أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - موقف السلطة الفاشية من الثقافة














المزيد.....

موقف السلطة الفاشية من الثقافة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 989 - 2004 / 10 / 17 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفاشية فكر عنصري تسعى لإبادة الشعوب وتجيير طاقاتها لخدمة أهدافها في السيطرة على مقدرات الأمم وإخضاعها لمشيئتها. ومن المهام الأولى للفكر الفاشي السعي لتدمير الثقافة لتسهل عليه مهمة فرض توجهاته الجديدة على الشعوب لأن الفكر الفاشي لايمتلك مقومات الصمود أمام الثقافات الأخرى، بل أنه يخشى من كل ثقافة تمت بصلة للحضارة الإنسانية فيسعى لتحطيمها حتى لو كانت تلك الثقافة تخص شعبه بالذات!.
لقد دفع الشعب الألماني ثمن باهض نتيجة سيطرة الفاشية على مقاليد السلطة السياسية، وعمد الفاشيون لإشعال النار في الكتب الثقافية في جميع شوارع برلين بهدف قطع صلة الشعب الألماني عن فلاسفته ومفكريه وفرض التوجهات الفاشية عليه.
يرى ((غوبلز))" في وسع الروح الألمانية أن تعبر عن ذاتها من جديد، ولايقتصر عمل هذا اللهيب (حرق الثقافة) على تسليط الضوء على عهد مضى، بل لإضاءة العهد الجديد".
وهكذا خسرت ألمانيا تراثها الثقافي الذي حاز على إعجاب شعوب العالم، لأنها منبع لاينضب من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والفنون..لقد ساهمت الثقافة الألمانية ولعشرات السنيين في رفد الحضارة الإنسانية، ولكن الفاشيون عطلوا ذاك الرفد الفكري (لفترة من الزمن) الذي لم يؤثر على ألمانيا نفسها حسب، بل أثر بشكل كبير على العالم بأسره.
كما عطلت الفاشية كافة سُبل الحياة في ألمانيا، وأسدلت الستار على مفهوم العدالة وفرضت مفاهيمها الداعية للقتل والإبادة وسعت لتطبيق مفهومها النازي (السيادة للجنس الجرماني) على الشعوب الأخرى.
وعبر وزير داخلية ألمانيا الهتلرية ((جورنج)) عن ذلك بقوله:" أيها المواطنون الألمان، أن أي إجراء قضائي لن يحد من سلطاتي ولست أخشى العدالة فرسالتي هي أن أدمر وأبيد ولا شيء آخر غير التدمير والأبادة".
وضعت الأجهزة الأمنية الفاشية في حالة استنفار دائم من أجل القضاء على أي نشاط ثقافي معادي للفاشية، وزج المثقفون الألمان في السجون وتم التمثيل بجثامين العديد منهم في الساحات العامة، بغية تعطيل أيا تفكير أو تأمل بالأحداث الجارية في ألمانيا.
وأصبحت تحاسب الآخرين على النيات والهواجس، فالمرء الذي لديه هواية المطالعة للكتب يوضع تحت الرقابة الأمنية لأنها تعتقد انه بدأ بالتفكير، ويعني ذلك في العرف الفاشي مرحلة تسبق المعارضة وبالتالي يتوجب استئصاله قبل الأوان.
ويعبر ((شكسبير)) عن الحالة بقوله:"لايخشى القيصر أحداً، إلا ذاك النحيل ((كاسيوس)) لأنه عاكف على القراءة ولايخفى عليه شيء. وهو كثير التأمل والتفكير بشؤون البشر، كما أنه يكره اللهو وضياع الوقت، وأنه جاد ولاتعرف الابتسامة طريقها إلى وجهه. مثل هذا الرجل لايمكن أن يؤمن الإنسان جانبه أبداً".
تقاس حضارة الشعوب بنتاجها الثقافي وبمدى مساهمتها في رفد الحضارة الإنسانية، وكلما قلصت مساحة الحرية زاد التصحر الثقافي، وكلما أحكم الفاشيون السيطرة على مقدرات السلطة السياسية زاد العنف والقتل. وحينها فأن الثقافة تُمس بالسوء وتبدأ الإنسانية تحتضر، وجحافل الشر تعمد نحو الإبادة بشكل أكبر، أنها تسعى لهدم قيم الخير وقتل الضمير لتفرض قيمها الشريرة.
تعتبر الفاشية والنازية وجهان لعملة واحدة، ويهدفان لهدم الثقافة ولهما لغة مشتركة في التعاطي مع الشأن الثقافي والمثقفين. أنها لغة التهديد والسلاح، ولاشيء يهدد مقومات الفاشية والنازية سوى الثقافة والمثقفين. لذا فأنهم الهدف الأول في حقل الرماية للفاشي والنازي القابض على زناد سلاحه لإطلاق النار.
يقول ((هانز يوست)) " أشعر بالرغبة في إشهار مسدسي، لإطلاق النار على كل شخص يتفوه بكلمة ثقافة".
لا يخشى الفاشيون أحداً بقدر المثقفين لأنهم أداة الثقافة المحررة للإنسان والداعية لرفض كل أشكال التمييز والعنصرية والتعالي على المجتمعات الأخرى، وللمثقفين دور كبير في رفع وتيرة الصراع الاجتماعي والتهيئة للثورة على الطغيان والعنصرية.
لذا فأنهم يتعرضون بشكل دائم للاضطهاد والتنكيل، وهناك العشرات من المثقفين الألمان والإيطاليين والأسبان من دفع حياته ثمناً نتيجة مناهضته للفاشية. ونهلت الأحزاب القومية العنصرية في الدول المتخلفة، جُل أفكارها ومفاهيمها من الفكر الفاشي مما تسبب في إبادة أعداد كبيرة من السكان.
وما المقابر الجماعية والقتل والأبادة الذي شهده العراق أبان حكم الطاغية إلا ممارسة فعلية لتلك الأفكار والتوجهات غير الإنسانية، والمتابع لتوجهات حزب الطاغية ونظامه لن يجد فرقاً في التربية لأعضائه عن التربية النازية الداعية للقتل والأبادة ضد المخالفين لها بالرأي.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسية والعنف في المجتمع
- السياسة والثقافة في المجتمع
- الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
- الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
- العملية الانتخابية وشرعية السلطات
- ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة ...
- سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
- التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي
- المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي
- صراع السلطات بين الدين والدولة
- أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة
- توظيف التاريخ والأعراف الاجتماعية لخدمة العملية الديمقراطية
- معوقات التغير والتحديث في المجتمع
- المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال ...
- الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
- السلطة الديمقراطية والمجتمع
- الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
- المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
- المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
- شرعية الأنا ومقومات الذات


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - موقف السلطة الفاشية من الثقافة