أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - معوقات التغير والتحديث في المجتمع















المزيد.....

معوقات التغير والتحديث في المجتمع


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 964 - 2004 / 9 / 22 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعاني المجتمعات المتخلفة من انخفاض وتيرة الصراع بين أفرادها نتيجة السيادة للعادات والتقاليد الموروثة وتحكم السلطات الدينية والشمولية. لذا فأنها تحتاج لفترة زمنية أطول لمجاراة التطور على الصعيد العالمي. وكلما ضعفت آليات التحكم الدينية والشمولية في المجتمع، ارتفعت وتيرة الصراع بين عناصره واخذ الصراع شكله المفترض من خلال طرح الأسئلة المحظورة ومناقشة ماهية القيم الموروثة وعبادة القادة الأصنام.
وحينئذ يبدأ أطراف الصراع بحشد القوى والآراء لمواجهة الطرف الآخر، بغية حسم الصراع. وتُعتمد أساليب متعددة لهزيمة الطرف الآخر، والحالة المفترضة أن الآراء والأفكار الجديدة ستفرض نفسها على الواقع.
ترفض المجتمعات المتخلفة بشكل أوتوماتيكي أي شيء جديد، يعمل على إعادة تنظيم سُبل حياتها. وتفضل في اللاوعي بقاءها على أنظمتها القديمة كونها قد تواءمت معها لسنوات عديدة، وليس لديها دراية وفهم بماهية التنظيم الجديد.
قال الأمام (ع) من جهل شيء عاداه.
ولكن حالما تجد هذه المجتمعات، أن التنظيم الجديد قد أدى لتحسين أوضاعها المعشية والصحية والاجتماعية فأنها ستعمل على مناصرتها. أن عملية التغير والتجديد يجب أن تأخذ منحاً سليماً واختيارياً، وبالضد من ذلك فأنها ستؤدي إلى نتائج عكسية.
لا تجدي نفعاً وسيلة الإقناع للتخلي عن العادات والأفكار القديمة (خاصة منها المؤطرة بهالة لاهوتية) في المجتمعات المتخلفة، ويتوجب التعامل معها بطريقة تسهم في دفع الآخرين لمراجعة أفكارهم وطريقة حياتهم بعيداً عن أي استخدام للعنف أو النيل من تلك المعتقدات!.
يقول ((غاندي)) لا تحاول أن تقنع أحداً بتغير عاداته وأفكاره وأقصى ما تستطع فعله، هو أن تقنعه بأن يبدأ بمراجعة العادات والأفكار. إن فعل ذلك، فأنه هو الذي سيتغير وليس أنت.
لا تعني الدعوة للتغير والتحديث في المجتمع إلغاء القديم، وإنما العمل على تطوير القديم نحو الحديث. أن الماضي هو جزء من الإرث الحضاري للمجتمع، والتحديث المطلوب هو استثمار إيجابيات الماضي والعمل على التخلص من سلبياته المعيقة لحركة المجتمع. ومن السذاجة أن نطالب مجتمع ما، بالتخلي عن الماضي بالكامل ليبدأ حاضراً يقوده نظام جديد.
ويرى ((آلن تورين)) ينبغي عدم إطلاق كلمة حديث على مجتمع يسعى لإلغاء القديم ومفاهيمه، بل الحديث هو مسعى لتطوير المفاهيم القديمة.
تختلف آليات التغير والتحديث في المجتمعات المتخلفة عن المجتمعات المحكومة بنظم شمولية، فالصراع في الأولى يأخذ شكله الفكري ولا يتسم (في أغلب الأحيان) بالعنف لكنه يحتاج إلى فترة زمنية أطول. إما الصراع في الثانية فيتسم بالعنف لأن النظم الشمولية تجد في الآراء والأفكار المطالبة بالتحديث تشكل تهديداً لمصالحها ولمنظومتها الفكرية لأنها غير مؤهلة لخوض الصراع الفكري السلمي.
كما أنها تجد في استخدام العنف والاضطهاد ضد المناوئين لها لا يتعارض وماهيتها الفكرية. وعليه فأن وتيرة الصراع في المجتمعات المتخلفة بسبب عمليتي التغير والتحديث قد لا تميل للاستخدام العنف، لأن المجتمع الذي تسوده الأمية وغير الخاضع للسلطات الشمولية يعد مجتمعاً بكراً ومستعداً لإعادة التفكير إن كان ذلك سيغير من واقعه الاقتصادي- الاجتماعي.
لذا يمكن القول أن أمياً متحرراً خير من ألف ديناصور متعلم، فالديناصورات غير مستعدة على الإطلاق بإعادة النظر بآرائها وأفكارها لأنها غير قابلة للتطور، وهي أسيرة أفكارها المتحجرة التي تصنف البشر إلى أعداء لا لشيء سوى لانتماء الفرد لطبقة غير طبقتها!.
ويرى ((بيتر هول)) إذا لم تستطع النظريات الشمولية تقبل تعدد الآراء غير المتوافقة مع مؤسساتها، فأنها لا تقدم سوى إدارة خارقة للطبيعة تحتاج ذاتها إلى تفسير.
لا تقتصر عملية التغير والتحديث على المجتمعات المتخلفة، وإنما ينسحب الأمر على المجتمعات المتطورة نتيجة عدم مواكبتها للتطور العلمي وتخلف نخبها السياسية وامتثالها لنصوص فكرية جامدة أثبت الواقع عدم صحتها على الصعيد العملي مما تسبب بتخلف اقتصادها وانهيار سُبل التنمية وانعكس كل ذلك على واقعها الاجتماعي.
ويعتقد ((آلتون)) بعد سبعون عام أثبتت التجربة أن النظم الشمولية قد فشلت، لقد كانت المسؤولية وعملية اتخاذ القرارات مركزة في يد البيروقراطيات العديدة وتحت الرقابة الكاملة. وكان على الأفكار والمقترحات الجديدة أن تمر عبر امتحان الأرثوذكسية الأيديولوجية، ويتوجب دائماً طاعة قواعد النظام القائم. وبينما كانت معنويات الجمهور تنهار، يتضاعف تسلط العناصر عديمة الكفاءة الحالمة بانهيار النظام الرأسمالي نتيجة تناقضاته لتحقق انتصارها.
أن الثورة المعلوماتية لم توسع الهوة بين الدول المتطورة والمتخلفة في العالم حسب، بل بين الدول المتقدمة ذاتها. لذا هناك خشية حقيقية لدى بعض الدول كونها لم تتمكن من مجاراة التطور السريع في جميع المرافق (الاقتصادية؛ والصناعية؛ والتعليمية..) مما يجعلها مستقبلاً أسيرة الدول المالكة لناصية العلوم التقنية.
والتنافس التقني بلغ أشده، مما ترك أثراً نفسياً على دول عديدة كانت بالأمس القريب تعتبر من الدول العظمى. واليوم تجد نفسها محاصرة داخلياً نتيجة تخلف اقتصادها وخارجياً كونها لم تعد دول منافسة، وهذا أدى إلى تراجع دورها السياسي على الصعيد العالمي وباتت دول مهمشة تستجدي التقنية من الدول المتطورة بغية مجاراتها وتحسين أدائها لتتواءم والتحديث المتسارع في العالم.
ويرى ((بول كيندي)) "توجد المعوقات الثقافية للتغير في كل المجتمعات لسبب جلي هو أن التغير يشكل تهديداً للعادات وأنماط الحياة والمعتقدات الدينية والاجتماعية، وهي معوقات يمكن أن توجد في المجتمعات المتقدمة وغير المتقدمة على السواء. ولكن السخط الأشد عداء لتيار التغير، ينطلق من البلدان (أو من النخب الحاكمة لتلك البلدان) التي فقدت سيطرتها في الشؤون الإقليمية والدولية وتخلفت اقتصاديا عن الدول المتقدمة. ويعزى ذلك لأسباب علمية في بعض جوانبها ولأسباب نفسية وثقافية في الجوانب الأخرى. إذ ترى تلك البلدان التي بلغت الذروة في ظروف تاريخية محددة، أنه لمن الصعوبة بمكان أن تتقبل الظروف المتغيرة. وهناك اليوم طرق مختلفة في تنظيم الصناعة وتعليم الشباب وتوزيع الموارد واتخاذ القرارات السياسية. وأن هذه الطرق الجديدة هي أكثر نجاعة، وهي تدرك أن الاستجابة للتغير قد تفضي لتخلي المجتمع عن أولياته الاجتماعية ونظامه التعليمي ومعايير الاستهلاك والادخار وحتى المعتقدات الأساسية بعلاقة الفرد بالمجتمع".



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال ...
- الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
- السلطة الديمقراطية والمجتمع
- الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
- المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
- المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
- شرعية الأنا ومقومات الذات
- المنظومات الشمولية والذات الإنسانية
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 3-3
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 2-3
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 2-2
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 1 -2
- نصائح مهمة للكاتب للتعامل مع دور الطباعة والنشر في الوطن الع ...
- محنة الكاتب والقارئ العربي
- محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة
- أساليب الغش والخداع التي تمارسها دور الطباعة والنشر مع الكات ...
- محنة الكاتب مع دور النشر في الوطن العربي
- السيد مقتدى الصدر بين غياب الرؤية وفشل الهدف
- حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية


المزيد.....




- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - معوقات التغير والتحديث في المجتمع