أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد السلام الزغيبي - بنغازي... العودة الى النبع الاول















المزيد.....

بنغازي... العودة الى النبع الاول


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3494 - 2011 / 9 / 22 - 01:59
المحور: سيرة ذاتية
    


بنغازي... العودة الى النبع الاول

بنغازي/ عبد السلام الزغيبي

المدينة، أي مدينة نعيش فيها ،سواء بنغازي التي عشت فيها، اكثر من ربع قرن من الزمان، أو أثينا التي عشت فيها، نفس السنوات تقريبا، تعيش في أعماقنا دائماً، وبخاصة عندما ترتبط بذكريات الطفولة والصبا، حيث الخطوة الأولى، والكلمة الأولى، والحب الأول.. هذه المدن تسكن فينا، رغم غربتنا، أو ابتعادنا عنها، وغالباً ما تكون هذه الغربة أو الاغتراب مصدر القلق الإبداعي، حيث يغمر الروح حنين لا يقاوم لمدينة ما، أو حبيبة ما، وليس ثمة طريق للهروب منها، سوى الرجوع إليها، عبر الذاكرة المشبعة بالماضي المثير، والزمن البعيد.
وعندما يعود المرء الى مدينته، مسقط رأسه، ليروي عنها حكايات، ويرسم صوراً غائبة، تكاد تندثر وتختفي في ضجة الحياة وغبار السنين، ربما يجد وجه مدينته، أو حبيبته قد تغير، فيحاول أن يزيح عن وجه هذه المدينة العريقة، بعض ما فعله الدهر، والبشر لتبدو، كما عرفها، وكل أبنائها، في ذلك الزمن،هادئة، بهية وساحرة..!
لقد كتب الكثيرون عن المدينة، كل بطريقته، عن مدينته ،الروسي جوجول كتب عن موسكو، ونجيب محفوظ كتب عن القاهرة، وعبد الرحمن منيف كتب عن بغداد.
والكتابة عن المدينة، هي في الواقع، كتابة حكايات الحياة اليومية للناس الذين يمثلون ابطال تلك الحكايات. واذا أردنا الكتابة عن مدينة بنغازي مثلا، فان حكايات ناسها الطيبين، هي المادة الاولى للكتابة عن تلك المدينة. وعندما فكرت في محاولة الكتابة عن بنغازي، وجدت الموضوع عصيا، وترددت كثيرا كيف تكون البداية، هل اكتب عن شوارعها ،ميادينها، مقاهيها، مطاعمها، أم عن حكايات شفهية من ناسها، الذين كانوا شهودا على تاريخها،واخترت أن أقوم برحلة اكتشاف جديدة، لهذه المدينة، حيث استرجع ذكريات الطفولة والصبا ، صوراً وأسماءً ووجوهاً وأماكن ومواقف، ربما غابت عن ذاكرة الكثيرين، واختفت في طيات الزمن، بيد أنها ظهرت، من جديد، حية، واضحة.
احكي عن بنغازي التي عرفتها، عن شوارعها،ميادينها،عن العاب اطفالها،عن مجتمعها،عاداتها وتقاليدها، تراثها، عن كل ما كان يدور ً في حاراتها وأزقتها، وبيوتها، التي لم تفارق وجدانيً، رغم السفر والترحال.. فالمرء لا يستطيع الهرب من ذكريات طفولته، وبالأخص، إذا كان يحمل مدينته في داخل (قلبه) وليس في حقيبة السفر المعلقة على كتفه دائماً، وهو يجوب شوارع المدن البعيدة.
تلك الدنيا التي لم تكن سوى الأحياء القديمة، بشوارعها الضيقة، بناسها وعرباتها البدائية، وبيوتها ودكاكينها ومقاهيها الشعبية. دنيا لها حدود جغرافية غير متناسقة، تبدأ من: شارع العقيب، شارع محمد موسى، فياتورينو، البزار،شارع قصر حمد" الركينة"، الرعيض، نبوس ومقهى ، شمسه، عثمان بحيح، شارع زواره،شارع مصراته، ميدان الحدادة، وراس عبيدة والصابري وسي خريبيش والمنارة، ميدان البلدية، ميدان الشجرة،الصابري عرجون الفل،الشابي، دكاكين حميد، اللثامة شارع جمال عبد الناصر ومحل بوجازية،شارع الشريف، ، سوق الحشيش ودكان سى عثمان الورفلى، وميدان سوق الحوت،صيدلية الجميع، والمعهد العام، ميدان الشجرة ويمتد حتى سيدي حسين والبركة والسبالة، ،وحتى بوزغيبة، الماجوري،..... شوارع تعبرها الكاروات والعربيات، واوتوبيسات الشركة البرقاوية، وقطار سيدي مرعي ( راقد جردينة)،......
كنا صغارا نلعب في الشارع، نحمل الخبز المجهز في البيت للكوشة.. نتشاجر مع اقراننا، وقد تتحول الى معارك بين اطفال هذا الشارع والشارع الاخر، واذا أراد أحد الفريقين مواصلة المعركة ينشد، ويقول: ( اللي يبي الحرب يجينا... نحنا فوق جبل جردينا.... اللي يبي الحرب يوازي.... نحنا فوق جبل بنغازي!)، وعندما يفوز أحد الفريقين، يصيح في الفريق المهزوم، قائلا : ( كارونا غلب كاروكم... جيبوا الشيمة وانكروكم). نلعب الكورة في وسعاية شارع الحشر مرة بكورة الشخشير!ومرة بكورة عشر قروش! ومرات قليلة بكورة فطبل!. نلعب النقيزة،الكمادي، طق طق يا طقية،الكيكس،الزغادي،السيزة، الطقيرة، التصاوير، البطش،( سلفه والعب معاه...!) وابيس، الليبرة، وحلّت واتحل، الزناحة، المقاليع، والنشابة، القيران،نط الحبل، واح واح،الدرجاحة،الدالية،نط الحبل،سبع صبايا،جمل عاشورا، والعربات التي كنا نصنعها بالتل وعلب الحليب الفارغة.
واثناء اللعب، ولاعتقادنا في الحظ،واستخدامه ضد الخصم، نردد هذه العبارة: ( شمبروخ دجاجة عورة... تمشي وكراعها مكسورة) حتى ينقلب حظ الخصم ويخسر اللعب، فترسخ في ذهنه، ان ترديد هذه العبارة كان لها السبب في الخسارة، وهكذا..
ونستخدم عندما كنا اطفالا عبارات متنوعة تختلف في كل حالة، فمثلا اذا وشي احدهم بالاخر، أو دل عليه، نعيره، بقولنا:
البصاص ....طويل الراس / اندقوا رأسه بالمهراس))
ونستمتع بترديد اغاني الطقوس الشعبية والخرافات، فعند النداء من اجل نزول المطر.... نقول،( امك طنبو يا اصغار ... جايا تشحت في لمطار)، وعندما تهطل المطر.. نقول.. ( يا مطر صبي.. صبي .. طيحي حوش الربي، والربي ماعنده شي، امفيت قطيطيسة تعوي. يا مطر يا بشباشا طيحي حوش الباشا. والباشا ما عنه شئ امفيت اقطيطيسة اتموي).
واذا فقدنا احد الاسنان (تبديل اسنان الحليب)،ننتظر شروق الشمس، ونقف في مواجهتها ونرمي السن المخلوعة على اسطح البيوت ونقول( يا شمس يا شموسه.. يا عوينة العروسة...خوذي سن غزال وعطيني سن حمار..!).
وفي بداية العام الهجري،نقوم بوضع مقدار من الجير على عتبة البيت، اشعارا بحلول شهر محرم، وفي اليوم العاشر،نصوم اليوم، وتقوم كل اسرة بطهي الفول والحمص، ونمر نحن على البيوت، بعد صلاة المغرب، ونردد... (عاشورا عاشورتي تنفخ لي زكورتي.... تنفخها وتزيدها.... قولوا من هو سيدها.... سيدها عبد الرحمان....يأكل في خوخ ورمان، ثم نتوقف في انتظار اهل البيت، منشدين هذه العبارات: اللي ماتعطيش الفول، يصبح راجلها مهبول، واللي ما تعطيش الحمص، يصبح راجلها يتلمس!! مما يجعل صاحبة البيت تمدنا بالقليل من البقوليات..
وفي عيد المولد النبوي... 12 ربيع الاول ، نحتفل بحمل القناديل وغناء المواويل الشعبية التي نصدح بها مع بقية الأطفال في هذه المناسبة، ونفرح صبيانا وبناتا، ونلبس الجديد ونطلع في الشارع، نحمل القناديل، ونردد:

هضا قنديل وقنديل يشعل فى ظلمات الليل
هضا قنديل الرسول فاطمه جابت منصور
هضا قنديل النبى فاطمه جابت على
هضا قنديلك ياحواء يشعل من المغرب لاتوا
وكان بعض الصّبية الاشقياء يقومون بحرق إطارات السيارات القديمة, وكانت هذه العادة تسمى ((الشوّاى)) يستمر الصغار الى ساعات متأخرة من الليل متحلقين حول الإطارات المشتعله. ونحن على مقربة منهم، نصيح ونقول: الشواي كلاته ريشه!!!
وفي الصبح أنوضو، عشان ناكل العصيده المصنوعة من دقيق الفارينا، مضاف اليها رب التمر او العسل مع الزبده أو السمن وهذه عاده دارجة عند اهالي بنغازي.


وفي الليل نتمتع بزيارة الزاويه الرفاعية، وسماع دقات الطبول والبنادير والاذكار، والمدائح والانشاد في حب الرسول الكريم، وشراء حلوة الزاويه( حلوة تروني وحلوة الديك)،
وعند حلول شهر رمضان نعدو في الشوارع والازقة ونقول في تحذير للمدخنين..( يا شاربين الدخان راهو جاكم سي رمضانّّ!).
واذا ضبط احدهم فاطرا في شهر الصوم، نجري خلفه صائحين :
( فطار في رمضان / انديروا كرشة عصبان!)
وفي ليل رمضان نغني في الشوارع المظلمة...اغاني المناداة والتحفيز على مشاركة القابعين في البيوت على الخروج من منازلهم : ( حارنين على القنان... والقمر توا ايبان... ما بو يطلعوا يلعبوا في الزنقة... خوافين من اليهود لابسين طواقي سود...فراغين بلا بارود...خوافين من النصارة... لابسين طواقي بارة!!).
وكانت متعة شهر رمضان في مشاهدة عروض كراكوز بازاما..
والتسكح في سوق الجريد، والتلذذ بأكل السفنز والزلابيا من بوعشرين!.
والتجول والانطلاق في مرح في ميدان البلدية، وسوق الظلام، اشهر اسواق بنغازي،و كان اصحاب المحلات فى اوقات الصلاة, يخرجون الى المساجد دون ان يقفلوا محلاتهم, واضعين امام مدخل المحل كرسى, او عصاة طويله!!.
ولشهر رمضان مكانة،بسبب عاداته وطقوسه المميزة، والناس يستقبلونه بفرح، فبعد اعلان بدء الصيام، يتم تجهيز المواد اللازمة، والاستعداد،لموائد شهر رمضان العامرة بما لذ وطاب، من التمر والحليب واللبن والماء، الشربة و البطاطا المبطنة والبراك والعصبان والمكرونة المبكبكة.
بعد انتهاء شهر رمضان، يحل علينا عيد الفطر، ونسميه العيد الصغير، وبمجرد ان يهل نستقبله، ليلة العيد ، بهذه الاهزوجة،
(اليوم كبيرة وبكرة عيد ................ أفرح يا بوثوب جديد).
وفي العيد الصغير بعد الصلاة نلبس دبش العيد الجديد، وكندرة من محلات "باتا"، ونعدي نعيد على الاقارب والاصدقاء والجيران.
الذين يوزعون علينا الحلوى والكعك والهدايا والعيدية التي هي عبارة عن قروش قليلة نفرح بها كثيرا، لانها تمكننا من الذهاب للسينما،او شراء مسدس ميه، أو بندقة رش!! وانبولات من البخت.
وعند ذهاب الحجيج للحج، هناك تعبيرات واهازيج خاصة يتغنى بها الصبيان والبنات،فبمجرد سماع الصوت الذي تطلقه الباخرة اليونانية ( ماريانا لاتسي) عند مغادرتها ميناء بنغازي البحري، ننشد نحن الصبيان ( صلى الله عليه وسلم ..... بابور الحجاج تكلم!).اما البنات فلهن طريقة اخرى للتعبير عن مغادرة الحجيج، بالرقص والغناء:( دج دج دج...باتي عدا للحج... جابنا شوي لوبان... فرقنا على الجيران.... قسمنا على العروس... عطتنا عشرة قروش... قسمنا على العجوز... ضربتنا بالعكوز!!).
ثم يأتي عيد الاضحي، أوالعيد الكبير كما نطلق عليه،وهو موعد الذهاب الى سوق السعي وشراء كبش العيد،في اليوم السابق،وفي يوم العيد وبعد صلاة الصبح، تتم مراسم ذبح الخروف، والشوايات والقلاية والعصبان والقديد، والزرادي للبكور!!
ولا استطيع ان انسى من ذاكرتي، حلول موعد الختان، الذي تأخر لاسباب اصابتي وانا صغير بمرض النمنم،وانتظرت في خوف ذلك اليوم واستدعاء الحلاق لتنفيذ المهمة الصعبة، وكان من عاداتنا الشعبية في الختان أو الطهور( تم وضع الحنة في ايدي قبل ان انام، وفي صباح اليوم التالي،لبست قميص ابيض كبير به جيب واسع، مرسوم عند صدر القميص نجمة أو يد خميسة، وبعد حضور المدعوين قام حلاق المنطقة بعملية الختان .ثم قام المدعون بوضع بعض النقود في جيبي،بينما كنت أصرخ وأبكي من شدة الالم!! .
في الشتاء كنا نلعب العاب مخصوصة للشتاء يفرضها البرد القارص والمكوث في البيت وتمضية الوقت في لعبة تسمى(كمادي) يجلس فيها الاطفال في دائرة،ويضعون ايديهم ممدة على الارض، ويبدأ احدهم في عد الايدي مرددا:(كمادي كمادي... وين حوش اولادي... اولادي في الغابة... حنت عليهم ناقة...بالخرص والعلاقة... فلفلة والا كمونة؟) فاذا قال الطفل فلفلة، يقرصه رئيس اللعبة علىكف يده بشدة!، واذا قال كمونة ، يقرصه برفق. وهكذا تجري اللعبة حتى النهاية. وفي لعبة شتوية اخرى، تسمى ( هذي شنو)، نجتمع الصبيان والبنات، لتمضية ليل الشتاء، ونجلس على شكل دائرة، ويضع احدهم يده على الارض، بحيث يضم اصابعه الاربعه، ويترك الابهام مرفوعا كي يمسك به الاعب الاخر، وهكذا حتى يكونون بايديهم هرما مرتفغا على الارض، يبدأ قائد اللعبة في عد أصابع الاطفال المضمومة واحدا بعد الاخر، مبتدئا، من الاسفل، وهو يسأل عند كل أصبع ( هذه شني؟) فيردون عليه كريكمة، وهكذا حتى يصل الى اعلى اصبع وتستمر اللعبة حتى نهايتها.
وكانت الامهات والجدات تحكي لنا في ليالي الشتاء امام كانون الفحم والشاهي والكاكاوية حكايات ما قبل النوم حكايات و"خررايف" قبل النوم مثل، خرافة أم بسيسي " وهو طير اليف، يعتقد انه يجلب البركة،(مرابط)، وتحكي عن( فأر) دخل في عش " أم بسيسي" اثناء غيابها، وعند عودتها، وهو منهمك في أكل طعامها، هاجمته وقطعت ذيله واحتفظت به!.
أخذ الفأر يبكي ويعتذر ويطالبها بالعفو عنه، وارجاع ذيله المقطوع.
وبعد بكاء وعويل الفأر.. أشترطت عليه اذا احضر لها حليبا من عنز زرقاء حديثة الولادة، فسوف تعيد له ذيله!.
ذهب الفأر يبحث عن تلك العنزة الزرقاء من مرعى لاخر مدة طويلة من الزمن، حتى وصل الى مبتغاه، وسلم أم بسيسي الحليب الذي طلبته واخذ ذيله المقطوع!! وكنا نستمع ونتسلى بتلك القضة الجميلة الممتعة، وفي مرات كثيرة ننام قبل ان تنتهي القصة، لنتابع نهايتها في اليوم التالي!.
وفي امسيات الصيف ، كنا نتجمع في الهواء الطلق ونلعب لعبة ( طق طق يا طاقية)، حيث نجلس في دائرة، ويمسك احدنا بطاقية ويلف خلف بقية الاطفال وهو يحبط بالطاقية على رؤوسهم منشدا:( طق طق يا طاقية)فيرد خلفه الاطفال:( رن رن يا جرس ....... احميده راكب فوق فرس).
ويحاول بعدة لفات ان يرمي الطاقية خلسة خلف احد الاطفال فاذا ما انتبه له الطفل، يطارده حول الدائرة في محاولة للمسه او الامساك به، قبل ان يجلس في المكان الفارغ في الدائرة، ومن يفشل ياخذ الدور في اللعبة وهكذا حتى نهاية اللعبة.
وكنا نتسلى نحن الصبيان، بلعبة طريفة ومسلية، هي لعبة ( وين حوش بوسعدية)- وهي شخصية متسول درويش عاش في مدينة بنغازي-.. فحين نقصد مكانا معينا، ولا نريد أن نشعر بالتعب ، يقف احدنا خلف الاخر ، ويدس رأسه في ظهره، واضعا يديه على كتفي الامامي، ويسيران وهما يتبادلان الحوار التالي:(الخلفي: وين حوش بوسعدية؟ الامامي: قدم لقدام شويه)، ويستمران في هذا المنوال حتى يصلان لمقصدهما.أما البنات فكن يتجمعن مع ويسرن بطريقة ايقاعية منظمة ، بحيث تضع كل واحدة منهن يديها على كتفي صاحبتها، خابطات الارض منشدات هذه الكلمات:(ياواح واح واح .... هضك النجع راح .... فيه سلوقية .... حمراء وملوقية..... ارويسها عريان.... بالقمل والصيبان .... قالولي فليها.... حلفت منفليها .... نين ايجي قاضيها .... قاضيها في سوسه ....عفس على خنفوسه .... يحسابها عروسه.... ركبها في الكروسه).
وفي الايام العادية، كانت التسلية في الذهاب، لمشاهدة مباريات كرة القدم في الملعب البلدي أو ملعب 24 ديسمبر، وخاصة في مباريات القمة بين الاهلي والهلال( والجمهور يصيح في التروبونة الشعبية في الشمس... الاهلي لابس خط النار) وتروبونة الهلال في الظل، تشجع فريق اللعب النظيف والمتعة!).. وكان هناك فرق اخرى شهيرة مثل النجمة، ومن بعدها التحدي والنصر.
وكان هناك السيرك الايطالي في الملعب البلدي( حيث متعة التفرج على سمينة عشر قروش!! والغوريلا الشريرة!).
وكان هناك السينمات( الحرية... هرقل وماشيستا، ومحاولة التسلل الى صالة العرض بطريقة... خششني معاك يا سيدي!!)
. والمنادي ينادي على بضاعته.. قز..قز يوزع السينالكو والاناناس والبرتيلو. وفي الخارج تباع الزريعة والكاكوية ومستكة السبع وشوكولاطة قرشين.
وفي يوم الجمعة كنا مجموعة من الاصدقاء نذهب الى سينمات اخرى قريبة وبعيدة مثل سينما النهضة،وريكس وبرنيتشي في البلاد، وهايتي في الفندق، والزهراء في البركة، والشعبية في بن يونس، والوحدة في بوزغيبة، وغيرها. نتمتع بمشاهدة الافلام المصرية وافلام الكاوبواي( الطقش) والعيل (البطل) الذي يتفوق على الجميع!!.
تمتعنا بكل شئ رغم العوز والحاجة، شربنا السحلب الساخن بالقرفة، واكلنا الفول الطايب، في ايام الشتاء القارص، وبرد يا عطشان، وبزع روح بالخراطة، والجولاطي من عربة سيدي عثمان تربل وفي فصل الربيع تمتعنا باكل القعمول والغرمبوش والبطوم وكريشة الجدي.
مع ملامح شخصيات ما زالت في الذاكرة....
والدي المتعلم، المنفتح على الجميع، ووالدتي الحنونة التي غادرت قبل ان اشبع منها!، وباتي فرج (عمي)، وعمتي خويره وعمتي عيشه وعمتي فاطمة، وخالتي وريده وخالتي مبروكة، وخالتي عيشه،وجدي شحوته، وخالي فرج.
وهناك شخصيات اخرى مثل الفقي احميد مؤذن جامع العقيب، والفقي عمران الذي علمني القرآن، والاستاذ يوسف معلم الحساب في المدرسة الابتدائية،........
والحاجة "خيرية " وهى قابلة قانونية، يهودية ثم اسلمت، ولدت على يديها.
وسى زايد صاحب ألذ هامبورجر أكلته في حياتي . وسى خليفة المتخصص فى اعداد وجبة(الفاصوليا بالكرشه المميزة) وشخصية (كوشت ليبيا) العجوز السمراء البشرة، القصيرة،التي ترطن باللهجة الافريقية، ولا أعرف ماذا تقول....
ودادة (مسعودة)، التي تبيعنا الحمص والفول والكاكوية المحمصة اللذيذة.
وعوض كشلك الذي كنا نشتري منه الكراسات والادوات المدرسية.
وإحريف صاحب المقهى الخاص بنادى الهلال الرّياضى، والشاهي بالكاكاوية!......
وجارتنا في شارع العقيب "مريم اليهودية"، البيضاء البشَرة، مفرطة البدانة،التي تمضى معظم نهارها جالسة فى شباكها الواسع، الذى كانت تملأه بحجمها وبدانتها التي تعيق حركتها، وقدرتها على المشى، فكانت تُدَلى (قُفة سعف) بها نقود وقائمة بإحتياجاتها، وقد اعتدت أنا وغيري من أبناء الجيران على تلبية طلباتها،باعتبارها وحيدة، ولانها كانت صديقة والدي يرحمه الله.


مصادر:
= طيارة ورق/ سكينة بن عامر
= قاموس بنغازي القديمة/عمران الجلالي



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكياطه...وطياح!!!!
- عمر المختار ملهم ثورة 17 فبراير
- مقاهي بنغازي... صحبة وأنا معهم !
- الشعب الليبي قال كلمته !
- الكشافة في بنغازي عمل دائم ومستمر من اجل خدمة المجتمع
- إعلام القذافي .. 42عاما من الكذب المتواصل!
- إعلان نهاية عصر التهديد ولغة القتل
- مناقشات بيزنطية في المسألة الليبية!
- ليبيا.. ذكريات مؤلمة في شهر رمضان
- الصحافة الليبية بين عهدين
- نهاية طاغية..
- نهاية صاحب الفيل قريبة....
- أنتبهوا .. يا شباب الثورة
- دع وطني يموت في سبيلي
- نحن والخوف من المهد إلى ما بعد اللحد!
- القذافي.. نيرون الجديد يبعث من ليبيا
- الخلاص من الشبح
- الصحوة العربية الثانية بدأت
- المرأة الليبية ومساهمتها البارزة في ثورة 17 فبراير المجيدة.
- ولادة عسيرة قد تحتاج إلى عملية قيصرية


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد السلام الزغيبي - بنغازي... العودة الى النبع الاول