|
قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة .. ؟
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 06:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اُخذت الديمقراطية غدراً في عراقنا الجديد عندما اصدر في ظلها قانون انتخابي مكرس لخدمة قطاع معين من القوى السياسية المتنفذة تحديداً ، حيث صودرت في ظله هو الآخر اصوات الناخبين وحولت الى الكتل الكبيرة ، هذه الجناية السياسية لم يدركها القضاء العراقي لحد الآن ، ولم تتحسسها حتى هيئة النزاهة التي نراها اليوم تتصدى للفساد المالي والاداري ، ولكنها لم تلتفت الى الفساد الانتخابي ، اذ في كلا الحالتين هو تجاوز على القوانين ، ولا يختلف كثيراً عن اي فساد آخر ، لقد جرى التخطيط في الانتخابات الماضية للإبقاء على توازن القوى التصويتية على حاله ، الذي لم يعبر اصلاً وباي صورة عن حقيقة تماسك وحدة الشعب العراقي الذي لم يعرف الخرائط والفواصل الطائفية . كانت الاستفتاءات التي سبقت الانتخابات الاولى قد عكست طبيعة تركيبة الشارع السياسي العراقي ، واعطت توقعات لنتائج الانتخابات اذا ما جرت بنزاهة تتناسب مع الاثر النضالي والتضحيات الجسام التي قدمتها القوى الديمقراطية والقومية والاسلامية ، ولكن كان التقسيم الطائفي والعرقي معمداً بالمحاصصة والذي جاء به بريمر ، قد قلب او بالاحرى اقصى النتيجة الحقيقية المتوقعة في حالة اعتماد التوازن السياسي في تشكيلة مجلس الحكم ، الذي تم تشكيله على اساس توازن عرقي وطائفي ، لقد جاءت الديمقراطية للعراق وغاب في حراكها دور الديمقراطيين العراقيين للاسف الشديد ، وفي هذا الغياب للقوى الديمقراطية وكنتيجة طبيعية سيتلاشى اثرها تحت وقع اقدام الكيانات الكبيرة الزاحفة المتزاحة على مواقع النفوذ والسلطة ، التي تمتلك القدرات المالية الهائلة المسخرة لغرض الهيمنة على القرار السياسي ، مما جعلها تقاتل في سبيل الامساك الشديد بعتلات القيادة وعلى مواقع القوة ، وتنبغي الاشارة اليه هو ان هذه الدوائر لا تجاهر بالتصدي للقوى الديمقراطية بل تدعي بانها منها واليها ، الا انها تحاول قطع انفاس من يختلف معها دون ان تعطي اي مسكة قانونية تضعها تحت طائلة اللوم ، وذلك عبر اصدار التشريعات الظالمة المُصادرة للحقوق الديمقراطية على غرار قانون الانتخابات الماضية . واذا ما جرت الانتخابات البرلمانية القادمة وفقاً للقانون القديم غير العادل فستكون النتيجة ، دكتاتورية بواجهة ديمقراطية ، فحينها ستتحول العملية الانتخابية الى مجرد اعادة انتشار للقوى المهيمنة على سلطة القرار ، ولكن بعرض قد يبدو متغيراً عما كان عليه للوهة الاولى ، ومن ثم ستنطلق من على متن استحقاقاتها الانتخابية عملية الاستحواذ والمحاصصة بين مواقع القوى مرة اخرى ، وليس غريباً ان تجري المماطلة والتسويف في مجلس النواب بعدم الاقدام على اتخاذ قرار لاصدار قانون جديد للانتخابات البرلمانية القادمة ، لأن اي تغيير في القانون القديم سيلحق الضرر بأمتيازات الكتل الكبيرة ، وهنالك توقعات ملموسة بان التوصل الى اصدار قانون جديد للانتخابات من شأنه ان يغيير الكفة التصويتية لغير صالح من استأثر بها ، فكيف ستجري الانتخابات القادمة اذا ما اصدر فعلاً مثل هذا القانون الذي يفترض ان يكون عادلاً ، ان تكرار العملية الانتخابية على وفق القانون القديم سيعطل العملية السياسية ويجعلها تراوح في احسن الاحوال ، هذا اذا لم تتخلف ، ومرد ذلك هو عودة الطواقم الادارية والسياسية الفاشلة ذاتها وبكل ما تنطوي عليه من ضعف في الكفائة والآهلية في ادارة شؤون البلد والنهوض بمستوى تطوره الحضاري ، ولا نريد ان نتجى على احد فتجربة السنوات الماضية خير شاهد على ذلك . وليس مستبعداً ان يجرى ترميماً على القانون الحالي وذلك بهدف الحفاظ على اكبر قدر مما وفره من منافع للكتل الكبيرة ، ولكن يتوهم من يظن ان الناس ستستمرئ القوانين الجائرة بحكم تقادمها ، وتجارب الشعب العراقي وجواره تضرب امثلة رائعة وحية في النضال لكسر قيود الانظمة الظالمة وقوانينها القسرية الجائرة ، من المؤسف انعدام وجود ثقافة ديمقراطية لدى عامة المواطنين ، ومرد ذلك يعود الى مخلفات النظام السابق والمد الظلامي ، مما اتاح المجال رحباً لمن اراد امتطاء الديمقراطية بالمقلوب ، بهدف لي عنق العملية السياسية وحرفها عن مسارها نحو اعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد ، ومن هنا تنبعث الضرورة الملحة لصدور قانون جديد للانتخابات القادمة ، تكون من اولى مهامه نشر الوعي الديمقراطي وارساء العدالة ، و منع سرقة اصوات الناخبين وبعثرتها بتعدد الدوائر الانتخابية في البلد ، وبغياب قانون للاحزاب السياسية الذي من شأنه ان يحد من ظاهرة فوضى تكاثرها دون اية ضوابط قانونية . وما دمنا نبحث عن العدالة و ضرورة تمتع العراقيين بكافة حقوقهم التي نص عليها الدستور ، فلابد ان يتصدر هذا الهم ، قرار اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة ، وتأتي هذه الاهمية من كون شعبنا يتألف من فئات اجتماعية واحزاب سياسية متعددة لها امتدادات في كافة انحاء الوطن ، فكلما تعددت الدوائر الانتخابية كلما تشتت وضاعت اصوات الناخبين ، وبخاصة التابعة للفئات والاحزاب الصغيرة ، التي طالما ظلمها القانون الانتخابي الحالي ، وذلك بوجود القاسم الانتخابي العالي نسبياً ، وعدم احتساب الاصوات على القاعدة النسبية ، هذا وناهيك عن مصادرة اصوات الاحزاب التي لم تفز وتوزيعها على الاحزاب الفائزة !! ، دون وجه حق ودون موافقة اصحابها ، الا ان هذا الاجراء التعسفي جاء بالقانون الانتخابات الحالي سيء الصيت ، المصاغ والصادر اساساً لخدمة من وضعوه من الكتل الكبيرة ، فأي فهم للديمقراطية هذا واية شرعية ستحكم البلد من خلال هذه المصادرة الظالمة لحريات وحقوق الناس ؟ .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حساب
-
النفط دماء الوطن فلا ترخصه جولة التراخيص
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية الفقيه
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية ولاية الفقيه
-
دخان ابيض فوق المنطقة الخضراء
-
الانتخابات الرئاسية الايرانية بين زيف وحيف
-
الانتخابات العراقية القادمة واسر هيمنة الطبقة الحاكمة
-
كل السبل وارد استخدامها لاسقاط حكومة المالكي .. ولكن
-
الدستور العراقي قاسم مشترك اعظم لايقبل التحجيم
-
تصريحات كنباح كلب اطرش
-
دولة المالكي .. في امتحان ام في محنة ؟
-
اين ستلقي سفينة المالكي مرساتها لكي تنجو من الانقلاب؟
-
مصائب الصابئة المندائيين !!
-
نتائج انتخابات المجالس .. لدغة للناخب من جحر مرتين
-
بطاقة تهنئة : بمناسبة الذكرى الماسية لتأسيس الحزب الشيوعي ال
...
-
الدستور العراقي والموقف من عودة البعث الصدامي
-
المصالحة مع الشعب العراقي وبإنصاف ضحاياه
-
حقيقة ميل القوى التصوتية العراقية واختلاف التفسيرات
-
الناخب العراقي ينتظر سماع صدى صوته
-
استعصاء في مجلس النواب
المزيد.....
-
المتحدث باسم نتنياهو يكشف عن الإجراءات ضد قناة الجزيرة بعد ق
...
-
نتنياهو: الاستسلام لمطالب -حماس- سيمثل هزيمة مروعة لإسرائيل
...
-
فيديو: مصرع رجل في حادث غريب عند بوابة البيت الأبيض فما القص
...
-
إيران تعلن موعد بدء صب الخرسانة في -جزيرة نووية- جديدة
-
الإعلام الإسرائيلي يكرر مزاعمه: رمسيس الثاني هو فرعون الخروج
...
-
وكالة: التشيك تستدعي رسميا سفيرها من روسيا
-
الوزيرة ميري ريغيف تؤكد أن إسرائيل شنت ضربة انتقامية على إير
...
-
مصر.. فتاة ترمي نفسها من سيارة بعد محاولة اختطافها والتحرش ب
...
-
توغو: الرئيس غناسينغبي يضمن بقاءه في الحكم إثر فوز حزبه بالا
...
-
إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|