنسية لمجتمع المشاعية الطفولي البدائي, كما هو الحال الان للشعوب البدائية في الامازون وافريقيا.

ان ظهور خطوة بيع العبيد و الجواري الجميلات و القادرات على العزف و الغناء و الرقص قبل 1450 عام يؤكد ان المجتمع له نظرة اخرى للمرأة و الجنس, فهي كانت الخطوة الاولى لسحق المرأة و مكانتها عبر سلطة الرجل و ظهور طبقة التجار أي عُمل على تلتقح جديد بين بقايا البدائية الطفولية لمجتمع المشاعة ومجتمع الاستغلال الجديد لفئة تجار قريش فصار تحول من مشاعية الجنس الى سوق النخاسة في عكاظ, لتظهر اول واقدم حرفة حقيرة في مجتمع شبة الجزيرة.

ان هذا الواقع الاجتماعي و منظومته من تقاليد و اعراف و اخلاقيات في المجتمع, لم يفلت منها النبي فهو ابن ذلك المجتمع فالفهم الاجتماعي هو موروث الانسان, و الانسان يبقى هو نتاج ذلك التاريخ و المجتمع. فالفهم الطفولي البدائي للجنس كان هو السائد و هكذا كان تفكير ابن الجزيرة. كان هناك مطارحات جنسية متنوعة وابن العاص احد الامثلة الصارخة و الواضحة, التي تشهد كيف كانت النظرة الى الامور الاجتماعية و الجنس قي تلك الحقبة التاريخية من الزمن, و ليعكس كيف كانت المرأة تتحرك و تفرض وضعها و حضورها و رايها في ضمن قيم ذلك المجتمع, اذ كان ذلك هو الموروث الثقافي الاجتماعي و فهمهم و وعيهم و حياتهم ضمن حدود تطور المرحلة الاقصادية و الاجتماعية لذلك المجتمع .

فالمرأة, ام عمرو ابن العاص على سبيل المثال, في ليلة سهر و صخب و سكر يواقعها اربعة رجال, و يصير حمل و جنين, يحدث هذا الامر الان في امريكا او فرنسا او السويد لكن تقتل الان في البلدان العربية هكذا امرأة حاليا, و تقرر المرأة من هو الاب اعتمادا على قدر الود و العلاقة الافضل مع احد الرجال الاربعة. فتحدد المرأة لمن تكون الأبوة, يوافق الرجل على زعم و رغبة المرأة, و يعترف بأبوته للابن.

عشرات بل مئات الحالات المشابهة التي وصلتنا كما في حال عنترة ابن شداد, ابن العبدة, الذي احتاج الى وقت طويل ليحصل على اعتراف الاب بالابن. لكن حين يتعامل و يحاكم الرجل العادي الان و من المنظار الحالي للقيم و الاعراف و مع الامر الاجتماعي السابق و على ضوء حال التطور التاريخي الان, فانه لا يتردد بان يدين ذلك الوضع و تلك الحياة و الاعراف و التقاليد بابشع النعوت, كأن يقول على المرأة عاهر و على الرجل سافل او قواد, اذ اننا ابناء مرحلة و تقاليد و اعراف اخرى. مرحلة انتصار كامل لسلطة الرجل و سيطرة التجار و السماسرة و الاقطاع و عرابها المفتي رجل الدين الاسلامي.

والى جانب ذلك كان الكثير من الرجال من له كنية منسوبة الى امه, كعمر ابن ربيعة و عشرات غيره مما يؤكد ان نسب الام كان له باع طويل في ذلك المجتمع و ليس نشاز في تلك الحقبة من تاريخ الجزيرة العربية!

اورد عن مقال لاسامة انور عكاشة يكشف و يستعرض حال عمرو ابن العاص( اولاد القحبة الذين حكموا البلاد الاسلامية حينا من الدهر). فهو يعكس من خلال قيمنا الان النطرة الحالية و من خلال اعرافنا الانية حال عمروا ابن العاص:

*النابغة سلمى بنت حرملة وقد اشتهرت بالبغاء العلني ومن ذوات الاعلام وهي ام عمرو بن العاص بن وائل كانت امة لعبد اللة بن جدعان فاعتقها فوقع عليها في يوم واحد ابو لهب بن عبد المطلب وامية بن خلف وهشام بن المغيرة المخزومي وابو سفيان بن حرب والعاص بن وائل السهمي , فولدت عمرو ,فادعاه كلهم لكنها الحقته بالعاص بن وائل لانه كان ينفق عليها كثيرا.* انتهى الاقتباس.

ثم يذكر لنا اسامة انور عكاشة و في نفس المقال الضجة من هي هند بنت عتبة اكلت الاكباد!

هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية هي زوجة ابي سفيان , وابنها معاوية يعزى الى اربعة نفر غير ابي سفيان, مسافر بن ابي عمرو بن امية , عمارة بن الوليد بن المغيرة , العباس بن عبد المطلب , والصباح مولى مغن لعمارة بن الوليد. يروى ان سيدنا علي (ر) قال في كتابه الى معاوية ( .. واما قولك نحن بني عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض ...فكذلك نحن .. لكن ليس المهاجر كالطليق ولا الصريح كاللصيق..).وهي اشارة واضحة بالصاق اصول معاوية بعبد مناف .انتهى الاقتباس.

تعليقي انا, فاقول ان ابو سفيان احد سادة قريش و اعيانها و اغنيائها و دهاتها, يختار هند زوجة له من بين نساء قريش, فما هو العرف و ماهو الفهم و الوعي و التقييم و النظرة و الموروث الاجتماعي لهكذا امر في ذلك الزمن!

لا اجد تفسير غير بقايا مفهوم و اعراف مشاعية النساء البدائية و اخلاقيات دور الامومة في التاريخ!

كم مرة حدث ذلك في تاريخ الجزيرة 100 ام 1000 ام مليون مرة في مجال حالة عمرو ابن العاص!

و بعد50 _ 100 عام ام اكثر صار ذلك الشكل من العلاقات الاجتماعية مرفوض و يحمل شيء كبير من العار, و ذلك لتطور العلاقات الاقتصادية و سيادة و انتصار سلطة الرجل السياسية و الاجتماعية و الغاء بقايا المرحلة المشاعية البدائية و اعرافها و اشكال العلاقات الجنسية المترتبة عليه, لذلك المجتمع و طبعا جاء ذلك بدعم الدين الاسلامي لسلطة الرجل في احكام قبضته التاريخية على المرأة تماما, و بدءاُ و مبكرا صار* وقرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى*!

فليس غريبا ان يكون النبي محمد على علاقات واسعة مع النساء و نرى ان النبي محمد كان مع امرأة اكبر منه كخديجة الكبرى والى عائشة الصغيرة, فالمجتمع كان لايزال يحمل اخلاقيات و اعراف المشاعية الطفولية البدائية, و يحاول توديع
المشاعية, للشروع ببناء السلطة الطبقية و الدينية في شبه الجزيرة العربية و النبي محمد لم يفلت من هذا القانون الاقتصادي و الشكل الاجتماعي المحكم للعلاقات الانسانية و الجنسية الذي يتفرع عنه.

تمت السيطرة التامة للدين الاسلامي و السلطة الجديدة اخذت شكل اوسع للدولة الطبقية عن طبقة تجار قريش البدائية و خاصة بعد سيطرة يزيد ابن معاوية و تاسيس الدولة الاموية وصار اصطفاف جديد لرجالات الدولة و السلطة.

لتتركز دولة جديدة قائمة على الظلم الطبقي و السياسي و الاجتماعي و يدخل ايضا الخلاف الديني مع الاديان السماوية التي كانت موجودة من الاف السنين في صراع من اجل السواد و الغاء الدين الاخر و يظهر الشكل البدائي للانتماءات الجديدة في قلب المجتمع الاسلامي الحديث, الذي ظهرت به امور وتسميات جديدة كالاعراب و الموالي و كذلك اهل الذمة التي تحمل في طياتها صراعات بين الاقوام المسلمة و مع الاقوام التي كانت على اديان سماوية اخرى!

ان التطور الجديد الذي حدث بعد ظهور النبي يؤكد ان مرحلة جديدة قد حلت تحت عباءة الدين قامت بابتلاع شكل العلاقات البدائية لحكم القبائل و مشاعيتها و بتجار قريش المتواضعين. لكن طغى على ذلك الشكل الديني الواضح ليخفي الامر الطبقي و صراعاته ولتضيع بحروب الفتوح الاسلامية, و لترسي في غفلة من الزمن دولة اكثر حداثة و اكثر ترتيب و دواوينية, و طبعا لتصير في النهاية, كاي امبروطورية بامراء اثرياء جلاوزة و طغاة و ليحل هناك اكثر صنوف القهر و الاستغلال و الحروب و ايتصاعد العنف ليوازي و يتساوى مع عنف دولة الروم البيزنطية و دولة الحضارة الفارسية, و ليحدث الصدام و الحروب في كثير من المناطق و خاصة في زمن صلاح الدين الايوبي و في فلسطين.

وهكذا قضي على دور المرأة في العصر الأموي تماما و كذلك اختفى الخمر و حفلات السهر و المرح المصحوب بالغناء و الرقص العزف و الشعر. و ليبدأ عصر قاسي على الناس التي بدأت تغادر البساطة في العيش و العلاقات الحميمة في القبيلة و قصص الحب الجميلة, التي بدأت بالتفكك اساسا مع ظهور الدعوة النبوية و حروبها, اذ بدأ العرب يقتل افراد قبيلته و اصدقائه و اقربائه على اساسا اصطفاف اخر جديد الا وهو التحول الديني من الوثنية الى الاسلام, فظهر اسم جديد للصراعات على الساحة, العرب المؤمنين المسلمين و المشركين الكافرين.

و لتتقدم عجلة التاريخ و تدوس بقسوة و ليصير اجتثاث لكل شكل من اشكال الماضي, اذ اندحر الشاعر و النحات و صعد المؤذن و وعاظ السلاطين ثم ضعف صعود المرأة الشابة الجديدة في المجتمع الجديد, اذ حجرها الدين, ب وقرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى. انتهت حروب التناحر و الغزوات للقبائل, و ليبدأ عمر ابن الخطاب و ليليه بني امية بتوسيع حروب الفتوح الاسلامية و تحتل البلدان و ينشر الاسلام بين الشعوب, و يموت الجند في الحروب اذ لا تسريح و لا عودة الى الوطن ابدا.

لذا ليس غريب ان انحرفت السلطة بعد موت النبي مباشرة فصار السقيفة, و صعد اليمين الاسلامي بعثمان وليستلم السلطة يزيد ابن معاوية, كاول و اكبر دكتاتور فاشي اسلامي, وليقطع راس الحسين وليقول نحن اهلا للسلطة قبل الاسلام و بعد الاسلام.

لقد استند يزيد ابن معاوية في ذلك على المنزلة المشرفة التي اعطاها النبي لابيه من دخل بيت ابوسفيان فهو آمن, فهنا مختصر لدور السياسة المحمدية و امراء المسلمين من بعده. لقد اعطى النبي منزلة لابو سفيان الداهي التاجر الثري, و لم يعطها لبلال الفقير والمجاهد الاول في الاسلام, فلم يقل من دخل بيت بلال الحبشي فهو مسلم, اي الانحياز صار من البداية حتمي سلطوي طبقي لاشراف مكة بعد انتصار النبي محمد.

ان الاسلام كاي دين اخر اصبح سلطة بل الدين الاسلامي سلطوي بامتياز!

لقد نجح النبي محمد من ازاحة طبقة تجار قريش واقام سلطته السياسية والاقتصادية الجديدة اي ان الفهم الديني صار له ابعاد اخرى بعد بدايات ابراهيم والى خاتم الانبياء او بكلمة اخرى التطور من المشاعية الى الدولة الطبقية و نواتها *تجار قريش* اي ان امر السلطة كان واضح لكن سقوط الدولة الاسلامية بعد فساد امير المسلمين و المؤمنين, صار الدين خطين دين سلطة الجلاد ودين العامة المساكين.

لكن الان وكما يقول ماركس, احيانا التاريخ يعيد نفسه ففي المرة الاولى يكون مجزرة حقيقية و في المرة الثانية مهزلة دامية.

هذا اذا اردنا ان نفهم دور الاحزاب الاسلامية الحالية في العصر الحديث!

فاذا النبي محمد كان رجل تغيير طبقي و الاجتماعي في زمنه, وعمل على دق اخر مسمار في نعش بقايا المرحلة الاخيرة من المشاعية البدائية و حقق دولة طبقية جديدة نواتها طبقة التجار الاستغلالية, و خلفائها و أمرائها صار الاثرياء الطغاة, لا المجاهدين كبلال الحبشي او عمار ابن ياسر و ابا ذر الغفاري, لا بل قتل ابن عم النبي, علي ابن طالب و ذبح احفاد النبي و قطع راس الحسين , ليعلن لانتصار الكامل لجلاوزة الطبقة الجديد للاسياد و الاثرياء و تجار حروب الفتوح الجلاوزة من بني امية و بسيطرة,امرائهم الطغاة كيزيد ابن مغاوية وغيرهم من رجالات الثروة و النفوذ.

فماذا تريد ان تقدم الاحزاب الاسلامية الان و بعد 1450 عام و في هذا العصر الحديث!

فلا غرابة ان تكون الاحزاب الاسلامية مائلة و منحرفة الى دولة ال سعود الوهابية السلفية و بملكه الرجعية العربية و تجارة البترودولار وسلطته الغاشمة المستبدة, و المستندة الى دبابات الصديقة الامبريالية الامريكية و صواريخ الناتو من اجل اقامة سلطة الدولة الاسلامية الظلامية الرجعية في القرن الواحد و العشرين.

فبدأ من دولة طالبان الرجعية و دور اسامة بن لادن الوهابي الثري مع الامبريالية و الى القطيع معها, لتنتهي بعملية تقطيع و رمي اشلائه في البحر, و الى تحالف السلفية السعودية و بجيش القاعدة الارهابية مع الامبريالية الامريكية, وضرب المسلم و شقيق الامس صدام حسين, و الى تصرح القرضاوي بتحليل دم الاخ المسلم معمر القذافي. فهكذا يذبح و يقطع رؤوس المسلمين ليذكر تماما بالمجازر و جز رؤوس الخلفاء الراشدين من عمر ابن الخطاب و عثمان و علي ابن ابي طالب و الحسين!

رابط طريف حول الصداقة السعودي الامريكية و كم تكلفتها!!!
http://www.youtube.com/watch?v=yQk1OdgjHGI&feature=player_embedded

الان دور الاحزاب الاسلامية سيكون لا فقط من اجل الغاء حرية المرأة بل لتدمير التقدم و التطور العصري و الانسان و الحضارة, اذ الاسلام السياسي لا له هدف و لا برنامج و لا مهمة تاريخية لينجزها بل سيكون عقبة كأداء ضد التقدم الاجتماعي و الحضاري. و سيكرس سلطة الدين الرجعية اللاهوتية في المجتمع التي تجاوزتها الشعوب المتقدمة منذ عصر التنوير حين عزلت الدين عن الدولة من اجل الانعتاق والتقدم و التحرر للبشر. و لتكريس كل اشكال التخلف و الاستغلال الهمجي للانسان عبر تضيع و تشويه الصراع الطبقي في المجتمع باشعال الحروب الطائفي و القومية و الدينية في المجتمع, و البربرية تجري عبر جهاز القاعدة الاسلاموي الوهابي و بالدعم الامبريالي الامريكي!

فاذأ النبي محمد قد استطاع ان يترك دولة طبقية متماسكة قوية استطاعت ان تصمد امام تحديات عصرها. لكن الدولة العربية السعودية السلفية الوهابية الرجعية و كل الدول العربية, و باحزابها الاسلامية الان دول مستعمرة متخلفة اقتصاديا و اجتماعيا, و منهكة و محطمة من جميع الاشكال و الوجوه!

لربما سيقودنا احزاب الاسلام السياسي برجعة زمنية تاريخية جبارة الى الوراء نحو مشارف زمن المشاعية لكن لا الطفولية البدائية بل الى البربرية الهمجية, و الى زمن عمرو ابن العاص و صخر ابن حرب و يزيد ابن معاوية و هند بنت عتبة, و ربما سنكون اسوء من شعوب او قبائل الامازون البدائية. لكن بلا غابات و لا شجر بل في صحاري ملوثة كاربونيا و فسفوريا, قاحلة و مرعبة!

عبر المهزلة التاريخية الدامية, التي يخشى و يحذر منها كارل ماركس!

*قراءت قديمة في التاريخ العربي القديم مع رؤيتي الخاصة لتاريخ الجاهلية و الثورة المحمدية, والحركة الاسلاموية الوهابية السعودية و القاعدة و الاحزاب السلفية و الاخوانجية الحالية و الامبريالية الامريكية!



#علاء_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توحد اليسار, منطلقات و اراء حول مبادرة الزميل رزكار عقراوي
- اغتيال الانتفاضة العربية و المصالح الامبريالية
- اختراق المتاهات
- 1 أيار, فكر و ضميرعباقرة التاريخ الانساني
- الدولة الصهيونية و القومية والامبريالية
- الامبريالية الأمريكية و العالم و التحديات
- سوريا الخيار و العقاب
- الانحطاط الفكري و أزمة الحضارة
- المثقفون, الموقف و الافكار السياسية - قراءة في اوراق عبد الخ ...
- هم عقائديون أليس كذلك
- فامبير الطائفية ينهض من تابوت الدكتاتوريات المظلم
- يا كتاب الحوار المتمدن اتحدوا
- الهيجان في سوريا و الفيتو
- الشياطيون و الصداميون
- الستاليني فؤاد النمري و الصهيوني يعقوب أبراهامي
- الخرافة الديمقراطية
- أزمة الرأسمالية و الحراك الجماهيري
- الماركسية لا علم ولا دين
- كرة القدم العراقية
- الماركسي المعلب في قوالب النص في صالون الحوار المتمدن


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء الصفار - الدين السماوي سم مصفى