أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)















المزيد.....


تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2714 - 2009 / 7 / 21 - 10:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


السوربوني الكبير، ما غيره، مصـّر في كل مرة أن يقع في الأفخاخ الفكرية والمقارنات الساذجة والتصورات اللاواقعية المجردة، إياها، التي لا تراعي المقاييس المنطقية، ومن دون أن يسمـّي عليه أحد من العالمين، وهو مصرّ في كل مرة أن "يجيب"، الكلام لنفسه. وفي كل مرة، أيضاً، يكلفنا، من دون رغبتنا، بتجشم عناء الرد عليه وتبيان الحقائق، وضرورة "تظبيط" طريقة تفكيره، علها تصيب معنا في مرة من المرات، وننشله، وننقذه مرغمين، والله ولي الأمر والتوفيق.

من الغريب فعلاً أن يستغرب "مفكر سوربوني" كبير أطروحات فكرية وحقائق معينة تبدو منطقية وخارجة عن سياق العقل البدوي البسيط المهجوس بالعصبوية والفئوية والمذهبية والقبلية. فالعقل البدوي الذي جبل على أحادية، ولونية معينة لا يعرف غيرها، أو هو لا يريد أن يعرف غيرها، لا يمكن أن يتقبل أي أمر جديد، وهنا يكمن سر استغراب ودهشة السوربوني الكبير. ومن هنا نعذر الأستاذ الكبير فعلاً، ومن دون لومه، فقد اعتدنا أن العقل البدوي ألا يتقبل أي طرح بعيد عما اعتاد عليه من صغائر وسواذج وأساطير وهمية تعتمل في عقله الباطن والظاهر منذ ألف وأربعمائة عام ولا يستطيع الخروج من دائرتها خشية أن يصاب بالضياع الحضاري، وهذا هو حال البعض اليوم. وفي حالة العجز والصدمة الفكرية المهولة التي تصيبه جراء تلقيه تلك الحمم الفكرية الليبرالية والتنويرية العلمانية التي لا تتواءم مع العقل البدوي، وارتجاجه بكل ما هو جديد لا يجد بداً، في التبريرية العاجزة، من عزو ذلك، وإلحاق النص المكتوب أمامه بجهات لا تلقي بالاً لكل هذا العك والسجال. كما يرى في أي موقف وطني وطرح فكري عقلاني ربطاً بين شخص، أو زعيم ورمز سياسي، وهذا لعمري تكريم لذاك الشخص أو الرمز وليس انتقاصاً منه بحال.

كل ما طرحناه، وكل ما جاء في نصنا المخابراتي، حسب الدكتور السوربوني، كان من الواقع وبناء على محسوسيات مدركة، وأرقام، ومعاناة، وحقائق يتتكرس يومياً، ويتلمسها كل فرد يعيش في هذه المنطقة، وتعاني منها شعوب، وأمم وأفراد، وتضج بها وكالات الأنباء وتحملها الأخبار، كل يوم بشكل أو بآخر ومن هنا تتأتى قوة النص التي تفسر حجم الصدمة التي أصيب بها أولئك الذين اعتادوا على المحاباة والرياء التاريخي واجترار مقولات قوموية وماركسوية وليبرالوية وبعثوية ولم يتركوا حضناً فكرياً يعتب عليهم إلا وشبعوا مرحجة ومرمطة وشخلعة في دفئه حتى انقضى أجله وشاب وانتهى زمنه، وكما يقول المثل "الرعاعي": "قضـّى لصـدّى"، أي أنه أمضى في الشيء ردحاً من الزمن إلى أن أصابه الصدأ، والعلم عند الله، وعندها تركوه، هؤلاء أيضاً، وذهبوا إلى غيره حتى انتهى بهم المطاف اليوم إلى أحضان أحد غلمان الوهابية المغناجين الدلوعين الحلوين "الأمامير"، الصغار الكربوجين من هواة البلاي ستيشن، يناجونهم آناء الليل، وأطراف النهار، ويداعبونهم ويخففون عنهم وحدتهم ويؤنسونهم في غياب الماما والبابا و" عمتو"، و"التيتي" أو"النانا" بالحلبي الكلاسي الفصيح "ياخاي"، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نقول هكذا هي الحقائق الساطعة والدوامغ والقوارع المواحق تستفز العقول الساهمة تاريخياً في عشق وخدر الزيف التاريخي البطولي. فحين نقول عن إيران أو كوريا أو ماليزيا أو أية أمة أو شعب في الأرض بأنها حققت إنجازات تاريخية وحضارية وعلمية وبنت قواها النموذجية ومجتمعاتها العصرية، فهذا ليس لأن المخابرات كتبت النص، ولا لأن المخابرات السورية تريد هذا بل لأن الأرقام والوقائع والأحداث تقول هذا، ولم نأت بشيء من عندنا، فالقوة النووية الإيرانية ليست، بالقطع، فبركة مخابراتية سوريا كتبها موظف مخابرات "مياوم" يعمل بالقطعة والتقرير، ولكن لأن الغرب كله، مع إسرائيل، اليوم يتذلل لإيران لوقف برنامجها النووي السلمي، ويقايض على هذا أمنياً، وبترولياً، وسياسياً، وابتزازياً، من أمة الأعاريب اللاهية بتصوير الحدث الديمقراطي الإيراني، والمنكوبة، أبدياً، بمثل هذه المساطر السربونية. لا نعتقد أن للمخابرات السورية أي دور في الموضوع، ولا تستطيع فعل شيء حياله. ولا أدري ما هو السر في إصرار هذا السوربوني على التغزل بالمخابرات السورية، مقالاً بعد آخر، ومدحها، المرة تلو الأخرى، من خلال نسب أي شيء لها؟

وحين نقارن بين إيران وأية دولة في المنظومة البدوية، ومن أية زاوية، وصعيد، يريده أخونا بالله السربوني، فإن النتيجة والحقائق، والدوامغ، ستكون وبكل أسف، وحتى لو زعل العقلاني الكبير، في صالح إيران، سواء قالت المخابرات السورية هذا الكلام، أو سواء قاله أي شخص كان. أم أني أحسب أن العقلاني الكبير ينكر حق أي كان بقول الحقائق عن إيران وسواها، لاسيما إذا كان الكلام من النوع الصادم الماحق المستفز للعقل البدوي الذي ألف الكذب والمجاملات والمراءاة وثقافة التزييف والتحطيط والمحاباة؟ ليعطنا السوربوني أية إنجازات حقيقية ووطنية وإنسانية للمنظومة البدوية لنعلنها اليوم على الملأ، اللهم باستثناء نشر ثقافة الموت والدم والعنصرية والطائفية والسلفية وفضائيات الهشك بشك وقنوات "الخلاعة"، والميوعة والنتانة وفتاوى البعير وإرضاع الكبير ونكح الصغيرة والصغير واستعباد الناس والاتجار بالبشر ووإنكار شرعة حقوق الإنسان، وبدعة الكفيل والنخاسة المقوننة، ونهب الثروات وإهدائها للبطل العظيم برنارد مادوف فيما فقراء العرب والمسلمين يتسولون الخبز والدواء الصحة والماء؟ أردوغان

والعقل القاصر الذي يعجز عن تقديم أية حجة مقنعة يلجأ إلى المقارنات الفجة الفظة البعيدة والخارجة عن السياق والموضوع. فنحن نتكلم عن المنظومة البدوية وما فعلته وما قدمته من أنموذج رث عنصري ديناصوري لم يعد موجوداً في أي مكان من العالم، ويلجأ ذلك العقل إلى القفز فوراً إلى الجولان وعدم تحريرها من قبل السوريين، ولكنه، بنفس السياق، كان عليه أن يلجأ إلى الاستشهاد بفلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى، وخاصة القدس التي تحتل حيزاً مقدساً في الوعي الشعبي، ومع ذلك يعجز هو ومنظومته البدوية عن تحريرها، أو مجرد التفكير بالقيام بأي عمل عسكري ضدها، لا على العكس يمطرونها بالمبادرات السلمية الاستجدائية الاستسلامية والتصفوية الإنكارية لحق العودة التاريخي لشعب عربي ومسلم منفي. ورغم أنهم المسؤولون عنها قدسياً وتاريخياً وأخلاقياً ودينياً. أليس هم هؤلاء البدو الأعاريب أنفسهم هم حماة حمى الحرمين الشريفين وأصحاب الدعوة المقدسة التي يصدحون بها ليل نهار، حسب خطاب ابن نفطويه؟ فلم يتقاعسون عن تحرير قدسهم المقدسة والتي ارتبطت بالوحي وسيرة النبي ؛ وكله حسب المقارنات اللامنطقية السربونية، إياها سواء اقتنعنا بها أم لا، وسواء كانت منطقية أم لا ؟ هل لأنهم باعوها وسلموها، وتواطؤوا ضدها، لا سمح الله وقدر، كما يلقي بتخاريفه على غيرهم من الناس أم أن القضية أكبر من كل هذا وذاك؟ وموضوع القدس والجولان والمشروع الكولونيالي غير ذلك بكثير، ولا يعيه هذا السوربوني، والأمر في علم وإدراك ومعرفة أبسط محلل استراتيجي غير سوربوني طبعاً، وهو مرتبط باستراتيجيات دولية وبالمشروع الصهيوني الاستعماري الكولونيالي الإفقاري الإنهاكي السلبوي الإذلالي الإحلالي التوراتي الأحلامي برمته في المنطقة، ومن وراءه الولايات المتحدة الأمريكية بكل ثقلها ووزنها الاقتصادي والمالي والسياسي، والذي لم يستطع الاتحاد السوفيتي، نفسه حبيب العقلاني سابقاً، أن يجاريه. وحين ينهار المشروع الصهيوني، أو الأمريكي، ولا سمح الله كي لا يزعل أصحابنا البدو ودعاتهم السرابنة، فلن يكون هناك لا قضية جولان، ولا قضية قدس، ولا قضية فلسطين من الأساس، لكن بنفس الوقت، ستستمر المعاناة الحضارية والإنسانية في مضارب البدو الأعاريب، طالما أنهم أغلقوا العقل واعتمدوا النقل والحشر، وطلقوا أية علاقة لهم بالقيم الإنسانية العظيمة والجمالية التي توصلت لها البشرية جمعاء. ونرجو ألا يقول لنا أي من العقلانيين السوربونيين مستقبلاً، أيضاً، أن صدام حسين باع العراق للأمريكيين، وإن كنا لا ننكر دوره في إعطاء بعض الذرائع للاحتلال، أو أن نورييغا باع بنما، ونجيب الله باع أفغانستان، وتشرشل باع بريطانيل لهتلر حين كان الأخير يقصفها على مدار الساعة، والأمير جابر باع الكويت لصدام حسين، والمحاكم الإسلامية باعت الصومال للإثيوبيين ...إلخ، وكله حسب التحليل السوربوني للمشروع الكولونيالي الإمبراطوري الاحتلالي الدولي التاريخي ضد الشعوب الضعيفة والمنهكة تاريخياً، وللحروب التي تقوم وقامت على الدوام بين الناس؟

وليسمح لنا هذا "المفكر"، أن نسأله من يقدر أن يقف اليوم، كما الأمس بوجه هذا الجموح الإمبريالي الكاسح الذي جرف في طريقه حتى اليوم المشروع النازي الهتلري وقوضه وجعله عصفاً مأكولاً، وزلزل وقضى على الإمبراطورية الشيوعية وفككها كما يفكك الأطفال الصغار لعبهم، ومحا الحضارة السومرية والآشورية والبابلية من الوجود من خلال عدوانه الهمجي البربري ضد العراق؟ ألا يبدو العقلاني على درجة كبيرة من ضمور الوعي، وقصور الرؤية، والافتقار للحس الاستراتيجي المطلوب من مفكر "سوربوني" هكذا!!! أن يتحلى به، ويقدم القراءات الواقعية العلمية المنطقية لا إجراء المقارنات العبطوية وتسذيج المسائل الكبرى على شكل رغبويات انفعالية مثيرة للشفقة، والتي لا يمكن ربطها ببعضها بحال، وإظهار الاندفاعات الغرائزوية الذاتوية الاصطفافية التي لا تقدم ولا تؤخر. ليقل لنا المفكر السوربوني الذي أوفد على حساب القيادة القومية لحزب البعث لنيل شهادة الدكتوراه، وليقل لنا أخونا بالله، هو ومن معه من مفكري البداوة من يقدر اليوم أن يقاوم، ويقوض المشروع الصهيوني في المنطقة، وقضية الجولان وفلسطين والقدس وسيناء معزولة السيادة والسلاح جزء منه، وسنكون له من الشاكرين سلفاً؟ وماذا استطاعت عبر التاريخ أن تفعل شعوب مغلوب على أمرها أمام قوى جبارة وجيوش جرارة وطموحات شريرة؟ وهذا لا يعفينا بالطبع من مسؤولية مقاومة هذا المشروع وأعتقد أن السوريين قد فعلوا ما بوسعهم حتى اليوم، وحسب إمكانياتهم العسكرية والسياسية المتوفرة في التصدي للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، وعطـّلوا الكثير من مراحله، وباعتراف أمريكي صريح، ولاسيما الجزء المشؤوم منه، والمتعلق بالشرق أوسطية والقصة معروفة للجميع؟ هل تواطأ السوريون كما غيرهم في مشروع احتلال العراق، وقدموا الدعم اللوجستي والمالي والأرض والسلاح والدولار للاحتلال الأمريكي لجزء عزيز من حضارة الشرق العظيم الموؤودة؟ ألأ تظهر تهديدات بوش للسوريين وحماقته وإجراءاته الكثيرة بأن هؤلاء السوريين الذين "باعوا" الجولان هم خارج كل المشروع الصهيوني الذي يحاول أخونا بالله أن يلصقه بهم، يلحقهم به على مبدأ "ما حدا أحسن من حدا"، وذلك بهدف التقليل من عار آخرين منخرطين فيه يعرفهم السيد العقلاني بشكل جيد؟ كي يتساوى السوريون االذين لا يحررون جولانهم بنفس الدرجة مع أولئك المشاركين في المشروع الصهيوني والأمريكي وفي هذا إجحاف وابتعاد كبير عن الواقع؟ ألا تستطيع الولايات المتحدة بقوتها التكنولوجية الجبارة من تعطيل أي رادار وإحباط أي تصد لطائراتها وصواريخها كما فعلت مع صدام حسين الذي بدا بلا حول ولا قوة واحتل العراق كرحلة صيد يقوم بها الجندي الأمريكي؟ ولكن هذا لا يعني الاستسلام عدم تأييد والإعجاب بالمقاومة اللاحقة للأمريكيين؟ هل يعلم العقلاني بالعرض المغري الذي قدمه كلينتون للمرحوم حافظ الأسد في قمتهم الأخيرة في جنيف، والذي استثنى فيها أمتاراً قليلة من بحيرة طبريا، الأمر الذي أثار حفيظة الراحل الكبير، ورفض العرض برمته، وانتهت القمة على ما انتهت عليه؟ هل لنا أن نسأل كيف يعيد هؤلاء الجولان الذي "بيع" لهم هكذا بالمجان، ولنفس "البائع"؟ هل سمع العقلاني عن وديعة رابين؟ ولماذا تنخرط تركيا الأردوغانية المتنورة إسلامويا والتي تحظى بإعجاب السوربوني في الوساطة ما دامت الأمور كلها "لعب" وقضية بيع وشراء؟ هل هناك هراء أبعد من هذا وهل كل هؤلاء الناس كاذبون ومخادعون ووحده العقلاني والسوربوني هو الصادق الوحيد؟ ألا يبدو الأمر ها هنا، ومن خلال احتلال الجولان، محض تجاذب ومقايضة استراتيجية وسياسية تريد من خلالها تلك القوى الاستعمارية فرض إرادتها عبر قهر الشعوب وابتزازها باحتلال أرضها، ولا علاقة لها بكل ما يرميه هذا العقلاني السوربوني" من لي لحقائق وتجيير للتأويل والتفسير؟

طبعاً نحن هنا لا نقدم سوى الحقائق المدركة، ولا نبالغ، ولا نرمي الكلام على عواهنه كما يفعل الكثيرون. نعم الجولان والقدس وفلسطين وغيرها هي جزء من هذه الحقب الاستعمارية الكولونيالية التي لم تغب عن وجه الأرض والتاريخ، ومرحلة زائلة من مراحل الحقب الاستعمارية التي عرفتها البشرية، ومرتبطة بنشوء وزوال الحضارات والأمم التي شهدت احتلالات وحروب وجرائم لا تعيب من احتلت أرضه بالقوة والاغتصاب، بقدر ما تعيب المغتصب والمحتل الاستعماري والمجرم نفسه؟ وحسب العقل السوربوني الجديد فإن كل من احتلت أرضه أمام القوى الإمبراطورية الجبارة والجيوش الجرارة والطموحات العسكرية عبر التاريخ، هم بائعون لأراضيهم في سبيل سلطة. هل لهذا السوربوني أن يقول لنا لماذا جرت وتجري مفاوضات متعثرة وصعبة وشائكة منذ مؤتمر مدريد الأول للتوصل إلى حل سلمي بين سوريا وإسرائيل، نحن معه بالمطلق في ظل التهاون والخذلان والتواطؤ والتآمر البدوي حيث سوريا متروكة في الساحة لوحدها اليوم، لعودة الجولان إذا كانت قد بيعت للإسرائيليين؟ ولماذا يفاوض الإسرائيليون على "حق" اكتسبوه بـ"حـُرّ مالهم"، كما يزعم السوربونيون؟ وهاتوا لنا من يؤيد من الأعاريب قضية المقاومة، في الوقت الذي يعيب فيه على إيران مساعدتها لحركات المقاومة في المنطقة. ليقل لنا السوربوني الفظيع عن دولة "عربية" على استعداد لدعم المقامة لنذهب لها على الفور ونقدم لها فروض الطاعة والولاء، ونطنب لها في المديح والإعجاب. من يجرؤ اليوم في عموم المنظومة البدوية على القول بمقاومة إسرائيل؟

وإذا كان لدى هذا السوربوني غيرة وحمية ونخوة على الشعوب البدوية البطلة المقاومة، ويحاول أن يبدو كمدافع عن حقوق الأنسان، فهل له أن يفسر لنا لماذا يسخر هو بالذات من أبناء شعبه السوريين بالذات، ويقول عنهم بأنهم حثالات مدن ورعاع ريف ويلمح ويغمز ويلمز طائفياً ضد مكون سوري بعينه ودون غيره؟ ولماذا يصف بنات قرية شطحة السورية، علناً، بالعهر، وأنهن كذا وكذا وكذا؟ هل بنات وأبناء سوريا مستباحين وحلال دمهم وعرضهم ومالهم كما قال لهم ابن تيميه، وأما قبائل البدو فهي حرام وتابوهات لا يجوز انتقادها ولا يجب خدش مشاعرها؟ من هو العنصري هنا؟

قضية الجزر الإماراتية ليست قضية "قومية عربية"، ومع تحفظاتنا المعتادة على هذه المفاهيم البدوية الرعوية الأصولية والسلفية، لأن الإمارات وغيرها من المنظومة البدوية لا تطرح أولاً شعار الوحدة العربية وهي ضده من الأساس، وقد اكتفت لنفسها بذاك المشروع الكياني السياسي الهزيل العاجز المسمى مجلس التعاون مع أمريكا وإسرائيل فقط، ولا تعطي أية امتيازات لأبناء "العروبة"، والعرب فالقضية لا تعنيني شخصياً، لو احتلت الجزر أو الإمارات كلها، والمنظومة البدوية من الباب للمحراب، فلا أشعر بأي انتماء لها، ولا عاطفة نحوها، ولا لغيرها من المنظومة البدوية التي تعامل السوريين، والعرب، وغيرهم، بكثير من العنصرية والتمييز والحقد والاضطهاد والازدراء، وتنكر عليهم أية حقوق آدمية، فلماذا علي أن أتضامن معهم؟ قد أتضامن مع إيران، وكوريا الشمالية، والاتحاد السوفييتي السابق، وفنزويلا شافيز، وكوبا، الذين يقفون مع قضاياي الوطنية والإنسانية التحررية العادلة، أكثر من أولئك البدو الذين ما انفكوا عن التوطؤ والتآمر على قضايا المنطقة وإقامة العلاقات الدبلوماسية السرية والعلنية مع إسرائيل، من فوق الطاولة وتحتها،. ثم أن 90% بالمائة من السكان في الإمارات هم من الآسيويين، والغربيين، وقلة من قبائل البدو الأعاريب المتناثرة، ( هل هناك شعب في العالم هو أقلية في بلاده؟ والجواب نعم، إنها فقط المعجزة والمسخرة الديمغرافية في منظومة الخليج الفارسي وهذه واحدة من الخوارق الجغرافية والتاريخية في العالم لم تتوفر في التاريخ البشري ولم يجد لها علماء السوسيولوجيا أي تفسير سوى رغبة استعمارية في تمليك بعض العائلات الصغيرة مقدرات أراض غنية بمواردها البشرية ليسهل التحكم بتلك الموارد وليس العائلات التي لا يعبأ أحد بشأنها على العموم، وحين تخرج عن السياق يتم التعامل معها كما تم التعامل مع الملك فيصل حين عبر عن رغبة بسيطة جداً وهي الصلاة في القدس).

ومن هنا لا يمكن اعتبار هذا البلد، كما غيره من المنظومة البدوية، دولة عربية حتى نتعاطف معها؟ ليأت لنا العقلاني الكبير بشعب "عربي" في الخليج الفارسي، وله تطلعات حضارية وإنسانية ووطنية وسنتضامن على الفور معه قلباً وقالباً؟ وأما قوله بوجود بعد عنصري بالموضوع فإننا نربأ بأنفسنا عن أية ممارسة عنصرية أو تلبس مواقف عنصرية، فإننا لم نسخر من الشعب الإماراتي، لأنه بكل بساطة لا يوجد شيء في العلم الاجتماعي والسياسي الحديث اسمه شعب الإمارات، فكيف نسخر من شيء غير موجود. هاتوا لنا شيء اسمه شعب إمارات وعند ذلك حاسبونا إن سخرنا منه، وإذا كان هناك كم قبلي يمارسون القبلية، وحرمان أقرباء لهم من الجنسية، فلا يمكن تسميتهم بشعب على الإطلاق. وسكان الإمارات اليوم هم خليط غير متجانس يشكل الآسيويون ما نسبته 90% لم أسخر منهم أبداً بالعكس أنا متضامن مع معاناتهم الإنسانية والاضطهاد والتمييز العنصري الذي يلاقونه على أيادي أقلية قبلية تستأثر بالسلطة والمال والثروة وعلى غير وجه حق، فإذا كان العقلاني يتضامن مع هؤلاء القبليين الذين يمارسون كل الفظائع بحق الوافدين والمهاجرين فهذا شأنه الخاص الذي لا أداعيه فيه، وربنا يشفيه ويعافيه من كل مكروه . نحن لا نسخر من أي شيء موجود ولكن هذيانات البعض العصابية باتت تجعلهم يدافعون عن وهم وشيء غير موجود. وطالما أن هناك غيرة، من السوربوني على الآخرين، فالأولى أن تكون الغيرة وعدم توجيه الشتائم ضد أبناء الوطن والأقليات الدينية والعرقية التي وصفها أخونا بالله بالحثالات والرعاع

أما أن نتضامن، نحن، مع "كم" قبيلة "مؤلهة"، ومنزلة من السماء وتستأثر بالثروة والمال كما برقاب العباد وتمارس الفظائع وترتكب وتنتهك حقوق الإنسان، "فهذا بعده"، كما يقول المصاروة، وهذا ما لا طاقة لنا به على الإطلاق. فنحن لسنا قبليين ولا فزعويين عروبيين ولن نكون قبيليين وعصبويين ودمويين وننطلق من منطلقات "عليهم يا عرب"، كما يفعل السرابنة الجدد. بل نحن دعاة علمنة، وأنسنة، وحضرنة، وتمدن، لا وهبنة وبدونة وحثلنة وتعفن، ومع عدم اعتراضنا، بالمطلق، على خياراته، وخيارات غيره، القبلية والعصبوية والبدوية التي يتغنى بها كثيرا العقلاني الكبير كما تغنى ذات مرة، في أحد مقالاته بسفاحي البدو الكبار، وطرب لانتمائه الدموي لهم، أولئك الذين أهلكوا الحرث والضرع وأبادوا حضارات وشعوباً من على وجها لخريطة والأرض. حضارات ما كانت تنفك عن موالدة الجمال على هذه الأرض الطيبة السخية، سفكوا الدماء وسبوا العذراوات، ورمـّلوا النساء ويتموا الأطفال الصغار، وثكـّلوا الأمهات، معلناً عن ترحيبه بكل هذه الشوائن والموبقات الإنسانية مغنياً لها بفرح طفولي وصبياني غريب، فيما يبكي، ويتباكي ويهدد آخرين بالويل والثبور على قتل مجرد شخص واحد مثل رفيق الحريري هو بالمحصلة، والتقييم النهائي، ومع الاحترام الشديد لروحه، ليس إلا أحد تجليات الحقبة النفطية والبدوية التي يعرفها الجميع وهو رجل مال وأعمال وصفقات ومشاريع، وانتهت حقبته الزاهية بإغراق بلده بأربعين ملياراً من الديون. بلد صغير فقير وقليل الموارد مثل لبنان "الشقيق"، وإلحاق مئات الألوف من فقراء هذا البلد ومحروميه بطوابير الفقر والجوع والحرمان، وكل هذا لا يستفز ضمير السربوني الكبير، ولا يعني له أي شيء على الإطلاق.

وإذا كان العقلاني الكبير يلوم شخصاً ما على تقديمه طرحاً ما لم يثبت صحته رسمياً، فلم لا يحتج، بنفس السياق، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، وبنفس الاستدلالات المنطقية والعقلانية السوربونية، إياها، على طرح نفس الزعيم الخليجي الذي يدافع عنه، ويسميه بحكيم الأعاريب، حين تقدم بطلب معلن ومعروف للجميع، وبثته جميع الوكالات وكتب في الصحف،( وغير تسريبنا الصحفي المخابراتي البدوي الخبيث)، يطلب فيه هذا الزعيم الخليجي الحكيم "طبعاً"،، ومن دون أن نسمـِّه، تنحي الرئيس صدام حسين عن الحكم، وعارضاً عليه اللجوء السياسي في تلك الإمارات "الهندية والآسيوية والفيليبينية والباكستانية والكل شيئية، ولكن غير العربية" أو التهديد والتلويح لصدّام المسكين بالاحتلال الأمريكي، وكأن القوات الأمريكية رهن إشارته وكأنه الجنرال شوارزكوف الذي أقام له بعض الأعاريب النصب التذكارية في ساحات المحميات النفطية؟ أي العرضين هو الأسوأ هذا إذا سلمنا بوجود العرض الأول المتعلق بالجزر من الأساس؟ لماذا الطرح هنا، من هذا "دح" وهناك من ذاك "كخ"؟

رعاديد الأعاريب، وغلمانهم الكثر، الذين فلتوا وسرحوا ومرحوا في هذه الفسحة الزمنية االنفطية من الانحلال والتهتك والتعافت والسقوط المريع والذريع والفوضى الأخلاقية والميوعة الفكرية والانهيارات القيمية والمعنوية ونمو التيارات الخنثوية والانحلالات البنيوية، والتزييفات التوعوية، يطلون بين فترة وأخرى، لا كي يضيفوا شيئاً، كلا وحاشى لله، ولكن ليؤكدوا تعمدهم العمل على تحطيم كل قيمة وجمال وإطلاق كلام ، لا في العير ولا في النفير، وكل ما يأتون به من سباب وشتائم يعكس ثقافتهم مهما تدكتروا ومهما تسربنوا فهم في النهاية مع أطروحاتهم ليسوا سوى صدى، وزيغ، وقبض ريح.

أعترف، أخيراً، في هذا الجزء، مع السوربوني، وبكل واقعية وأدب واحترام الباحث والكاتب، بأن تلك القبائل ليست دعاة مصاولة ومجاولة ومقاولة، وكما قال أخونا السوربوني، طالما أن هناك مرتزقة ومأجورين وسبـّابين وشتامين بالقطعة والمفرق ومقاولي مرافعات فكرية يقومون عنهم بالمهمة، ممن ارتضوا أن يسيؤوا لأنفسهم ولأوطانهم ولأبناء جلدتهم، أولاً، ووصفهم بأقذع الألفاظ العنصرية الهوجاء.

يتبع



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مروة الشربيني: قصة اغتيال حجاب
- الأزمة المالية العالمية: محرقة البليونيرات
- فضيحة العمدة المثلي الذي فر مع صديقه تهز تكساس
- مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي
- فضائح الجنس تطارد الرئيس كنيدي إلى القبر
- جمعيات حقوق الإنسان السورية في قفص الاتهام
- إعادة اكتشاف كونفوشيوس
- أرفعوا أيديكم عن المرأة
- هل الثقافة الجنسية ضرورية في المدارس؟
- إعلام الموبايل من الصين إلى إيران؟
- لماذا المطالبة بالجزر في الخليج الفارسي؟
- ما هو سر هذا الحقد البدوي على إيران؟
- من الذي قطع أذن فان كوخ فعلاً؟
- ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟
- قوانين لأحوال غير طبيعية
- هل كان إعدام سقراط عادلاً؟
- الجنس الجماعي الثلاثي
- قانون أحوال غير شخصية
- من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها
- لماذا يحتفي إعلامنا بالفساد في الأرض؟


المزيد.....




- جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و ...
- -ورقة مساومة-.. الآلاف من المدنيين الأوكرانيين في مراكز احتج ...
- -مخبأة في إرسالية بطاطس-.. السعودية تحبط محاولة تهريب أكثر م ...
- -غزة.. غزة-.. قصيدة ألمانية تستنطق واقع الفلسطينيين وتثير ال ...
- بسبب هجومات سيبرانية.. برلين تستدعي سفيرها في موسكو للتشاور ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- بوتين للحكومة في اجتماعها الأخير: روسيا تغلبت على التحديات ا ...
- مصر.. اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويوجه ر ...
- تقرير: مصر ترفع مستوى التأهب العسكري في شمال سيناء
- بعد ساعات على استدعاء زميله البريطاني.. الخارجية الروسية تست ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)