أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أوسم وصفي - ثقافة الشباب















المزيد.....

ثقافة الشباب


أوسم وصفي

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 13:29
المحور: المجتمع المدني
    


ثقافة الشباب
لكي نعرف ما هو العصر البعد حداثي وما هي التغييرات التي يأتي بها علينا أن ننظر إلى الشباب، فروح العصر البعد حداثي تتجلى في أقوى صورها في الشباب وفيما يسمى بثقافة الشباب العالمية فنحن قد أصبحنا نلاحظ بشكل متزايد أن الشباب في العالم كله قد أصبحت له ثقافة عالمية شبه موحدة تتجاوز وتعبر فوق الثقافات المحلية. ربما لا تُبقي هذه الثقافة إلا على بعض الخصوصيات الراسخة مثل اللغات والأديان أما كل ما هو دون ذلك من طرق التفكير والعلاقات والثقافة والفن والموضة، فقد غمرته الثفافة العالمية كما يفيض النهر على اليابسة فلا يبقى منها فوق سطح الماء سوى التلال المرتفعة والمباني العالية..
هناك بالفعل طريقة جديدة في التفكير والحكم على الأمور وهي قد دخلت في حالة حوار، إن لم يكن صراع، مع الطرق القديمة الموروثة، وهذا الحوار في سبيله أن يفرز ثقافة جديدة يمكن أن نسميها ثقافة ما بعد الحداثة. فما هي خصائص هذه الثقافة كما نستطيع أن نلمسها في الجيل الصاعد من الشباب وخاصة من هم متصلون بحركة الثقافة والتحديث العالمية.
أولاً: هي ثقافة روحية غير دينية تصطدم بالأصولية والتدين الشكلي
من الأمور التي بدأت أن ألمسها في عملائي خلال السنوات الأخيرة أن عدداً متزايداً من الشباب، وبخاصة المثقفون المتصلون بروح العصر، قد أصبحوا الآن يميلون لأن يتكلموا عن العلاقة الروحية الشخصية مع الله مهما كانت خلفياتهم الدينية، وبالرغم أن هذه الخلفيات قد تتعارض فقهياً مع دياناتهم، إلا أن هذا التعارض لم يعد يقلق هذه النوعية من الشباب.
ثانياً: هي ثقافة علاقاتية مجتمعية تصطدم بالفردية والانعزالية
كما يشتاق الإنسان فطرياً إلى المطلق ويحلم باللقاء مع الله، فإنه يشتاق فطرياً أيضاً إلى اللقاء بالإنسان الآخر و برغم طبقات الخوف والتهديد والتنافس مع الآخر، يقبع بداخلنا شوق عميق للتقبل والتفاهم والتواصل. وبالرغم من أن العالم يظل ميالاً دائماً للصراع والحروب، نستطيع أن نقول أن العالم بدأ يتعلم الحوار بدلاً من الخوف و صنع السلام بلادً من صنع السلاح.
ثالثاً : هي ثقافة متعطشة للمعلومات تصطدم بالإنكار والتعتيم
مما نلاحظه مؤخراً في المجتع المصري أن الشباب قد عادوا للقراءة. لقد أصبحنا نعرف تعبير "الكتاب الأكثر مبيعاً" وأصبح كتاب شباب ينشرون كتباً وروايات يعاد طبعها لأكثر من خمسة عشر مرة و أصبحت المكتبات تفتح فروعاً لها في المراكز التجارية بصورة تكاد تنافس محال الوجبات السريعة والقهاوي. لقد كنا نظن أن التلفزيون و الانترنت سوف يقضيان على الكتاب ولكن ما حدث هو العكس. لقد خلقت وسائل الاتصال الرقمية جوعاً وعطشاً جديداً للمعلومات، كما خلق التواصل بين الناس شوقاً للمعرفة وتبادلها وأصبح الشباب بالذات يستخدمون أساليب الاتصال الالكترونية ليعرفوا بعضهم البعص بالكتب الجديدة، كما ساهمت المدونات الإلكترونية المجانية في ظهور طائفة جديدة من الكتاب الشباب دون الحاجة إلى ناشر أو تمويل. أيضاً نستطيع أن نلحظ في الفترة الأخيرة أيضاً زادت كمية الجرائد الجديدة الصادرة وكثير منها ناجح. هذا يعني أن الناس أصبحت، برغم الضغوط الاقتصادية المتزايدة، تنفق أكثر على المعلومات و التواصل. في ظل هذا التيار العام لم يعد مقبولاً أن نستسلم لفرضيات ونصدق أقوالاً مرسلة دون أن نتحقق منها. لم يعد مقبولاً أن تخفى احصاءات أو يتم التعتيم على معلومات أو أن تكون هناك تابوهات لا يمكن الكلام فيها بداعي أمن واستقرار البلاد أو الحفاظ على وحدة الصف، فالأمن والاستقرار والوحدة ينبغي أن تكون أموراً مبنية على اختيارات استراتيجية لا تزعزها حرية التعبير ولا تهددها المعلومات فلا قيمة لثبات ما كان ثباته مبني على الإخفاء والتجهيل.
رابعاً: هي ثقافة متسامحة تصطدم بالتعصب وضيق الأفق
لم يعد الشباب يؤمنون بالحدود الفاصلة التي تمنعهم من التواصل والحوار مع أي شخص أو فكر أو ثقافة. لم تعد أسوار الخوف تفصل بين البشر كما كان في السابق ولم تعد الطائفية تتحكم في عقول الشباب الذين أصبحوا يبحثون عن القواسم المشتركة بينهم وبين الآخرين بدلاً من نقاط الاختلاف. في ظل هذا الفكر ليس من المقبول أن يفترض أحد أنه يملك الحقيقة المطلقة. الله هو الحقيقة المطلقة ونحن نستطيع أن نؤمن به ونعتقد أن هناك طريق هو الأقرب والأصح إليه، لكننا لا نستطيع أن نمتلكه. في ظل هذا الفكر لا يمكن للتعصب الطائفي أن يستمر، وأنا أظن أن تزايد نعرات التعصب بين القادة الدينيين والسياسيين بيننا في السنوات الأخيرة ليس سوى محاولات يائسة للوقوف أمام تيار التسامح والحوار الذي خلقه الفكر البعد حداثي وساهمت في تزايده ثورة المعلومات والاتصالات التي بسببها لم يعد أحد يستطيع أن يُصادر كتاباً أو يحرم فكراً ما على الشباب.
خامساً: هي ثقافة "حسّية" مسموعة ومرئية تصطدم بما لا يحرك الإحساس
من السمات الواضحة لثقافة الشباب العالمية أنها ثقافة أصبحت تحترم الإحساس أكثر من ذي قبل وبالإحساس أقصد الحواس الجسدية من رؤية وسمع والحواس النفسية أي المشاعر المختلفة. قال أحدهم عن هذا الجيل أنه يسمع بعينيه ويفكر بقلبه. لقد أصبحت الصورة جزءاً هاماً من طرق التواصل في هذا العصر. بل نستطيع أن نقول أن هذا العصر هو عصر الصور.
أخيراً: هي ثقافة عملية اختبارية تصطدم بالنظريات التي لا تقدم تطبيقاً
يبحث الشباب عن الاختبار المباشر ويترددون كثيراً في تبني الأفكار التي لا يمكنهم أن يختبروها ويتحققوا بأنفسهم من إمكانية تطبيقها. في عصور سابقة كان من الممكن أن يتأثر الناس بحلو الحديث أو لباقة الكلام أو ربما حماس المتكلم أو ترابط أو منطقية كلامه. لكن الشباب اليوم بالرغم من تأثرهم بكل هذه الأشياء، إلا أنك تجدهم بعد قليل يرفعون أكتافهم وترتسم على وجوههم نظرة التساؤل: " ما معنى هذا بالنسبة لي الآن؟ كيف يمكنني تطبيقه؟ وإذا استطعت تطبيقه، هل سيكون مفيداً؟ هل سيغير حياتي للأفضل؟

ثورة الشباب العربي
لقد كتبت هذا الكلام قبل اندلاع ثورات الشباب العربي في يناير 2011 بنحو سنتين كاملتين وكنت أشير فيه إلى الاختلاف الشديد بين هذا الجيل من الشباب والجيل السابق له وكأن الفرق أجيال وليس جيل واحد. وجاءت هذه الثورات لتثبت هذه الحقيقة فلم يكن يتصور أحد ما يحدث في قلب الشباب وكيف آمن هذا الشباب بالتغيير الذي فقدت الأجيال السابقة الإيمان به تماماً ولم تجرؤ حتى على أن تحلم به. ومن المثير للاهتمام أنني لاحظت في ميدان التحرير بمصر كل سمات جيل الشباب الذي أشرت إليه سابقاً. فهي أولاً ثورة علاقاتية اتصالاتية بدأت على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" واعتمدت بشكل أساسي على تبادل المعلومات والمهارة فيه، وحتى بعد أن قطعت السلطات المصرية الانترنت وعطلت شبكات المحمول وجد هؤلاء الشباب طرقاً مبتكرة لتوصيل صوتهم للعالم من قلب ميدان التحرير.
ومما يميز هذه الثورات أيضاً أنها لم تكن دينية طائفية بالرغم مما كنا نظنه من تغلغل الأصولية الدينية في الشباب العربي. لقد اكتشفنا أن تيار بعد الحداثة وما يمثلة من قيم التسامح وقبول الآخر كان أقوى من تيارات الأصولية والطائفية خاصة بين الشباب المتعلم حتى بالرغم من تدني مستوى التعليم الرسمي فالتعليم والوعي الذي يحصل عليه الشباب عن طريق التواصل الالكتروني عَوَّض على الأقل على الجانب السياسي الاجتماعي (إن لم يكن التقني) فقر التعليم النظامي الذي يحصلون عليه.
لقد شاهدت بعيني في ميدان التحرير وسجل آخرون في بلدان أخرى بها أقلية مسيحية مثل سوريا قدر التسامح الديني الذي غلب على هذه الثورات. الكثير علقوا على حماية المسيحيين للمسلمين وهم يصلون وصب الماء لهم للوضوء وكيف ارتفع المصحف مع الإنجيل والصليب مع السِبحة وتعالت الترانيم المسيحية من منبر الثورة مثلما تعالى نداء الصلاة تماماً. ولا ينسى أحد المشهد الذي رأيناه أكثر من مرة على شاشات التلفاز لشباب الثورة وهم جالسون يتسامرون في ليل ميدان التحرير مرددين أغاني الشيخ إمام ومحمد منيرــ الشاب المسلم الملتحي بجانب الفتاة المسيحية السافرة بجانب الفتاة المسلمة المحجبة وكلهم يغنون معاً. هذه هي ثقافة الشباب.



#أوسم_وصفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألتراس و -المتفرجون الشرفاء-
- السؤال الكبير
- ثقافة لوم الضحية
- أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!
- مش قادر أمنع نفسي من القرف
- صعود الإسلاميين حتمية -إلهية-
- همسات في آذان الأقباط
- أشعار في مراحل الثورة المصرية
- سؤال الإيمان في عصر ما بعد الحداثة
- الثورة يجب أن تبدأ
- النمو الأخلاقي
- همسات في آذان الإخوان
- سيظل التحرير روح مصر مهما حدث لجسدها
- ثلاث معضلات في الثورات العربية


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أوسم وصفي - ثقافة الشباب