|
البرلمان العراقي .. نواب للشعب ام للقطاع الخاص ؟
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 12:45
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
قال احد البرلمانيين العراقيين ان ما تبقى من عمر البرلمان الحالي سوف يكرس لتقييم اداء الحكومة ، وكان الاولى بهذا البرلماني ان ينتبه جيداً بان سلطته التشريعية هي التي بحاجة ماسة وقبل غيرها الى التقويم والتقييم ، اذ انها هي التي تشرع والتشريع حاضنة التنفيذ كما يقال ، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن الحكومة بقدر ما نريد القول ان الاسقاطات السياسية باتت فاقدة لصلاحيتها وعائمة بلا وزن في بحر الوضع السياسي العراقي المتلاطم ، ليس بامكاننا ان نعطي رقماً محدداً للقوانين التي انتهى مجلس الوزراء من اقرارها وارسلها الى البرلمان ، وكان مصيرها فوق الرفوف العالية ، صحيح ان رصيد الحكومة من الاخفاق في العديد من المجالات غير قليل ، الا ان ذلك لا يصل الى حالة تسويف القوانين التي تتم في اروقة مجلس النواب ، الامر الذي ينعكس مباشرة على اداء السلطة التنفيذية . وعند الحديث عن السلطة التشريعية فمن الانصاف الاشارة الى قيامها باصدار العديد من القوانين ، ولكن يا ترى هل رجحت كفة القوانين التي لها اهمية اكبر من غيرها ؟ ، والاهمية تقاس هنا بمدى شمولية تلك القوانين ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، قد حظي اصدار قانون تقاعد النواب اعضاء البرلمان باولوية وعجالة فائقة ، وفي باكورة اعمال المجلس ، كما اتبع بامتيازات جمة قررها البرلمان ذاته ، تتعلق بالرواتب العالية وضمانات سكنية وامنية للنواب ، تضاهي امتيازات رئيس الدولة ، في حين جرت المماطلة والعرقلة في اصدار القوانين التقاعدية للفئات الاجتماعية الاخرى ، مما جعله مثيراً لتندر الناس وامتعاضهم ، وبالمقابل ما زالت قوانين عامة هامة متعثرة لحد يومنا هذا ، مما ترك اثره في رفع مستوى انكماش الناس عن دعم العملية السياسية ، وزعزعة الثقة لدى اوساط واسعة بالنواب وبنتائج الممارسة الديمقراطية ، وها نحن اليوم نرى البرلمان يتملص بشتى الذرائع عن اصدار قانون للانتخابات ، وقانون للاحزاب ، وقانون النفط والغاز ، و التعديلات الدستورية وغيرها رغم اهميتها البالغة بذرائع واهية ومفتعلة . تحصل القناعة دون ادنى لبس لدى من يتابع احوال البرلمان العراقي لكونه يتميّز بصفة نادرة ، اذ يتحول اغلب نوابه الى مقاتلين اشداء عن مصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة ، وعليه يمكن القول انهم يعلنون انفصالهم التام عن هموم ناخبيهم ، و عن واجبهم الوطني في اولوية معالجة جراح البلد النازفة ، وكانهم يشتغلون في قطاع خاص تحكمهم قوانين السوق ، وفي مقدمتها قانون المزاحمة ، ولكن بفارق نوعي حيث لا يتانفسون فيما يقدمونه من طروحاتهم السياسية الاكثر جودة ، انما حول الاستحواذ على اكبر قدر من النفوذ ومواقع القرار ، وكما يبدو ظلوا على سريرة الحكام السلف ، اذ يعتبرون القوانين عبارة عن ورق ومداد ، فمتى ما ارادوا كتابتها ومتى ما ارادوا محوها ، وعلى هذا المنهج راح مجلس النواب العراقي ينعى قانون الانتخابات الجديد الذي قدمته الحكومة ، متمسكاً بالقانون النافذ المثير للاعترض وللرفض من قبل العديد من الاحزاب الوطنية ، لكونه مليئ بالمواد المجحفة والمتعسفة بحق جمهرة واسعة من الفئات الاجتماعية وبخاصة الاقليات الوطنية المنتشرة في البلد . كما غدت وسيلة الانسحاب والغياب عن جلسات البرلمان بغية التاثير على النصاب المطلوب بمثابة سلاح لا غنى عنه ، تمارسها الكتل الكبيرة لاجهاض اي قرار من شأنه المساس بمصالحها حتى وان كانت فيه حاجة وطنية مهمة ، ولم تلقى هذه الممارسة غير القانونية اي رادع يذكر ، ما عدا اعتراضات بعض القوى الديمقراطية ، والتي لايسمع صوتها وسط ارتفاع رواج المقايضات السياسية داخل قبة البرلمان ، اي ما يسمى بلهجة الشارع العراقي ( شيلني واشيلك ) ، ما تقدم هو عبارة عن صورة موجزة عن خطايا مجلس النواب المنتهية دورته في نهاية العام الحالي ، تاركين للبرلمان الجديد العناية بما خلفه اول برلمان عراقي من ثغرات خطيرة في حياة البلد ، ابتداءً بالعلل الدستورية وانتهاءً بمزاجية اصدار القوانين مروراً بانفصال نواب عن هموم ناخبيهم .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إئتلاف زائد إئتلافاً يساوي إئتلافاً واحداً
-
محور العدالة الانتخابية يتكئ على الدائرة الواحدة
-
الحزب الشيوعي العراقي .. سياسة التروي وسط صراع صاخب
-
الطبقة الحاكمة العراقية .. علاقات بينية تمشي بلا قدم
-
الإئتلاف الوطي المنشود في رسم طاولة التفاوض
-
التيار الديمقراطي العراقي.. لاعب ام متفرج .. ؟
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ إئتلافات تالفة
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ ائتلافات تالفة
-
اصلاح الامور من خلال اصلاح الدستور
-
الامريكان والبعثيون .. مقاربات تمليها مصالح
-
خلافات الساسة تضع العراق على سكة الضياع
-
وساطة بايدن بضاعة بائرة
-
قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة ..
...
-
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حساب
-
النفط دماء الوطن فلا ترخصه جولة التراخيص
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية الفقيه
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية ولاية الفقيه
-
دخان ابيض فوق المنطقة الخضراء
-
الانتخابات الرئاسية الايرانية بين زيف وحيف
-
الانتخابات العراقية القادمة واسر هيمنة الطبقة الحاكمة
المزيد.....
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
-
بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا
...
-
هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
-
ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
-
عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
-
فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة
...
المزيد.....
المزيد.....
|