أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوسم وصفي - مصر المُباعة -من فوق الهدوم- وهل هناك ثمّة أمل؟!















المزيد.....

مصر المُباعة -من فوق الهدوم- وهل هناك ثمّة أمل؟!


أوسم وصفي

الحوار المتمدن-العدد: 3690 - 2012 / 4 / 6 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك في مصر شعبان. شعب "مستريح" مادياً وشعب "مطحون". الشعب المستريح يمتلك رفاهية "الانتماء" والوطنية وكل هذه الأمور، لأنه يمتلك ما يجعله يشعر بالكرامة في بلده. أما الشعب "الآخر" فيكاد يكون قد فقد الانتماء تماماً.
هذا الشعب الآخر تحول إما إلى:

• شعب "كندهاري" تسلط عليه الشيوخ ليجعلوا من الصومال أحب إليه من بلده كما صرخ في وجهي أحد السلفيين في ميدان التحرير قائلاً: "أنا مش مصري.. أنا مسلم والصومال أرضي" وكأن هناك ثمة تعارض بين أن تكون مصرياً وتكون مسلماً! ليس الانتماء للإسلام بالطبع هو الذي افقده الانتماء لمصر ولكن لأن "مصر" في حد اعتقاده لم تعطه شيئاً يُذكر. أما "الإسلام" فعلى الأقل يقدم له "الجنة" الموعودة. وهذا أمر لا يزال ينتظره وقد صَوّر له الشيوخ، وهو بالطبع كان مستعداً للإيمان بذلك، أن الانتماء لمصر ربما يُعطِّل انتماءه للإسلام وبالتالي حصوله على الجنة.

• أو تحول إلى شعب "ألتراس" ينتمي إلى "نادي كروي" لأنه ربما يمثل له صورة "أنقى" للانتماء فالنادي لا يقدم الكثير لكنه يقدم ما يعد به. هو يعد بالفرحة والانتصار الكروي ويقدمه، أو على الأقل يبذل قصارى جهده ليقدمه. لا يقدم أنبوبة البوتاجاز ولا رغيف العيش، ولكنه أيضاً لم يعد بهما. بالطبع هذا الشعب أغلبه من المستورين والمتعلمين فهو يملك أيضاً قدر أكبر للانتماء لمصر لأنها قدمت له شيئاً.

• ربما هذان الانتماءات يُعدّان "الأرقى" وإذا بحثت قليلاً ستجد أن لديهم قدراً ما من "الستر" لكن بعد ذلك يمكن أن ننزل في سلم الانتماء لنجد شعباً آخر في مصر تحت خط الفقر لا ينتمي إلا لمن يقدم له ضرورات الحياة. وهذا "الشعب" هو المخزون الاستراتيجي للشعب الكندهاري والجماعات الدينية التي وضعت الوطن في جيبها بسبب مالديها من مال ومن مظهر ديني تسيطر بها على ذلك "الشعب" القابع تحت خط الفقر.

• بالطبع هناك "شعوب" أخرى في مصر، مثلها مثل سائر الدُول، بالرغم من "الستر" إلا أنها لا تنتمي إلا للوظيفة والشقة والعربية والأولاد أو ربما للشيشة والحشيش وقرص الفياجرا. هؤلاء في الغالب لا يُصوتون في الانتخابات ولا حتى يعبأون بمتابعة أخبار البلد.

في رواية عمارة يعقوبيان دار حوار عبقري بين:
ـ "بثينة" وهي من الشعب الكادح الذي لا ينتمي إلا لمن يقدم له ضرورات الحياة، والتي اضطرت لأن تبيع جسدها ولو "من فوق الهدوم" لصاحب محل الملابس في وسط البلد. وهي بذلك مثال لغالبية المصريين المنتمين لهذا "الشعب" الذين يتمسكون بالشكل الظاهري للالتزام الديني والأخلاقي، فيمارسون كل أنواع الدعارة الأخلاقية (وليس الجنسية فقط) ولكن "من فوق الهدوم".


ـ و"زكي الدسوقي" الذي يمثل طبقتين من طبقات الشعب المصري. في أعماقه ينتمي "للشعب" الذي يفهم ما هي مصر وما هي قيمتها السياسية والثقافية في العالم والمنطقة، فهو سليل الأسرة الوفدية الوطنية. لكنه مثل أغلب هذه النوعية علته طبقة من الصدأ والإحباط جعلته من المنتمين (ولو سطحياً) للّذة الوقتية. لكن بالرغم من ذلك هو رجل "أخلاقي" بشكل ما. فلم يمارس الجنس مع امرأة رغماً عنها مستغلاً فقرها إما بشكل واضح مفضوح مثل صاحب محل الملابس الذي تعمل فيه "بثينة" أو بشكل يحمل "القشرة الشرعية" مثل المليونير المتدين الحاج "عزّام" الذي تزوج زواج متعة سري مع أخرى تنتمي للشعب الفقير التي كانت تتعلق بأهداب أن تصنع لطفلها اليتيم أي شكل من أشكال الأمان في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك نجد أن "زكي الدسوقي" هو الوحيد في الرواية الصادق. الذي يعرف أنه عاص ويطمع في رحمة الله. بينما الآخرون عاصون ولكنهم كاذبون متجمِّلون.

هذا الحوار بين "بثينة" و"زكي الدسوقي" يكشف حقيقة "الهُوة" بين الشعبين في مصر. الشعب المستور. الذي يستطيع أن ينتمي وإن كان في أغلبه مُحبطاً والشعب الكادح الذي لا يتملك لا رفاهية الانتماء ولا حتى رفاهية الإحباط.


ـ نفسك تسافري؟
- طبعاً
ـ تحبي تروحي فين؟!
ـ أي حتة بعيدة عن المخروبة دي!
ـ انتي بتكرهي مصر؟
ـ طبعاً!
ـ معقول؟! حد يكره بلده؟!
ـ أنا ما شفتش منها حاجة حلوة عشان أحبها. نطقت هذه الجملة وأشاحت بوجهها وردّ زكي بحماس
ـ الواحد لازم يحب بلده لأن بلد الواحد زي أمه. فيه حد يكره أمه؟
ـ الكلام ده في الأغاني والأفلام.. يا زيك بك الناس تعبانة.
ـ الفقر ما يمنعش الوطنية... زعماء مصر الوطنيين معظمهم كانوا فقراء.
ـ الكلام ده على أيامكم. دلوقت الناس طهقت على الآخر.
ـ ناس مين؟
ـ كل الناس .. البنات مثلاً اللي كانوا معايا في مدرسة التجارة .. كلهم نفسهم يهجّوا بأي طريقة.
ـ للدرجة دي؟!!
ـ طبعاً!
ـ اللي مالوش خير في بلده ما لوش خير في حد
أفلتت هذه الجملة من زكي وأحس بأنها ثقيلة فابتسم ليخفف وقعها على بثنية التي نهضت وقالت بمرارة:
ـ انت مش فاهم لأن ظروفك كويسة. .. لما تقف ساعتين على محطة الأتوبيس ولّا تركب ثلاث مواصلات وتتبهدل كل يوم علشان ترجع بيتكم.. لما بيتك يقع والحكومة تسيبك قاعد مع عيالك في خيمة في الشارع. لما الضابط يشتمك ويضربك لمجرد إنك راكب ميكروباس بالليل. لما تفضل تلف طول النهار على المحلات تدور على شغل وما تلاقيش. لما تبقى طويل وعريض ومتعلم وما فيش في جيبك إلا جنيه وساعات ما فيش خالص ساعتها حاتعرف إحنا بنكره مصر ليه.

أخيراً إذا كان هناك ثمة أمل لمصر فستكون في النهاية التي وضعها علاء الأسواني لعمارة يعقوبيان وهي زواج بثينة من زكي الدسوقي، فيعيد هذان "الشعبان" لبعضهما الحياة والنقاء فتتوقف مصر عن بيع نفسها "من فوق الهدوم" ويتوقف زكي الدسوقي عن العيش خارج الزمان والمكان. وإلا فإن "بثينة" (مصر) سوف تستمر منتهكة في محل الملابس "من فوق الهدوم" ـــ أو تتزوج " طه الشاذلي" ابن البواب الذي لم يستطع دخول كلية الشرطة وقاده فقره وقهره إلى الانتماء للشعب الكندهاري. ولا تتصور أن طه مات في عملية إرهابية، فطه الآن قد ترك معسكر الإرهاب ودخل تحت قبة مجلس الشعب بديلاً من الحاج عزام الذي يسكن الآن ليمان طرة.



#أوسم_وصفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسقط التمييز. يحيا التمايز
- الثقافة القبلية والثقافة المدنية
- ثقافة الشباب
- الألتراس و -المتفرجون الشرفاء-
- السؤال الكبير
- ثقافة لوم الضحية
- أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!
- مش قادر أمنع نفسي من القرف
- صعود الإسلاميين حتمية -إلهية-
- همسات في آذان الأقباط
- أشعار في مراحل الثورة المصرية
- سؤال الإيمان في عصر ما بعد الحداثة
- الثورة يجب أن تبدأ
- النمو الأخلاقي
- همسات في آذان الإخوان
- سيظل التحرير روح مصر مهما حدث لجسدها
- ثلاث معضلات في الثورات العربية


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوسم وصفي - مصر المُباعة -من فوق الهدوم- وهل هناك ثمّة أمل؟!