أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد حسين - قراءة فى الواقع السياسى للجماعات الاسلامية















المزيد.....


قراءة فى الواقع السياسى للجماعات الاسلامية


سيد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 7 - 23:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صــــــدام الاسلامييـــــــن مع فكــــــــر الحــــــــداثة كــــــــارثة انســــــــــــــــانيــــــــــــــة

الاستــــــــعلاء الواضــــــح فى خطاب الجماعات الاسلامية يرجع الى فكرة الاصطفائية

تشكيل لجان حزب الحرية و العدالة فى محافظات مصــــــر تم وفق توجيهات من مكتب الارشاد

الجمــــــاعـــــــات الاســـــــلاميــة فشلت فى خلق اطروحــــــــة سياســـية معاصــــــــرة

الإســـــــلام السيــــــــــاســـــــــي الحزبــــــي يتعـــــــامل مع الدين بعقلـــــــية نصوصية


جاء بزوغ نجم الجماعات الاسلامية و بخاصة الاخوان المسلمين بعد الثورة صادما الى حد كبير ؛ حيث تناثرت رؤاهم المتلفحة بعباءات فقهية متناقضة هنا و هناك لتستدعى مشاعر الفزع من اعماق من لايدينون بالاسلام او من يؤمنون بوسطيته ؛ فتملك الخوف من الجميع ؛ بعد تربع الاخوان المسلمين على احد ابرز مقاعد القوة التى صُنفت بعد الثورة بحسب قوة كل فصيل ؛كان الاخوان ابرزها على الاطلاق .
لقد تركزت الانظار على تحركات الجماعة لفترة ليست وجيزة ؛ جعلت المراقبين يتأكدون من حالة التخبط التى تعيش فيها الجماعة بعد ان عجزت عن تقديم اطروحاتها السياسية الجديدة بعيدا عن مكتب الارشاد و مبدأ السمع و الطاعة ؛ فتارة يتحدثون عن الزكاة كنظام اقتصادى ومرة يصف احد قادتهم من يعارض فكر الجماعة بقوم لوط ؛ و أخرى يرتدون لباس المدنية و يدعون ايمانهم بمبادئ التحرر ؛ فتيقن الجميع من دهاء خطتهم الساعية الى مقعد رأس الدولة و حينها ستكون اولى مراسيمهم : ليصمت الجميع .
ان الازمة الحقيقية التى تتعرض لها الساحة الساسية المصرية هى ظهور احزاب سياسية دينية تسعى الى خلط الفكر الدينى بالسياسى دون مراعاة الخيط الرفيع الرابط بين سمو الاعتقاد الدينى وواقع الحياة السياسية بكل ما تحمله من سبل قد تسئ للدين فى كثير من الاحيان ؛ الامر الدى دفعنا الى ضرورة التعمق فى فهم اساليب الجماعات الاسلامية فى كيفية المزج بين تعاليم الدين و برامجهم السياسية ؛ و هو ما يمكننا من التنبؤ بواقع و مستقبل هده الاحزاب وفق اطروحاتهم و مسالكهم .

هناك حقيقة تؤكد انطلاق النص الإسلامي السياسي الحزبي من أحكام قيمية ومعيارية بالغة الاتساع، وهو يستفيد من تراث ضخم غالباً ما يتم التعامل معه بعقلية انتقائية تشدد على حرفية النصوص حيناً، وتعمد إلى التأويل الواسع حيناً آخر. وهو يرتكز على مقولة مرجعية مفادها: إن التشريع لا يكون لغير الله. وإن التشريع من جانب البشر مشاركة لصفة من صفات الله. وبمعنى آخر مشاركة الله تعالى في حاكميته. وهذا شرك كامل وكفر يفضي بالإنسان إلى الجاهلية. يترتب على هذه الرؤية حصر التفكير ضمن دائرة النصوص وبالتالي الاقتصار على إعادة تفسيرها وإنتاجها مفسرة ومكررة، مما يؤدي إلى محاصرة العقل وتطويقه، وبالتالي تعطيله خارج إطار هذه الدائرة. ويجري اعتماداً على هذه المقولة تضييق مساحة الاجتهاد، بل تجميدها تحت شعار أن ما لا نصّ فيه في القرآن والسنة، له شرح وتعليل في مؤلفات السلف من الفقهاء.
لقد قامت الأمة على مدى التاريخ بالتشريع لنفسها من خلال الفقهاء والقضاة وذلك على أساس ما ورد في القرآن. ومن ثم فإن الفقه الإسلامي، الذي يسميه البعض خطأً بالشريعة الإسلامية، هو تشريع الناس للناس في ضوء الأحكام العامة التي جاء بها الدين. الفقه إذن بخلاصته معطى بشري، غير إلهي، وقد حدثت هذه الإضافات على مدى التاريخ ولم يعترض أحد أو يحتجّ. وليس صحيحاً القول بأن وقف العمل ببعض الأحكام أو الادعاء بظرفيتها ونسبيتها كفر مبين.

والمشكلة أن النص الإسلامي السياسي الحزبي يتعامل مع الدين بعقلية نصوصية، وهو لا يرى أن الشريعة مقاصد قبل أن تكون نصوصاً، كما يرى كثير من علماء المسلمين والفقهاء الذين يعتبرون أن النصوص والتكاليف كلها ترجع إلى تحقيق مقاصدها. فالنصوص ليست بديلاً عن مقاصد الشريعة. وهناك فرق بين استيعاب النصوص واحترامها، وبين التمسك بحرفيتها وعبادتها كقوالب وصيغ ورموز، فهذا يفضي إلى نوع من الوثنية الجديدة. إن الإسلام حضّ على الاجتهاد، وجعل للمجتهد المخطئ ثواباً حتى على خطئه. وقد كان من نتائج هذا الاجتهاد فقه غني شمل مختلف أوجه الحياة، هو بخلاصته تشريع بشري اعتمد أصولاً مقننة في الاجتهاد، استناداً على القرآن والسنة والقياس والاستحسان والاستصلاح. وقد بلغت اجتهادات الفقهاء والأئمة حدّ الاختلاف حتى قيل إن في اختلاف الأئمة رحمة للأمة
أما منظومة الأفكار المنتجة لمفهوم الحاكمية الإلهية فانها تنطلق من معرفة تاريخية، مغايرة لواقع شديد الاختلاف. إنها تكفّر الدولة المعاصرة بشكل خاص، لأنها تعتدي على سلطان الله وحاكميته، وتشاركه أحد صفاته، وهي التشريع، وتجعل نفسها نداً لسلطانه.
فترى المودودي يكتفي بتكفير الدولة ويصف المجتمع بالجاهلية، أما سيد قطب فيبني خطاباً يتخطى تكفير الدولة والمجتمع إلى تكفير الأمة، لأنها عندما تطيع الدولة وتخضع لها تكتسب صفة الشرك وتعود بذلك وثنية ـ جاهلية. يقوم سيد قطب بمزج مفهومي الحاكمية و الجاهلية ليؤديا دوراً جديداً يدفع نحو تأسيس مجتمع الدعوة من جديد. فالحاكمية تكفر الدولة، والجاهلية تكفر المجتمع والأمة وتنفي إسلامها لأنها تطيع الدولة وتخضع لها من جهة، ولأنها أصبحت تفتقد المعنى الحقيقي للشهادتين من جهة أخرى.
إذن يقوم سيد قطب بنعي المجتمع المسلم الذي يفقد وجوده، ويدعو إلى تأسيس قيامة جديدة له تتحقق على أيدي طليعة مختارة شبيهة بالصحابة الذين رافقوا النبي (ص). لا مفر إذن أمام المسلم من الخروج على الدولة و الهجرة من المجتمع و تكفيرالأمة، للمحافظة على إسلامه، على أمل إعادة إنتاج الأمة وتأسيس المجتمع وإطلاق الدعوة من جديد.
يتحول مفهوم الحاكمية الإلهية على يدي سيد قطب إلى أيديولوجية تقوم بشحن مصطلحات قديمة بدلالات حديثة، معيدة ترتيبها وتصنيفها من جديد، وفق منظومة من المفاهيم، متراصة في تسلسل محكم، قادرة بحد ذاتها على إنتاج وتوليد مفاهيم جديدة مستقاة من مصطلحات قديمة. فالقضية تبدأ بتكفير الأمة والمجتمع، بمقتضاها تتحول دار الإسلام إلى دار حرب، عندها يموت التاريخ، ليبدأ مشهد جديد يرفض اعتبار المجتمعات القائمة اليوم مسلمة ، لأن القبول بهذه التسمية يُستعمل كفخ يراد منه إحداث ممانعة لخطاب الإسلامي الانقلابي التكفيري. إذن نحن أمام مشهد جاهلي جديد، من الخطأ ـ وربما من التآمر ـ تلوينه أو تجميله أو تمويهه.


و يتجلى هدا المظهر فى فعل جماعة الاخوان المسلمين و خاصة بعد الثورة و لكن على قدر من الاستحياء ؛ حيث ظهر دلك فى كثير من خطاباتهم دون ان تصل بهم الجرأة للقول بافكار سيد قطب حول تكفير المجتمع ؛ ليس عن قناعة منهم بخطأ افكاره المتعلقة بهدا الموضوع ؛ و انما استخداماً لمبدأ التقية حتى انهم ادا وصلوا الى الحكم و تملكوا مراكز القوى فى الدولة فسيعلنون افكارهم المتشددة و المستترة خلف التصريحات السوفسطائية المتلونة لمعظم قادتهم .
ان مبدأ الحاكمية الالهية لا زال يسيطر على تفكير جماعة الاخوان و لكن فى شكل جديد يزين حوافه الحديث عن الحكم المدنى و حريات و حقوق الانسان ؛ و حسن التعامل مع الاخر و فى دات الوقت يكنون فى صدورهم ما يكنون معتقدين انهم الاصوب لانهم يمتلكون الحقيقة المطلقة التى لا يملكها غيرهم ؛ فهدا التملك يخلق مجتمعا جديد يتمحور حول وجود سيد و مجموعة من الاتباع المطيعين و الخاضعين لمن يملك العلم الالهى الدى يسيرهم اينما اراد دون اعتراض منهم او حتى نقاش ؛ و هو ما يفسر مبدأ السمع و الطاعة المسترعى فى جسد جماعة الاخوان ؛ فمن يعارض الامير يعارض التعاليم الالهية بحسب المبادئ التى نشأت عليها اشبالهم ؛ و يفسر ايضاً تماسك اعضاء الجماعة و تنظيمهم فى مناسبات سياسية هامة من بينها الانتخابات البرلمانية ؛ فالاعضاء لا يصوتون لمرشح يقتنعون بافكاره و برنامجه و انما يصوتون وفق توجيهات تأتيهم من مكتب الارشاد .
لقد كنت شاهد على انتخابات تشكيل امانة حزب الحرية و العدالة فى محافظة بنى سويف ؛ و التى لم تكون اانتخابات حقيقة بقدر ما كانت اوامر و توجيهات بعث بها مكتب الارشاد و نفدها اعضاء الحزب ؛ ى بداية الانتخابات وق نهاد القاسم المسؤل الاول عن الحزب و الجماعة فى بنى سويف قائلاً بالحرف الواحد " اتتنا توجيهات بانتخاب سبعة اسماء على رأس التشكيل ثم تلى اسماء سبعة من الاطباء ؛ و حينها لم يعترض احد و قامو بالتصويت وفق توجيهات المرشد .
الاشكالية الكبرى ان الجماعة استأصلت فكرة استخدام العقل و طرح الاسئلة من ادبيات الجماعة ؛ لا يحق لعضو اعمال عقله فى اوامر المرشد الدى اضحى نصف اله ؛ يأمر لا يرد امره

ونظراً لارتباط الدعوة الاسلامية و جماعاتها المختلفة بمفهوم الربانية و ما توجبه من مسالك و صفات ؛ كان لابد ان تظهر هده الجماعات بثوب جديد مزين بمظاهر القوة و السيطرة بعد اعوام من الخضوع و الدل حيث تعتقد الجماعات الاسلامية ان حمل مهوم الربانية لابد و ان تواكبه قوة و سيطرة لا ضعفاً و خنوع ؛ حيث يرتبط هدا المفهوم من وجهة نظرهم باحتكار الحقيقة المطلقة لأنها تأتيهم من عند الله .
و قد وردت كلمة الربانية فى القرآن الكريم ثلاث مرات ؛ مرة فى سورة آل عمرن و مرتين فى سورة المائدة و ى المرات الثلاثة جاءت فى حق اهل الكتاب و اليهود على الأخص و يسر العلماء كلمة الربانيون بانهم كاملوا العلم ؛ كما توجد الكلمة بنس الرسم فى الديانة اليهوديو و هى تعنى الحبر او الحاخام.

فالربانى هو المتمسك بتعاليم دينه و المتبحر فيه ؛ مما يجعله مملوءا بشعور الاستعلاء و السمو على غيره ممن يدينون بدات العقيدة ؛ الامر الدى يدفعه الى سلوك طريق العنف حيال الاخرين ؛ فليس من باب المصادفة ان تؤدى الربانية فى الفكر اليهودى الى افراز دعوة الصهيونية العنصرية .

هده العنصرية التى تجسدت فى تصريحات كثير من ارباب الجماعات الاسلامية بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير ؛ و التى سوف نتناول الكثير منها و لكن اولها وا برزها على الاطلاق تصريحات صبحى صالح التى اكد فيها انه لا يجوز لمن ينتمى للجماعة الزواج من خارجها مستشهدا باحدى ايات القرآن الكريم التى لا صلة لها باقواله ؛ هدا اسلوب الجماعات الاسلامية التى تستغل ايات القرآن و تلوى عنقها و تفسرها كيفما يتفق و مصالحها ؛ كما كان للاخ صالح تصريحا اخر فى مناظرة مع الدكتور خالد منتصر شبه فيها الاخوان بانهم اتباع الله و ان المعارضين هم قوم لوط حتى و لو كانوا مسلمين ينطقون الشهادة و يأتون ما أمر به الله .

و فى مناظرة ساخنة بين الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل و محامى الجماعات الاسلامية السابق منتصر الزيات على شاشة قناة المحور تبادل الطرفان عرض وجهات نظرهم حول قضية الدستور ام الانتخابات البرلمانية ؛ حيث جاء عرض قنديل مرتب و منظم و مقنع الى ابعد الحدود مستنداً الى بديهيات العقل و المنظق ؛ يما لم يأتى الزيات برد مقنع سوى صوت عالى صارخ يتملق المصريين قائلاً ان المصريين يحبوا دينهم ؛ الامر الدى علق عليه الجميع للمرة العاشرة بان هدا الرد استخداما وقحا للدين حتى يتأكد لدى البسطاء ان رأى قنديل يعارض التوجه الاسلامى فيما يمثل الزيات وجهة النظر الاسلامية و بالتالى وفر على نفسه عناء الرد و الاجتهاد و يكفى انه انهى تلك الفقرة بانطباع جديد تركه لدى العوام عن الكاتب عبد الحليم قنديل احد القادة المعارضين للتيارات الاسلامية و بالتالى استباح الزيات لنفسه احتلال المكان الابرز بصفته رجل دين ربانى كما يتهيأ له من خلال مداعبة عواطف العامة. .

نمودجا اخر تجسد فى تصريحات مرشح الرئاسة الاسلامى محمد سليم العوا حين وصف من ينادون بوضع دستور للبلاد بأنهم من شياطين الانس ؛ ليؤكد على مدى التطرف الدى يمارسه الاسلاميين لأنه يعلم جيدا ان ما اضر الدين الاسلامى الا اصدار الاحكام المسبقة من قبل المتطرفين على من يختلفون معهم فى الرأى ؛ الا ان تصريحات العوا جاءت لتؤكد زيف الانطباع الراسخ لدى كثير من النخبة حول وسطية العوا و اعتداله ؛ بعدما كشف نصف البرقع الدى يغطى به وجهه الحقيقى فى تصريحاته السابقة حول وجود اسلحة بالاديرة و الكنائس و لتى الهبت الشارع المصرى بنار الفتنة و تسببت فى العديد من الاشتباكات بين الاقباط و المسلمين . و حرصا على مصالحه الخاصة غير العوا خطابه الموجه للاقباط بعد اعلان ترشحه للرئاسة ليرفع مبادئ اسماحة و حب الاخر مداعبا من يحق لهم التصويت من الاقباط و العلمانيين .

ان قضية الاستعلاء و الزهو منأصلة فى جماعة الاخوان المسلمين ؛ فلا عجب ان حسن البنا مؤسس الجماعة زهى و استعلى بقوة جماعته و ربانيته فى اكثر من موق ابرزها رسالته فى المؤتمر الخامس التىى قال فيها بالحرف " ايها الاخوان المسلمون و بخاصة المتحمسون منكم ؛ اسمعوها منى كلمة عالية مدوية من فق هدا المنبر فى مؤتمركم الجامع ؛ ان طريقكم هدا مرسومة خطواته ؛ موضوعة حددوده و لست مخالفا هده الحدود التى اقتنعت كل الاقتناع بأنها اسلم طريق للوصول ؛ اجل قد تكون الطريق طويلة ؛ولكن ليس هناك غيرها ؛ فى الوقت الدى يكون فيه منكم معشر الاخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها روحيا باليمان و العقيدة و فكريا بالعلم و الثقافة و جسميا بالتدريب و الرياضة ؛ ى هدا الوقت طالبونى ان اخوض بكم لجج البحار و اقتحم عنان السماء و اغزو بكم كل عنيد وجبار .
ان هدا الاستعلاء الواضح فى خطاب الجماعة الممتد مند نشأتها الى تصريحات صبحى صالح ؛يرجع فى الحقيقة الى فكرة الاصطفائية أي أن الله جل جلاله قد ميز الدين الذي إنضوى تحت جناحه و آمن به بأن إصطفى الرسول الذي بلغ الرسالة الخاصة به وإصطفى أصحابه (الرسول) الذين عاونوه على التبليغ الذي واصلوا حمل دعوته من بعده وإصطفى أمته على سائر الامم، وتستمر هذه الاصطفائية حتى نهاية الزمن .
و الاصطفائية تؤدى بالضرورة الى الاستعلاء و تملك الحقيقة المطلقة فالدين الذي يعتنقه هو وحده من دون سائر الأديان والعقائد هو الذي يملك الحقيقة المطلقة في كافة الشؤون وسائر الأمور والتي لايأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها وإنها سوف تظل هي كلمة الرب الأخيرة حتى يرث الله الأرض و من عليها.
و تختلط الاصطفائية و الحقيقة المطلقة فى وثائق جماعة الاخوان المسلمين ؛فالعلاقة بين الامرين حميمية ؛والامر المؤكد انهما معا اهم مقومات فكر الاخوان المسلمين ؛ بل لا نكون مبالغين ادا اكدنا انهما المحور الرئيسى الدى يدور عليه فكر الجماعة ؛ وهدا ما نجده عندما يصبح الفرد عضوا فيها ؛حيث نجد الاستاد يشترط على الاخ ان يطرح جانبا كل المبادئ و الاشخاص الدين كان قد تأثر بهم و الا يحمل بين جنبيه سوى كر الجماعة لأنها الحقيقة المطلقة دون ما عداها .

قد اشار حسن الهضيبى المرشد الثانى للجماعة –رحمه الله- واصفا دعوة الاخوان المسلمين بأنها مثل دعوة الرسول (ص) لم تزد منها و لم تنقص ؛ كانت و لا زالت صراعا بين الحق و الباطل ؛ بين الايمان و الالحاد ؛ مشبها فى دلك من هم دون الاخوان المسلمين بأنهم ملاحدة .


.
ظاهريا يبدو العالم العربي أمام معادلة شبه مستحيلة. فهو من جهة مطالب بدخول العصر الديمقراطي والانتخابات الحرة. وهو من جهة أخرى يخشى ان يؤدي ذلك الى انتصار التيار الاخواني الاصولي الذي لا يؤمن بالديمقراطية، إلا كأداة للوصول الى الحكم ثم احتكاره بعدئذ طبقا للشعار المشهور: صوت واحد، مرة واحدة! وبالتالي فما الحل؟ هذا هو السؤال الذي يقض مضاجع صناع القرار ليس فقط داخل الانظمة المعنية وانما ايضا في باريس ولندن وواشنطن الخ، وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قبول الاتحاد الاوروبي لاقامة علاقات مع الجناح المعتدل في الحركة الاصولية. فبعد ثلاثين سنة من هجمة الاصولية على ايران وتركيا والعالم العربي والاسلامي ككل اصبح واضحا لكل ذي عينين ان خط التطرف على طريقة الطالبان وبن لادن غير سالك، بل ومسدود تماما. ولا يمكن لأي عاقل ان يفكر في التعامل معه لأنه قائم على تكفير البشرية كلها تقريبا، كما انه قائم على فهم مرعب واجرامي للدين. وهو نفس الفهم الذي ساد أوروبا اثناء عصور محاكم التفتيش السوداء. ولهذا السبب ابتدأ العقلاء في التيار الاصولي يبتعدون عن هذا الخط العقيم الذي شوه سمعة العرب والمسلمين في شتى انحاء الارض. ولكن الغرب، سواء أكان أوروبيا أم أميركيا، لن يصدقهم قبل ان يدينوه ادانة كاملة وعلى رؤوس الأشهاد. فمن السهل ان أقول بأني معتدل أو وسطي ثم اضمر التطرف أو أتعاطف سريا مع القتلة والمجرمين. وبالتالي فلاعتدال ثمنه: الا وهو الاعتراف بالمكتسبات الايجابية للحداثة التي تعتبر الديمقراطية إحدى ثمارها أو جزءا لا يتجزأ منها. وأول هذه المكتسبات عدم التمييز بين المواطنين على اساس العرق أو اللون أو الطائفة أو المذهب.

.

وهذا ما فعله التيار الليبرالي في المسيحية الاوروبية عندما تخلى عن الكثير من مقولات الكنيسة الكاثوليكية البابوية الرومانية التي كانت تكفر ابناء المذاهب الاخرى كالبروتستانتيين وتشعل الحروب الأهلية في كل مكان وتدق اسفينا عميقا في صميم الوحدة الوطنية للشعب الفرنسي أو الألماني أو الهولندي، الخ.. ومعلوم ان الكنيسة الكاثوليكية كانت تدعي احتكار الحقيقة المطلقة للمسيحية، تماما مثلما يدعي الاخوان المسلمون في العالم العربي حاليا امتلاك الحقيقة المطلقة للاسلام. وبالتالي فكل من يفهم الاسلام بطريقة مختلفة عنهم أو مضادة لهم يُكفَّر ويدان.

وبما ان أول مبدأ من مبادئ الديمقراطية هو حق الاختلاف فاني لا أفهم كيف يمكن ان يكونوا ديمقراطيين! هل يعني هذا الكلام الدفاع عن الانظمة الحالية أو عن استمراريتها الى الأبد؟ بالطبع لا فمساوئها كبيرة. ولكنه يعني ان لحظة الخلاص لا تزال بعيدة ودرب الآلام لا يزال طويلا. ولن يحصل التحرير الكبير الا بعد انتصار التنوير الديني في الاسلام تماما كما حصل في المجتمعات المتقدمة من أوروبا الغربية الى اميركا الشمالية، وهي عملية سوف تستغرق عدة عقود من السنين. لكن بانتظار ان يحصل ذلك هل نقف مكتوفي الايدي؟ مرة أخرى بالطبع لا. وهنا تبرز ضرورة الحوار بين التيار العلماني والتيار الديني الوسطي من أجل تجنيب الشعب مخاطر الحرب الاهلية وسفك الدماء اذا أمكن. والسؤال الذي كنت دائما اطرحه على نفسي هو التالي: هل يمكن ان يحصل التنوير الديني، أو قل التنوير الفلسفي للدين بدون معركة كسر عظم؟ بمعنى آخر: هل يمكن ان نتحاشى الحروب الاهلية أو الصراعات الدموية ونصل الى شاطئ الأمان بدون ان ندفع الثمن؟ بالطبع كلنا يتمنى ذلك لأن الحروب الاهلية من أبشع أنواع الحروب وأكثرها فتكا بالانسان وتمزيقا للمجتمعات البشرية. ولكن من يراقب مسيرة التاريخ أو يستخلص دروسه وعبره يعرف ان البشر لا يمكن ان يتعلموا الا من «كيسهم» كما يقال. وأقصد بذلك ان كل خطوة يخطوها الشعب الى الامام يُدفع ثمنها دما ودموعا. ولكن بعد ان يدفع ثمنها تصبح راسخة ولا يتراجع عنها. فالشعب الفرنسي لا يمكن ان يتراجع عن حرية الصحافة، أو عن التعددية السياسية والدينية أو عن الفصل بين الكنيسة والدولة لأنه دفع ثمن ذلك باهظا على مدار القرون الثلاثة المنصرمة، وقل الامر ذاته عن الشعب الانجليزي أو الالماني أو بقية الشعوب الاوروبية المتحضرة.



ان الحديث عن الأصولية ليس حديثا عن الإسلام كدين، بل عن الفكر المنتج من قبل المسلمين، ولأن كل تفكير حول الإسلام هو منتج بشري، لذا فإن حديثا عن الأصولية ومنتجاتها ليس نقدا للدين، وما يؤكد رؤيتنا أن التفكير الذي يؤسس لنفسه على الإسلام هو منتج بشري أن قارئ الإسلام قدموا رؤى وإيديولوجيات متعددة ومتنازعة. فمن يتابع أنتاج الحركات الدينية رغم أنها تنطلق من مرجعية واحدة إلا أنها أنتجت أفكارا متنوعة ومختلفة بل ومتناقضة ومتعارضة مع بعضها، بل أن القتال الأكثر شراسة في المجال الإسلامي عبر تاريخ الإسلام في العمق يدور بين المذاهب والطوائف والإيديولوجيات الدينية ومازالت الحرب قائمة حتى اللحظة، وهذا الصراع في ظل الجمود والركون على الماضي لا يمكن تجاوزه فكل طائفة وفئة تدعي أنها الفئة القائمة على الحق وهي الجماعة المنصورة والمؤيدة من السماء وما عداها على باطل.
لذا نرى أن الليبرالية التي تعاديها الأصولية بكافة تفرعاتها هي الحل لأنها تسمح للجميع أن يفكر بحرية وتؤسس للسلم الاجتماعي وتجعل من قبول الآخر شرط أساسي لتحقيق العيش المشترك، ومن يُكفر الليبرالية هم الطغاة في السياسة وفي الفكر، فكل من يريد أن يلغي الآخر ويعلن نفسه مالكا للحقيقة المطلقة أو يريد أن يتحكم ويهيمن على الآخرين لابد أن يكفر كل من يحمل فكرا تجديديا ليبراليا لأنه فكر يؤسس للتعدد والتجديد الدائم ويهتم بمصالح كل فرد ومصالح المجموع وفق معايير وقيم إنسانية.
والواقع يؤكد أن الليبرالية رغم مشاكلها الكثيرة تمثل أفقا فكريا وعمليا مهموما بالفرد وحريته وبالعدالة والمساواة وبالدولة المدنية والقانون والنظام، وقادرة على مواجهة تناقضاتها وتجديد نفسها بما يحقق المصالح الإنسانية، والتطور التاريخي لليبرالية في الراهن يؤكد أن الليبرالية ليست ضد الدين بل لا يمكن للدين أن يكون فاعلا وحاضرا بقيمه الإنسانية إلا مع الليبرالية وبدونها يصبح رؤية مطلقة مستبدة.
نلاحظ أن الاسلامويات بكافة تياراتها رغم التناقض والصراع المحتدم فيما بينها إلا أنها تتشابه إلى درجة التطابق في الآليات العقلية التي من خلالها تفهم الواقع، فالعقائد المنتجة هي التي تفسر الواقع ومخاطر هذه العقائد إنها إيديولوجيات واهمة وتتحول إلى حجاب تعزل تلك الحركات عن فهم واقعها كما هو، وهذا يجعلها تتصارع مع واقعها وتعمل جاهده على تدمير الواقع بإجبار الواقع وقسره على أوهامها وأحلامها.
إلى ذلك الإسلامويات تتشابه بنزعتها الشمولية ولا فرق بين معتدل ومتطرف، هناك مقولات ثابتة وأفكار جامدة وأحلام طوباوية تحكمها، وكلها تنادي بتحكيم الإسلام إلا أن لكل إسلام سياسي تفسيره الخاص، وهذا لا عيب فيه، الإشكالية العويصة أن كل طرف يعتقد أنه ممثل الله في الأرض وغيره مبتدع بل وكافر.
وإدعاء الإمساك بالحقيقة ليس إلا وهم، فمن يتابع القراءات التي قدمتها الحركات الدينية سيلاحظ أن لا علاقة لها بالإسلام كما كان في بداية التأسيس رغم خداعها لنا وبناء أوهام كبيرة على أنها هي الإسلام وأن هدفها هو تطبيق الإسلام كما أنزل، ولتوضيح الفكرة ببساطة نسأل ما علاقة نظرية الخميني بالمرحلة النبوية؟ وما هو الرابط الذي يربط سيد قطب بالإسلام التأسيسي؟ وهل قراءة اوردغان الذي قبل بالعلمانية تتشابه مع قراءة الغنوشي والترابي والزنداني وأي منهم هو الإسلام؟
الإسلام الذي يدعيه قارئوه هو إسلامهم كما أنتجته عقولهم، كلهم مسلمون مجتهدون وأن أصابوا أو أخطئوا، اتفقنا مع رؤيتهم أو اختلفنا، هذا ليس محل نقاشنا، لكن عليهم أن يفهموا أن منتجاتهم خاضعة للنقد والتفنيد وأنهم بشر مثلنا وما ينتجوه نسبي، إذا فهموا ذلك فإن مشاريعهم قابلة للتطوير.



#سيد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام المصرى بعد الثورة ..... بين التدنى و السمو
- القوى الانتهازية تخون الثورة و تسعى للوقيعة بين القوى الوطني ...
- بعد وفاته بعشرة اعوام ....احياء خطة انقلاب مصطفى مشهور
- تفاصيل التحركات الإقليمية لقيادات الإخوان المسلمين
- كتاب امريكى يؤكد عودة الخلافة الاسلامية فى الشرق الاوسط
- الاخوان المسلمين فى استعراض راقص على خشبة المسرح السياسى
- الانتهازيون الجدد
- لابد ان ترحل
- لمادا لا تشبه مصر تونس .. بجاحة نظام و انكسار شعب
- لماذا لا تطبق الدول العربية نظام الكفالة على الاجانب
- الموقف الايرانى يفضح مؤامرة اوباما على الشرق الاوسط
- عندما تتعاطى السلطة الفلسطينية رواتبها من امريكا
- مصر ... السبية
- القاهرة ... و الخنوع
- حلم الهروب من مصر
- هى دى مصر يا ريس
- الملفات السرية للحكام العرب
- ثقافة الصدام
- شخصنة الدول


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد حسين - قراءة فى الواقع السياسى للجماعات الاسلامية