أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عرمش شوكت - ابجدية حب في مدرسة العصافير 3 - 9















المزيد.....

ابجدية حب في مدرسة العصافير 3 - 9


علي عرمش شوكت

الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 03:43
المحور: الادب والفن
    


كان " بلاسم " من الفئة الثانية، اما " كليلة " فهي بالرغم من انها من الفئة الاولى، ولكن اتخذت قراراً بأن تغرد خارج سربها واتلحقت بسرب بلاسم. كانت مرحباً بها. غير ان ما ترك حزازاً في قلبها، هو عدم مشاركتها طعامها من قبل المجموعة، ما عداه، كان يجاملها قليلاً. فاضطرت الى القول:
- اذا لم تشاركوني الطعام سوف اضرب عنه.
مع شيء من ابتسامة ممزوجة بشيءمن الامتعاض
مما دعا بلاسم الى حثهم على المشاركة ... وهون عليها بقوله:
- ياكليلة كان عليك ان تدعينهم من البداية .
- انا اعتذر لعدم معرفتي ببعض التقاليد ... هذه اول مرة اتناول الطعام ليس مع اسرتي التي تنبهني الى آداب المائدة... واكرر اسفي.
غير ان السبب الحقيقي هي تلك السعادة الغامر التي القتهى عليها جلسة الطعام المشتركة مع الحبيب الشافي.
كان وقع اعتذارها مؤثراً، الامر الذي جعلهم يشاركونها الطعام، وراح حسين، ابن برجوازي الحي وهو الوحيد بين ابناء الفقراء، يقدم لها حلاوة " المدكوكة ". قائلاً:
- هذه من صنع والدتي وتتكون من التمر والسمسم
- شكراً ... يبدو انها لذيذة من رائحتها الطيبة .
تناولتها بشهية ، بل وتركت طعامها تماماً. وربما قصدت بذلك اشعار من حولها بأنها يطيب لها طعامهم وعليهم معاملتها بالمثل.
وهنا حان دور حكيم القلوب مرة اخرى ليفسر انفتاح شهيتها لطعام ذي نوعية بسيطة... هل هو بفعل مجالسة الحبيب ؟ . ام انها اكتشفت كونها تجهل التعامل مع هؤلاء الناس الاحبة ولكي تثبت لهم اقترابها منهم ؟. وما اصعب ان تواجهك عقبات تعكر انسياب صفو علاقتك مع من تود ان توطد روابطك معهم.
في تلك اللحظات الجميلة المشبّعة بعبق ريعان الشباب، والتي كان يسودها الوئام التام بين كافة التلميذات والتلاميذ، ظهر على بعد امتار قليلة احد التلاميذ آتياً من الجناح الاخر منادياً على كليلة، وكان شبيهاً بذئب اغبر، لم تسمعه في البداية، فراح رافعاً صوته قليلاً مما اثار استنفار بلاسم لمعرفته بنذالة ذلك التلميذ، لكن كليلة استجابت لندائه بكل ادب، وانتابتها شبه غصة وهي تناول حلوى " المدكوكة "، نهضت وكأنها رّئم فر على اثر عواء ذئب، وراحت متوجهه نحوه بخطى متعثرة، كان ذلك الشخص هو تلميذ اسمه (حارث ) يرتبط بصلة عائلية مع مديرة المدرسة، يتسم بشراسة الطباع وعدواني المسلك ومتخلف دراسياً.
دار حديث غير مسموع بينه وبين كليلة مما جعل بلاسم وشلة الاصدقاء في حالة أستنفار شديد، ولكن بلاسم هو المعني اكثر من غيره كونه مكلف من قبل المدرسة لضبط وضع التلاميذ، والتكليف الاهم من كل ذلك. سلامة الحبيبة التي جعلته يشعر ان قلبه هو الذي تحت وطأة غثاثة ذلك التلميذ المنفلت، وليست كليلة. ظلوا جميعاً يترقبون الموقف، الى ان تجاسرالتلميذ "حارث" محاولاً سحب كليلة من يدها باتجاه مجموعته، وهي تحاول الافلات من قبضته بكل ما اؤتيت من قوة، وغدت شبه حمامة بيضاء اقتنصها ثعلب ماكر، لاحول لها سوى الرفرفة باجنحتها العاجزة عن الطيران.
استنجدت بالاتفات الى جهة الحبيب، وتناهى الى بلاسم صوتها الذي اعترته بحة غريبه عبّرت عن قدرالاستغاثة، زد على ذلك علامات الغضب التي ظهرت على وجهها، واختلجت نظراتها، كما غصت عيناها بالدموع، مما ضاعف بالتبعية غضب بلاسم، وهنا طفح الكيل لديه وربما تصور نفسه قد تأخر، فلعن نفسه بكلمات قاسية وهو قافز، كمن داهمه خطر مميت، وكان في تلك اللحظة مستعداً ان يموت دون ان يمسها اي اذى، وعندما اقترب منهما قال له حارث وباستهتار:
- ارجع الى حضيرتك، هذا ليس من شأنك... انت جئت في هذه الرحلة على حسابنا.
وكان يقصد تبرع ابناء الاغنياء باجور السفرة لبعض ابناء الفقراء، و عند سماع كليلة لهذا الكلام، كادت ان تسقط على الارض، ووضعت يدها على قلبها خشية من الا يفشي حارث سر دفع اجور بلاسم من قبلها، اذ ربما حصل عليه من قريبته المديرة. هذه المديرة كانت قد رسمت للرحلة ان تكون لابناء الاغنياء فقط، من خلال وضع اجور باهظة لها بالنسبة للتلاميذ الفقراء . لان ثمة اماكن قريبة لا تكلف شيئاً وبامكان جميع التلاميذ المشاركة فيها، ولكن المديرة اختارت المكان البعيد دون ان تكترث باعتراض بعض المعلمات للسبب ذاته.
لم يرد عليه بلاسم ولكن كلمة حارث تلك قد زادته قوة مضاعفة مما جعلته يمسك ذلك الوغد من تلابيبه ويسحبه بقوة، اداره على اعقابه ومعها دفعة باتجاه مجموعته اسقطته ارضاً متدهوراً الى احدى السواقي الصغيرة المليئة بالوحل، وعندها وقف بلاسم دون اي كلام ناظرناً بثقة عالية بالنفس توحي بالتحدي الى الاخرين من مجموعة حارث، منتظراً منهم اي تصرف، ومستعداً لمواجهته بقوة. لكنهم صمتوا جميعاً وحتى لم يبادر احد منهم لمساعدة صاحبهم الذي تمرغ بالوحل، وفي تلك اللحظة تجمع خلف بلاسم مجموعة من اقرب اصدقائه وهم زيدان وستار وحسين وهرمز ومنتصر وبولس وحاتم ويونادم وهاشم وغيرهم. الامر الذي
اسبغ على تصرف بلاسم طابع تنفيذ الواجب المناط به وهو ضبط التلاميذ عن اي تصرف غير لائق. ولكن مع ذلك كان بلاسم يشعر انه لم يشف غليله منه، وتمنى لو سمح الظرف لكي يشبعه ضرباً.
وجاءت المعلمات مسرعات، وتجمع اغلب التلاميذ في مكان الحادث، ولم يتبين لهم الامر بعد، توجهت احدى المعلمات بالاستفسار الى بلاسم ، لم يجبها وانما حولها الى كليلة لتجيب بوضوح، والتي تحولت من خائفة الى محلقة بأجواء زهو وافتخار بوجود بلاسم الذي اذاد عنها ببسالة الشاب الشهم الذي كان يحلو له الموت دون حبيبته.
قال اسألوها ...
- ماذا جرى ياكليلة.. ؟
- كنت اتناول الطعام هناك ... ،مشيرة الى مائدة التلاميذ من الجهة الثانية، ...واذا بحارث يناديني، وعندما ذهبت اليه، طلب مني ان اترك هذا المكان واذهب معه الى مائدة طعامه، واصفاً المكان الذي كنت اجلس فيه بالاسطبل، ولما رفضت هذا التصرف اصر ان اذهب معه ومسكني من يدي بقوة، واخذ يسحبني، آلمتني قبضته، فجاء بلاسم ليخلصني منه، قال له حارث ارجع الى حضيرتك هذا ليس من شأنك، ولكن بلاسم دفعه عني فتدهور وسقط في الساقية.
مع ذلك كانت رواية كليلة غير مقنعة للست " ماري " المسؤولة عن السفرة، حيث طلبت شهوداً، فكان هنالك عدد كبير من الشهود من كلا الجنسين ومن كلا الجهتين، كلهم شهدوا ضد حارث، بل والبعض ذكّر بتجاوزاته وتصرفاته الفجة التي قام بها في مناسبات سابقة، واكدت تلميذات اخريات سبق ان ضايقهن بشكل او بآخر، فوجدن الحادثة فرصة مناسبة ليطالبن بمعاقبته، لكون تصرفاته هذه مستمرة ولم يردعه احد بسبب قربه عائلياً من الست مديرة المدرسة.
رفضت المعلمات هذا التصرف وطلبن من التلاميذ العودة الى اماكنهم، وتوجهن للبحث عن حارث الذي توارى عن الانظار هو وبعض من اصدقائه المقربين منه . بعدها بقليل انتهى الوقت المقرر للرحلة واصدرت الست " ماري " التوجيهات بالتحرك نحو السيارات. كانت كليلة تعيد سيناريو تصرف بلاسم وكأنها تتغنى به وهي فخورة ومبتهجة وتكاد تطير. الا ان بلاسم كان غير مرتاح من كليلة، لكونها استجابت لطلب حارث تاركة تناول طعامها.
- كان الاولى بك ياكليلة ان تقولي له ان ياتي هو اذا ما كان لديه حاجة عندك، دون ان تذهبين اليه.
- انا تصرفت باصول وبآداب متصورة انه بحاجة ماسة لامر ما بحدود الامكان، كأن يكون بحاجة الى بعض الاكل او الفواكه او شيء من هذا القبيل.
- الا تعرفينه شخصاً مستفزاً ووقحاً لكونه محمي من قريبته الست المديرة ؟.
- نعم اعرفه ولكنه عندما جاء كان كلامه يوحي بحاجته للمساعدة، وقال اذا سمحت دقيقة واحدة، وكان يبدو وكأنه قد وقع في مشكلة ... على اية حال قد اخذ حقه من التربية لعله يرتدع.
تقولها وهي تشع بابتسامتها وبزهو عال كأنها حققت انتصارات تشفي الغليل، اولها ظهور شجاعة بلاسم مدافعاً عنها امام الجميع وبخاصة امام الفتيات، وثانياً وضع حد لذلك الوغد، وثالثاً اثبتت هذه الواقعة ما قالته للمعلمة" ماري "عن امكانية بلاسم في ضبط التصرفات الطائشة.
بعد تلك الرحلة المدرسية وما تخللها من اشكالات. ضاعف بلاسم من الاهتمام بحبيبته من حيث تركيز شخصيتها التي لم تخرج بيسر عن نطاق الطفولة ونزعاتها غير الرزنة، كما استمر يحاول جاهداً ابعاد كليلة عن لهو الصبا، لكونها قد نشأت كفتاة مدللة وتحيا حياة مرفهة، فضلاً عن كونها من اوساط برجوازية منفتحة حضارياً، الا انه كان يأمل بتقريبها من شخصيته المتزنة ذات الطباع الراكزة التي لم تتخلص من بقايا التقاليد والالتزامات المحافظة.
وهنا يتجلى بون شاسع بين رواسب وكذلك تطلعات طباعهما المختلفة الاصول الطبقية، الا انه كان يبدو كونه محباً شهماً وشاباً يتميز بوعيه المعرفي والسياسي المبكر، مدفوعاً لحل مسألة ضعف حالته الاقتصادية من خلال احلال العدالة الاجتماعية بين الناس، وذلك عبر خوضه لطريق النضال السياسي ، والارتباط بالفكر التقدمي اليساري، الذي كان ينمو بصورة سرية للغاية في اعماق حيه العمالي الفقير آنذاك. حيث ان الفقر لا تتوافق انعكاساته مع الغنى انما يدخل كل منهما في صميم التربية والعادات والسلوك الاجتماعي.
يتبع



#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابجدية حب في مدرسة العصافير 2 - 9
- ابجدية حب في مدرسة العصافير 1 - 9
- العملية السياسية ... ما اشبه اليوم بالبارحة !!
- حكومة الاغلبية وانقضاء المئة يوم
- العودة الى الشعب
- عيد العمال ومآل الحال في العراق
- نذير بخريف عاصف للعملية السياسية في العراق
- رياح التغيير والمظاهرات الكيدية الحكومية
- معادلة العدالة المقلوبة في العراق الديمقراطي !!!
- مهما تعددت الموالاة للحكومة فالمعارضة موجودة
- مسمار اخر يدقه المالكي في نعش الديمقراطية
- لا ينفع عسل الوعود ولا امل بترقيع الموجود
- ثقافة التغيير وجدلية اختمار الوضع الثوري
- تساقطت هياكل الارقام وسوف تتساقط
- لعنة احتكار السلطة وثورات ضحايا الاضطهاد
- ثورة الهتاف والحجارة وثنائية الفقر والعلم اسقطت دكتاتوراً
- المنافع الاجتماعية لدى الرئاسات ... أليست فساداً ؟
- وزارة المالكي لا تمتلك القدرة على النهوض
- وزارة ما ملكت ايمان الشركاء
- طبخة تشكيل الحكومة العراقية على موقد مجلس السياسات


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عرمش شوكت - ابجدية حب في مدرسة العصافير 3 - 9