أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الداودي - حالة مواطنة: من تونس الاسم المجرّد إلى تونس الاسم المشترك.














المزيد.....

حالة مواطنة: من تونس الاسم المجرّد إلى تونس الاسم المشترك.


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 08:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أوّلا وقبلا، إنّ ما يجري في ولاية سيدي بوزيد هذه الأيام هو مجرّد فاصلة موجزة أو عارض أحداث غير منفصل عمّا حدث ويحدث في أماكن عديدة مرئية وغير مرئية من التراب الوطني الحر. وما هذه الوقائع بخوارق فوق الطبيعة وإنما هي حقا مروّعات بشرية جدا بل تحت بشرية أصلا. هي طبيعية جدا لأن تونس دولة مستقلة وحديثة وذات نظام جمهوري تسمح به وحدة شعبها دما وروحا ووحدة إقليمها ومشترك مصيرها. وعليه، فما من جدوى من الإفلات من المسؤولية حيال العمق الاجتماعي والسطح السياسي والتناقض الحيوي والبعد القيمي لآفات عامّة الناس الذين يبتكرون ألف طريقة وطريقة في حياة كلّ يوم لمجرد الحفاظ ليلا نهارا على شكل من أشكال البقاء الذي يكاد يكون لا- حيويّا إطلاقا. ولا فائدة تذكر وتستحق هذا المعنى، ولو بعد الأزلية، من تجنب المنظار السياسي العيني والمباشر والحقيقي في واقع هذا الأمر. كما لا شيء يفيد عبث الاستعاضة عن الخيارات الاقتصادية والسياسية العامة بالآلة البوليسية التي لا توفر الأمن بقدر ما تخرق الحد الأدنى لنظام الكائن الحي والحد الأدنى للكرامة البشرية المنهوبة والمنكوبة أصلا في ظروف الحياة الراهنة. إذ ليس على الشعب أن يكون موسى وعصاه في نفس الوقت وليس عليه أن يكون أيّوب نفسه ونوق نفسه ولا أن يكون صديقا للحكومة حتى يكون شعبا ولا صديقا للمعارضة حتى يكون صديقا أو عدوّا لهذا أو لذاك وهو الهمّ الوحيد والأهم الأوحد من كل هذا قبل كلّ حساب وبعد كلّ "يمين". إذ لا سبيل أيضا لحكم الناس خارج المصلحة الوطنية الدّنيا والعامة. وبالأحرى والأولى، خارج الحدّ الأدنى المعيشي لعموم المعنيين بالبقاء الذين لهم اسم ولقب وتاريخ ولادة ومسقط رأس وأهل وبيت وجسم وروح وبطاقة هوية... وميل طبيعيّ إلى الحياة... واستعداد دائم للتنفس تحت الأنقاض والقفز في الهواء لمجرد رائحة ليمونة أو برتقالة... وإخلاص لقدرة النار على إزالة أيّ كمد عن النفس بمجرد قطرة سائلة...

لا يحدث أبدا حكم الناس، وهو لَعزاءي فنّ عظيم، خارج قوّة الصواب واقتدار الحق. ولا يحدث أبدا مثل هذا وذاك بتحويل الجمجمة إلى خلية ميتة مقتطعة من قبر متجول دون قامة تثقله وتحويل البطن إلى بقعة خز والحلم إلى قطعة فحم واللحم الحي الأحمر إلى قطعة عهن رمادية... وتحويل فكرة الأمة إلى فرن ذرّي وصراخها العام والعلني إلى خدعة صوتية زائدة عن الخيال وحديثها الخاص معصية كبرى لكلام الله... وإعلان الشارع ثكنة والبيت زنزانة ومجرد الاتصال سؤالا عن الحال تآمرا دفينا أو تخابرا عاجلا أو شهادة زور غير مرخص لها وتخطيطا لمجهول اسمه الغد بمجرد إعادة التركيب أو التأليف. إنّ إعادة التنظيم البنيوي لا تحجب عمّن يكتفي باستعمال حاسة وحيدة من حواسه خطر الفوضى المقننة بل خطر الجريمة المنظمة التي تعصف أكثر ما تعصف بضحايا السوق أفرادا وجماعات وفئات وجهات وعقولا...كما أن التنمية.

بكلّ أساطيرها وأوهامها لا تسحب مصيرية الانعتاق وتحديد المصير بالنسبة للأكثرية الآملة في العيش الواحد والتضامني بالحد القوي والايجابي للكلمة. وعلى كلّ ذلك ومن أجل ذلك كله فان أيّ جهد كيفما كانت بساطته.

وكانت ما كانت جهته، لا بدّ من أن ينصبّ في اتجاه أفق اجتماعي- سياسي منظور ويحقق القدرة الفعلية على البقاء البشري الحر والكريم. ولا بدّ لهذا الأفق من عمق تتجسد فيه قدرة الأمل الجماعي والمشترك والعام على البقاء والصمود والتقدم.

يستطيع الشعب التونسي مثله مثل سائر شعوب كرة الأرض أن يحكم نفسه بشكل من الأشكال التي تلائمه ولسبب بسيط ووحيد: هو أن لا شيء يعقل ويقبل ويمكن فعلا خارج المشترك الديموقراطي لكلّ المواطنين سوية وسواء. يستطيع هذا الشعب، بعد إذنه، في هذه الدولة، بعد إذنه، أن ينظر إلى نفسه من خلال نفسه أي أن ينظر في الأمر أمره. أن ينظر إلى الإنسانية التي تعيش على هذه الأرض على أنها مجموعة بشرية من المواطنين المدنيين السياسيين الذين يتمتعون بالأحقية المتساوية والقدرة المتساوية على الحياة المشتركة والسلمية. ويستمتعون، إذا أحبوا، بياسمين تونس الأبيض السماوي.

هؤلاء المواطنون جميعا ومهما كانت الخيارات العامة للبلاد ومهما كان الحاكم والمحكوم وكيفما كانوا يتداولون الأيام بينهُمُ، لهم أن يتمتعوا بمجرد كونهم أحياء وبمجرد كونهم مواطنين بوسائل العيش. أن يكون لهم أجر أو نصيب أو عائد وجود أو منحة مواطنة... بجرة قلم جافة. إن الأمر هكذا على بساطة قاتلة. يصبح مجرد التعقيد في البداهة جنونا والتهاون انتحارا. ليس حكرا على الجيوش الخائبة في كل أصقاع العالم ولا الشعراء ولا الفلاسفة...
إلى جسد المواطن محمد بوعزيزي، من أجل جمهورية المواطنين من أجل جمهورية الجماهير
لا لحاكميّة المال والسلاح والإعلام
البقاء للناس في مدن الناس



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الديكتاتورية إلى الانتفاضة ومن الثورية إلى الديمقراطية:رد ...
- رسالة إلى رائحة الضمير الثوري العامي : هلاّ أتاك صوت الشهيد؟
- إلى الضمير الثوري العالمي، لمن استطاع إليه شهيدا
- الشهيد يريد
- كيف التناصف والشباب أكثر من نصف المجتمع؟
- بكاءً لتونس
- رسالة عاجلة إلى سيد السيادة: الشعب التونسي
- النظام الانتخابي الاستثنائي للمجلس الوطني التأسيسي: الحل الث ...
- مقترح توطئة للدستور التونسي الجديد: محاولة أولى
- الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة
- ملاحظات حول مقترح المرسوم المتعلق بإحداث الهيئة العليا المست ...
- حول الفصل الأوّل من الدستور التونسي: العَلمانية ليست فصلا بي ...
- أهل الشهداء
- مقترحات وملاحظات حول المبادئ العامة للنظام الانتخابي الاستثن ...
- مقترحات وملاحظات حول المبادئ العامة للنظام الانتخابي الاستثن ...
- سيّدي بوزيد، سيدتي تونس: هو يحترق، أنا أحترق، كلّنا نحترق..
- مقترح أساسي حول - نظام برلماني تونسي-.
- ما المقصود بتمثيل عائلات الشهداء؟
- من يخاف من الشهداء؟
- مقترح أولي حول المجلس الوطني التأسيسي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الداودي - حالة مواطنة: من تونس الاسم المجرّد إلى تونس الاسم المشترك.