|
الكتل الكبيرة .. تدحرج بآلية الديمقراطية نحو الدكتاتورية
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 12:56
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
دابت الكتل السياسية الكبيرة على ممارسة الاستحواذ وبسط النفوذ وتكريس البقاء على راس السلطة ، وصنعت لقراراتها المجحفة بحق الاحزاب والاقليات القومية التي ليست لها مواقع قوية في الحكم غطاءاً قانونياً ، وبما انها مهيمنة على مجلس النواب فما اسهل لديها من اصدار تشريعات تكرس بواسطتها تلك الهيمنة ، وقد اصابت الناس الصدمة تلو الصدمة من جراء التشريعات المتلاحقة المتخطية للمنطق وللقوانين ، المكرسة لمنح رموز الكتل الكبيرة ولممثليهم في البرلمان الامتيازات المادية والمعنوية بلا مسوغات دستورية ، واذا كان الفساد الاداري والمالي يحرم لكونه سرقة للمال العام ، فالامتيازات غير المعقولة التي تحصل عليها الكتل المتنفذة لا تشفع لها الاغطية التشريعية باخراجها عن دائرة الفساد . ان احتكار السلطة والتمترس حول مراكز القرار الذي دأبت عليه الاحزاب الحاكمة ، ليس سوى فساد سياسي بامتياز ، الذي استشرى في معظم مفاصل الحكم ، الذي امست مناسيبه اعلى من هامة العملية السياسية ، وتجدر الاشارة الى ان كل سياق من هذه الاوجه الفاسدة يؤدي دوره الموكول اليه ، لافراغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي ، بمعنى من المعان الغاء مبدأ تداول الحكم سلمياً ، الامر الذي ادى الى تصاعد حنق المواطنين وبخاصة الناخبين الذين اخذوا يتوعدون بعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة ، وقد تجلى ذلك في ضعف التسجيل في سجل الناخبين ، ولسان حالهم يقول لا ضمان بعدم ترحيل اصواتنا بالغصب الى الكتل الكبيرة ، فهل يعقل ان نعطي اصوتنا الى احزاب تستسيغ سرقة ارادة الناس ؟ ، ان زعزعت الثقة بالعملية الانتخابية جاءت تحصيل حاصل على اثر اصدار قوانين تعسفية تشرع لمصادرة اصوات الناخبين لحساب الكتل الكبيرة . ويبدو ان مواقع النفوذ والسلطة وما بينهما من امتيازات مطلقة ، قد شيدت حولها متاريس واسوار دفاعية لا يمكن الاقتراب منها ، حتى القوانين صارت تلوى اعناقها عندما تقف بوجه هذا الاستحواذ المنظم ، اما النقد في ظل ديمقراطيتنا الجميلة غدا يواجه باقامة الدعاوى القضائية ضد ممارسيه !! ، وامامنا مثل تلك ( النائبة ) التي راحت تقيم الدعوى على صحيفة ( المدى ) الغراء ، لكونها عكست الرأي العام العراقي الساخط على قرارات مجلس النواب بمنح اعضائه امتيازات فريدة من نوعها، هكذا يفهم بعض نواب شعبنا الديمقراطية التي يريد منها الا تسمح حتى بالنقد ، ليس هذا غريباً فالنائب المعين من قبل رئيس القائمة المغلقة لايعنيه الرأي العام ، فهو قد فهم انه جاء الى منصبه ليس بفضل اصوات الجماهير ، انما يرى عضويته في مجلس النواب ما هي الا مجرد وظيفة ومكاسب جاءته بفضل رئيس القائمة التي ينتمي اليها . وليس المواطن الذي يتوعد بعدم الذهاب الى صنادق الاقتراع هو وحده المحبط ، انما ثمة ضمير جمعي للجماهير ماخوذاً بالخشية على مستقبل العملية السياسية التي اصبح فضاؤها ملبداً بغيوم الصراعات التناحرية ، ان مبعث هذا الوجل يأتي منعكساً عن السلوك الاناني المنقطع النظير لقيادات الكتل المتنفذة التي تمسك بعتلات قيادة الحكم ، فكيف تفسر حال مجلس النواب الذي فشل وخلال عشر جلسات ساخنة في التمكن من اقرار مجرد تعديلات في قانون للانتخابات التشريعية ، فلا حاجة الى اي تفسير لذلك لان الكتل الكبير لا تخفي مطامحها الخاصة التي تفضلها عادة على المصالح الوطنية العامة ، وفي مقدمتها بقاء ومستقبل الحياة السياسية الجديدة ، واعادة بناء الدولة الديمقراطية العراقية ، ومعالجة الاوضاع المعيشية لاوسع الجماهير . لقد تم تأسيس النظام الجديد في العراق اثر الاحتلال على قاعدة مختلة ، اي توازن عرقي وطائفي لاينتسب الى طبع الشعب العراقي المتجانس قطعاً ، وجاءت العملية السياسية مشوشة بل معوقة بعاهة المحاصصة ، وهذا هو منبع ازمة الحكم التي تديم المحنة وتولد الكوارث التي لا تحمد عواقبها ، والحل لدى الجماهير العراقية المناضلة الثائرة ابداً على الدكتاتورية والرافضة للاستبداد والاستفراد بتقرير مصير الشعب والوطن .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدر قانون الانتخابات التشريعية وبقى مرقعاً
-
البرلمان العراقي طريح النقاش
-
بعض قوى التيار الديمقراطي العراقي بين حانة ومانة
-
النخبة الحاكمة في مهب ريح القائمة المفتوحة
-
قانون الانتخابات العراقية النافذ يتأبط ظلماً للناخب
-
البرلمان العراقي .. نواب للشعب ام للقطاع الخاص ؟
-
إئتلاف زائد إئتلافاً يساوي إئتلافاً واحداً
-
محور العدالة الانتخابية يتكئ على الدائرة الواحدة
-
الحزب الشيوعي العراقي .. سياسة التروي وسط صراع صاخب
-
الطبقة الحاكمة العراقية .. علاقات بينية تمشي بلا قدم
-
الإئتلاف الوطي المنشود في رسم طاولة التفاوض
-
التيار الديمقراطي العراقي.. لاعب ام متفرج .. ؟
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ إئتلافات تالفة
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ ائتلافات تالفة
-
اصلاح الامور من خلال اصلاح الدستور
-
الامريكان والبعثيون .. مقاربات تمليها مصالح
-
خلافات الساسة تضع العراق على سكة الضياع
-
وساطة بايدن بضاعة بائرة
-
قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة ..
...
-
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حساب
المزيد.....
-
محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي
...
-
حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
-
-حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو
...
-
أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
-
روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول
...
-
10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة
...
-
إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
-
-جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد
...
-
زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
-
نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
المزيد.....
|