|
دولة المالكي .. في امتحان ام في محنة ؟
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 08:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحاصر وزارة المالكي تحديات مصيرية ، حيث تنط فقاعاتها الساخنة في كل زاية و تشتد صعوباتها اينما واصل رئيس الوزراء تعقب بؤر الفساد المالي والاداري والتصدي للنزعات التشطيرية ، ويمكن تشبيهها بكرة الجليد التي كلما تدحرجت كبرت ، فكل ملفات العملية السياسية غاطسة في وحل الخلافات ، ابتداءً من الدستور الذي صدر محاطاً بتحفظات عديدة ، ومروراً بآلية الفدرالية غير الواضحة ، و المحاصصة التي اصابت الديمقراطية بمقتل واخترعت ما سمي بالديمقراطية التوافقية ، والمصالحة الوطنية التي ظلت عنواناً عالقاً لا حول ولا قوة له ، و الفساد الذي غدا سلاح دمار شامل ، ومربعات النفوذ المحاطة بالمتاريس المستنفرة ، وهشاشة الامن والتلاعب بعتلاته المخترقة من قبل قوى داخلية وخارجية ، وصولاً الى النفط ومفاعيله ، كل هذه الملفات ليست مخزونة في ادراج الدوائر الحكومية ، انما امسى تناولها زاداً يومياً للمواطنين ، وعليه طغت حالة الترقب الوجل حول ما هو آت في الوضع السياسي العراقي ، حيث صار رئيس الوزراء محور احاديث الناس ، لكونه يتعامل مع الامور الساخنة تعاملاً مباشراً ، ولا يتوانى عن اطلاق تصريحات شديدة اللهجة عن الحالة الراهنة مصحوبة بوعود للمعالجة لم تظهر معالمها لحد الآن . لكن يظهر ان يد السيد المالكي غير قادرة على التصفيق بمفردها ، وان هنالك بعض الاعتبارات الحزبية او الجهوية تحول دون اتخاذه الاجراءات العاجلة والحاسمة ، مما يعطي انطباعاً بان ثمة تبايناً بين اقواله ووعوده بالمعالجة ، فاشد ما يشار اليها من فضائح الفساد توجد بين المقربين منه او من وزراء حزبه ، وهذا ما يوفر للساعين الى الاطاحة به من بعض الاوساط امكانية استثمارها بشكل كيدي ، وذلك باضافة التوابل السياسية اللاسعة على روائح تلك الفضائح دون غيرها ، ومما لاشك فيه ان الفساد الاداري والمالي ذات قوة فاعلة للاطاحة بالمسؤولين عنه ، والتجارب لا تعد ولا تحصى في هذا الخصوص ، بل وان البعض يذهب في تقديراته لقوة الفساد التطوحية بانها اقوى بكثير من زحف الدبابات على القصور الرئاسية لانتزاع كراسي الحكم طبعاً هذا في الانظمة الديمقراطية . ويمكننا القول ان السيد رئيس الوزراء امام معضلة شديدة الوقع على مسيرته السياسية ، وعليه ان يتخطاها بكفاءة عالية ، لكي يتمكن من احباط ما يحيط به من جهود كثيفة لازاحته ، ولا ندري كيف يخطط المالكي للخروج من هذه الدائرة التي تضيق حوله كل يوم ، فأما ان يعتبرها امتحاناً ويخوضه ( بمفرده ) دون اللجوء الى مساعدة الاخرين من الاوساط السياسية القريبة منه ، او يحسب نفسه في محنة ولابد له من الاستعانة بالقوى السياسية التي لاترغب بازاحته ، بمعنى من المعاني الاعتماد على كفاءات من احزاب العملية السياسية المشهود لها بالنزاهة ، واستيزارهم بدلاً من وزرائه المتهمين بالفساد اذا ما ثبت عليهم ذلك وفقاً لقرار قضائي ، وفي مطلق الاحوال عليه غلق منافذ الرياح ( الخماسينية ) التي تهب من مختلف الاتجاهات على مكانته كرئيس للوزراء . ان المسؤولية الاكثر اهمية التي تواجه الاستاذ المالكي هي الحفاظ على وحدة البلاد وثرواته من الضياع والبعثرة ، ولا مناص امامه سوى المضي في تعزيز المثلث الدفاعي المتمثل بأستتباب الامن وفرض القانون بعدالة ، والقضاء على الفساد دون تردد ، ولجم النزعات الاستحواذية التقسيمية ، حينها سيجد حوله قد شيدت حصوناً شعبية مخلصة تزيح العلة كما يقول المثل الشعبي ، ان خطب دولة الرئيس توحي بالتوجه المطلوب الذي يثلج الصدور ، ولكن البطء في ترجمة تلك الاقوال الى افعال والاكتفاء بمجرد وخزات تحذيرية يكاد يبدد الاستبشار ويبعد الامل ، الامر الذي ينبئ بخلق صورة معاكسة للمشهد المأمول ، ولاعتبارات تاريخية ما برح العراقيون يبحثون عن بطل منقذ كعادة شعوب الشرق المضطهدة ، وفي هذا السياق اخذت الناس ترمق المالكي بنظرة من طرف عين متأملة ، وهذه تشكل مرحلة متقدمة من كسب قناعة الجماهير يحسد عليها ، وليس من السهل حصول رئيس عربي عليها في مثل هذا الزمن . وهنا يمكن تلمس قسمات المحنة التي يعشها السيد المالكي ، حيث تاخذه الحيرة كما يبدو بين اهمية كسب ثقة الشعب وتحوله الى مرتبة القائد الوطني وليس قائداً لحزب الدعوة الاسلامية ، وبين الحفاظ على تأييد انصاره المقربين منه رغم ما يحصل منهم من خرقات قانونية تصب في خانة خصومه السياسيين ، وبالتالي تؤدي به الى التطويح وربما الى نهاية حياته السياسية ، فالكرة في ملعبه وعليه ان يجيد لعبة الهجوم المعاكس بعد ان يغيير عدد من اعضاء فريقه ويطعمه بمن يحسن اللعب النظيف الذي يسعد الناس ،
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين ستلقي سفينة المالكي مرساتها لكي تنجو من الانقلاب؟
-
مصائب الصابئة المندائيين !!
-
نتائج انتخابات المجالس .. لدغة للناخب من جحر مرتين
-
بطاقة تهنئة : بمناسبة الذكرى الماسية لتأسيس الحزب الشيوعي ال
...
-
الدستور العراقي والموقف من عودة البعث الصدامي
-
المصالحة مع الشعب العراقي وبإنصاف ضحاياه
-
حقيقة ميل القوى التصوتية العراقية واختلاف التفسيرات
-
الناخب العراقي ينتظر سماع صدى صوته
-
استعصاء في مجلس النواب
-
رهانات لاتتمتع بنصيب وافر
-
حصاد الانتخابات .. بحسابات الحقل ام بحسابات البيدر ؟
-
فساد انتخابي بامتياز
-
قضية الشعب العراقي .. لماذا صارت استثناءً ؟!!
-
الحزب الشيوعي العراقي .. قوس قزح عراقي فانتخبوا قائمته
-
مستقبل العراق بين وعي الناخب وكفاءة النائب
-
المحكمة الجنائية العراقية .. اولوية ملفات ام محاصصات ؟!!
-
العراق .. انتصار في مجلس النواب وانتصار في مجلس الامن
-
ثغرة { الدفرسوار } في دفة الحكم !!
-
المدنيون ... من ابناء محلتنا
-
اوباما .. وجه جديد ام مجرد واجهة ؟
المزيد.....
-
فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص
...
-
حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في
...
-
سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
-
مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف
...
-
والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح
...
-
بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج
...
-
صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
-
خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط
...
-
لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست
...
-
اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|