|
احترام ارادة الشعب!!
محمد نفاع
الحوار المتمدن-العدد: 3428 - 2011 / 7 / 16 - 09:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
,كم نكون سذّجًا ونحن ندلق هذا الموقف،" احترام ارادة الشعب"، خالصًا مخلّصا من كل اعتبار آخر، فعلى أي موضوع يجري استفتاء هذا الشعب!! ومن يقف وراء هذا الفحص عن ارادة الشعب، ولأي هدف!! والذي يدفعني الى هذا الجدل هو "احترام ارادة الشعب في جنوب السودان من اجل الانفصال"!! انا لا احترم ويجب علينا الا نحترم ابدا هذه الارادة، بل ان معارضة هذه الارادة والتصدي لها هو المصلحة الاساسية لهذا الشعب بشماله وجنوبه، ولنتذكر ونربط الامور مع بعضها: ارادة شعب كردستان العراق الانفصال عن العراق، بمخطط امريكي، ضمن السياسة الامريكية لتجزئة وتفتيت العديد من الدول مثل يوغسلافيا. ان اكبر مبتهج ومستفيد من انفصال وانقسام السودان هو امريكا واسرائيل، ولا ننسى قول الرئيس الامريكي، اوباما: قضية السودان، في سلم الافضليات وهي الاولى في هذا السلم، ويبدو ان السلم طويل جدا، طبعا ليست فلسطين هي الاولى في هذا السلم، ولا انسحاب اسرائيل من الجولان، فهذا لا يخدم سياسة امريكا واسرائيل، اسرائيل قالت بصراحة حول علاقتها مع جنوب السودان وانفصاله: ما كان سرا اصبح علنًا. هل كان الامر سرا حقا!! نحن اشرنا الى ذلك في العديد من اجتماعات هيئات الحزب الشيوعي، والاهداف معروفة، أولا التقسيم لهذه الدولة العربية الكبيرة جدا، من حيث المساحة والسكان والثروات الطبيعية مثل البترول والماء . هذا الانفصال، يضرب عدة عصافير بحجر، افادة امريكا واسرائيل من هذه الثروة، وتسليط تهديد ثقيل وخطير على شمال السودان، والاكثر ربما على جمهورية مصر العربية في التحكم بمجرى وبعض منابع نهر النيل، ومصر هبة النيل، صارت خارطة السودان بشعة وناقصة كما قال احد المواطنين. النظام الرجعي البدائي العنصري في السودان، بقيادة عمر البشير، يتحمل مسؤولية كبرى في هذا الانفصال وهو الذي وعد سابقا وبكل اصرار بالحفاظ على وحدة السودان!! ذاب الثلج وبان المرج. شيوخ كذابون، منافقون، عنصريون، حقيرون. نظام حسني مبارك يتحمل ايضا قسمًا من المسؤولية فيما حدث، كل صوت، وكل عمل تعصبي طائفي يُستغل ابشع استغلال من قبل اعداء الشعوب خاصة من قبل امريكا واسرائيل. الانفصاليون في السودان يتحملون قسمًا من هذه المسؤولية، تجمعت كل هذه الدوافع والاسباب والاهداف فحدث الانفصال، وخُلقت دولة جديدة رقم 193 في هيئة الامم المتحدة، ورقم 54 في القارة الافريقية والتي كانت كلها مستعمرة للعالم الحر – بريطانيا، فرنسا، ايطاليا، اسبانيا بشكل خاص. والاستعمار خلق الاساس وخلق القاعدة للانفصال في كل بلد احتله، في سوريا والعراق والسودان ولبنان شرط ان يخدم هذا الانفصال اهدافه، واهدافه اجرامية. فقط المائعون يهرولون الى مثل هذا الاحترام لارادة الشعب، واقصد بالمائعين اولئك الذين لا يرون في الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية عدو الشعوب بشكل كاف وواع ومسؤول وجريء مهما كانت الظروف. لماذا لا تحترم امريكا واسرائيل ارادة الشعب العربي الفلسطيني الشاملة في اقامة دولته المستقلة!! هل علينا مثلا ان نحترم ارادة الشعب في اسرائيل، في معارضته للانسحاب من المناطق المحتلة، وفي تأييده للاستيطان!! هذا التعميم هو اكثر من هراء. هل كان علينا وعلى امثالنا احترام ارادة شعب المانيا عندما اوصل هتلر وحزبه الى الحكم!! الآن هنالك ضاغط جدي على مصر، خاصة فيما يتعلق بالمياه، وهنالك ضغط على شمال السودان الذي لا يقل نظامه سوءا عن الجنوب. كان الناس يموتون في جنوب السودان من كثرة الفواكه والخضار المتعفنة، وفي الشمال يموتون وهم يعانون من نقص هذه المواد بالذات. فهل قام الاستعمار البريطاني بحل هذه المشكلة حتى ولو بمد خط سكة حديد بين الشمال والجنوب!! كان همه الاستعباد والاستغلال ووضع اسس الانفصال، وهل هذا ما كان يشغل حكام السودان من الفريق ابراهيم عبود الى النميري الى البشير!! كل اليسار الصهيوني عمل ونشط ووافق على اقامة دولة عميلة في جنوب لبنان برئاسة سعد حداد، وعلى قاعدة طائفية بالاساس، وهو يوافق ويتعامل مع كردستان العراق المنفصلة عن العراق. هذه القوى الصهيونية حاولت اقامة دولة درزية عميلة لاسرائيل من دروز سوريا وفلسطين ولبنان، وبالتعاون مع بعض اذنابها الدروز هنا، وكأن هذه ارادة الناس!! بصق الوطنيون الشرفاء على هذه الجريمة، فماذا لو اراد العرب في الجليل - والذي هو بحسب قرار التقسيم تابع للدولة الفلسطينية – اقول ماذا لو اراد العرب هنا وبكل طوائفهم حكمًا ذاتيا لهم على الاقل!! الامر الذي رفضناه ونرفضه، ماذا كان سيكون موقف الصهيونية وامريكا!! ولماذا لم تحترم امريكا ومن يفكر مثلها ارادة الشعب عندما وصلت طالبان الى الحكم، او حماس، او حزب الله!! على الحزب الشيوعي وعلى اليسار الحقيقي، خاصة في الناحية اليهودية ان ينشغل بالنضال من اجل الانسحاب من الجولان اكثر بكثير من الانشغال بطبيعة نظام الحكم في سوريا، خاصة اذا كان هذا الموقف فيه الكثير من الرّخاوة!! وعلى اليسار الصهيوني الا يتحمس اكثر من اللازم من اجل حكم ذاتي للاكراد في سوريا او الانفصال التام عنها، فالذي بيته من زجاج عليه الا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة. ما ميز ويميّز الحزب الشيوعي انه اعتمد دائما في اتخاذ مواقفه على الاساس النظري الطبقي، وفي ان الاستعمار هو العدو الاساسي، حتى وان تعارضت هذه المواقف مع الاجماع العربي او اليهودي، ومن هنا جاءت صحة هذه "المواقف"، وهذا ما نحن بأمس الحاجة اليه اليوم. لنا خلافات كثيرة، وكثيرة جدا، مع النظام السوري وقبله مع النظام العراقي زمن صدام، لكن خلافاتنا اكثر بكثير، وكثير جدا مع الاستعمار الامريكي ومع حكومات اسرائيل وسياستها، اسرائيل هي المحتلة، واسرائيل هي التي تتنكر لحق شعب بكامله، وتضطهد الجزء الباقي منه في وطنه، وتهرول هرولة نحو الفاشية. قليلة هي الدول في العالم، التي تحرم مواطنين فيها من العودة الى قراهم الاصلية، كما تفعل اسرائيل مع اللاجئين في وطنهم، ناهيك عن اللاجئين خارج الوطن، فهل لهذا النظام اية مصداقية في انتقاد الآخرين!! وقد تكون اصدق المواقف، وقطعًا هي تلك، التي تتعارض مع مواقف الاستعمار وحكام اسرائيل والرجعية العربية في كافة القضايا الجوهرية، واكثر ما تتمثل هذه الرجعية العربية اليوم في دول الخليج والتي هي شريك نشيط مع الاستعمار في ممارساته ومخططاته مستغلة قدراتها الاقتصادية الهائلة المبنية على النفط، والذي تذهب جل عائداته الى الشركات الرأسمالية والى جيوب الحكام وزبانيتهم وليس الى الشعب. وقدّم لنا حسني مبارك وزين العابدين مثلا على ذلك. امريكا اوقفت المساعدات عن فلسطين من اجل تركيعها وعدم الذهاب الى الامم المتحدة في قضية فلسطين، امريكا وراء قرار المحكمة في موضوع اغتيال رفيق الحريري، امريكا وراء بعض مركبات المعارضة السورية من اجل اسقاط النظام، ومحاولة تركيع ايران والمقاومة اللبنانية، ليس حبًا في الحرية والدمقراطية، بل حبًا في النهب والسلب والاستغلال ومساعدة اسرائيل لتبقى المهيمن الوحيد في المنطقة، وهذا احد اهداف امريكا من احتلال العراق. نحن لسنا مع احترام ارادة الشعب العراقي الذي انتخب حكامه تحت حراب الاحتلال، ولا مع ارادة هذا الجزء الجنوبي من شعب السودان، المهم من يقف وراء ذلك ولأي هدف، هذا هو الاساس. رأينا مدى دمقراطية قوى الرابع عشر من آذار في لبنان من تشكيل الحكومة فلقد انسحبوا، ولو كانت لديهم الاكثرية كانوا تمسكوا بكل هدب من اهداب قرار الاكثرية. ورأينا الرئيس السنيورة كيف قاوم الاجتياح الاسرائيلي بالبكاء والدموع السخية، كانت دموعه على عرض وجهه، لكن هذه الدموع لم تكن سلاحا مقاوما للاحتلال، وقديما قال احدهم: موسكو لا تعترف بالدموع، وهنالك فيلم بهذا الاسم والموضوع، وما اصدق المثل الشعبي القائم: الشدّة بدها شّدة!! وما برد الصاع الا صاع واوقية، على الاقل قدر المستطاع، والمستطاع قوي وعظيم القيمة والفائدة، ولا يوجد طريق آخر . لي نقاش مع الشعر القائل: إبك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال قالته والدة "ابي عبد الله الصغير"، آخر الحكام العرب في الاندلس، ونقاشي لانني من اجل ان تتحرر الاندلس لاصحابها، حتى من الفتوحات التي هي احتلال، وكذلك باتهام النساء بالضعف والبكاء، ومع ذلك لم ينفع البكاء في استمرار الاحتلال العربي، وبالرغم من الموشح الرائع: جادك الغيث اذا الغيث همى يا زمان الوصل بالاندلس وقد يكون الوصل والتواصل بالصداقة وليس بالاحتلال. ان المواقف الطوباوية، والتي قد تتأثر بالاجماع هي خطيرة جدا على الموقف الثوري الأممي الطبقي. وقد علمتنا الماركسية ان الذي يملك وسائل الانتاج المادية يمتلك وسائل الانتاج الروحية والثقافية، ومن هنا نعرف كل ما تدلقه وسائل الاعلام الرسمية للاستعمار والرجعية، بما في ذلك برامج التدريس، ونعرف قيمة التصدي لهذه الاعلام، ولهذه الثقافة، ولهذا الاجماع المسيّر بالترهيب والترغيب والرشوة. ان معيار ومقياس المعتدين هو القوة، ولا مقياس آخر، وعلى المناضلين تقوية موقفهم، وانفسهم، ففي النهاية الشعوب لا تُقهَر، قد يُقهر النظام المعتدى عليه، والجيش المعتدى عليه، اما الشعب فلا يمكن ان يقهر ان عاجلا وان آجلا. هذه هي التجربة التاريخية، هذه هي المادية التاريخية، حتى وان ارتطمت بمعوقات، نحن لسنا طوباويين، ولا نحن من اتباع هذا الانهراق وراء دمقراطية الرأسماليين ودليلنا الفكري والسياسي والطبقي، ليس هذا السيل من المنظمات غير الحكومية، ولا هذه الجمعيات مع تقديرنا لبعض ادوارها ومواقفها. نحن حزب ثوري، ينطلق في مواقفه من فكر ثوري أممي طبقي سياسي اجتماعي، يرى في الاستعمار وافرازاته اعلى مراحل الرأٍسمالية، ويرى في الرأسمالية والاستعمار العدو الاساسي للشعوب، وللسلام وللعمال ولكافة المِلل والطوائف بجماهيرها الشعبية. وكل ارتخاء وتراخ ٍ في هذا الموقف مآله الى اخطاء جسيمة، ومن البديهي ان هذا هو موقف كل الحركة الشيوعية، اذا استثنينا قلة منها تخلت عن الماركسية اللينينية وعن المركزية الدمقراطية كبعض الاحزاب الاوروبية، ولذلك تقف مواقف خاطئة في هذا الموضوع او ذاك، ان تجربة حزبنا الشيوعي غنية جدا، وتجاربه كثيرة، وتراثه الكفاحي مرموق، فلنحافظ على كافة الثوابت الفكرية والطبقية والأممية على اساس الماركسية اللينينية. ويبدو انه ليس صدفة ابدا انه بعد الانهيار، وفي خضم اعادة البناء والعلنية والتعددية لغورباتشوف، تركت صفوف الحزب الشيوعي نسبة من المثقفين والمبدعين والخريجين اكثر من نسبة العمال وكل الكادحين، دون أي غمط لهذه الفئات طبعا.
#محمد_نفاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انهيار حجج المنافسين للحزب الشيوعي
-
الانتماء الفكري هو الأساس لكل موقف
-
الانتداب الغربي يعود الى العالم العربي
-
ذكرى النكبة
-
حول مقالي المتواضع عن سوريا - الرفيقة العزيزة دنيا عباس
-
سوريا .. -إذا صاحت الدجاجة كالديك فالوضع لا يبشر بالخير-
-
مستوى التنظيم في حزبنا الشيوعي اليوم - الحلقة الثانية
-
واقع التنظيم في حزبنا الشيوعي اليوم (1)
-
مقاومة الاحتلال هي الاساس المتين للوحدة الفلسطينية
-
بين التسلّح بالفكر الشيوعي وخرق التنظيم الحزبي
-
يجب الانتقال حالا من مقولة ان 99% من الاوراق في يد امريكا، ا
...
-
المقياس الأساسي
-
رياح ثورية تهبّ على العالم العربي
-
الجواب عند الشعوب
-
وسط خنوع عربي ذليل: أمريكا تقسّم السودان
-
النضال ضد الصهيونية جزء من النضال ضد الاستعمار
-
يهودية الدولة - بين عنصرية النظام والحقيقة الغامرة
-
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا
-
ألموقف من هذه المفاوضات المباشرة
-
دفاعًا عن الأرض والانتماء
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|