أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أنا وأنت في حالة غيبوبة















المزيد.....

أنا وأنت في حالة غيبوبة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 03:02
المحور: حقوق الانسان
    


من حقي ومن حقك أن نذهب في غيبوبة عن الوعي وعن الوجود وعن التاريخ كله , ومن حقي أن أموت عشقا وهياما, ومن حقي أن أتبخرعلى صدرك مثل سائل مائي , ومن حقي أن لا أصحو ومن حقي أن أشعر بوجودي حين أنفصل عن هذا الوجود المزيف لأدخل معك عالما خاصا من التأمل في الملذات كشطحات فكرية وعاطفية ومن حقي أن أقاوم كل العقاقير التي تعيدني إلى ما قبل الدخول في الغيبوبة(الكوما)..لا تهتمي بالتفاصيل الكثيرة عن الموضوع ولا تكترثي بالتفاصيل الدقيقة, فكل شيء قد أعددتُ له مسبقا وسيتم وفق الخطة التي رسمتها لك, أنت ستقفين أمامي وأنا سأقع من طولي حين أراك وأنت ستقعين مثل وقوعي وسنذهب كلانا في حالة من الغيبوبة عن الوعي وسنغيب عن هذا العالم لندخل إلى عالمنا الخاص حيث أنت فيه الملكة والحاكم والقاضي والجلاد وأنا لا شيء سوى بعض الزفير الذي يخرج من فمي وستعرفين كل شيء عن باقي الخطة بالتفصيل الممل حين تدخلين معي في غيبوبة تاريخية كأطول غيبوبة عرفها التاريخ فتعالي وادخلي في غيبوبة رومانسية من التأمل مع آخر كتاباتي وآخر كلماتي وآخر حروفي التي ليس كمثلها كلماتٍ أو حروف, تعالي لنستغل فرصتنا الذهبية ولنأخذ وقتنا الحقيقي في التأمل من دون أن نحكي أي كلمة, ستتكلم العيون وسيتكلم الصمت وسيكون الصمت مسرحا للأحداث التي ستتوالى بعد ذلك فكل الأطباء مضربون عن العمل وسأستغل هذه الفرصة لتطول فترة غيابي وغيابك عن العالم وسآخذ معك غيبوبة أخرى أنام فيها إلى جوارك ساعة أو يوما أو سنة أو حتى العمر كله دون أن أصحو أو دون أن أنظر في ساعتي فلن يطول انتظارك طويلا ولن يطول وقوفي طويلا والذي سيطول أكثر هو حالة الغيبوبة التي سندخل فيها مع بعضنا , والناس يا حلوتي تتغيب عن أرض الوطن أما أنا وأنت فسنذهبُ في غيبوبةٍ إلى أرض الوطن وسيكون فمك الوطن وخصرك الوطن وشفاهك المدينة الفاضلة وصدرك سيكون جبال تهامة ونجد ومرتفعات عجلون ورأس منيف .. لا تدعي الفرصة تفوتني أو تفوتك أرجوك وافقيني الرأي مرة واحدة ولن تندمي على ذلك حين تستلذين بطعم الموت في فمي أو من على شفاهي, وأنا أعدك بأنني لن أنسى ما حييت طعم أصابع يديك حين أضعهن جميعا على خدي وأبكي من الجوع والعطش والحرمان الرومانسي, وأعدك بأنني لن أعود بعدها إلى هذا العالم المتعفن فالذي يزور عالمك صعبٌ عليه أن يعود إلى مزابل التاريخ, الغيبوبة بانتظارك وبانتظاري وهي تستعد لتدخل إلى قلوبنا ورؤوسنا, والآن كل الأبواب مغلقة وسنغيب عن الوعي كيفما نريد ولن نتصرف إلا مثل الذين رُفعت عنهم الأقلام فلا أحد يحاسبنا على غيبوبتنا ولا أحد يحاسبنا على ساعات نومنا الطويلة التي لن نفيق منها أبدا, تعالي إن الوقت بصالحك وبصالحي وكل الأمور تجري هنا على قدمٍ وساق وبصالحنا نحنُ فقط لا غير, وسننام طويلا ولن يشعر بوجودنا أحد, فما أحلى الغيبوبة على التنورة الرمادية!!.

الباب الغربي مغلق والباب الشرقي مغلق ولن تدخل منه إلينا نسمة هواء لتوقضنا أو لتخلصنا من بعضنا, أريد أن أبقى مرتميا على صدرك كلوح خشب أو كقطعة قماشٍ ترتدينها, وأريد أن أُجن فيك ولا أريد أن يعود لي عقلي ورشدي حتى لا يحاسبني أحد على مجوني وتخبيصي, أريد أن أعيش إلى جوارك معتوها لا يحاسبني أحد على ما أقوله من كلمات جنونية ولا يحاسبني أحد على ما أرتكبه من جرائم خيالية,والمفاتيح كلها ابتلعتها النجوم والثقوب السوداء, ولا أحد يستطيع أن يفتح علينا بابا أو يغلق علينا بابا آخر وسنبقى أنا وأنت في حالة غيبوبة دائمة وإلى الأبد, لأنني اتفقتُ مع كل الأبواب أن تبقى مغلقة كي لا يسعفنا طبيب إسعاف أو ممرض إسعافات أولية, والآن وفي هذا الوقت وبالتحديد كل الشبابيك مغلقة فلا أحد يستطيع أن يسترق النظر خلسة لينظر إلينا ونحن في حالة غيبوبة والأصابع متشابكة والعيون متراقصة والشفاة متلاصقة لا نشعر بأحد ولا نريدُ من أي أحدٍ أن يشعرَ بنا,وبوسعك أن ترتدي قميص النوم الأصفر الذي أحضرته لك من عالم الجنيات أو الأبيض الذي أحضرته لك من قصص ألف ليلة وليلة, وبمقدورك أن تلبسي العِقدَ الذي سرقته لك من بين النجوم ,وبوسعك أن تضعي تنورتك الرمادية على عيني فأعود مبصرا كما كنت آه لو أعود مبصرا من جديد لأعشقك من جديد ولأحبك من جديد ولأموت في هواك من جديد, وبوسعك أن تلقي ببنطالك الجينز على آذاني فيعود لي سمعي كما كان وبوسعك أن تضعي على أنفي بنطالك الأسود الذي سيعيدني إلى حالة من الغيبوبة معك كلما صحوت من غيبوبتي, أنا لا أريد معك أن أستيقظ أنا أريد أن أبقى في حالة غيبوبة دائمة وأوصيك أن تضعي من عطرك على قميصي كلما رأيتني مستيقظا وأتحرك, وبوسعك أن تمسحي دموعي بمنديلك فأعود كما كنت دوما وكما تحبينني أن أكون في حالة غيبوبة وبوسعك أن تصدقي مشاعري وأحاسيس دائما حتى أبقى فاقدا للوعي, والآن وبعد أن أمتص شفتيك واذهبُ في حالة غيبوبة بوسع المطر أن يهطل كثيرا لأن شفاهك تستسقي للعالم , وبوسع العصافير أن تُغرد كثيرا حين أمر بأصابع يدي على ركبتيك المخلوقتين من المرمر, فتعالي وتمددي أمامي مثل خيالي وظلي على الأرض والتحفي السماء أو التحفي بخصري وادخلي معي في عالم الغيبوبة والخيال , فالنجوم مطفأة ولن يستطيع أحد أن يرانا وسأهزُ فوقك العرش 100مرة وسأهز الأرض من تحتك 100مرة وسأحدث زلزالا أرضيا حين أصرخ بأعلى صوتي (ذبحتيني) وأنا على سريرك مضرجٌ بدمائي, وكل الأشرعة يا سفينتي الفينيقية التي كانت مشرعة في وجه الريح نزلت لتوها مع نزول المراسي على تلك الشواطئ البعيدة ولهذا لن يلحق بنا القراصنة أبدا ولن يعترض طريقنا أي مُعترض وسنبقى أنا وأنت في حالة غيبوبة, فتعالي واقتسمي كعكة العمر معي لوحدك أنا أريدك وحدك أن تأكلي وأن تنهمي من روحي وسأريك كيف أذوب في فمك مثل قطعة سكر أو مثل مُكعّبٍ ثلجي, وسأريك كيف أدور فوق طواحينك العاجية حتى أفقد وعيي وأدخل في غيبوبة عاطفية, أريدك أن تقطعيني بأسنانك البيضاء قطعةً قطعةً حتى أصبح بحجم رأس دبوس ,وأريد منك أن تغرزي أظافرك في لحمي وأن تأخذي منه قطعة أو قطعتين لتتذوقي طعمي تحت أسنانك فما أشهى لحمي نيا ومطبوخا قلياً أو مسلوقا, والآن كل برامج التلفزيون قد انتهت وأصبح بوسع مقدمي نشرات الأخبار أن يناموا وها هن كل المذيعات لبسن قمصان النوم الجاهزة وأطفأن الأنوار وأشعلن الأنوار الخافتة وارتمت كل واحدة في حضن الوادي البعيد ولن يكون في هذا الوقت متسع لأي مقدمة إعلانات أو إشاعات أن تنقل عنا أنا وأنت أي خبر فلا تدعي الفرصة تفوتك ولا تدعي الغيبوبة الرومانسية ترحل عنك, الآن أنا متوفرٌ بين يديك وبأسعار تشجيعية وموجود في البحر وفي الجو وفي اليابسة وفي الأرصفة وفي عيونك وفي دمائك وفي خيوط تنورتك القصيرة وفي كحل عينيك, الآن كل الأخبار أصبحت قديمة وباهتة وكل العالم أصبح يعرف قصة لقائي بك كيف كان من أول مرة مت فيها وأحييتني إلى آخر مرة متُ فيها وأحييتني ألف مرة, الآن الأبواب مغلقة والسيارات في الشوارع تصطف ولا أحد يخرج من بيته ليراني أو ليراك فتعالي يا مدوية في قلبي ويا لحن الرجوع الأخير لتغيبي في أعماقي ولأتحفظ عليك, ليس بوسع المسافات أن تقترب أكثر وليس بوسع النجوم أن تبتعد أكثر لقد أصبحنا قريبين من بعضنا, لم يبقَ أحدٌ في الشارع إلا أنا وأنت حتى البحر الذي خططتُ زمنا طويلا لأحتضنك عليه وأنت في حالة غيبوبة ماتت كل الأسماك التي تعيش فيه ولم يبقَ فيه أي كائن حي يشهد على لوعتنا وعلى التحامنا , فتعالي لأحتضنك على رماله, وتعالي لأدخلك جنتي ولأريك ناري, وتعالي لتشتم رائحة المسك من أصابع يدي وتعالي لأريك كيف حفرتُ على كتفي اسمك, وكيف ذهبتُ في غيبوبة من التأمل والاندثار تحت كل مكونات جسمك الطبيعية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الاختفاء
- خيبة الأمل
- البطاطس والطماطم لم يعرفهما القرآن
- الثورة الجنسية
- التسامح الجنسي
- المسموح ممارسته والممنوع التحدث عنه
- في المثلية الجنسية
- في العلاقات الجنسية والأسرية
- الصلاة هي الفارق بيننا وبينهم
- أنسنة الإنسان
- بعيدا عن الواقع
- وفاء سلطان,كل عام وأنت بخير
- العقيدة,القبيلة,الضرائب
- ما هي الرومانسية؟
- كلمات لم يستعملها العرب
- أفلام قديمه ومحروقه
- الاسلام على حقيقته
- ليس لدي منصب أستقيل منه
- ادارة الأزمات
- اقتراح توفيق الحكيم


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أنا وأنت في حالة غيبوبة