أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوسم وصفي - أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!















المزيد.....

أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!


أوسم وصفي

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 17:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتهمني المسيحيون قبل المسلمين بأنني أهاجم المتدينين. ما أريد أن أقوله في مواجهة هذا الاتهام هو أنني لا أُهاجم المتدينين بل ببساطة أهاجم الدين. نعم. على عكس ما يقول الجميع رَدّاً على هذه التهمة. الكل يقولون: " أنا لا أهاجم الدين، أنا أهاجم المتديّنين". أما أنا فأقول العكس. أنا بالفعل لا أهاجم المتدينين فأنا أحبهم جداً وأقدّر بحثهم عن الحَقّ وشوقُهم لله. أنا بالفعل أهاجم الدِين. لا أهاجم ديناً بعينه بل أهاجم الدين بشكل عام. بالطبع سوف يذهب ذهن القارئ أنني ملحد أو ضد فكرة وجود الله أو عبادته. لا.. مطلقاً بل أنا على العكس أرى أن "الدين" من أكبر الأخطار على العلاقة بالله ومحبته وعبادته. ما هو الدين الذي أهاجمه إذاً؟

* الدين الذي أهاجمه ليس "المنظومات العقائدية" في حدث ذاتها. ما أهاجمه هي "المنظومات العقائدية" التي لايقوم أصحابها بإعادة استلهامها في كل عصر بطرق تجعل هذه المنظومات تخاطبهم بلغة عصرهم، لكن بنفس الروح التي خاطبت أتباعها الأولين. هذا العجز غالباً ما يكون بسبب التجمّد الناشئ من الخوف. إنني أهاجم أيّ دين يزكّي الخوف بأكثر مما يُزَكّي الحب. فالخوف يخرج أسوأ ما في الإنسان ويُقرّبه من الحيوانات (مع الفارق)، أما الحُبّ فيرفع الإنسان إلى مصاف الآلهة(مع الفارق أيضاً).

* الدين الذي أهاجمه ليس "الممارسات والطقوس والتدريبات السلوكية" فهذه الأمور مفيدة للروحانية فالهدف منها تزكية التواصل مع الله والسماح لكياننا البشري بالنمو حتى يستطيع الله أن يمدّنا بقدر أعمق وأكبر من أفكاره ومشاعره وحضوره. ما أهاجمه في الممارسات الدينِّية هو أن يتم "تأليه" هذه الممارسات بحيث تصبح أهدافاً في حد ذاتها بينما هي "طُرُق" لتواصل المحدود، الذي هو نحن، مع المُطلق الذي هو "هو"!

* الدين الذي أهاجمه هو الذي يتكلم عن مبادئ وقواعد ونواميس أكثر مما يتكلم عن أشخاص وضعت المبادئ من أجلهم. على سبيل المثال لا الحصر، يتعذَّب اليهودُ كل سبت من قواعد ما يُمكن أن تفعله في "السبت" وما يُمكِن ألا تفعله فيه حتى أن المصاعد في إسرائيل تقف في كل الأدوار لأن اليهودي "المتدين" لا يستطيع أن يمد يده يوم السبت ويضغط على زر الدور الذي يريد أن ينزل فيه. المُضحِك المُبكي هو أنك عندما تقرأ عن شريعة "السبت" هذه، سوف تكتشف أنها شريعة "الراحة" الأسبوعية!

* الدين الذي أهاجمه هو الذي يتكلم عن الثواب والعقاب والتهديد والوعيد أكثر مما يتكلم عن المحبة والفرح والسلام. الدين بهذه الصورة هو أخطر ما يُهدد الرُوحانية الحقيقية التي هي القصد من وراء الدين. وبالروحانية أقصد أن يتصل الإنسان بالله وبأخيه الإنسان. عندما يقف الدين عقبة أمام محبة الإنسان للإنسان فهو يقف أيضاً عقبة أمام محبة الإنسان لله. الدين بهذه الصورة هو أكبر إهانة لله لأنه يُصوِّره واقف ضد "فِطرة" الإنسان الحقيقية النقية. تلك الفطرة التي نراها في الأطفال (الذين لم يُلَوَثوا كثيراً بعد) أكثر مما نراها في الكِبار. إنها فطرة الحُب ولعل التاريخ يقول بوضوح أن "الدين" هو أحد أهم أسباب الإلحاد في أوربا بالتحديد، فالإلحاد لم يأت فقط تمرداً على الله بقدر ما جاء انتصاراً للمحبة والسلام بين البشر ضد ما قام به "الدين" من التفريق بين البشر.

* الدين الذي أهاجمه هو الذي يستمد قُوَته وعنفوانه من "مجهولية الله". تلك المجهولية التي تجعلك تخاف منه أكثر مما تُحِبّه، فتتحول حياتك إلى محاولات مستمرة مضنية لفعل كل ما يجعلك "تتقي شَرّه" لأنك لا تدري ما الذي يغضبه، وما الذي يرضيه. لا تدري إن كان سيتقبَّل أم لا وإن كان سوف يغفِر أم لا. الله في المفهوم الدِينِيّ إلهٌ نَزِق ذو نزوات لا يُؤمَنُ "مًكرُه". ربما يًحِنُ الكثيرون إلى هذا الإله ويشعُرون معه بالألفة لأنهم ألِفوا الخوف والقهر. هذا الإله بالنسبة إليهم هو صورة يعرفونها وقد اعتادوا عليها. إنها صورة الأب البشري متقلب المزاج الذي يكون يوماً أطيب من العسل وأنعم من الزبد ثم ينفجر غاضباً في لحظة لا تتوقع. صدق "فرويد" الذي قال أن "الله" الذي يعبده المتديّنون ليس إلهاً "صَنعنا على صورته"، بقدر ما أنه إلهٌ "صنعناه نحن على صورتنا".

* الدين الذي أُهاجمه هو الذي يجعل الشخص المُتَدَيِّن يفكر دائماً فيما يطالبه الله به. وكأن الله محتاج للبشر. الصَنَم الذي يصنعه البشر يُخدَم بأيدي الناس فيقربون إليه القرابين ويَحجّون إليه ويصلّون "له" ويصومون. أما الإله الحقيقي فيُعطِي أكثر مما يُعطَى. الإله الحقيقي يفدينا أكثر مما نفديه. هذا هو أيضاً المفهوم الفِطري عن الله (بعكس المفهوم الديني) لأن من الطبيعي ألا يكون الله مُحتاجٌ لنا بل نكون نحن المحتاجين إليه. نحن المرضى المحتاجون شفاءه والجوعى للحب المشتاقون لحضنه. الإله الحقيقي يُعطي الجميع حياة ونفساً وكل شيء، والخدمة الحقيقية لله هي أن نخدمه في البشر الذين يُحِبّهم، بأن نعطيهم ما قد أعطانا من حب وقبول واحترام.

* الدين الذي اهاجمه هو الدين الذي يعتقد أن الله يستمد هيبته وجلاله من ابتعاده ونفوره من البشر ومن كل ما هو مادِيّ و إنسانيّ و عاطفيّ، وجسديّ. هذا المفهوم "الديني" عن الله هو الذي جعل الفكر الإغريقي القديم يكره كل ما هو جسدي ويعتبره نجاسة. هذا جعل اليونانيون القدماء على سبيل المثال يحتقرون الجسد والجنس، فمنهم من كان مهووساً بتحريمه وتحريم الكلام عنه بل وتحريم الكلام عن أي نوع من أنواع المشاعر (مثل "الرواقيين") stoics ومنهم من كان على الجانب الآخر من كان مهووساً به وبممارسته على طريقة الحشّاشين الذين يقولون عن الحشيش: " إن كان حرام أدينا بنحرقه" (مثل "الأبيقوريين") Epicureans وكانوا يؤمنون بفكرة سحرية أن كثرة ممارسة الجنس سوف تحرر الإنسان منه بينما كان يؤدي ذلك لإدمانه. كلا الموقفين يعكس "مشكلة" مع الجسد. أما المنطق والفطرة فلا يمكن أن تتصور أن من خلق الجسد، تكون لديه مشكلة معه.

* الدين الذي أُهاجمه يقول أن الله يسكن الهيكل والكنيسة والمعبد، ولا يمكن رؤيته والتعامل معه إلا في النصوص المقدسة. أما من يحب الله ويعيش علاقة حقيقية معه فإنه يراه في ورق الأشجار وفي ندى المطر وفي َضمّة الأم لطفلها الرضيع وفي ضحكة الصديق للصديق، وفي عشق الرجل للمرأة وحب الإنسان للحياة. في الفن والثقافة، وكل ما يُصَوِّر بجمال حتى ولو كان قبيحاً.

لماذا لم تعشق المجرات الكونية
الممتدة في عمق الأزل
وعشقت الممرات الطينية
الضاربة في عمق أوردتي
لمَ لم تعشق الصخور النارية
ولا انفجارات الكواكب
وعشقت ودياناً رملية
وسرّاً يُقال من صاحب
لصاحب.
وبطون جبال كالحة
وطفلاً في غبشة الفجر.. يشاغب

كيف نحتت أناملك عظامي
وشكَّلْت لحم رفاقي
وعشقت تجاعيد رجل عجوز
وبشرة طفلٍ
وردِيّ الملامح
ورجلاً مفتولاً
علمته الأيام.. أن يُسامِح

أنا أَسَرْتُكَ في المحبة
أنا حَصَرتُك في يومي
لا... لن أطلقك!
صارعني حتى طلوع الفجرِ
حتى انفجار كوكب الصبحِ
هنا على أرضي أنا
لن ألوذُ يوماً بالمعابد
بفاكهة صناعية
حتى لو كانت جميلة
فتلكسر حُقَ فخذي
وتنبت مكانه برتقالة
ليُزهِرَ الزيتونُ على باب قبري
بعيداً عن الأضواء الفسفورية
واضرب على ناصية الأيام فتنبت
أزهاراً.. وأشعاراً
وقلوباً طرية

صَعِدتَ للآفاق الأبدية
وفي كفك حفنة من أعصابي
وعبائة من جلدي
وجماعة من أحبابي
ما الذي أعجبك فيَّ؟!
و أنت خلقت قطعان النورِ
و رسمت على وجه العدم
أسراب الشهب البركانية

أنت خلقت الزمنَ الطوليَّ
وعشقتَ لحظة المخاضِ
أوقفت الزمن لتشاهد
ميلادَ مهرةِ سمراءَ
في عمق المزارع البعيدة
في فقر أسرة وحيدة
الناس والبهائم تُخَلِّص
يارب أجناد السماءْ
الناس والبهائم تُخَلِّص
ما أعجب الإنحناءْ

ما الذي أعجبك فيَّ؟!
حتى لامستَ ضلوعي
وأرهفت سمعكَ في الظلامِ
لهديل الحمامِ
ونبض دموعي
كيف ضبطت إيقاع المطر
على رنين أحزاني
والقمر المراهق
كيف علمته
أين عنواني؟

ماذا فيَّ أعجبك؟!
وأنا منسوج في عدم الاكتمالِ
كيف وقعت في عشقي
وفقداني لذاكرتي
يمتد للأجيالِ
كيف وقعت في عشقي
لكن..
قبل أن تجيبُني قُلّي
كيف أقع في العِشقِ؟

أوسم وصفي
ديسمبر 2011



#أوسم_وصفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مش قادر أمنع نفسي من القرف
- صعود الإسلاميين حتمية -إلهية-
- همسات في آذان الأقباط
- أشعار في مراحل الثورة المصرية
- سؤال الإيمان في عصر ما بعد الحداثة
- الثورة يجب أن تبدأ
- النمو الأخلاقي
- همسات في آذان الإخوان
- سيظل التحرير روح مصر مهما حدث لجسدها
- ثلاث معضلات في الثورات العربية


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوسم وصفي - أنا لا أهاجم المتدينين. حاشا لله. أنا أهاجم الدين!