أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - ساعةُ الحائط














المزيد.....

ساعةُ الحائط


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 00:17
المحور: سيرة ذاتية
    


في كتاب "الغصنُ الذهبيّ"، يقول سير جيمس فريزر إن الموجوداتِ تظلُّ في حالة تأثير في أجزائها، حتى بعدما تنفصل عن بعضها البعض فيزيقيًّا. وهو ما أسماه "السِّحر الاتصاليّ". هو لونٌ من "التعاطف الخَفيّ"، وفق د. سامية الساعاتي، يجعلُ الأشياءَ تتأثر وتؤثر، بعد انفصالها عن أصحابها. لم أكن أصدقُ تلك الظواهر، لكنني أحبُّ الآن أن أصدّقها، وإنْ لا عِلْمَ يثبتها. فنحن نبحثُ عن الوهم أحيانًا، كي نتقوّى على ضعفنا. أومنُ أن الموجودات تحملُ ذاكرةً وتاريخًا. فهذا الكتاب، يعرفُ الأيادي التي احتضنته، والأصابع التي قلّبت صفحاته، مثلما يحنقُ على مَن أهانه ولم يعبأ بوجوده، فنام ليلته حزينًا، على رفّ المكتبة. وذاك القلمُ يحملُ عاطفةً لكلِّ ورقةٍ راودها.
أما ساعةُ الحائط الجميلةُ تلك، التي تحتلُّ من بيتي زاويةً محسوبةً بدقّة؛ بحيث تواجه مكتبي، لأرقبها نهارًا، ومن زاوية قَصيّة، أقدرُ، عبر انعكاسات المرايا، أن أرمقَها من سريري ليلاً، لكي أطمئنَ، وأنام؛ فهي أمي! إنْ توقّفَ بندولُها عن الحركة، هرعتُ جَزْعَى، لأملأ الزنبركَ بالطاقة، فيعودُ الرنينُ إلى بيتي، ويعودُ معه صوتُ أمي الذي غادرني قبل عام ونصف، فانطفأ مع غيابه شيءٌ في قلبي. تلك ساعةُ أمي، كانت في بيتها قبل أن تتركني وتطير. كنتُ كلما زرتُها تبادرُني: "املئي الساعة، رنينُها يؤنسني!" وكنتُ أضجرُ من ذاك التكليف. فمالي أنا لأصعدَ سُلّمًا، أو أرتقي مقعدًا لكي أتعامل (بيسراي) مع زنبرك عنصريٍّ سخيف، صُمِّم لتملأه يدٌّ يُمنى، مثلما كلّ المخترعات مُصممة للاستعمال الأيمن، بينما أنا عسراء!
كثيرًا ما رفضتُ، وغاضبتُ أميّ. بل حملتُ الضغينةَ لساعة تهتمُّ بها أمي، دون مبرر، من وجهة نظري. اليومَ، غدتْ هذه الساعةُ اليدَ الحانيةَ الوحيدة في هذا العالم! غدت أمي! وبالأمس، في عيد الأم، أهديتُها وردةً، فرمقتني بحنوٍّ، ودقّت دقتين، رغم أن العقربَ لم يكن على رأس الساعة!
وهنا، قصيدةٌ كتبتها في أمي البديلة: ساعة الحائط، وأهديتها إلى أمي التي طارت: سهير.
ألبسُ قميصَكِ الورديَّ/ وروبَكِ الأزرقَ/ أشدُّ الإزارَ على خِصري/ وأضعُ شالَكِ الصوفيَّ على كتفيّ/ فتنبسطُ ساعداكِ/ تترفقانِ/ تضمّانني/ فأنام./ أُنصتُ إلى وَقْع دقّاتِ الساعة ذات البُندول/ صوتُها/ يستحضركِ وأنتِ تُعدّين لنا الشطائرَ في الصباح/ فيغسلُ عن بيتي الوحشةَ/ والبياض،/ يخبرُني أنكِ تنظرين إلىَّ من هناك/ هلْ أنتِ في السماءِ؟/ هلِ السماءُ جميلةٌ/ بها شجرٌ ووردٌ وحلوى وعصافيرُ؟/ ساعةُ الحائط ذات البندول الفضيّ/ قايضتُ شقيقي/ بكلِّ ما تملكين/ مقابلَ هذا الرنين./ كانت في بيتكِ قبل عام/ بيتنا القديم/ هي الآن في بيتي/ على الحائط المقابلِ صورتك/ في فستان زفافك إلى أبي/ هل قابلتِ أبي بعدُ؟/ هو هناك منذ عشرين عامًا/ لابد ابتنى لنا بيتًا/ وزرعَ حوله حديقةً ونخلاً وبحيرة/ ابحثي عنه/ ستجدينه جالسًا هناك/ تحت الشجرة/ يسمع فهد بلان وصباح وفيروز/ في انتظارك.ِ/ فستانُكِ الأبيضُ المطعم باللؤلؤ والتُّلّ والساتان/ وضعتُه جواركِ/ في الصندوق الخشبيّ./ تدقُّ الآن الثالثةَ/ الليلُ موحشٌ/ وأنا خائفةٌ/ وأنت/ وحشتيني! المصري اليوم



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)
- أطفالٌ من بلادي
- رسالةٌ من الجنوب (1)
- معرض الجنايني بالأقصر، يمزجُ الشعرَ بالتشكيل
- اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!
- عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!
- مَحو الأميّة المصرية
- الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان
- أكبرُ طفلٍ في التاريخ
- الكرةُ... وعَلَمُ مصر!
- كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
- كلّ سنة وأنت طيّب يا عالِم!
- شمعةٌ مصريةٌ ضد القبح
- شابّان من بلادي
- آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء
- ما لن تتعلّموه في المدارس
- وردةُ أنطلياس، عصفورةُ الشمس
- المهذّبون يموتون غرقًا


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل رئيس حرسه الشخصي بعد إحباط مؤامرة اغتيال مزعوم ...
- شوّهت عنزة وأحدثت فجوة.. سقوط قطعة جليدية غامضة في حظيرة تثي ...
- ساعة -الكأس المقدسة- لسيلفستر ستالون تُعرض في مزاد.. بكم يُق ...
- ماذا بحث شكري ونظيره الأمريكي بأول اتصال منذ سيطرة إسرائيل ع ...
- -حماس- توضح للفصائل الفلسطينية موقفها من المفاوضات مع إسرائي ...
- آبل تطور معالجات للذكاء الاصطناعي
- نتنياهو يتحدى تهديدات بايدن ويقول إنها لن تمنع إسرائيل من اج ...
- طريق ميرتس إلى منصب مستشار ألمانيا ليست معبدة بالورود !
- حتى لا يفقد جودته.. يجب تجنب هذه الأخطاء عند تجميد الخبز
- -أكسيوس-: تقرير بلينكن سينتقد إسرائيل دون أن يتهمها بانتهاك ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - ساعةُ الحائط