أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - البدو















المزيد.....

البدو


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3414 - 2011 / 7 / 2 - 14:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يفتى البعض في حق البدو وهم جالسين بمكاتبهم المكيفة، ويكتب البعض عن سيناء دون أن يضع قدما واحدة في رمالها الساخنة، أو يشعر بالعطش لقلة الماء، وسيناء عند أصحاب الفتاوى – الجهلاء - بلدا غريبة يعيش فيها ناس غرباء متهمين فى كل الأحوال متهمين .. فإذا حدث شيء في رفح على الحدود يرتفع الصياح : " البدو .. البدو " وإذا حدث شيء في العريش يرتفع الصراخ :" البدو . البدو " أما إذا سقط قتيل في الصعيد .. فلا يقال " الصعايدة .. الصعايدة " وإذا وقعت سرقة في الإسكندرية فلا يقال : الإسكندرانية .. الإسكندرانية " بل يشار إليهم بالمتهمين أو الجناة أو المشبوهين أو الأفراد .. على اعتبار ان ما يقع منهم هي حوادث فردية .. أما المسألة الأغرب ، فهي دعاوى التمرد والانفصال .. فالسرقة في الإسكندرية تعنى سرقة .. والقتل في الصعيد يعنى قتل أو ثأر .. والرفض يعنى ثورة ضد النظام الفاسد .. أما في سيناء فالسرقة تعنى تمردا .. والقتل يعنى دعاوى انفصال .. والرفض يعنى ثورة ضد الوطن " مصر " وخيانة..وليس ضد النظام أو المعاملات الفاسدة .
وينساق الناس وراء هذا الاستسهال .. وعدم وضع الأشياء في حدودها الحقيقية .. كأن هؤلاء الناس الذين عاشوا عقودا في ظل النظام البائد ، مازالوا يرددون دعاويه .. دون ان يعرفوا أن تلك الدعاوى تستهدف تشويه ناس مثلى ومثلك من أجل مصالح وليس الحق ..!
أقول ذلك لكي أتفاهم مع العقل الإنساني المحترم .. الذي يفتى فيما لا يعرفه .. ويقرر في شيء يجهله .. فمن المعروف ان الشخص إذا أصابه ألم في أسنانه سيذهب لدكتور أسنان وليس لدكتور أمراض معوية .. وإذا أصابه ألم في عينيه سيذهب لدكتور عيون وليس لطبيبة أمراض نساء .. أي انه سيذهب لأهل الاختصاص، القادرين على فهم العلة ووصف العلاج.. حتى هؤلاء المختصين لا يملكون كل الأجوبة، فيحيلون المريض إلى اختصاصات أخرى يرونها أفضل.
ورغم أنني عشت في سيناء من ربيع عام 1982 وعرفت أفراد من عشائر وقبائل مختلفة في رفح والعريش والحسنة وبئر العبد، وتعاملت وعشت بينهم السنوات الطوال .. إلا اننى لا استطيع ان أقرر أو أفتى ألا بحدود .. وحدود ضئيلة للغاية . حتى أستفساراتى عن شيء فئ المجتمع البدوي ، لا تتوجه دائما لأي شخص بدوى .. بل لأصحاب الخبرة .. كالكبار في السن أو القضاة .. أو الرجوع للتراث- وقد تم جمعه وتدوينه- فالمجتمع البدوي واسع ومتسع جدا .. لديه قانونه العرفي وعادات وتقاليد تحكمه من مئات السنين، وضعت وطورت أثناء معيشتهم في صحراء مترامية ومتسعة. لذا فالقول بأن البدو تمردوا لأنهم تحرروا من قبضة الشرطة المصرية بعد اندلاع الثورة المصرية، هو قول غير دقيق، وفيه استسهال كبير ..ولا أصدقه حتى لو صدقه بدوى.. لأن ما يحكم البدو فعلا في أخلاقهم وتصرفاتهم قبل الثورة وبعدها، هو قانونهم العرفي ، فإذا حدثت سرقة أو تعدى في المجتمع البدوي .. فالقضاء البدوي يحكم من خلال قواعد القانون العرفي .. وفى بداية تحرير سيناء عام 82 كان الأفراد من البدو يكرهون الالتجاء إلى الشرطة، ليس لكراهية الشرطة بل لأن ذلك مخالف لعاداتهم وتقاليدهم .. وقد نظر بعض أفراد الشرطة لرفض البدوي الالتجاء للشرطة كأنه تمرد على النظام .. بينما هو في نظر البدوي متناسق مع نظام مجتمعه البدوي، ويعتبر تدخل الشرطة، تدخلا في عادات وتقاليد مجتمعه.. وللأسف أن تلك الحقيقة البسيطة التي لم تفهم أدت إلى مشكلات كثيرة .. لكنها لم تصل لكراهية البدوي للشرطة فعلا إلا بعد مضى الزمن، بفعل التصرفات الظالمة والمتعسفة من أفراد الشرطة وأمن الدولة، لكن تلك الكراهية ضد الشرطة ليست حكرا على المجتمع البدوي فقط، بل هي موجودة في عموم بر مصر أيضا وقد ترجمت في إحراق مقرات الشرطة أثناء الثورة .. لكن الفرق ان أهالي الإسكندرية .. أو القاهرة وباقي أقاليم مصر.. لا يملكون قانونهم العرفي كالبدو، لذا فالالتجاء للشرطة في الوادي شر لابد منه .. على عكس البدو الذين مازالوا بعد الثورة يلتجئون لقانونهم العرفي ..
ندخل الآن لمسألة دعاوى الانفصال .. فهل لو طالبت بالحفاظ على كرامتي ومنحى معيشة لائقة، وأن يحكمني شيوخ اختارهم بنفسي لأنني أتوسم فيهم الصلاحية والعدل، أكون مطالبا بذلك بالانفصال.. ورافعا دعاوى دولة مستقلة بعيدا عن مصر ؟
هل لو طالبت بوضع قوانين تناسب بيئتي وتراثي والصحراء التي أعيش فيها المختلفة عن القاهرة أكون خائنا ؟؟
هل يوجد حقا أسخف من هذا السخف ؟
هل ولاية تكساس في أمريكا ، ولها نظامها وحكامها المنتخبين وقوانينها المختلفة عن باقي الولايات الأمريكية ، حتى في قوانين الطلاق .. أقول هل تلك الولاية دولة مستقلة عن أمريكا ؟
وإذا عدنا لبدو سيناء .. فأن دعاوى الانفصال ستكون غريبة عليهم.. لأن قوانينهم وعاداتهم وتقاليدهم تتهم صاحب دعوى الانفصال بالخروج عن عرف القبيلة .. وأنا هنا أتكلم عن فصل الأهل في سيناء عن الأهل في مصر ..!!
والرد على محاولات فصل الأهل عن الأهل سهل وميسور " فعند بناء دير سانت كاترين حضرت بأمر الحاكم حوالي مائه عائلة من مصر لبناء الدير، اختلطت العائلات مع قبائل العرب حولهم، ثم اسلموا مع الفتح الإسلامي ، وبعضهم دخل في جيش عمرو بن العاص ، وإبان حكم السلطان سليم الأول العثماني حضرت مائه عائلة أخرى من سكان المطرية شرق الدلتا.
وهناك قبيلة الحويطات بسيناء منتشرة في السويس والاسماعلية وفي الشرقية وفي القليوبية وحلوان وحول القاهرة، في البساتين وعين شمس وعزبة النخيل، و قبيلة الرياشات بشمال سيناء ، وتوجد الرياشات أيضا في البحيرة و طنطا وكفر الشيخ ، أما قبائل بني هلال التي خرجت من مصر إلي المغرب ثم عادت فهناك في مصر قرية باسمها وهى قرية بني هلال ، وتفيد المصادر أن قبيلة التياها بوسط سيناء فرع من بني هلال ، أما قبيلة السماعنة في شمال سيناء فيوجد قرية أيضا باسمها في مصر هي قرية السماعنة وكذلك قبيلة بني واصل فلها قرية في مصر اسمها ( بني واصل ) أما قبيلة العيايدة بشبة الجزيرة فهم يسكنون أيضا شمال أسوان والبحيرة .. " والسجل طويل وحافل .. !
فعن أي دعاوى انفصال يتحدثون !!؟؟
كيف نفصل الأهل في سيناء عن أهلهم وأقاربهم في وادي النيل ؟؟
كيف نرفع شهداء ونتذكرهم لأنهم من الوادي ،ونتناسى شهداء سقطوا على الرمال بدون قطرة ماء وبدون شواهد على القبور لأنهم بدو ؟
كيف نفرق بين دماء المصريين التي سالت في الحروب وفى الثورة ؟
أن مصر ليست مجرد أرض، بل ناس يعيشون فيها، ناس ربما يكونوا مختلفين .. ولهم أفكار مختلفة .. لكنهم مثل الباقين .. لهم أحلامهم في الحرية والمعيشة الكريمة .. ويرفضون القهر والذل والظلم .. وهذا ما جمعهم في ثورة نهضت من أول البحر حتى أخر الصحراء مرورا بضفتي النيل ..
--------------
هوامش وإحالات:
سيناء الأهمية والمعنى – سعيد رمضان على – الهيئة العامة لقصور الثقافة - 2008



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور بين المواطنة والدين
- فشل الثورة المصرية
- حق الإضراب والقمع التنموي
- حق إسرائيل في الغاز، وحق مصر في الكلام
- الدستور، البيضة أولا أم الفرخة ؟
- ديكتاتورية الديمقراطيين..!!!
- استيراد البطيخ و نماذج الحكم..!!
- الإعلام، منظومة تزييف أم حقائق ؟
- مطالب الثورة، وحركة التغيير
- مدافن النساء
- منال الشريف، وسياسة التزييف
- الثورة، وأبعاد المواجهة
- مجلس رئاسي على طريقة ملوك الطوائف
- المجلس الرئاسي، حل ديكتاتوري لمشكلة الديمقراطية
- أقتل بقرار، وأبتسم بقرار ..!
- أرنب سحرته أفعى ..!!
- هيكل، ومحاكمة مبارك سياسيا ..!!
- الديكتاتورية المنتظرة ..!!!
- على شكل بشرى..!!
- النكبة، والنكبة ..!!


المزيد.....




- قرش يهاجم شابًا ويتركه ليهاجمه آخر بينما يحاول الهرب.. شاهد ...
- اكتشاف شكل جيني جديد لمرض ألزهايمر يظهر في سن مبكرة
- نتنياهو: إسرائيل يمكنها -الصمود بمفردها- إذا أوقفت الولايات ...
- شاهد: إجلاء مرضى الغسيل الكلوي من مستشفى رفح إلى خان يونس
- دراسة: الألمان يهتمون بتقليل الهجرة أكثر من التغيّر المناخي! ...
- رغم الاحتجاجات.. إسرائيل تتأهل لنهائي مسابقة الأغنية الأوروب ...
- البنتاغون قلق من اختراق روسيا لمحطات -ستارلينك- واستغلالها ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط صاروخين أوكرانيين استهدفا بيلغورود غرب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من رفح باتجاه إسرا ...
- العراق يدعو 60 دولة إلى استعادة مواطنيها من ذوي عناصر -داعش- ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - البدو