أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد علي ثابت - ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2















المزيد.....

ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 08:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


اقترحنا في نهاية المقال السابق تقسيم عناصر "الصندوق الأسود" المضاد للثورة المصرية إلى ثلاث طبقات رئيسية، على النحو التالي:

- الطبقة القشرية: الثورة العشوائية المضادة.

- الطبقة الوسيطة: الإدارة المنهجية المضادة.

- الطبقة العميقة: المكون الثقافي والمجتمعي غير الداعم للفعل الثوري.


وفي المقال الحالي سنناقش مكونات كل طبقة من تلك الطبقات الثلاث بشيء من التفصيل..

تتألف الطبقة الأولى (الطبقة القشرية أو السطحية) من مختلف شرائح فلول النظام السابق، وهي تقوم منذ ما قبل خلع مبارك وإلى اليوم بشن هجمات صغرى مستمرة وموجعة مضادة لثورة يناير، وهي أكثر طبقات الصندوق الأسود ظهورا وإزعاجا وعدم تنظيم. فعناصر تلك الطبقة يتصرفون بعصبية وبشكل فردي غير منظم وعلى نحو شبه مكشوف، وتحرك ذلك كله رغبة في الانتقام الانفعالي من الثورة التي عطلت مصالحهم وأفقدتهم نفوذهم في كنف النظام السابق، وهذا الانفعال يجعل وقوعهم في الخطأ المكشوف ومن ثم وقوعهم تحت طائلة القانون أمرا واردا باستمرار، وهو ما حدث بالفعل في موقعة الجمل التي تم كشف أسماء أغلب المخططين والممولين لها وإحالتهم للمحاكمة. وتنقسم تلك الطبقة إلى عدة شرائح، أهمها: شريحة كبار وقدامى الأعضاء بالحزب الوطني المنحل وأعضاء مجلسي الشعب والشورى المنحلين وأعضاء المجالس المحلية المنحلة عن الحزب الوطني، وشريحة كبار رجال الأعمال من الحزب الوطني ومن خارجه الذين تسببت الثورة في تجفيف ولو جزئي لمنابع الفساد التي كانوا يعيشون عليها، وشريحة البلطجية والأعوان الذين كانت الشريحتان السابقتان تستخدمانهم قبل الثورة في الانتخابات ولتأديب الخصوم ثم أصبحتا تستخدمانهم بعدها في إثارة الفتن والحرائق وفي ترويع المواطنين تخويفا لهم من الثورة وتكريها لهم فيها.

أما الطبقة الثانية، طبقة الإدارة المنهجية المضادة، فتتألف من المسئولين والتنفيذيين بجهاز الدولة في عصر النظام السابق الذين مازالوا محتفظين بمناصبهم إلى اليوم ومازالوا قادرين من خلالها على توجيه ضربات مؤذية للثورة. وإذا كانت مليونية 8 يوليو ومن قبلها الحملة ضد أحمد شفيق التي تسببت في رحيله قد نجحتا في الإطاحة بمعظم الوزراء الفلول، فإن هذا لا يعني أننا نجحنا تماما في إزاحة الفلول عن كافة المناصب العليا والمؤثرة بالدولة. فمازال العديد من وكلاء الوزارات ومديري مكاتب الوزراء ورؤساء الأحياء والمصالح والهيئات وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات والمستشفيات الحكومية وغيرها هم أنفسهم من كانوا يشغلون نفس المناصب في ظل النظام البائد وكانوا من الفاسدين المتورطين في دعم النظام السابق والتغطيه عليه. والأمر نفسه ينطبق على كثيرين من ضباط جهاز الأمن العام الذين كانوا من قبل ضباطا فاسدين ومعذبين بجهاز أمن الدولة المنحل، وينطبق كذلك على بعض القيادات الكبرى بالجهاز القضائي وبهيئة القناة وبالبنك المركزي. وأخيرا وليس آخرا، فإن هذه الشريحة تشمل أيضا المسئولين الصحفيين والإعلاميين الفاسدين المنتمين للنظام السابق والذين مازالوا يديرون بعض مؤسسات الإعلام المصري ويمارسون بمنتهى البراعة عملية تشويه الثورة والثوار. ويقوم أفراد هذه الطبقة شديدة الخطورة بعرقلة وإيذاء الثورة من الداخل بعدة طرق تتسم بالتنظيم العالي والتنسيق الجيد والرؤية طويلة المدى، مثل: سوء إدارة مؤسسات الدولة الخاضعة لهم وإحداث أزمات متعمدة في سلع استراتيجية كالسولار أو بنزين 80 أو في الخدمات مثل الكهرباء والمياه بهدف الانتقام من المواطنين وإشعارهم بأن الأوضاع بعد الثورة ليست أفضل منها قبلها، ودفع العناصر الخطرة والمتطرفة لإحداث الفتن الطائفية في مناطق مختلفة بشكل دوري، والتساهل في التصدي للبلطجية وقطاع الطرق والباعة الجائلين الذين يحتلون الميادين وأصحاب الأبنية المخالفة والسماح لهم جميعا بترويع المواطنين وتحويل حياتهم إل عذاب وفوضى، وتعطيل المصالح الجماهيرية عبر التباطؤ المتعمد في اعتماد القرارات الحكومية واتخاذ إجراءات تنفيذها بالتعلل إما بعدم وجود ميزانية وإما بالتخوف من الوقوع تحت طائلة المسئولية في حالة التوقيع على قرارات مخالفة تنفيذا لتوجيهات وزير قد يرحل غدا، وبث الشائعات وتقديم التغطية أحادية الجانب بهدف إحداث الفرقة والوقيعة بين الثوار بعضهم البعض أو بين الثوار وعامة الشعب.

ولا شك أن هذه الطبقة الثانية أو الوسيطة (طبقة التنفيذيين الفلول) تفوق الطبقة الأولى (طبقة صغار الفلول) في الخطورة والتنظيم بمراحل. وإذا شئنا توسعة نطاق تحليلنا لعناصر هذه الطبقة، فإنه سيتعين علينا إذن عدم إغفال الإدارة الخارجية المنظمة ضد الثورة المصرية، كما يحدث من بعض الدول الخليجية التي لا تود أن ترى تغييرا حقيقيا في مصر. وبطبيعة الحال، واستجابة لمقتضيات الموضوعية، لا يمكننا أن ننكر أن بعض أخطاء الثوار في إدارة الثورة قد أسهمت، بشكل غير مقصود وإن كان موجعا، في إضعاف مركزهم وانتقال ذراع قيادة الثورة من أيديهم إلى أيدي أطراف أخرى ليست ثورية بحق.

وأخيرا نجد الطبقة الثالثة والأكثر عمقا وتغلغلا في كيان المجتمع المصري، وهي طبقة لا تتكون من أفراد بعينهم أو جهات بعينها وإنما تتكون من مجموعة من العوامل المجتمعية شديدة السلبية التي تنامت بشدة في عصر مبارك وأصبحت الآن تخنق الثورة وتفصل بينها وبين عامة الناس. ومن أهم هذه الآفات المجتمعية:

- نسبة الأمية المرتفعة التي تصل إلى ما لا يقل عن 40%، ما يجعل كثيرين من المصريين غير قادرين على التعاطف مع ما يحدث في مصر منذ 25 يناير، ناهيك عن المشاركة فيه، لأنهم ببساطة لا يفهمونه أو لا يعرفون كيف يضعونه في السياق.

- معدلات الفقر والمرض والسكن في العشوائيات التي بلغت في عصر مبارك مستويات غير مسبوقة في تاريخنا، ما يجعل كثيرين من المصريين مستعدين للتضحية بحلم الحرية طويل المدى من أجل الحصول على بعض السلع أو النقود الفورية التي يقدمها لهم المفسدون، ويجعل البعض منهم مستعدا – كما كان في عصر مبارك – للمشاركة في عمليات الترويع وإثارة الفتن.

- النزعة الفردية شديدة الاستهلاكية التي بلغت ذروتها في العقد الأخير من حكم مبارك وجعلت شريحة كبيرة جدا من المصريين لا يهتمون بالشأن العام ويفضلون مصالحهم الشخصية الأنانية الضيقة على المصلحة العامة.

- كون أكثر من ثلث المصريين يعملون باليومية، وهو ما يجعل أفقهم الزمني في حياتهم الخاصة وفي الشأن العام قصيرا جدا ويجعلهم غير قادرين على تحمل الثمن المادي الباهظ للحالة الثورية المستمرة وما يستتبعها من عدم استقرار مؤقت، حتى وإن كانوا مؤيدين لها على المستوى الشخصي.

- مخاصمة المصريين للسياسة طيلة عقود وعقود وعزوفهم عن المشاركة فيها بسبب جرائم الأنظمة السابقة في حق الناخبين، وهو مما يجعل الوعي السياسي لدى قطاع كبير من المصريين الآن متدنيا بشدة و"النفس السياسي" لهم قصيرا بشدة، بحيث لا يستطيعون تأييد الثورة طويلا ما لم تنجح في اختباري استعادة الأموال وتحقيق الأمن بأسرع ما يمكن.


ومما لا شك فيه أن هذه الطبقة الثالثة هي الأصعب في مواجهتها لأنها الأكثر خفية ومعنوية ولأن التصدي لما بها من أوجه مضادة للثورة ولأهدافها يحتاج إلى مدى زمني طويل وجهد وتنسيق عاليين.

لقد حاولنا في هذا المقال أن نفكك عناصر الصندوق الأسود المضاد للثورة المصرية، وحاولنا أن نلفت الأنظار إلى أنه لا يجب النظر إلى أعداء الثورة المصرية في الداخل على أنهم فئة واحدة أو شريحة واحدة فحسب وإنما يجب النظر إليهم بوصفهم عدة فئات وشرائح تتفق في الهدف وإن كانت تختلف من حيث الأدوات ومدى الخطورة والتنظيم. وبدون الوعي بذلك التمايز وبدون مواجهة كل نوع من الفلول بالطرق الفعالة في مواجهته، لن يمكننا أبدا محاربة عناصر ذلك الصندوق الأسود الشرير بفعالية لضمان مستقبل أفضل لمصر وشعبها.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في متعةِ الحيرة
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...
- حكايات النظريات: ماركس والحتمية المادية للتاريخ
- حكايات النظريات: طه حسين ونظرية التأويل السياقي
- حكايات النظريات: الإدارة الإنسانية والحق في الإبداع
- حكايات النظريات: ابن رُشد ومحاكم التفتيش
- حكايات النظريات: اليد الخفية وحرية السوق
- حكايات النظريات: الشك المنهجي ونظرية الأفكار
- متوالية، بين نقل وعقل
- حكايات النظريات: الماجنا كارتا وحقوق المحكومين


المزيد.....




- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...
- استئناف حركة المرور بين تونس وليبيا بعد غلق المعبر لإجراءات ...
- -استعدادات الصين العسكرية لمواجهة الغرب-.. فيديو متداول يثير ...
- الكرملين يرفض زعم أرملة نافالني بموته مقتولا
- أوباما في لندن بزيارة مفاجئة ويلتقي سوناك في -داونينغ ستريت- ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد علي ثابت - ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2