أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوسم وصفي - الشريعة في المسيحية













المزيد.....

الشريعة في المسيحية


أوسم وصفي

الحوار المتمدن-العدد: 3822 - 2012 / 8 / 17 - 14:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يظن البعض، وبالذات في هذه الأيام التي يكثُرُ فيها الكلام عن الشريعة، أن المسيحيين لا شريعة لهم. هذا الكلام خاطئ جداً. لا يزال المسيحيون يؤمنون بالناموس أي الشريعة التي أعطاها الله لموسى والتي تحتل الوصايا العشرة منها مقام القلب من الجسد ومقام الدستور من القوانين.
الوصية الأولى: 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، 6وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ.
الوصية الثانية: لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.
الوصية الثالثة: أُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. 11لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ.
الوصية الرابعة: 12أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
الوصية الخامسة: 13لاَ تَقْتُلْ.
الوصية السادسة: لاَ تَزْنِ.
الوصية السابعة: 15لاَ تَسْرِقْ.
الوصية الثامنة: 16لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
الوصية التاسعة: 17لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ.
الوصية العاشرة: لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».

وها هو بولس الرسول، رسول المسيحية الأول يتكلم عن الناموس أي الشريعة قائلاً في الأصحاح السابع من رسالته لأهل رومية: " إِذًا النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ، وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ." (عدد 12) ثم يقول أيضاً في عدد 14: " فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ،"
لكن الفارق الجوهري بين نظرة المسيحيين للناموس ونظرة غيرهم هو أنهم لا يرون أن الناموس مصدر الخلاص وإنما أنه مسار الخلاص The Course of Salvation not the Source
الناموس هو قانون. والقانون صالح لكن أي قانون لا يملك في ذاته القوة على تنفيذه. القانون يحكم على الأخلاق ولا يعطي الأخلاق. فقوانين منع الرذيلة لا تمنع الرذيلة وأسلوب الردع فقط ثبت فشله على المدى البعيد، فالتحايل على القانون لا حَدَّ له. الرذيلة تمتنع بشكل أكثر جذرية بتغيير من الداخل، من القلب وليس بمجرد الردع الخارجي. وهذا بالطبع لا ينبغي أن يلغي الردع الخارجي وهنا يأتي دور القانون وذلك أمر مختلف عن الدين والروحانية. فالقانون هو للمجرمين البعيدين عن الله. أما المؤمنين الروحيين فهم يهدفون إلى ما هو أبعد. يهدفون للعلاقة مع الله.
هذا بالتحديد ما قاله يسوع المسيح. فبالرغم أنه قال: لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس (أي الشريعة) لكني جئت لأكمل الناموس. وتكميل الناموس في نظر يسوع ليس بإضافة فقرات جديدة لناموسِ ناقص وإنما يقصد إتمامه وتحقيقه. هذا التحقيق يكون بالتغيير الأخلاقي الداخلي، أكثر من الردع الخارجي. بالعمل من الداخل للخارج وليس بالعكس.
هذا هو ما كان يقصده عندما قال: إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسسين (وهم الفئة المقابلة للسلفيين المسلمين الآن الذين كانوا يهتمون جداً بالتطبيق الحرفي للشريعة)، لن تدخلوا ملكوت السموات. ماالذي كان يقصده يسوع بالزيادة؟ هل كان يقصد الذهاب إلى ما هو أبعد في المنع والتشدد؟ أم الذهاب إلى ما هو أبعد في عمق النفس الإنسانية لتغييرها من الداخل فيصبح تطبيق ناموس الله بالنسبة لهذه النفس أمراً طبيعياً شبه تلقائي يصدر بسهولة من نفس نمت و تغيرت بالفعل. عندما يكون الطفل متعلقاً بلعبة ويحبها حباً شديداً، ما هو أقوى شيء يبعده عنها؟ هل حرمانه منها بقوانين، أم نموه فلا يصبح بعد منبهراً بها؟
المشكلة التي نعاني منها كلنا أن الناموس روحيّ أما نحن فلا نزال جسدانيين متعلقين بكل ما هو مادي. هذا يعبر عنه بولس الرسول قائلاً: " فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ." (رومية 7: 14).
نحن نحتاج للشريعة وهي باقية وصالحة منذ أعطاها الله من على جبل حوريب، لكننا نحتاج لما هو أكثر منها، وهو تغيير القلب من الداخل من خلال علاقة حية وفعالة مع الله. هذه العلاقة الحية والفعالة ليست فقط علاقة روحية سحرية يتم التغيير فيها بشكل تلقائي وفجائي بمجرد التوبة وتسليم الحياة لله، بل هي علاقة جهاد وتدريب والتدريب هنا أيضاً ليس هو مصدر القوة ولكنه طريقة استخدامها. القوة روحية تُعطى من الله بالإيمان والعلاقةن لكن هذه القوة تحتاج للتفعيل بالتدريب والجهاد. الرياضي ينبغي أن يأكل جيداً فهذا الطعام هو مصدر القوة والطاقة. لكن عليه أيضاً أن يجري كثيراً فهذا الجري هو الذي يحول طاقة الطعام إلى عضلات ولياقة بدنية وإلا فإنه سوف يتحول إلى دهون تحت الجلد وفوق القلب وبين خلايا الكبد.
يظن البعض أن المسيح جاء ليهدم الناموس ويجعل الحياة الدينية روحية تماماً وباطنية فقط دون أن تغيير ظاهر. هذا خطأ شائع وخدعة ينخدع بها للأسف كثيرون من المسيحيين الآن. المسيح جاء ضد التطبيق الحرفي الشكلي الفارغ من المضمون للناموس وليس ضد الناموس فعلاً. لم يأت لينقض ناموس الله بل التقليد اليهودي الخاطئ الذي كانوا يطبقون به الناموس لذلك قال لهم أنهم يتعدون وصية الله (أي الشريعة) بسبب تقليدهم (متى 15: 3)
في الموعظة على الجبل قدم المسيح خمسة قضايا أخلاقية أساسية تُظِهر ما هو البر الحقيقي عملياً. في هذه القضايا لستة يظهر يسوع الفرق بين التعامل السطحي مع القضية والتعامل العميق. بين بر الكتبة والفريسيين وبر ملكوت الله الحقيقي. بر العمل الخارجي الحرفي، و بر تغيير القلب الحقيقي.

الأصل العميق في قلب الإنسان السلوك الظاهري
الغضب القتل
الشهوة الزنى
الطلاق الأنانية
المناورة القسم
الكراهية الانتقام

لن تحل مشكلة القتل فقط بمعاقبة القاتل، بل تحل بشكل أكثر جذرية بأن يعرف الإنسان من أين يأتي القتل. القتل يأتي من الغضب. عندما يتعلم الإنسان كيف يتعامل مع غضبه وعندما يرى البشر من منظور الله الذي يحب الجميع ويشرق شمسه على الأبرار والأشرار، فعندئذ عندما يغضب يستطيع أن يسامح ويغفر.

بنفس الطريقة لن تحل مشكلة الزنى والشهوة فقط برجم الزاني أو التغطية المبالغ فيها لأجساد النساء وكأن أجساد النساء هي السبب. السبب يكمن في الشهوة التي في القلب.
الناموس يقول: "لا تزن" والمسيح يقول أن من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. ليست هذه مزايدة من المسيح على الوصية وإنما هو ذهاب إلى عمق وأصل الزنى. أصل الزنى هو الشهوة ومقاومة الزنى تكون بمقاومة الشهوة في القلب أكثر من رجم الزاني. فكلنا يعرف أنك من الممكن أن يكون قلبك مليء بالشهوة وتمارس كل الممارسات الجنسية التي تستخدم فيها أجساد البشر وذلك دون أن تقع في "الزنى" .. أقصد الزنى بمفهومه الحرفي.
أما عندما تُحب الإنسان وتتعامل معه كقيمة مساوية لك، فإنك سوف تمتلك قوة أكبر للتعامل مع ميلك للشهوة. قوة نابعة من محبة الإنسان واحترامه أكثر من كونها نابعة من الخوف من القانون. ذلك الخوف الذي يمكن تجنبه بالذكاء والمهارة في التخفي والهروب من العقاب.

تكلم يسوع أيضاً على قضية الطلاق. فقد كان اليهود يمارسون الطلاق بطريقة مبالغ فيها. كان كل المطلوب من الرجل أنه عندما يطلق امرأته يعطها كتاب أو ورقة رسمية تدل على طلاقها حتى أنها إذا زنت ، وكان هذا كثيراً ما يحدث لكي تستطيع أن تأكل، تُجلد فقط ولا ترجم لأنه عندئذ لا تكون "محصنة". كان حل المسيح ليس من خلال قوانين الزواج والطلاق (وإن كانت مطلوبة وموجودة) لكن في تغيير قلب الإنسان الذي لا يعود ينظر للزوجة أنها مثل السيارة يمكن تغييرها إذا تقادمت.

غير ذلك يتكلم المسيح عن المناورة في الكلام واستخدام الأقسام وأيضاً عن المحبة المشروطة والتحزب وعدم القدرة على محبة المختلفين في الرأي والجنس واللون. كلها أمور روحية أخلاقية هي مربط الفرس في التغيير.
إن ما نحتاج للتعامل معه هو الغضب والشهوة والكراهية، أكثر من القتل والزنى. المسيح لم يكن ضد الناموس مطلقاً بل قال أن السماء والأرض تزولان ولا يزول حرف من شريعة الله. لكنه كان يحارب التطبيق الحرفي للشريعة ويهدف إلى استلهامها بشكل روحي يعمل من الداخل للخارج وليس بالعكس. كان المسيح يريد إعادة تأهيل السارق لكي يصبح عاملاً بيديه عارقاً بجبينه لا أن يتحول من سارق صاحب يد "طويلة" إلى متسول صاحب يد قصيرة..... "حرفياً"



#أوسم_وصفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر الإنسان
- ادفنوها قبل أن تموت مصر
- ما الذي يُضعِفنا؟
- أشكرك .. لكن (كنت) اتمنى
- مصر المُباعة -من فوق الهدوم- وهل هناك ثمّة أمل؟!
- يسقط التمييز. يحيا التمايز
- الثقافة القبلية والثقافة المدنية
- ثقافة الشباب
- الألتراس و -المتفرجون الشرفاء-
- السؤال الكبير
- ثقافة لوم الضحية
- أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!
- مش قادر أمنع نفسي من القرف
- صعود الإسلاميين حتمية -إلهية-
- همسات في آذان الأقباط
- أشعار في مراحل الثورة المصرية
- سؤال الإيمان في عصر ما بعد الحداثة
- الثورة يجب أن تبدأ
- النمو الأخلاقي
- همسات في آذان الإخوان


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوسم وصفي - الشريعة في المسيحية