مؤتمر الدول العشرين وكوابح التنمية الاقتصادية العالمية

عبد علي عوض

الحوار المتمدن-العدد: 3047 - 2010 / 6 / 28 - 22:52
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

إنتهت يوم أمس 27/6 في مدينة تورينتو الكندية أعمال المؤتمرالاقتصادي لعشرين دولة بين صناعية وأخرى نفطية مؤثرة بصورة لولبية في الاقتصاد العالمي ، وقد جاء إنعقاد هذا المؤتمر من اجل تدارك وإيقاف الانهيارات الاقتصادية المتلاحقة ، التي بدأت في الولايات المتحدة ثمّ إنتقلت الى اورپا ، بادئة بافتراس الاقتصاد اليوناني ، ومتّجهة الى الاقتصادَين الاسپاني والپرتغالي ، اللذان يعانيان من ركود في القطاع السياحي الذي يلعب الدور الرئيسي في عجلة التنمية الاقتصادية والمؤثر على بقية القطاعات الاخرى ، لأنه يكوّن الجزء الأكبر من الناتج القومي الاجمالي لكلا البلدين ، أما بقية دول الاتحاد الاورپي فقد لاحتها بقايا وذيول تلك الازمة الاقتصادية ، بحيث أصابتها بالركود في القطاعين الصناعي والسياحي نتيجة إنخفاض معدلات الاستهلاك والطلب على السلع الصناعية إضافة الى هبوط عدد السياح القادمين اليها من البلدان ألاخرى .
لقد إنصبّت مشاورات قادة الدول العشرين على كيفية معالجة حالة التضخم المتمثلة بزيادة عرض السلع ( والتي بضمنها الخدمات ) وإنخفاض الطلب عليها بسبب شحة السيولة النقدية المخصصة للتداول في السوق . لذلك إتفق الجميع على أمرين ، أحدهما تخفيض الضرائب من اجل رفع القدرة الشرائية للفرد ، وثانيهما ضخ كمية كافية من النقد الى السوق حسبما تنص عليه نظرية ( كنز ) النقدية ، عند ذاك سيتساوى العرض مع الطلب . إنّ تلك الاجراءات تخص بصورة مباشرة الدول التي شاركت في اجتماع تورينتو، أما تأثيراتها الايجابية على الدول النامية والفقيرة فلا تُذكر وليس لها وقع ملموس ، بل دائماً تقع ضحية ازمات الدول الصناعية المتقدمة .
هنالك جملة عوامل تؤثر وتتأثر بالازمات الاقتصادية ، يمكننا إيجازها على النحو التالي :-
1- الصراع المحتدم بين الدولار واليورو ، وأي من العملتَين تستطيع بسط نفوذها على الاقتصاد العالمي .
2- ظهور التكتلات الاقتصادية الدولية ( الاتحاد الاوربي والنمور الاربعة في جنوب شرق آسيا ) ، والتي كانت ولاتزال تهدف الى إغراق اسواق البلدان النامية والفقيرة بسلعها وباسعار عالية إذا ما قورنت باسعار المواد الخام المستوردة من تلك البلدان .
3- سباق التسلح وبالذات التسلح النووي الذي يستنزف موارد مالية هائلة من تلك الدول المصنّعة له ، ذلك الانفاق المالي الذي يفوق موازنات عدة دول نامية وفقيرة. لقد ذكر رئيس الوزراء الروسي ( ڤلاديمير پوتين ) قبل عدة أيام أنّ الولايات المتحدة تنفق لوحدها على التسلّح أكثر من جميع دول العالم مجتمعةً !! . إضافةً الى أنّ إحتكارات الصناعات العسكرية ، لايمكنها غلق مصانعها وإنما تحاول دائماً ايجاد اسواق خارجية لمنتجاتها عن طريق خلق بؤر التوتروالنزاعات بين مختلف الدول النامية والفقيرة ، مما يدفع تلك الدول الى تخصيص مواردها المالية ( إنْ وُجِدت ) على الانفاق العسكري وشراء السلاح ، بدلاً من تسخيرالاموال الى التنمية الاقتصادية ، والتي تعتبر العامل الرئيسي في بناء كل قطاعات المجتمع .
لذلك فالازمات الاقتصادية تظهر بين فترة وأخرى ،وما قرارات مؤتمر تورينتو إلاّ إجراءات ترقيعية ولن تسمح بتطورالشعوب الفقيرة وتحررها إقتصادياً ، ولاتمنع حدوث تلك الازمات مستقبلاً ، لأنّ المشكلة تكمن في الصراع المحتدم بين سلطة المال المتمثلة بالاوليغارشية المسيطرة على العلاقات الانتاجية وقوى الانتاج المسلوبة لإرادتها وملكيتها لأدوات الانتاج .

#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل