أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - رسائل .., وأساور للوطن















المزيد.....

رسائل .., وأساور للوطن


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 22:53
المحور: الادب والفن
    



من شرفة الغربة .. شرفة المنفى
من دياجير الليل .. إلى شرفة المنزل
أطلّ إلى شرفة بيتي .
ها أنا أعبرمحيط الأرض , أصعد جبال ,
وسلاسل القارات ..

حرة كما أريد , وأشتهي

في الليل لا أسلاك لا موانع لا جوازات سفر
ولا حدود وأوامر و قيود
أعبر محور الأرض , مدار الجدي , أرى الأبراج , والنجوم , والمجرات ..
أرى قاع المحيطات والبحار والمستنقعات . هناك يجلس الجبارون
يجلس المستكبرون المخططون لهذا العالم
يضعوا حقوق الإنسان على الطاولات يفصلوا لها قمصانا وأثواباً
وتصريحات

من مصمّمي الأزياء
ومؤتمرات , و مهرجانات الموضة
والقائمين على السهرات ومعمّري القصور ومالكي القبور
ومحنطي الجثث والمومياءات ..

....كلهم شاهدتهم يقرأون الخرائط , يرسمون الخرائب , والأقدار
والمنحنيات
يصفون الدواء , ويشربون خمور الدماء
فوق ولائم الضحايا الأبرياء
ليلونوا , ويخرجوا لنا الأخبار الصباحية !؟
مقبولة , مبلولة , مجبولة
منقوعة مبعوثة ومرسلة على صحون الأقمار
تارة برائحة دينية
وتارة بنكهة ورشّة بهارات .... عنصرية
وأخرى بلفة أو عقال عشائرية – قبائلية
تارة خطرة , وتارة متخلفة , وتارة مسلحة عدوانية
كما كانت تبدو حمراء يسارية ثورية
وأي شئ في قاموس التخويف والخوف والجاهلية ..!؟
......

هكذا الخيال يذهب بك حرا بعيداً بأحلامك و قلمك
فالحرية لا تمنحك ثوبها وتاجها , وخفّها
إلا في الليل .. تسافر مع حلمك
ووحدتك بجناحيها الطليقين
تسألني إلى أين مسارك يا صديقة ؟
ألم تكفك بيروت وبغداد وباريس وكدانسك وقبرص وأثينا والجزائر
كم مطار عبرت وكم محطة توقفت ؟
كم شارع ورصيف وسوق مشيت ؟
ألم تكفيك غيوم الأطلسي ؟ وأمواج لبلاتا ؟ وثلوج البلطيك ؟ وزرقة أمواج قبرص ؟
ألم تكفيك رمال الصحراء ؟ وشمس وحرّ العراق ؟
ألم تكفيك مياه دجلة والفرات وشواطئ النيل ؟
ماذا تريدين بعد يا إبنة السفر والرحيل
وملكة الصبر , وأميرة الإنتظار , وناسكة الغرف الباردة
هل من منافي جديدة تحلمي بها وأسماء جديدة تودين الهجرة إليها ؟
ألم تكفك كل هذه الأوطان كل هذه البلدان و هذه الخلجان
وهذه الأسماء والألوان ؟
لا لا
فأنا أعرفك جيداً , كل هذه المدايات
كل هذه الجهات والإتجاهات
لا تحلمين بها دخلتها , صحيح . شاهدتها , نعم
أكلت شربت منها أو فيها نعم
لكنك لم تحلمي بها يوماً
لا تشتهيها ملكاً لك
لا تودين البقاء أو الإستقرار والعيش بها
عرضت عليك أكثر من بلد , وأكثر من وطن
فرفضت .. وأبيت
إذاً إلى أين المسير .. ؟ إلى أين طيرانك – سفرك – وجهتك في هذا الليل الطويل...؟
وهذا العتم الكثيف
واللصوص تملأ الأرض والطرقات
والأقمار الصناعية ترصد الخطوات
من كل حدب وصوب
من كل جنس ولون
من كل دائرة وكيان وعصابة وغلمان
فلا أمان , فلا أمان
حواليك العباءات – والتيجان
العباءات واللواءات والقوات ؟
السريعة الخفيفة المنقولة والسريعة الإنتشار
والراسخة القواعد والطيران والدفا تر والبواخر والناقلات

صديقتي الحرية
صدقيّني أنك تعرفي أسراري
تقرأين أفكاري ...؟

إنني أعرفك جيداً يا رفيقتي
أعرف ماذا يؤرقك ويشغلك ويسهّرك
أتسافرين يومياً بالحلم ... والحقيقة
إلى هناك
إلى الحضن الدافئ والوجه البهي حيث أمك وسجادة صلاتك
وملعبك وقناطر عمرك ؟
سأطيعك , سألبي نداءك الروحي الذي يصرخ أمامي
ويمزقني
....

مهما كان الجرح عميقًا فينا فحينما نرى عصافير الدار
لم تغادر سقوف منازلنا الخشبية
وشرفاته المضاءة الحجرية
شرفاتنا عالية .. وفضاءاتها مشمسة
لا تستطيع يد الفاشست أن تحجب النور والفكر والحرية
أن تدخل , أن تخترق الأشياء والحواجز والحدود
وتغلق النوافذ والأبواب
في وجه الأحرار
في وجه أصحابها وأهلها ..

فهنا كنت أطهو .. وأغسل .. وأنام
أطل من شرفات بيتي من منزلي الريفي إلى الفضاء والتلال وأقول : وأردد
هنا ربينا الحمام ,, والطيور
هنا صنعنا الكشك والمربيات , هنا شمّسنا وجففنا التين , هنا خوابي الحنطة والطحين والنبيذ
كل التراث وأدوات النحت والزراعة والخياطة هنا وضعتها حفظتها
هذا الموقد لنا والحكايا ولعب الأطفال وسلال القش وصناديق التين واكياس السمّاق والعدس
هنا المصاطب الحجرية نجلس مع الجيران سوية كم تسامرنا كم تزاورنا كم استراح عليها مسافر وغريب وزائر للمعابد ؟
هنا " محدلة " الأسطوح الحجرية , والسلم الحجري الذي يوصلك إلى الطابق الثاني , هنا السلم الخارجي الخشبي وأسطوح المنزل لم انسى شيئاً , ما تزال ذاكرتي للمكان حية نشطة قوية بل قوية جداً لأنها تنبعث كل يوم وتسقى كل دقيقة بعكس ذاكرة الكلام فقد بخل وشح الكلام بإغلاق (المضافة) الجماهيرية مضافة الحوار والتلاقي والناس والأحاديث اليومية عن الهموم والأعمال والنضال ووووو .. يا إلهي كم أحبك يا مسقط رأسي .
رائحة أنفاسنا على الجدران ,
لعب هنا أطفالي والصبايا رقصوا غنوا كتبوا تعارفوا
هنا الشرفة التي تصبّح تلال القرية الجنوبية وقباب كنائسها القرميدية –
والاّن ...., هل عرفت صديقتي الحرية لماذا لا أنام إلا في هذه المرابع ؟ يومياً أركض إلى هذا الركن الأمين أغفو فوق الشرفات المفتوحة للسماء والفضاء ..
هذا الجدار وسور الدير العالي
جدار الدفء والدوالي
وضحكات وابتسامات أولادي وأطفالي
ففي الحلم .. وفي الليل كل الليل
لم أغادر وطني
لم أشلح ثوبي أو أنزع جلدي ولوني ومولدي ومسقط رأسي
كل يوم أزوره ... وأفي نذوري
أتبارك من أيقوناته وترابه وبخور أريجه
فالقيد ..
قيد السلطة وجنزير الرعب – وكرباج البطش وقرارات المنع
لا تمنع زيارتي
لا تتقيد بكل السلطات الوهمية
لا تصل للحلم
لا تصل للذات
للعمق للمشاعر للعواطف للدفقات
تتكسر يداها
وسلاسلها وقضبانها
حين تلامس عيوني
حوافي الوطن
هنا تركت الماضي خبأت الجمال والبركة وصفاء الروح وفرح الأيام
هنا تشرق الشمس بلا جوازات سفر – ولا بطاقات اقامة
ولا ضياع
هنا نعلق الصور للعائلة والأقارب

..... والاّن ..,, هل عرفت لماذا أسافر يومياً إلى هذا الركن الأمين ؟؟؟
ربيع 1994 / لبنان

2 (

الرسالة الأخيرة ..

سأختم رسائلي في بداية عام 1995
ربما تكون الأخيرة ؟ ربما لا ..
ربما تطول .. من يدري ؟
ماذا تحمل لنا الأيام ؟ والمفاجاّت ..؟
هذه الإسوارة المئة .. المئتين .. الألف .. وأكثر
أضعها في يديك يا وطني الغالي , في زنودك السمراء الشامية
المجبولة بتراب حنة الغوطة وضفاف بردى والعاصي , والخصب والجنان
معروقة بعرق العمال
والشغيلة
في معاملك .. وحوانيتك .. وبيادرك .. ومزارعك
سأعلقها أساوري قلادات فيروزية في عنقك وصدرك
سلاسلها من ذهب مروجنا وعقيق الحب المعتق منذ خمسة عشر عاماً .. وأكثر
فضّة الأيام .. والقلوب الصافية .. نقدمها باليدين الممتدة إليك
لتزينك بالمجد والفخار .. بالكرامة والعلم والتقدم
لتزينك بالسيوف الوفائية .. سيوف الحق والأرض والشهداء
والعز والإنتماء ..
إسمح لي يا وطني مرة أخرى , لأضع على صدرك الغني بالدوالي والزيتون ,
أطواق الخرز بفرح أطفالي المسروقة .. ودموع خلايانا
المجروحة .. المنهوكة .
رسالة , مجموعة من محارات وللاّلئ وأسماك بحار الكون الواسعة
خيراً وبركة وقوارب قوت للجياع .
لأعلقها .. لأهديها .. لأغلى وطن .. وأغلى تراب .. وأجمل وجه تاريخي وجغرافي وثقافي وحضاري ..
يا أثمن كنز حملته في منفاي
....

وطني
لم أبن قصوراً شامخة ولا فيلات في غربتي
لم أقتن أثاثاً فاخراً .. ولم أشتر جواهراً نادرة
لأنني جلست داخل وريقات القلب , داخل وردة الوطن
وجوف الخصب
وشلالات الحب
بجانب ينابيع الحضارة .. وعمق المعرفة .. والضيافة .. والصروح
بجانب ينابيع المحبة والكرم ونواعير الخير والغلال
والإنتاج الوفير .

جلست أصنع وأقتني أساور العلاقات الإنسانية الراقية المتراكمة فوق طيات الزمن
لعشرة اّلاف طبقة حضارية إنسانية - قبل أن يشوهها و يغتالها حوت القمع والخوف ورقعة السجون -
التي هي أركانك .. هي وجودك .. تاريخك
إنسانك ..! ..........................................

..........
3 )
من أغلق الحدود ؟
فلنهدم السدود ..
من أقفل , وأبطل السفر ؟
من أقفل الموانئ ..؟ والمطارات
من تلاعب بالجوازات ..؟
من عاش التوزّع .. والإنكسار ..؟

يا بعيدي .. يا قريبي
يا رفيقي .. صديقي
حبيبي
من أرسل , ووضع التهديدات ؟
من أقفل الأبواب
أين أين أجد الجواب ؟

من علاّ سواتر الحدود
من فرّغ البلاد
وشتت الأحرار ؟
من أغلق الموانئ
من أقفل المطارات ؟
....

من أبحر في السفن
وعبر البحار والمحيطات ..؟
وعاش نار الإنتظار
في كل منعطف .. ودار
في كل زاوية من النهار ..؟ ................لبنان / 1994



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كل حديقة زهرة - 32 - مهداة إلى فلسطين الحبيبة بمناسبة إنت ...
- حبّات متناثرة .. الليالي المتمرّدة
- المجلس النيابي اللبناني الجديد يفتتح بقيادة أبناء الشهداء ؟
- من كل حديقة زهرة : زراعة , صحة , جمال - 31
- من إعلامنا الثوري ..؟
- تعابير .. عامية .. صيدناوية - 5
- أوامر عسكرية ..؟ إلى الوراء در , إلى الأمام سر !؟
- من الرائدات : الجوكندة العراقية , الأميرة , الفارسة , والرحّ ...
- من كل حديقة زهرة ؟- 30
- حتى لا ننسى .. ؟ الجيران الثلاثة الأقرب ؟
- ثورة الحجارة , ورسوم الجدار , قمّة النضال ضد الإحتلال ؟ ( جن ...
- من كل حديقة زهرة - 29
- الكلمة في الإنجيل .. أضواء على العهد الجديد ؟ - 3
- امن التراث الشعبي الغذائي ..أكلاتنا الشعبية ؟ -1
- ليس لدي وقت للكتابة ؟ -2
- إبتسمي ..!؟
- ألق الإبداع العراقي.في هولندا. فينوس وطلاء الأظافر .؟
- يوم الفرح ..وسام المواطنة ؟
- أنا من أنا ؟ أنا إبنة سورية ..أنا إنسانة أممية .. ومواطنة هو ...
- الوجوه القديمة ( الأنتيكه ) مكانها المتاحف ؟


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - رسائل .., وأساور للوطن