|
مَنْ الضحية القادمة ما بعد البصرة وبابل !؟
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 20:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدايةً أستميح القاريءَ عذراً إنْ إضطررتُ أحياناً في إستخدام قادح الكلام ، لأنَّ الواقع العراقي سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وصل الى أدنى درجات الإنحدار ، الذي يتطلب التوصيف المناسب . لقد كان توجّسنا في محله ما بعد سقوط الصنم ، عندما بدأت الحملة المنظمة لتقييد وترويض عالم الثقافة بكل أجنحتها وجعلها تحت تصرف السلطة والأحزاب الحاكمة مجمِّلة صورتها ومدافعة عن أخطائها وخطاياها وجرائمها ، كما كان يفعل البعث الفاشي ، إذ ظهرت الخطوات الأولى عندما إستولى بعض الطفيليين الإسلامويين على وزارة الثقافة بالتزامن مع جريمة إغتيال المفكر الشهيد كامل شياع ، وبقي الوسط الثقافي العراقي يتساءل ، لماذا لم تصل أيادي الغدرالى الوزير و وكلائه ومستشاريه والمدراء العامّين !؟ ثمَّ إستمرت المسيرة الظلامية من خلال عدم إيلاء الإهتمام لقطاعات السينما والمسرح والموسيقى وحرمانها من التخصيصات المالية الكفيلة باعادة تأهيل دور المسرح والإرتقاء بنشاطاتها . لذا ليس من الغريب عندما طالبَ أحد نكرات الكهنوتية السياسية المتخلفة في مجلس النواب السابق بالغاء وزارة الثقافة ! .. نعم إنه يريد وزارة متخصصة باللطم وضرب ( القامة والزنجيل ) والنحيب والبكاء ، فلا مكان للفرح والغناء بعد اليوم وممنوع سماع الغناء ومشاهدته عن طريق المذياع والتلفزيون ، ومسموح لأصحاب المقاهي الشعبية وضع تسجيلات القرآن والقراءات الحسينية فقط ، ويتوجّب على العراقيين العيش في سواد وحزن دائمَين ، وعلى النساء إرتداء السواد ، والمرأة التي لا ترتدي العباءة هي ساقطة ، وعلى الرجال إطلاق ذقونهم ( الوسخة ) ، إلى أن تأتي ساعة الأجل !! . لقد كانت قرارات مجلس محافظة البصرة الهمجي جزءً من مخطط متكامل ، يهدف الى خنق وطمر كل ما هو نيّر وعزل العراق عن سِفر الحضارة الإنسانية . في حينها لم تكن ردود أفعال واحتجاجات الأوساط الثقافية والأكاديمية بالمستوى المطلوب ، وهذا الموقف شجَّع على إعلان جراثيم مجلس محافظة بابل تضامنها مع قريناتها في البصرة والسير على خطاها ، متشدِّقة بمنعها الرقص والغناء في مهرجان بابل الثقافي الدولي ، والتي تحتل مركز الصدارة في الفساد في قطاع التربية والتعليم ( حسب تقارير هيئة النزاهة ) . ولو قُدِّر أن يُقام مهرجان غنائي مسرحي في إحدى المحافظات السبعة المتبقية ( جنوب بغداد ) ، ستسلك مجالس تلك المحافظات ذات السلوك لحشرات البصرة وبابل ، وخير دليل هو قرار مجلس محافظة واسط ، الذي يُلزِم المرأة ( عضوة مجلس المحافظة ) باصطحاب ( محرم ) معها عند قدومها الى إجتماعات المجلس ! . يعلم جيداً كل مَن مارس العمل السياسي في تنظيم أو حزب معيّن ، أن البناء الحزبي التنظيمي يتَّخذ شكلاً هرمياً - تراتبياً ، فاذا كانت عملية إزاحة وإقصاء تلك الأقزام من مجالسهم مستحيلة ، لكونهم منتخَبون ( بالخطأ ) من قِبل أبناء محافظاتهم ، هنا يأتي دور قيادات أحزابهم ، في إستخدام صلاحياتها الحزبية لمعاقبتهم وتأديبهم وردعهم عن مصادرة حرية الفرد في التعبير والممارسة والعقيدة ، وأعني هنا بالذات رئيس الوزراء السيد المالكي دون غيره ، لأنه أمين عام حزب الدعوة الاسلامية ورئيس قائمة إئتلاف دولة القانون ، التي إكتسحت القوائم الأخرى في انتخابات المحافظات أولاً ، وكثيراً ما كان يردد في تصريحاته مصطلح الديمقراطية وحقوق المواطن ثانياً ، فلماذا لم يقم باستخدام صلاحياته الحزبية و اتخاذ الإجراءات العقابية بحق أولئك الذين إنضووا تحت عباءته وأساؤا له ويعملون بالضد من تصريحاته ، إن كان هو فعلاً يؤمن بما يقوله ؟ من سخريات المشهد هوسكوت الذين يسمّون انفسهم علمانيين وأكاديميين ( المنتمين الى قوائم الطائفية الاسلاموية ) وعدم إستنكارهم لما يُرتَكب بحق الثقافة العراقية . ستبقى المأساة مستمرة نحو الأسوأ ، إذا لم يقم البرلمان القادم بتشريع قانون ينص على الغاء مجالس المحافظات وتحويلها الى مجالس بلدية تقتصر مهماتها على تقديم الخدمات فقط ، حيث أثبتت الفترة السابقة إستشراء الفساد في كل المجالات ، والتعيينات التي إعتمدت معايير الإنتماء الى ( الحزب والطائفة والمذهب والقربى والعشيرة ) ، والتعدّي على صلاحيات الوزارات الاتحادية والوقوف بوجه قراراتها وتهديد العاملين في فروع مفوضية النزاهة . إنَّ أزهاروجنائن الثقافة لاتصلح أن تكون واحةً لذباب الفطائس والمستنقعات.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفية التنمية والعراق والفساد
-
مكتسبات الشعب العراقي النفطية والتحركات المشبوهة
-
جدلية العلاقة بين أحزاب السلطة والطغمة المالية - عدو التنمية
...
-
الذهنية الأبوية الإستبدادية وذريعة التكنوقراط
-
إزالة الأصفار ورفع القدرة الشرائية للدينار العراقي
-
العذر أقبح من الفعل . نهج المرحلة هو السمسرة وشرعنة الفساد
-
شتّانَ بين 14 تموز 1958 و 14 تموز ما بعد 2003
-
ما يجب ولا يجب في الخطة الخمسية للتنمية . ملكية الشعب العراق
...
-
أين وما هو موقف ودور المجلس الأعلى للثقافة مما يجري ؟
-
مؤتمر الدول العشرين وكوابح التنمية الاقتصادية العالمية
-
إبن آدم هدِّدَه بالموت يرضه بالصخونة
-
أنتم المشكلة يا أهل الجنوب
-
وقفة لحظية مع مسودة مشروع د . كاظم حبيب ( برنامج مدني ووطني
...
-
خللي الويلاد يتهنون ... الفلوس فلوسهم بفضل قانون الرواتب الف
...
-
ظاهرة الترييف أسبابها سياسية - إقتصادية ... بقاؤها لمصلحة مَ
...
-
خبر صغير لكنه كبيرالمعنى
-
أسباب ومقدمات إنهيار الاقتصاد اليوناني ...درس وإفادة
-
لا تتفاءلوا ! ... سيكون البرلمان القادم كسابقه
-
رياح الطائفية السياسية السوداء تُطفيء شموع الديمقراطية
-
التبعات الاقتصادية والنفسية والصحية لقرار مجلس محافظة واسط
المزيد.....
-
رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس
...
-
مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
-
الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا
...
-
إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
-
إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|