أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - تجليات الماضي .. حدود الياس














المزيد.....

تجليات الماضي .. حدود الياس


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التراجيديا الرافدينيه اليوميه تشير الى انعدام اي ابداع سياسي واقعي راهن مقابل الثابت الديني المتحكّم بالقرارات والسلوك اليوم . ويبدو ان ماحصل من اجراءات انتخابيه وتداعيات هو مجرد اعادة توزيع الأدوار وتركـّز كل اهتمام وجهد داخل الدائره الطائفيه والمذهبيه . فقد أ ُجْهدَ الجميع بألأصغاء الى ادّعاء الموضوعية في بناء الدوله العادله واصبح كل التزام موضوعي عبئا على رجال الدين ومقلديهم واعضاء الأحزاب الدينيه من السياسيين الذين لم يثبتو انهم ينبذون الماضي اوينظرون الى الغد بل انهم ينظرون الى الخلف برضا كامل بأعتباران الماضي الديني بفكره وحتمياته هو الحل القسري السهل. وصار كل مايحصل اليوم محاولة للحفاظ على ماتبقى من المناصب والأمتيازات وكأنّ قدرا سيعصف بالجميع ويتوجب الأسراع بالتكميم والمصادره .

وربما كانت الحرب الكونيه الثانيه قد مهدت السبيل لرجل الدين ليذهب الى المسجد ولرجل السياسة ان يذهب الى الواقع ، الدين يتحوّل الى ملهم يعين على تنظيم العلاقات والبنى بينما يفرز الواقع جدلا عميقا بين قوى الحياة ومبتكرات العلوم وماينجزه الفكر والعقل معا لتكون عُدة السياسي وميدانه . وربما كانت العلمانيه التسميه الأكثر رنينا في جدل المفاهيم في حقيبة السياسي والديني الى يومنا هذا ، لكن اجتزاء التسميات الى هذه الحدود تشكل تضييقا للحوار بين الحداثة والقدامه وعناصرها واهليتها لصناعة انظمة حياة وانظمة حكم . ويبدو الجدل الذي ماانفض حتى الساعه عن الحريات الشخصيه وكأنه جدل بين مواطنين سيذهبون الى جهنم ، وبين مواطني مدينة الله الذين سيذهبون الى الفردوس . لتبدو انها قسرية جديده ضمن عقل الماضي وحلقاته وتوجهاته وحتمياته .
نحن نريد الذهاب الى مدننا بصفتنا الأنسانيه وان مدن الله تعج بساكنيها وفد شغلتهم القناعه والرضا والأمل وملأت حياتهم الطقوس والوعود . نحن لم نهبط من كون آخر لكننا ولدنا في الغرفه المجاورة بنوافذها المتعدده وحرية الهواء والمستقبل حيث تسكننا احلام عصرنا. ان التاريخ لايعيد نفسه عبر تحولات هامشيه داخل مجموعات مغلقه دينيا او عرقيا ، كما يراد اقناعنا الآن ، بل انها تحولات كبيره على مستوى المؤسسات والبنى التي تغاير التقليد اوالتقديس وتتبنى رفعة المجموعات الكبرى والشعوب من خلال رفعة العقل والفكر الجدلي الخلاّق والمجدد .
كنا نلحظ دائما انه كلما تراخت عرى الأتصال بين النظام المدني وبين الدين اتجه الحوار ليس لأدانة المدنيه بل نحو تجديد الفكر الديني والدعوة نحو تبنّي معاصرته لشؤون الناس في راهنهم المعقد وتبني كل تقنيه او اتجاه حداثي يفضي الى حلول عمليه لحاجات الأنسان وقد تضاعفت احصائيات وجوده الديموغرافي وتعقدت علاقاته . والأكثر دويا من تلك الدعوات كانت تلك التي يطلقها رجال دين ومجتهدين نحو تحديث الأسلام واطلاق جوهر الدين وليس احكام رجاله . الذي يحصل في العراق اليوم ان السياسي هو الذي يتبنى خطابا دينيا لا ليكيّف قيم المدنيه بل ليضفي تقديسا على كل اجراء ينتمي الى الماضي الديني حتى لو ادى ذلك الى العودة بالمجتمع الى عصر آخر يدعو الى تحديد اطر الحداثة و أسلمتها . وكأن محنة وجودنا جاوزت جذرها الاقتصادي والسياسي والثقافي لتقف عن حدود التقديس واسئلته . وينبري ادب الأحزاب الدينيه واعلامها نحو رجم الآخر بالوعد والوعيد كلما تقدمت لغة الحوار العقلاني والمديني خطوة جديده لتعلو لغة الملاسنة والتكفير والوقوف عن ظل الحائط الحكومي الواعد . ولاتبدو القرارات فعلا مونوغرافيا او فرديا بل انه يتخذ صيغة استقصائيه وحزبيه عامة تصادر اي تفكير افقي او اي حق حتى بالتعبير .
ولنضع الفكرة في سياقها الصحيح نقول ان الجدل بين الديني والمديني اليوم لايتصل بالأسلام وحسب بل ان الديانات الكتابيه الثلاث تعيش منذ عقد السبعينات جدلا متواصلا حول فشل الحداثه في التأسيس لحياة جديدة بسبب الأبتعاد عن الرب كما تقول لغة المحاور الديني . وقد بقيت حركات سياسيه واحزاب وسياسيين عبر الجمهوريات العراقيه ، اذا اسمينا كل حقبه باسم شخصها الأول ، تنظر الى الأمر بنظارات قديمه لم تتغير .. وهي سبب الأنشقاقات والأحباطات والنكوص لكل تجارب الماضي .وهناك من توهم بسبق الرؤيه لكل رأي ، وهناك من فضل تنميط الشعب بفكر حزبي واحد من قبل ، وبكل اسف هناك من يرتدي نفس النظارات القديمه في النظر الى الشعب على انه كتل دهمائيه ممكنة التيجييش ، وهم يكررون بذلك خواء الطوباويات السياسيه والفكريه السابقه ليلبسوها ثياب الدين والمذهبيه . و يرافق ذلك اليوم حملة من التشويش والترهيب بأن الأقرار بأحقية الحداثه او العلمانيه هو نمط من السماح بعودة الماضي المهدد للمذهب وللعقيده . وهو نوع من السقوط في ظاهرة الكلمات والمصطلحات التي تؤدي الى تحذيرات ذات طابع ديني يحوّل الجدل من طبيعته الأنسانيه الى طبيعه قمعيه على حساب الحقوق الدستوريه للأنسان . والحقيقه ان مايحصل من مصادرةٍ دينيه للحياة ليس ثمرة ً للمصادفه بل انها حركة فكرية ومنهجيه تقوم على الأقتناع بأن العلمانية والحداثه قد فشلتا في تكريس نموذج الحكم والحياة ، وهذه الحركه لاتريد نشر التيئيس في صفوف ابناء الشعب من خلال امتلاك وسائل اعلام والتلفزه والصحافه واسعة الأنتشار الى جانب المنابر الدينية المتواصلة على مدار السنه ، بل من خلال اغلاق الفكر التربوي واحتكار المؤسسات والدوائر والوظائف والأشغال وفرص العمل والأستثمار والدراسة لأعضاء الأحزاب الدينيه ومريدي الفكر الديني مثلما فعل نظام الحزب الواحد طوال اربعين عاما بغية تكريس اليأس وهو تكرار للماضي .. وارى ان حق التعبير والحوار المتواصل سوف يأخذ الظاهرة الى حدود اليأس ليشاهد هؤلاء عن قرب حجم الناس ومشاكلهم وحاجاتهم التي لن تحلّها – فقط - الوعود المقدسه..



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن حياد العراق الديموقراطي !!!
- نهار لطفلة النزوات
- سياسة الكلْب الوحيد
- مواطن من الدرجه الثانيه
- شمس تحت الصفر
- العبَر في التاريخ والعمران والمساكنة
- فاصل السنبله
- إبرة البارومتر السياسي
- الثناء على طاقة البقاء الرافديني
- فاطمه المحسن : الشهاده التي انتصرت على ثقافة المراءاة والأجت ...
- مالذي كانوا يفعلونه في ايران
- الأنسان مابعد العراقي
- نهار غائم
- كلام
- ملوك الجبال
- دورة الرماد
- الكوريدا العراقيه
- احتواء القنبله الفراغيه
- اسبارطه
- نحن ومستقبل الرايخ العربي


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - تجليات الماضي .. حدود الياس