أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجاليات العراقية في المهجر وضياع الهوية














المزيد.....

الجاليات العراقية في المهجر وضياع الهوية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تفتقد الجاليات العراقية إلى التواصل المطلوب للمعايشة والحوار المشترك والضروري لإعادة اللحمة التي مزقتها صراعات الفترة الأخيرة من عمر العراق وبما يمنع تكون ( ثقافة أحادية ) من شأنها أن تضع الأساس لتمزق اجتماعي يكون من الصعب ترتيقه, خاصة وأن تعداد هذه الجاليات صار يشكل نسبة كبيرة من الشعب العراقي بما يجعلها شعبا قائما بحد ذاته وليس جالية فقط .
والواقع إن فقدان التواصل يعني فقدان الإحساس بالآخر مما يعفي المرء من بناء علاقات توافقية أو تفاعلية بالاتجاه الذي يجعل الأفكار أكثر ميلا للتعديل والتغيير والتلاقح, وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن أكثر الهجرات العراقية كانت هجرات سياسية وليس كما هو شأن أغلب الجاليات العربية ذات الأساس الاقتصادي الغالب, وأنها نتيجة لتقلب الأوضاع وحدتها قد مالت لتكوين مجتمعات أحادية التكوين, الديني أو المذهبي أو القومي, وأن هذه التجمعات ذاتها ما زالت متأثرة ومفعلة بنوعية واتجاه الاضطهاد الذي تعرضت له والذي قادها إلى الهجرة , فإن إمكانات نمو ثقافة سياسية أحادية التكوين تصبح مسألة طبيعية مثلما سيكون لنوعية الاضطهاد الدافع للهجرة أثر كبير في تكوين ذاكرتها السياسية والثقافية .
ولعلنا نستطيع تلمس ذلك بكل سهولة حيث أن بالإمكان وعلى الطبيعة رؤية مجتمعات شيعية وأخرى سنية, وتجمعات مسلمة وأخرى مسيحية, وينطبق ذلك أيضا على التجمعات القومية, الأمر الذي يمزق الذاكرة العراقية الموحدة والتي هي دون شك أحد الشروط الأساسية للحفاظ على وحدة المجتمع العراقي .

وبفعل طغيان موقعة الاضطهاد الدافعة إلى الهجرة فإن هذه التجمعات لم تتكون بإتجاه أحادي فحسب وإنما باتجاهات متحاربة, الأمر الذي سيؤدي إلى تحولها من ( تجمعات ) إلى ( مجتمعات ) بذاكرات متناقضة وحتى متحاربة ويصبح من الصعوبة بمكان إعادة توحيدها من جديد بهوية عراقية وطنية موحدة .

ويظهر هذا الأمر جليا حينما نتحدث عن الجالية العراقية في الولايات المتحدة, فبالإضافة إلى وضعية التشرذم التي تشترك فيها هذه الجالية مع نظيراتها في البلدان الأخرى, كبلدان أوروبا مثلا فإن البعد الجغرافي هنا له تأثيره المركزي, فالقارة الأمريكية المترامية الأطراف تعيق التقارب الجغرافي المطلوب حيث يحتاج المرء هنا لغرض تحقيقه إلى أضعاف ما يحتاجه العراقي في البلدان الأخرى .

ويزداد الأمر تعقيدا إذا ما أضيف لتلك العوامل عاملا يتعلق بطبيعة الحياة الأمريكية ذاتها, ففي حين نجد أن التجمعات في البلدان الأخرى تملك فرصة التقاط أنفاسها, لأن دول هذه التجمعات توفر لها ضمانا اجتماعيا قد يعفيها من الوظيفة والعمل ويوفر لها وقتا إضافيا كبيرا لتوثيق علاقاتها الاجتماعية, فإن طبيعة الحياة في المجتمع الأمريكي لا تمنح الإنسان وقتا زائدا عن ذلك الذي يحتاجه لتوثيق علاقاته العائلية أو بالأقربين من الأصدقاء, فيعفيه ذلك من أية التزامات مضافة ومنها ما يتعلق بالهموم السياسية الوطنية المشتركة, وقد تضعه على النقيض منها ذاكرته المتخمة بنوعية واتجاه الاضطهاد الذي دفعه للهجرة .

وسنجد أن تأثير ذلك سيمتد ويتسع بإشكال سلبية وحتى متناقضة مع المطلوب الوطني في الداخل العراقي, ويتضاعف تأثيره السلبي بسبب حساسية الدور الذي لعبته أمريكا وستلعبه في حياة العراقيين. وإذ لا مناص من الاعتراف أن ذلك الدور سيبقى مفتوحا لفترات قادمة, وإن طبيعة الحياة السياسية في أميركا تعطي اهتماما كبيرا لمسألة ( اللوبيات ), وأن كثيرا من أصحاب القرار هنا يبحثون عن هذه اللوبيات بأنفسهم لغرض الحصول على وجهات نظر سياسية يومية وموضوعية تفيدهم في صياغة آرائهم وقراراتهم, والعكس صحيح أيضا, أي أن هذه اللوبيات تسعى بالمقابل إلى إيصال آرائها بما يؤثر على بناء القرار السياسي وتحديد اتجاهاته, فلسوف نرى كيف أن من الممكن أن تلعب التجمعات العراقية المتشرذمة والأحادية التكوين والاتجاه دورا سلبيا مؤثرا على طبيعة القرار الأمريكي ذاته, الذي وإن كان بناءه يتم من خلال اعتبارات إستراتيجية أمريكية بحتة, إلا إنه ميال للتأثر بطبيعة النصائح التي تقدمها اللوبيات من وقت إلى آخر.

وسيكون غريبا أن يطلب من السياسي الأمريكي النظر إلى القضية العراقية كقضية وطنية موحدة الهوية في حين إن الجالية العراقية ذاتها لا تمتلك هذه الهوية. وحينما تسعى هذه التجمعات المتفارقة دينيا ومذهبيا وقوميا إلى إيصال آرائها المتناقضة وحتى المتحاربة إلى أصحاب القرار في أمريكا فإن من العيب أن نطالب أولئك بان ينظروا للقضية العراقية من خلال هوية وطنية واحدة وخطاب سياسي مشترك .

وعلينا أن نقف أمام مسألة مضافة وحتى خطيرة , إن قدرة الذاكرة العراقية في الخارج على التناغم مع التطورات في الداخل العراقي هي قدرة بطيئة إن لم تكن معطلة في بعض الأحيان, مقدما سيعفيها التكون الأحادي الجانب وذاكرة الهجرة المفعلة بسبب الهجرة ذاتها وبعد المسافات بين التجمعات من ( حوار الحاجة ) اليومي الذي يحدث في الداخل العراقي , وتدريجيا سوف يكون هذا الداخل في واد بينما تكون هذه التجمعات في واد آخر مما سيؤدي إلى خلق قناعات وخطابات متضادة بين الطرفين وهو أمر من شانه أن يضع جهد هذه التجمعات على طرفي نقيض مع الجهد الوطني الداخلي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا ما قاله ساراتسين.. فما الذي يجب ان نقوله نحن
- حضروا أقداحكم.. حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها*
- هروب إلى الخلف.. وهروب إلى الأمام
- إنهم يطبخون التاريخ.. أليس كذلك..؟!
- أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!
- مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز
- الحادي عشر من أيلول.. ليس الأمريكان وحدهم الضحايا
- العراق بين حل الأزمة وأزمة الحل
- الحرب العراقية الإيرانية.. هل كانت أمريكية
- كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا
- العراق.. النجاح في الفشل
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجاليات العراقية في المهجر وضياع الهوية