أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأفكارُ والمراحل التاريخية














المزيد.....

الأفكارُ والمراحل التاريخية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتداخل الأفكارُ الوطنيةُ والعالمية، فالبشر يتبادلون المنتجات الفكرية والسلعية، وتحدث التأثيراتُ بسببِ حاجاتِ الأبنية الاجتماعيةِ الوطنية إلى التغييرِ وقدرة القوى الفاعلة الصاعدة في هذه المراحل على إنتاج الأفكار المُحركة للواقع وعلى التفاعل مع الجمهور الشعبي، محرك التاريخ الأساسي.
لكن هذا الوعي غائبٌ حتى في الدراسات الجامعية، لصعوبةِ قراءة التداخلات والبُنى الاجتماعية الوطنية في كل مرحلة، التي تحددها ظروفٌ موضوعية وإنتاجٌ وطني عالمي للأفكار.
وجود طبقة ذات تقدم تاريخي هو بؤرة الموقف، ولنأخذ هنا موقفاً من التاريخ المصري الثقافي السياسي، لأنه معروف عربياً غير أنه من الصعب فهمه.
فالفئاتُ المتوسطة التي ظهرت في أوائل القرن العشرين بمصر هي التي طرحتْ التنظيمَ السياسي المعبرَ عنها، وكذلك الأشكال الفكرية والفنية والأدبية المسايرة لها.
إن مستوى هذه الفئات الوسطى السياسي الفكري هو مستوى استيراد لليبرالية ذات شعارات نهضوية، ولهذا فإن قدراتها لا تسمح لها بتركيبٍ جدلي معقدٍ يغوصُ في البنية الاجتماعية ذات الجذور العميقة، أي أن تقومَ بتحليل البناءِ الاجتماعي المصري العربي الإسلامي المسيحي واكتشاف قوانين تطوره، فهي لا تقدر على هذا الغوص، فتطرحُ شعاراتٍ عامة، تتمظهرُ في كل شكلٍ من أشكالِ الوعي بدرجةٍ معينةٍ وحسب الناشطين في هذا الحقل أو ذاك، فالزعامةُ السياسيةُ تطرحُ ديمقراطيةً مقاربةً للملاك الكبار والصناعيين، مثلما يتبدى ذلك في قيادة سعد زغلول، وهي رؤية تقزمُ اليسارَ والفلاحين، ومحمد حسين هيكل يطرحُ رواية أوروبية على جسد الريف المصري الذي يخلو من الإقطاع، فيما تتقدم الفئاتُ الوسطى في وعي نجيب محفوظ، لكنها لا تصطدمُ بالإقطاعِ المحلي، إلا بشكله السياسي التركي الأجنبي وفي علاقاته الأسرية حيث الأبوية الشمولية. وهنا تتمظهر بشكل محسوس في رؤية الليبرالية لما بعد الحرب العالمية الأولى، فهي لا تتغلغل في جذورِ البنية الاجتماعية، فالإسلام والمسيحية غائبان، ليس لأنهما غائبان عن الحياة ويفعلان فيها كثيراً، بل هما غائبان عن رؤيته. يتمظهرُ الإقطاعُ في شريط عرضي خاصةً حين يعرقل نمو الفئات المدنية.
الليبراليةُ الاستيراديةُ هنا هي في وعي فئاتٍ وسطى ذاتِ ثقافةٍ معينة وظهرتْ في ظروف معينة، لهذا تقاربُ العموميات، كما أنها تجذبُ فئاتٍ كثيرةً في البدء لأن هذه الفئات الكثيرة متحدةٌ في أهدافٍ مشتركة هي: طرد المستعمرين، ونهوض الصناعة والاقتصاد الوطني، لكن التطور التاريخي يسير حسب مصالح الطبقة القائدة للتحالف الشعبي، وهي التي تتمايز مصالحُها شيئاً فشيئاً عن الجمهور العمالي والفلاحين والفئات الوسطى الصغيرة التي تجدُ أن فئات(البرجوازية) والملاك الزراعيين الكبار، تخذلهم شيئاً فشيئاً، وتكرسُ مصالحَها فتنفضُ عنهم.
الطبقة القائدة للتحول التاريخي هنا تعجزُ عن إقامةِ تحالفاتٍ عميقة، إنها لا ترضي العمالَ بالدفاع عن أجورهم ولا تقوم بتغيير ظروفهم، وهي تصمتُ عن الفلاحين ولا تطرحُ تغييراتٍ في المُلكية الزراعية وتتجنبُ الإصلاحَ الزراعي.
التحالفُ يتفكك، لكن لا تظهر طبقةٌ حاملةٌ لتشكيلة جديدة تاريخية، لأن الطبقة الرأسمالية التي كان يجب أن تجذرَ هذه التشكيلة وتغيرَ الإقطاعَ في الزراعة والبيوت والثقافة وترفع من أوضاع العاملين وتجعلهم قاعدتها الجماهيرية القوية، توقفتْ عن معركتها فتنطعت لهذه العملية فئاتُ البرجوازية الصغيرة الدينية واليسارية والعسكرية وأدخلت مصر والبلدان العربية في مراحل تجريبية تائهة.
لهذا نجد التنظيمات السياسية تتجه خاصة بين الحرب العالميتين الأولى والثانية، وبعدهما، لأقصى أشكال اليسار والدين.
على مستوى الوعي سنجد عبدالرحمن الشرقاوي يكرس أهمية الإصلاح الزراعي وتغيير حياة الفلاحين ويهتم بالإسلام كثورة شعبية، بأشكال جزئية وأدبية، وفقهية، لكن بلا رؤية تقدمية شاملة.
وحين تجسدت هذه الرؤى التجريبية وسيطرت فئةٌ عسكريةٌ من البرجوازية الصغيرة المضطربة في زمنية الناصرية، نجدها لم تستطع أن توجد نظاماً حاملاً لهوية، ولتشكيلةٍ، فقدمٌ لها في الرأسمالية والإقطاع وقدمٌ لها في الاشتراكية، فلم تفهمْ الإسلامَ ولا الحداثة، وفي النهاية نجدُ هذين التآكلَ السياسي الاقتصادي والانفتاح الاقتصادي الفوضوي تعبيرين عن فشل الطريق نحو التشكيلة الحديثة.
ومن هنا فإن الفئات المثقفة التحديثية الطالعة في الستينيات التي ذهبت لسجون العسكريين لم تعد تثق بالمطلق كنظام، ولم تقدم رؤى بديلة. وفي هذا استمرارية لأزمات أجنحة البرجوازية الصغيرة الحديثة، فبدأت أجنحتُها التقليدية في النهوض مدعومةً من أموال النفط في الجزيرة العربية وإيران ومن فشل مغامرات العراق وسوريا. والآن تنتصر الأجنحة المحافظة مكرسة تقاليد أكثر تخلفاً من سابقاتها.
هذه خطوط عريضة أساسية لما جرى في مصر والبلدان العربية، وكل بلد له مساره التاريخي الخاص في الخطوط العريضة السابقة، ضمن هذه الممارسة للفئات الرأسمالية الليبرالية الأولى التي توقفت عن التغيير، ثم جاءت الفئاتُ البرجوازية الصغيرة يساراً ويميناً، ولم تفلح في إيجاد نظام، واستمرارية هذه الفئات في إنتاج الأزمات تتشكل في رؤاها، وعلينا أن نراقب مرحلة التجريب الجديدة في اللحم العربي.
إنها عاجزة عن تغيير الإقطاع وعلاقاته المتجذرة في البنى والعلاقات الاجتماعية والثقافية وفي رؤاها، فيغدو أمامنا تاريخٌ تجريبي آخر، يستنزف القوى والموارد، ويضيع عقوداً أخرى من الحلول الكلية والسحرية والشمولية.
إن هذه الفئات لا تتحد لتغيير ما هو تقليدي وتتفق على هذا وتتبادل العملية السياسية وتجعل الجمهور حكماً، بحيث تغدو الأدوات السياسية والإعلامية حرة تحترم وجهات النظر كافة، مركزين على تغيير ما يتفق الناسُ على تغييره من علاقات اقتصادية متخلفة وتوضع الخطط لتطويرها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعةُ الزعامةِ في المرحلةِ الطائفية
- خلاصة الأنواع الأدبية العربية(2-2)
- خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)
- طريقان نحو الحداثة العربية الإسلامية
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي
- التياراتُ الدينيةُ والرأسمالية(1-2)
- الثوراتُ العربيةُ أعودة للوراءِ أم قفزة للإمام؟
- الشعاراتُ والدعاياتُ حسب الزبائن
- المقاتلون من أجلِ السلام نائمون
- الطابعُ الديمقراطي للحراك العربي
- تآكل التحديثيين ونتائجه
- وحدة المسلمين تحل قضايا كبرى
- نهضةٌ والثقافةُ الديمقراطيةُ المطلوبة
- أزمةُ الوعي والحراكُ الفاشل
- أزماتُ الرأسمالياتِ الحكومية والأيديولوجيات المأزومة
- المذهبيون السياسيون ومرحلةُ هدم الدول العربية
- المصائرُ الحقيقيةُ الممكنةُ داخليةٌ
- الفتنة والثورة
- برجوازية قروية تحكم مصر
- شخصياتٌ لا مبادئ


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح من الجانب الفلسطيني ويرف ...
- فرنسا: ارتفاع الهجمات المعادية للسامية بنسبة 300 بالمئة في ا ...
- ولي عهد السعودية يتصل برئيس الإمارات.. وهذا ما كشفته الرياض ...
- فولودين: بوتين يعد ميزة لروسيا
- الجيش الاسرائيلي: قوات اللواء 401 سيطرت على الجهة الفلسطينية ...
- في حفل ضخم.. روسيا تستعد لتنصيب بوتين رئيساً للبلاد لولاية خ ...
- ماكرون وفون دير لاين يلتقيان بالرئيس الصيني شي جينبينغ في با ...
- تغطية مستمرة| بايدن يحذر من الهجوم على رفح ومجلس الحرب الإسر ...
- فلسطينيون يشقون طريقهم وسط الدمار ويسافرون من منطقة إلى اخرى ...
- جدار بوروسيا دورتموند يقف أمام حلم باريس سان جيرمان!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأفكارُ والمراحل التاريخية